ترجمة الحدث
في تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أُفيد بأن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يُتوقّع أن يعود خلال الساعات المقبلة إلى “إسرائيل”، بعد زيارة دامت أربعة أيام إلى الولايات المتحدة، التقى خلالها مرتين بالرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبينما أشارت مصادر في واشنطن والقدس إلى حصول تقدم وُصف بـ”المهم” في ملف صفقة التبادل، فإن أياً من الأطراف لم يتحدث عن “اختراق حاسم” يضمن الوصول إلى اتفاق نهائي.
وبحسب الصحيفة، تترقب الأطراف في العاصمة القطرية الدوحة، حيث تُجرى محادثات غير مباشرة بين حماس و”إسرائيل”، وصول المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وسط آمال بأن يشكل حضوره “الدَفعة المطلوبة” لتذليل العقبات الأخيرة أمام الصفقة، والمتوقع أن يصل في الأيام القليلة المقبلة.
وفي تصريح لمراسلين في واشنطن، قال مسؤول إسرائيلي رفيع إن وقف إطلاق النار في غزة ممكن خلال أسبوع أو أسبوعين، “لكنه ليس مسألة أيام”. وأوضح، مشترطًا عدم الكشف عن هويته، أن الجانبين متفقان على هدنة مدتها 60 يومًا، تأمل “إسرائيل” خلالها في الدفع نحو تهدئة دائمة تتطلب من حماس نزع سلاحها، مهدّدًا: “إذا رفضت حماس، سنواصل العمليات العسكرية”.
من جهتها، نقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من حماس أن المحادثات شهدت تقدمًا طفيفًا خلال الـ24 ساعة الماضية، دون أن يرقى ذلك إلى مستوى اختراق فعلي. كما أعرب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، خلال زيارة إلى ماليزيا، عن “تفاؤل حذر”، قائلًا: “أعتقد أننا أقرب من أي وقت مضى”.
في سياق متصل، كشف الصحفي الإسرائيلي نداف إيال، أن “إسرائيل” وافقت من حيث المبدأ على السماح لقطر ودول أخرى ببدء ضخ الأموال وموارد إعادة الإعمار إلى قطاع غزة خلال فترة الهدنة. وتُعد هذه النقطة مطلبًا مركزيًا لحماس التي تعتبرها ضمانًا على جدّية نوايا إنهاء الحرب، فيما تصرّ “إسرائيل” على إشراك دول أخرى إلى جانب قطر في آلية التوزيع. وتناولت المباحثات التي أجرتها بعثة قطرية وصلت إلى واشنطن هذا الملف، خاصة مع رفض السعودية والإمارات الالتزام بإعادة إعمار غزة قبل التوصل إلى نهاية مؤكدة للحرب.
وفي ظل تصريحات فلسطينية بأن المحادثات لا تزال “عالقة”، أشارت يديعوت أحرونوت إلى أن الفجوات بدأت تضيق، حيث سلّمت “إسرائيل” مقترحًا جديدًا لقطر يتناول انتشار جيش الاحتلال الإسرائيلي في القطاع، مع التركيز على محور موراغ. ووسط هذه الأجواء، عبّرت عائلات الأسرى الإسرائيليين عن قلقها من عودة نتنياهو إلى الداخل، وخضوعه لضغوط من شركائه اليمينيين في الحكومة.
وخلال لقاء عُقد في “بلير هاوس”، التقى نتنياهو بعائلات عدد من الأسرى، وأكد لهم أن صفقة شاملة لم تكن ممكنة حتى الآن، لكنه وترامب يمتلكان “خططًا” لم يكشف عنها. وأوضح أن إطلاق سراح 10 أسرى أحياء و18 جثة خلال الستين يومًا الأولى هو جزء من عملية يُفترض أن تنتهي بوقف الحرب وإطلاق باقي الأسرى، داعيًا العائلات إلى “التحلي بالصبر”.
وعندما سُئل عن آلية تحديد هوية الأسرى الذين سيفرج عنهم أولًا، أجاب نتنياهو بأن حماس هي من يحدد الأسماء، قائلاً: “لا سيطرة فعلية لنا على ذلك”. ردًّا على ذلك، وجّهت عائلات الأسرى رسالة عاجلة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي طالبت فيها بكشف المعايير التي تُعتمد في اختيار الأسرى المفرج عنهم، معبرة عن رفضها لما وصفته بـ”التمييز” والغموض الذي يكتنف الصفقة.
ووفق تسجيلات كشفتها صحيفة هآرتس، قال نتنياهو في الاجتماع ذاته إن “التفاوض حول المرحلة النهائية سيبدأ فورًا، وليس بعد 60 يومًا أو 50”. وأضاف أن هناك “موقفًا مشتركًا” بين “إسرائيل” ومصر والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أهمية الوساطة القطرية التي وصفها بـ”الرافعة المركزية”.
وفي المقابل، نقلت الصحيفة عن قادة يهود حضروا الاجتماع أنهم لاحظوا تغيّرًا إيجابيًا في موقف نتنياهو مقارنة بزيارات سابقة، معبرين عن تفاؤلهم بإمكانية التوصل إلى صفقة شاملة. وقال نتنياهو إنه يعمل من أجل إعادة جميع الأسرى، لكنه شدد على رفضه لأي اتفاق يتيح لحماس الاستمرار في حكم غزة، مشيرًا إلى أن “إسرائيل” قد تحتفظ بإدارة مدنية مؤقتة في القطاع في مرحلة ما بعد الحرب.
وأوضحت رئاسة حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن زوجة نتنياهو، سارة، شاركت أيضًا في اللقاء، ونُقل عن نتنياهو تأكيده أن قضية الأسرى كانت حاضرة بقوة في لقائه مع ترامب، وأن “جهودًا جبارة تُبذل بشكل مستمر” من أجل إعادتهم أحياءً وأمواتًا.
مع ذلك، يساور عائلات الأسرى القلق من تأثير ضغط الوزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير على قرارات نتنياهو عند عودته. وقال روبي حن، والد الجندي الأسير إيتاي حن، إنه “يخشى أن يتراجع نتنياهو عن بعض التفاهمات تحت ضغط الائتلاف”. وفي مقابلة مع “فوكس نيوز”، قال: “نأمل في حل قريب، لكن في الشرق الأوسط لا شيء متوقع”.
وفي ذات السياق، قال روتِم، نجل الأسير القتيل عميرام كوبر، إن “هناك ترقّبًا واسعًا لدى الجمهور الإسرائيلي لخبر إنهاء الحرب وإعادة جميع الأسرى، والولايات المتحدة ملتزمة بشكل كبير بدفع صفقة شاملة، وليس اتفاقًا جزئيًا”. وأضاف أن اللقاءات التي أجرتها العائلات مع المسؤولين الأميركيين كانت إيجابية، معربًا عن أمله بألّا يتغير موقف نتنياهو بعد عودته.
كذلك، قال كوبي كالفون، والد الأسير سِغِف كالفون، إن “الجميع طرحوا أسئلة في اللقاء مع نتنياهو، لكن السؤال المحوري يبقى: كيف سيُحدَّد من هم العشرة الذين سيفرج عنهم؟”. وأردف: “نتنياهو يقول إنهم جميعًا حالات إنسانية، لكننا لا نعلم في أي حالة سنستعيد أبناءنا، خاصة بعد شهور من المعاناة والقلق”.
وفي ختام التقرير، نقلت يديعوت أحرونوت عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قوله إنه “يعتقد أن وقف إطلاق النار ممكن هذا الأسبوع أو الأسبوع القادم”. وأضاف ترامب أن المحادثات مع نتنياهو ركزت على غزة، مؤكدًا أن “الطرفين يقتربان من التوصل إلى صفقة، ولا يهمني إن كان ذلك سريًا أو لا، المهم أن نصل إلى نتيجة”.
ورغم الحديث عن “ضغط” أميركي، أكد نتنياهو أن العلاقة مع ترامب تقوم على “استراتيجية وتكتيكات مشتركة”، دون إملاءات أو ضغوط. وقال: “الرئيس ترامب يريد الصفقة، وكذلك أنا، لكن ليس بأي ثمن. لنا مطالب أمنية، ونعمل لتحقيقها بالتنسيق الكامل”. وختم بالقول: “نحن نحرز تقدمًا، وآمل أن نحقق اختراقًا قريبًا”.