الخميس  12 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كسر هيمنة الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن: مقاربة قانونية ودبلوماسية لحماية غزة/ بقلم: أ. لما عواد

2025-06-10 09:38:11 PM
كسر هيمنة الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن: مقاربة قانونية ودبلوماسية لحماية غزة/ بقلم: أ. لما عواد

 

منذ أكتوبر 2023، استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) خمس مرات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع صدور قرارات تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، رغم تصاعد أعداد الضحايا المدنيين وظهور أدلة قوية على ارتكاب انتهاكات جسيمة قد ترقى إلى جرائم حرب أو إبادة جماعية. هذا الاستخدام المتكرر للفيتو لا يعد فقط تعطيلًا لعمل المجلس، بل يمثل تواطئاً ضمنيًا في استمرار الجرائم.

هذا الواقع الدولي المختل، يبدو من الصعب – إن لم يكن من المستحيل – إيجاد مخرج قانوني أو سياسي مباشر يمكنه كسر هيمنة الفيتو، خاصة في ظل اختلال موازين القوى داخل مجلس الأمن. فهذا الحق، الذي أصبح في جوهره أداة لتعطيل العدالة، هو ما يكشف العجز العميق الذي يعاني منه النظام الدولي المعاصر، والذي يمنع المجلس من وقف الجرائم والانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق شعب غزة. ومع عجز مجلس الأمن، يصبح من الضروري تفعيل أدوات قانونية ودبلوماسية دولية بديلة لتقويض هذا التعطيل وضمان حماية المدنيين، حلولًا مبتكرة لمواجهة هذا الفيتو؟ كيف يمكننا تقويض فعالية هذا السلاح الأمريكي المُسلّط على أعناقنا؟ هل بالإمكان التفكير في مقاربات قانونية وسياسية ذكية، معقدة ولكن قابلة للتطبيق، تحاصر هذا الفيتو وتنتزع أدوات التعطيل من أيدي القوى الكبرى؟

كوني شاهداً حيا على الإبادة اليومية التي يتعرض لها شعبي، والتي خرجت عن إطار العقل والمعقول، وفي ظل حالة الجمود والتصريحات المتكررة التي لا تخرج عن نطاق الشجب والاستنكار، أسعى في هذا الطرح تقديم إجابة متواضعة ترتكز على ما يمكن العمل علية للُطعن بشرعية الفيتو، وتعطيل أدواته التي يمكن أن تُخرجنا من هذه الحلقة المفرغة؟

إشكالية الفيتو الأمريكي: تواطؤ أم إساءة استخدام؟

الفيتو الأمريكي لم يعد مجرد أداة سياسية، بل بات يُنظر إليه كأداة لحماية الانتهاكات، استخدامه المتكرر رغم التوصيات الدولية يفتح الباب لتقييمه كـ إساءة استخدام للسلطة الدولية. وبعض الاجتهادات القانونية تعتبر الفيتو في حالات الإبادة تواطؤًا ضمنيًا مع الجريمة، وقد يُبنى عليه ضغط دولي سياسي وأخلاقي.

الإطار القانوني لاستخدام الفيتو، يمنح ميثاق الأمم المتحدة، في المادة 27/3، الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن حق النقض. لكنه، في المقابل، يلزمها بموجب المادة 24 باستخدام صلاحياتها بما يخدم حفظ السلم والأمن الدوليين. عندما يُستخدم الفيتو لحماية طرف متهم بارتكاب جرائم دولية، تنشأ أزمة في مشروعية هذا الاستخدام.

مبدأ اتفاقية منع الإبادة الجماعية (1948) والتي تنص الاتفاقية على التزام الدول الأطراف بمنع الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها. يُنظر لاستخدام الفيتو لمنع تدخل لحماية المدنيين من الإبادة كنوع من التواطؤ، نظرًا لأن الفعل يؤدي إلى تعطيل واجب الحماية.

مبدأ مسؤولية الحماية (Responsibility to Protect - R2P)، تبنّاه المجتمع الدولي عام 2005، ويقضي بأنه عندما تفشل دولة ما في حماية شعبها من الجرائم الجسيمة، يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية التدخل عبر وسائل دبلوماسية أو قانونية. استخدام الفيتو لتعطيل هذا التدخل يُعد انتهاكًا للالتزامات الدولية.

Bottom of Form

استراتيجية متكاملة لكسر وتحييد هيمنة الفيتو.

كيف نواجه الفيتو؟ رغم استحالة الطعن المباشر بشرعية الفيتو وفق الإطار القانوني الحالي، يمكن العمل على تقويض مفعوله سياسيًا وأخلاقيًا وقانونيًا، من خلال أدوات ومسارات بديلة.

"تفكيك تأثيره السياسي والقانوني والمعنوي باستخدام أدوات القانون الدولي نفسه، والتحرك داخل الأمم المتحدة، والمحاكم الدولية، وصولًا إلى العمل الإعلامي والدبلوماسي".

تقوم الاستراتيجية المتكاملة لكسر هيمنة الفيتو الأمريكي على حزمة متكاملة من الأدوات القانونية والدبلوماسية والإعلامية التي تتكامل فيما بينها وتُستخدم بشكل متزامن ومنسق. هذه المسارات ليست بديلة عن بعضها، بل تتطلب تنسيقًا وتكاملًا لضمان الأثر السياسي والقانوني والإعلامي الأقصى، ما يفتح المجال لعزل الولايات المتحدة رمزيًا وأخلاقيًا، وتحجيم قدرتها على استخدام الفيتو دون كلفة. أهم هذه المسارات، التي وإن كانت قراراتها غير ملزمة، إلا أنها تُحدث أثرًا سياسيًا ومعنويًا كبيرًا، وتم استخدام هذا المسار في عدة حالات، أبرزها جنوب إفريقيا، فلسطين (قرار الجمعية العامة بشأن القدس 2017)، وأوكرانيا (2022).

أولا: تفعيل المسار القضائي الدولي:

" المسار القانوني، بالطعن بشرعية الفيتو في حالات الإبادة، والمطالبة بتفسير من محكمة العدل الدولية بشأن التواطؤ".

  1. تفعيل قرار الاتحاد من أجل السلام (Resolution 377A - 1950)، من خلال قرار الجمعية العامة رقم 377 (1950)، يمكن تجاوز شلل مجلس الأمن عبر تحويل الملف إلى الجمعية العامة، التي وإن كانت قراراتها غير ملزمة، إلا أنها تُحدث أثرًا سياسيًا ومعنويًا كبيرًا، وتم استخدام هذا المسار في عدة حالات، أبرزها جنوب إفريقيا، فلسطين (قرار الجمعية العامة بشأن القدس 2017)، وأوكرانيا (2022). أن تتخذ إجراءات بالتدخل عندما يعجز مجلس الأمن بسبب الفيتو، بما في ذلك الدعوة إلى وقف إطلاق النار، تشكيل لجنة تحقيق دولية، أو فرض تدابير سياسية واقتصادية. هذا المسار يتيح تجاوز الفيتو عبر الشرعية الأممية الأوسع ويُجيز اتخاذ إجراءات جماعية (سياسية، اقتصادية، وحتى عسكرية غير قسرية) لحفظ السلم.

في السياق الفلسطيني، تفعيل هذا القرار يمكن أن يقود إلى قرارات داعمة لغزة، تتجاوز عرقلة مجلس الأمن، مثل إنشاء لجنة تحقيق دولية أو فرض عقوبات رمزية على الاحتلال، وقد يشمل أيضًا تشكيل آلية رقابية مستقلة تنشر تقارير دورية حول الانتهاكات. يمكن تفعيل هذا المسار لتمرير قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار أو تشكيل لجنة تحقيق دولية. يمكن أيضًا الدفع نحو إصدار توصية أممية بنشر قوة مراقبة دولية في غزة، مما يمنح القرار صبغة عملية ميدانية.

  1. تفعيل المسارين القضائيين في ICJ وICC

تفعيل الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية (ICJ)، حيث يمكن للجمعية العامة أو إحدى الوكالات المتخصصة أو دولة عضو استصدار او طلب فتوى استشارية/ رأي قانوني حول شرعية الفيتو من المحكمة، "هل استخدام الفيتو في حالة وجود إبادة جماعية أو جرائم حرب يُشكل انتهاكًا للقانون الدولي؟" مدى قانونية استخدام الفيتو في ظل ارتكاب جرائم إبادة في غزة فتوى كهذه لن تكون ملزمة، لكنها تساهم في نزع الشرعية القانونية والأخلاقية عن الفيتو وسيكون خطوة استراتيجية لنزع الشرعية القانونية عن الموقف الأمريكي، كما يمكن ان توفر أدوات دعم للمرافعات الدولية. ويمكن اعتماد الفتوى كأساس لحشد مواقف رسمية في الأمم المتحدة وخارجها. وأن تشكل قاعدة قانونية لدفع دول أخرى إلى إعادة النظر في تعاونها مع السياسات الأمريكية في مجلس الأمن.

دعم توسيع نطاق دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية المقدمة ضد إسرائيل بإضافة الولايات المتحدة كـ "طرف متواطئ" في الإبادة من خلال استخدام الفيتو لتعطيل الحماية، والدعم العسكري والسياسي المباشر، ومتابعة الإجراءات ضد المتواطئين، وتعزيز الأدلة الفلسطينية، وتقديم مذكرات قانونية لدعم القضية بما يشمل إمكانية إدخال الولايات المتحدة كطرف متواطئ، وقد أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة تدعو لوقف العمليات العسكرية. وهنا نترك للمحكمة حق تقييم المسؤولية المشتركة للدول وهو مهم من منطلق أن مجرد فتح الملف يُعتبر سابقة قانونية دولية كبرى حتى دون إدانة مباشرة، ضافة إلى ذلك، يمكن تشكيل فريق قانوني متعدد الجنسيات لدعم هذه المساعي وتوسيع نطاقها الإعلامي والدبلوماسي.

تفعيل أدوات في المحكمة الجنائية الدولية (ICC فورًا عبر مطالبة المدعي العام بإصدار مذكرة توقيف دولية ضد قادة العدوان، وإدراج الفيتو الأمريكي كـ"عائق لتحقيق العدالة، حيث أن المحكمة يمكنها محاكمة الجرائم في الأراضي الفلسطينية لأنها طرف في نظام روما، رغم أن إسرائيل وأمريكا ليستا أعضاء، والمحكمة مستقلة ولا تتبع لمجلس الأمن مباشرة و لا يمكن تعطيلها دوليًا. أعلن المدعي العام كريم خان عن سعيه لإصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، العمل على دعم جهود المدعي العام للضغط لفتح ملفات تواطئ  وتقديم ملفات تواطؤ عبر الأدلة المتاحة حول شبهات لدول دائمة العضوية، وإصدار مذكرات توقيف، والضغط لفتح تحقيقات ضد التواطؤ الأمريكي عبر تقديم أدلة على الدعم العسكري والمالي، كما يمكن العمل على تقديم طلبات مستقلة من ضحايا فلسطينيين أو منظمات مجتمع مدني لتوسيع دائرة التحقيق، والتنسيق مع دول أخرى لتقديم بلاغات جماعية للمحكمة الجنائية.

  1. المبادرات والمواثيق الأخلاقية،

مدونة سلوك ACT Code of Conduct (2015) والمبادرة الفرنسية-المكسيكية، اللتين تدعوان إلى الامتناع الطوعي عن استخدام الفيتو في حالات الفظائع الجماعية. أكثر من 120 دولة أيدت هذه المبادرات، ويمكن استخدامها كأساس لحشد دعم دبلوماسي لعزل الولايات المتحدة أخلاقيًا. ومن الممكن استثمار حضور القضية الفلسطينية في المحافل الدولية لحشد مواقف رمزية داعمة من خلال بيانات مشتركة أو جلسات استماع دولية.

  1. مسارات الدعم غير القانوني

الحملات الإعلامية والحقوقية الممنهجة، تقوم على توثيق آثار استخدام الفيتو (تدمير البنية التحتية) (عدد الشهداء، استهداف الأطفال، تدمير المرافق المدنية). وربطه بالنتائج المباشرة على الأرض، مما يُفقد الفيتو قوته الأخلاقية ويجعله أداة سياسية مكشوفة، حيث يمكن لفلسطين، عبر شبكات إعلامية ومؤسسات حقوقية، توثيق نتائج كل فيتو أمريكي وربطها بعدد الضحايا وتدمير البنية التحتية، ما يحوّل الفيتو إلى أداة قتل معنوي في الرأي العام العالمي. 

توثيق تأثير الفيتو في غزة، وفضح نتائجه الكارثية، خاصة عبر تقارير حقوقية وإعلام عالمي، سيحول الفيتو من أداة سيادة إلى أداة إدانة أخلاقية، ويمكن تخصيص منصات رقمية تنشر تحديثات يومية عن أثر كل فيتو وعلى أنه يُستخدم لحماية جرائم، وتوسيع الحملة على إساءة استخدامه. ويربط بين الفيتو وسفك الدماء، وتحوله إلى رمز سلبي يفقده قوته الرمزية، وينبغي تطوير تقارير دورية موثقة تُقدَّم لمؤسسات دولية وبرلمانات أجنبية لتشكيل ضغط رسمي ومجتمعي متصاعد.

"كشف التواطؤ عبر الإعلام والمجتمع المدني، تحويل الفيتو من مجرد أداة سياسية إلى رمز عالمي للعار الأخلاقي ليُضعف قيمته الرمزية ويجرده من هالته القانونية المزيفة".

تشكيل تحالفات خارج الأمم المتحدة، حيث يمكن لفلسطين المساهمة في بناء تكتل دولي (قانوني، سياسي، أخلاقي) من الدول المتضررة من الفيتو، يسعى إلى بناء مسارات بديلة للعدالة الدولية، ما يفتح مجالًا لحشد ضغط خارجي على سياسة الفيتو الأمريكي. كما يمكن العمل على صياغة "ميثاق دولي بديل" يتضمن مبادئ لعدالة دولية مستقلة عن مصالح الدول العظمى.

  • دعم تكتل "The Hague Group" الذي يضم دولًا تسعى لتعزيز العدالة الدولية دون هيمنة الفيتو.
  • تطوير تحالف قانوني-إنساني عابر للقارات يضغط باتجاه تجميد استخدام الفيتو في حالات الجرائم الجسيمة.
    • للضغط على الدول الداعمة للولايات المتحدة من خلال فضح تواطؤها، أو الضغط الشعبي والحقوقي في برلماناتها، أو ملاحقة شركاتها المتورطة قضائيًا في محاكم وطنية. في الحالة الفلسطينية، يجب التركيز على الدول الأوروبية المتواطئة، واستهدافها في المحاكم الوطنية أو عبر الحملات البرلمانية والشعبية. كما يمكن تحريك الرأي العام الأوروبي من خلال حملات تركز على مسؤولية حكوماتهم في استمرار المعاناة.
    • لبناء تحالف دولي بديل خارج مجلس الأمن - تحالف الدول المستقلة، بتشكيل " تحالف إنساني قانوني" من دول الجنوب العالمي + دول محايدة،+ منظمات إقليمية، يتمثل ذلك في إنشاء تكتل دولي جديد أو دعم تحالفات قائمة (مثل مجموعة لاهاي)، تشترك في رفض هيمنة الفيتو وتسعى إلى تأسيس منظومة قانونية - سياسية بديلة تدعم العدالة الدولية، وإصدار إعلان مشترك يعترف بوقوع جرائم إبادة، ويدعو لوقف إطلاق النار، ويتعهد بعدم توريد سلاح أو تغطية سياسية للمعتدين، وهذا الاتفاق لا يعتمد على الأمم المتحدة أو مجلس الأمن ويهدف الى عزل الدول المعرقلة ويخلق ضغطًا عالميًا بديلًا. وتشكل الحالة الفلسطينية نقطة التقاء بين ضحايا النظام الدولي القائم، ويمكن أن تقود جهدًا نحو بناء تحالف عالمي يطالب بإصلاح بنية العدالة الدولية، هذا التحالف قد يعمل كمنتدى موازٍ لمجلس الأمن يعكس ضمير الشعوب.

طلب تدخل الجمعية العامة لإرسال قوة أممية مدنية أو طبية لغزة بموجب الاتحاد من أجل السلام، يمكن طلب إرسال بعثات حماية مدنية (مثل المستشفيات الميدانية، مراقبي وقف إطلاق النار)، دون حاجة إلى موافقة مجلس الأمن، والحماية القانونية لا تعتبر قوة مسلحة، وبالتالي يصعب عرقلة إرسالها أو تبرير منعها.

الحالة الفلسطينية قادرة على رفع قضايا أمام محاكم في دول أوروبية وأفريقية ضد المسؤولين عن دعم الجرائم أو تعطيل العدالة. هذه القضايا تضعف صورة الفيتو وتخلق كلفة قانونية ودبلوماسية على حامليه، ويمكن الاستفادة من مبدأ الاختصاص القضائي العالمي لإدانة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، ولو رمزيًا، في محاكم دول ثالثة. واللجوء لمحكمة العدل الدولية أو المحاكم الوطنية، حيث يمكن رفع دعاوى قانونية ضد الدول المتواطئة أو التي تستخدم الفيتو لعرقلة وقف جرائم ضد الإنسانية، بحجة التواطؤ أو خرق التزاماتها الدولية (مثلاً: قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية).  ودفع للدول أو المنظمات الدولية طلب رأي استشاري حول شرعية استخدام الفيتو في حالات الإبادة الجماعية، وهو ما قد يُنتج سابقة قانونية تُحرج الدول المُعطّلة للعدالة.

"توسيع مفهوم "إساءة استخدام الفيتو، الفيتو يجب ألا يُستخدم في حالات تهدد السلم والأمن الدوليين بشكل صارخ، أو في حالات الإبادة الجماعية، لأنه يقوّض أهداف الأمم المتحدة نفسها، هذا يعطي شرعية قانونية وأخلاقية للطعن بشرعية الفيتو نفسه".

التحديات والعراقيل أمام الفرص.

يعتبر هيمنة الفيتو الأمريكي على مجلس الأمن، والفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن الدولي عقبة رئيسية أمام حماية الشعب الفلسطيني وفرض وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ويتعزز امام الانقسامات السياسية الدولية وضعف إرادة بعض الدول، وقلة الدعم المالي والسياسي للفلسطينيين على الصعيد الدولي. يقابله تصاعد الوعي الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني، دعم المتزايد من دول الجنوب والمنظمات الإقليمية، والنفاذ القانوني المتزايد عبر المحكمة الجنائية الدولية.

  •  ضعف سلطة التنفيذ لمحكمة العدل الدولية.
  •  رفض بعض الدول الاعتراف باختصاص المحكمة الجنائية.
  •  ضعف التنسيق الفلسطيني بين المستويات الرسمية والشعبية.
  • الخشية من ردود فعل سياسية مضادة (مثل قطع التمويل أو العقوبات). وهذا يتطلب استراتيجية اتصالية استباقية لتقليل كلفة الردع.

التوصيات

هذه الخطوات تمثل الحد الأدنى من المسؤولية الأخلاقية والقانونية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي، وأي تلكؤ أو مماطلة في تبنيها سيُسجل كعار قانوني جديد على جبين النظام الدولي.

  1. تفعيل قرار الجمعية العامة رقم 377A  (الاتحاد من أجل السلام) لفرض وقف إطلاق النار وإنشاء بعثة حماية مدنية
  2. تقديم طلب رسمي لمحكمة العدل الدولية لاستصدار فتوى حول شرعية استخدام الفيتو في حالات الإبادة الجماعية.
  3. دعم وتوسيع نطاق دعاوى جنوب إفريقيا في  ICJ المقامة ضد إسرائيل لتشمل مسؤولية الدول الداعمة سياسيًا وعسكريًا، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

4.       التنسيق مع ICC ودعم ملفات التواطؤ، وتفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في إصدار مذكرات توقيف بحق 

       القادة المتورطين.

5.    إنشاء تحالف دولي بديل يُعلن الاعتراف بوقوع الإبادة ويفرض إجراءات عقابية ضد منفذيها وداعميها.

  1. إطلاق حملة إعلامية وقانونية دولية لتعرية الصمت الدولي والتواطؤ القانوني.
  2. إطلاق تحالف دولي خارج مجلس الأمن يضم دول الجنوب.
  3. تنظيم حملات إعلامية عالمية تكشف آثار الفيتو. وينبغي تخصيص موارد مالية وبشرية لضمان استدامة هذه الحملات.
  4. تطوير وتعزيز القدرات القانونية والدبلوماسية الفلسطينية في الأمم المتحدة والمحاكم الدولية. وتطوير خطط تواصل وشرح قانوني للرأي العام الدولي لدعم هذه الآليات.
  5. إصدار وثيقة استراتيجية رسمية فلسطينية تحدد مسارات العمل القانونية والسياسية والإعلامية.
  6. التنسيق المستمر مع الدول الصديقة ومنظمات المجتمع المدني الدولية لتعزيز حملات الضغط.

ختاما، الفيتو الأمريكي ليس قدرًا محتومًا. ورغم أنه لا يمكن إسقاطه قانونيًا داخل مجلس الأمن، فإن تحييده قانونيًا، وتقويضه أخلاقيًا، وعزله سياسيًا، باتت خطوات واقعية يمكن للمجتمع الدولي، وبالذات الفلسطيني، أن يقودها. المطلوب هو عمل منسق، متعدد المسارات، يعيد للمؤسسات الدولية مصداقيتها ويضمن حماية المدنيين من الابتزاز السياسي باسم "الفيتو".

إعادة الاعتبار للقانون الدولي – ضمن الحالة الفلسطينية - غزة، الفرصة اليوم متاحة للمجتمع الدولي لإعادة الاعتبار للقانون عبر أدواته القائمة، دون انتظار إصلاح الميثاق نفسه. ونموذج غزه يطرح ممارسة حاضرة بقوه دوليا، وحقيقية لإشكاليات قانونية جدية تتعلق بشرعية استخدام الفيتو في حالات يُحتمل فيها ارتكاب جرائم دولية جسيمة.

الفيتو شرعية تناقض نفسها، تعارض الفيتو مع مبادئ القانون الدولي، اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية  (1948) والتي تلزم جميع الدول بمنع الإبادة الجماعية بغض النظر عن كونها فاعلة مباشر أو غير مباشر، واستخدام الفيتو لمنع تدخل دولي لوقف الإبادة يمكن اعتباره تواطؤًا ضمنيًا مع الجريمة. ومبدأ المسؤولية عن الحماية (R2P)، حيث ينص على أن المجتمع الدولي مسؤول عن التدخل عندما تفشل الدولة في حماية شعبها، والفيتو يُعطل هذا المبدأ ويجعله غير قابل للتطبيق عمليًا.

نحو طرح استراتيجي موحد ، صياغة وثيقة فلسطينية موحدة، تُعيد استخدام الأدوات القانونية والدبلوماسية المتاحة بطريقة أكثر تكاملًا، وتُطرح كبديل عملي قابل للتنفيذ، بما يشكّل ضغطًا حقيقيًا لتجاوز الفيتو الأمريكي وفرض وقف إطلاق النار. ورغم كثافة الأدلة والدعم، تفتقر التحركات الفلسطينية إلى، رؤية استراتيجية موحدة ومعلنة تتجاوز مجرد الإدانة إلى تقديم بدائل قانونية واضحة. تفعيل منهجي لآليات بديلة مثل قرار الجمعية العامة 377 (الاتحاد من أجل السلام)، تسريع الملفات أمام المحكمة الجنائية الدولية، تفعيل محكمة العدل الدولية كمسار موازٍ، بناء تحالفات دولية مستقلة بعيدًا عن المحاور التقليدية التي تُخضع حقوق الفلسطينيين لمصالح جيوسياسية.

أدوات لا يمكن لأي دولة تعطيلها.

الأداة الاتحاد من أجل السلام – الأثر "سياسي قانوني" - النتيجة قرار دولي جامع

الأداة فتوى ICJ – الأثر "رأي قانوني عالمي" – النتيجة تقييد الفيتو.

الأداة المحكمة الجنائية الأثر "مذكرات توقيف" - النتيجة محاسبة فعلية

الأداة التحالف البديل – الأثر "عزل سياسي" – النتيجة فضح المتواطئين

الأداة طلب إرسال بعثات حماية - الأثر "إجراء وقائي- النتيجة كسر الحصار الإنساني

(دمج هذه الأدوات = استراتيجية لا يمكن إسكاتها - خطة عمل دبلوماسية متكاملة لتطبيق)