الحدث العربي الدولي
نشرت وسائل إعلام، استنادًا إلى صور أقمار صناعية جرى تحليلها خلال اليومين الماضيين، مؤشرات واضحة على نشاط مكثف حول منشأة التخصيب النووي تحت الأرض في فوردو، وذلك عقب الهجمات الأميركية التي زعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنها دمرت المنشأة بالكامل. وتُعدّ هذه المنشأة من أكثر المواقع تحصينًا وسرية في البرنامج النووي الإيراني، حيث شُيّدت في عمق الجبال. وتشير الصور إلى أن إيران تبذل جهودًا لتقييم حجم الأضرار التي خلفتها الضربات الأميركية، في حين يسود هدوء لافت موقع منشأة أصفهان النووية.
وبحسب تحليل الخبير النووي ديفيد أولبرايت، المفتش السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والباحث جوزيف برمودز الذي نقلت صحيفة نيويورك تايمز تصريحاته، أظهرت الصور التي التقطتها شركة Maxar إنشاء طرق جديدة قرب نقاط الإصابة على قمة الجبل. كما ظهر رافعة متحركة وجرافة تعملان قرب فتحة التهوية الرئيسية، إلى جانب وجود مركبات أخرى يُعتقد أنها معدات هندسية وشاحنات وآليات ثقيلة.
وأوضح برمودز أن الصور توحي بأن الفرق الإيرانية تعمل على فحص الحفرة التي نتجت عن الهجوم وتحاول تقدير عمق الاختراق الذي سببته القنابل الأميركية. وأضاف أن الصور تكشف بدء الإيرانيين بعملية تقييم شاملة لما جرى ولحجم الأضرار. من جهته، أشار أولبرايت إلى أن النشاط الإيراني في فوردو قد يكون جزءًا من استعدادات لإدخال معدات تصوير أو حتى فرق بشرية تحت الأرض لتقييم الأضرار بدقة.
ورغم هذا النشاط الهندسي، أكد الخبراء أنه لا توجد حتى الآن مؤشرات على انطلاق أعمال ترميم أو استئناف للأنشطة النووية. وقال الفيزيائي المتخصص في دراسة تأثيرات الانفجارات على الهياكل، بيتر ماكدونالد، للـ نيويورك تايمز، إن كل ما يبدو حتى اللحظة هو عمليات فحص للأثر الذي خلفته الضربة، وليس أي خطوات ملموسة نحو إعادة البناء أو استعادة العمل.
وأشار أولبرايت إلى أنه حتى 30 يونيو، ظلت فتحات تهوية الأعمدة قرب موقع الإصابة الأول في فوردو مكشوفة، بينما في موقع الإصابة الثاني كانت بعض الفتحات مغطاة، ربما تمهيدًا للدخول إلى داخل المنشأة. وأضاف أن الوصول إلى موقع الإصابة الأول يتطلب استخدام رافعة ضخمة بسبب الحفرة العميقة والوعرة التي تعيق الدخول المباشر.
وفي أعقاب الهجوم الأميركي، شنت إسرائيل أيضًا غارة على فوردو، حيث أفاد المتحدث باسم جيش الاحتلال بأن الهدف كان تعطيل طرق الوصول إلى المجمع. وتُظهر صور التُقطت في 27 يونيو بدء أعمال إصلاح، شملت ملء حفرة كبيرة عند مدخل الموقع ناتجة عن الضربة الإسرائيلية.
وفي حين تشهد فوردو مؤشرات على تقييم الأوضاع وعمليات استكشاف أولية، يسود الصمت منشأة أصفهان النووية. فوفق أحدث الصور المؤرخة في 30 يونيو، لا تبدو هناك أي إشارات لنشاط أو أعمال ترميم. ويضم المجمع مرافق أساسية اعتبرها المتحدث باسم جيش الاحتلال جزءًا من المرحلة التالية في تطوير السلاح النووي الإيراني، بما يشمل تحويل اليورانيوم المخصب إلى معدن يمكن استخدامه في رؤوس متفجرة. كذلك لم تُسجل أي حركة عند المنشأة الجوفية التي يُعتقد في الغرب أنها تستخدم لتخزين اليورانيوم المخصب.
وتُظهر الصور بقاء جميع مداخل الأنفاق في أصفهان مغلقة بالتراب، مع دمار كامل لفتحة تهوية في الجهة الجنوبية، وظهور شاحنة وحيدة قرب فتحة في الجهة الشمالية ربما في إطار جولة تفقدية، من دون أي علامات على نشاط فعلي.
في المجمل، تبدو إيران حتى الآن في المراحل الأولية من عملية تقييم الأضرار بأحد أكثر مواقعها النووية حساسية، من دون أي بوادر على بدء الترميم أو استئناف العمل. ويشدد الخبراء على أن ما يجري حتى الآن لا يتجاوز كونه تقديرًا للأضرار، بينما يخلو موقع أصفهان حتى من ذلك. ويتواصل مراقبة المواقع النووية الإيرانية خلال الأيام المقبلة لمعرفة وجهة المسار الإيراني، مع استمرار الترقب أيضًا لما يجري في منشأة نطنز، التي أُعلن في الولايات المتحدة و”إسرائيل” عن تدميرها، لكن رُصدت فيها مؤخرًا تحركات قد تشير إلى أعمال معينة.