الأحد  08 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في مواجهة البطالة.. التعاونيات جزء من الحل/ بقلم: كمال هماش

2025-06-08 11:08:06 AM
في مواجهة البطالة.. التعاونيات جزء من الحل/ بقلم: كمال هماش
كمال هماش

من خلال المتابعة الإعلامية لقضايا العمل والبطالة، يلفت النظر في التشكيل الحكومي القائم، حجم النشاط الكبير لوزير العمل  الحالي، بحيث لا يمضي يوما دون توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم ومشاركات لأنشطة مع المؤسسات الرسمية والأهلية الاقتصادية والتعليمية والتدريبية وصولا إلى المؤسسة الأمنية. عدا عن الجهد الإقليمي والدولي، في سياق تحقيق شراكة متكاملة لمواجهة تحديات سوق العمل في ظل الحصار، والتعسف، والاحتلال أصولا وهو جهد محمود عموما، لكن حصاده صعب، وتحكم جدواه محددات كثيرة.

إذ أن هذه الجهود تحتاج لفرق عمل فاعلة كما ونوعا تعمل على الأرض لترجمة كل تلك الاتفاقيات ومذكرات التفاهم من أجل تحويلها إلى خطط عمل قابلة للتحقيق، وهو أمر معقد مما يستوجب التوقف عنده، بتشكيل فرق عمل وطنية متخصصة  أكثر مهنية واحترافية وتنظيما من مجالس استشارية يكون التمثيل فيها شكليا في الغالب ومن أفراد يمثلون مؤسسات تفتقد لفهم ديناميات سوق العمل، باستثناء الغرف التجارية وبعض الكفاءات العمالية من هؤلاء الشركاء، ولعل المعاناة في إعادة تفعيل صندوق التشغيل عام 2012 خير شاهد، رغم الأهمية المركزية لهذه المؤسسة  في إسناد مكافحة البطالة عبر برامجها المختلفة.

لا شك بأن مكافحة البطالة في فلسطين المحتلة يكاد يكون ضربا من تحدي المستحيل، في ظل هشاشة بنية القطاعات الاقتصادية الأساسية لثروة الأمم من صناعة وزراعة وخدمات.

فعلى الرغم من كون البطالة تمثل تحديا للاقتصاد المتقدم والنامي على مستوى العالم؛ إلا أن هذا التحدي له أبعاد أكبر وأعمق في ظل استعمار استيطاني إحلالي مدعوم من مراكز القوة في العالم، بدءا من سياسات عبرنة العمل في بدايات تأسيس كيان الاحتلال ووصولا إلى أسرلة علاقات العمل التي ترتكز إلى تحويل القوى البشرية والقطاعات الاقتصادية الفلسطينية إلى أداة هامشية في عملية التنمية، والتحكم في مستوى عالي من التبعية وبالحد الأدنى من الإنتاجية في خدمة الذات الفلسطينية، وهو سيناريو تم استشرافه من بدايات تأسيس وزارة العمل وتم التعبير عنه بعمق تفصيلي في الاستراتيجية متوسطة المدى للتشغيل التي أعدت عام 2000، كما تم تحديد أسس الخروج من الأزمة المزمنة وإن بصورة نسبية.

وربما كانت سياسات الاحتلال في إرباك الواقع الفلسطيني عبر سياسات أمنية عميقة تمثل العامل الأساسي في عدم تحقيق الحد الأدنى من أهداف الخطط والاستراتيجيات بحكم عدم استقرار الحراك الاقتصادي والتذبذب في أسواق العمل المحلية والخارجية، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار في البيانات والمؤشرات التي تتيح التخطيط والتنفيذ، نتيجة التعسف الأمني والسيطرة على حركة السلع والبشر بما يحقق ضعاف بل وتحطيم ركائز الاقتصاد الفلسطيني، فالإحصاءات التي يعتمد عليها وضع تصورا وسياسات العمل، عادة ما تتقلب في دورات زمنية قصيرة مما يتطلب المرونة القصوى في التعاطي معها وتكييف سياسات التشغيل، وغالبا ما تعجز هذه السياسات عن مواجهة واقع متغير باستمرار.

وفي ظل هذا الحال الذي يزيده صعوبة شح الدعم الخارجي، فإن خيارات صانع القرار الفلسطيني تتضاءل إلى الحد الأدنى في مواجهة العقبات القسرية التي يضعها الاحتلال من جهة وشح الموارد من جهة أخرى.

فالقطاع الخاص والذي يمثل رافعة التنمية يتعرض لضغط لا يقل عن الضغط الذي تتعرض له السلطة والمجتمع، مما يضعف مساهمته في توليد فرص عمل، الأمر الذي دفع باعتماد سياسات التوظيف الحكومي الأمر الذي أدي إلى واقع مترهل وبؤس الإنتاجية والبطالة المقنعة والخفية في الجهاز الحكومي وانعكس على تضخم منظومة الفساد والزبائنية.

وهذا غيض من فيض لمظاهر التحدي، مما يستدعي التفكير خارج المألوف لتحقيق الحد الأدنى من عوامل الحفاظ على صمود شعبنا استنادا إلى المقدرات المتوفر ظاهرة أو كامنة.

وعليه فإن الخيار الذي يبقى يتمثل في تعزيز التوجه لأركان الاقتصاد الاجتماعي، والذي تمثل التعاونيات والتضامنيات والتدريب المهني المرتبط بمجالاتها.. أداته الأصل على طريق طويل لتحقيق ركائز تنموية، وتشغيل للقوى البشرية.

ويقع العبء الأكبر هنا على وزارة العمل لدراسة واقع التعاون والإجابة على التساؤلات الأساسية للنهوض بهذا القطاع، وأهمها، كيفية تعميم ثقافة تأسيس التعاونيات باختلاف أنواعها والتوسع لتشمل مناحي مجالات النهوض الاقتصادي والاجتماعي، وكيفية نبذ ثقافة انتظار المنح والدعم، والتحول لتعاونيات رأسمالية تحقق الربح والتشغيل والاستثمار التطويري ناجحة أسوة بتجارب دولية بارزة.

ولا شك بأن تفعيل الدور التشغيلي للقطاع التعاوني يتطلب مراجعة منظومة التشريعات والسياسات الاقتصادية والمالية ومأسسة روافد دعم هذا القطاع من بنوك وصناديق ومعاهد تدريبية وتثقيفية ومنظومات تسويق محلي وخارجي في المدى المتوسط.