الحدث العربي الدولي
في أعقاب الضجة العالمية التي أثارها استهداف كنيسة كاثوليكية في غزة وما تبعها من اعتذار رسمي من حكومة الاحتلال، عادت ممارسات جيش الاحتلال في قطاع غزة لتتصدر العناوين الدولية، وسط تغطية إعلامية واسعة وانتقادات لاذعة من كبريات وسائل الإعلام العالمية، دون أن يصدر حتى اللحظة رد إسرائيلي جاد على هذه الاتهامات.
وفي هذا السياق، أصدرت أكثر من 20 دولة، يوم الثلاثاء، بيانًا مشتركًا دعت فيه إلى وقف الحرب والسماح بتدفق المساعدات إلى القطاع، محذرة من أن “نموذج المساعدات الإسرائيلي خطير، يفاقم عدم الاستقرار، ويجرد الفلسطينيين في غزة من الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية”.
وتناولت تقارير نشرتها وكالات ووسائل إعلام عالمية، من بينها “رويترز”، و”CNN”، و”بي بي سي”، و”نيويورك تايمز”، و”واشنطن بوست”، و”الغارديان”، شهادات مفادها أن عشرات الفلسطينيين استشهدوا برصاص جيش الاحتلال أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية بالقرب من مراكز توزيع، خاصة في مدينة غزة.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن إطلاق النار وقع قرب معبر “زكيم”، أثناء انتظار المدنيين لشاحنات الإغاثة، وأدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء.
قناة CNN نقلت رواية شهود عيان عن إطلاق نار من دبابات وقناصة الاحتلال تجاه الجموع التي تجمعت للحصول على الغذاء. بينما قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن بعض الجثث تم نقلها إلى المستشفيات على عربات تجرها الحمير بسبب غياب سيارات الإسعاف، وأشارت إلى أن الاحتلال يفرض حصارًا طويل الأمد على القطاع، أدى إلى حرمان السكان من أبسط مقومات الحياة. كما وثقت الصحيفة تصريحات لمنظمات أممية تتهم “إسرائيل” بتجويع المدنيين، بينهم ما يقارب مليون طفل.
أما “بي بي سي” فقد نقلت عن سكان غزة قولهم إن الأطفال “يموتون جوعًا”، فيما أشار أحدهم إلى أن الجنود أطلقوا النار بشكل عشوائي، و”كأنهم يصطادون في الغابة”. كما نقلت “نيويورك تايمز” أن مجزرتين منفصلتين خلال يومين تعكسان حجم المأساة، مؤكدة أن جيش الاحتلال استخدم “الرصاص الحي” بدلًا من وسائل تفريق غير قاتلة، بينما المدنيون خاطروا بالموت من أجل الحصول على الطعام.
وفي تغطية لـ”وول ستريت جورنال”، وُصفت خطة توزيع المساعدات التي تشرف عليها حكومة الاحتلال بأنها “فوضوية وقاتلة”، مشيرة إلى مشاهد فوضى وخوف عند مراكز التوزيع في خانيونس، حيث اندفع الناس باتجاه الطعام في ظل إطلاق نار غير معلوم المصدر.
وكشفت شبكة CNN عن وفاة طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات نتيجة المجاعة، وقالت إن 76 طفلًا و10 بالغين على الأقل ماتوا بسبب الجوع منذ بدء الحرب، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وفي ظل هذه الحوادث المتكررة، أصدرت 25 دولة، من بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وإسبانيا، بيانًا أدانت فيه ما وصفته بـ”تقطير” المساعدات واستهداف المدنيين، ووصفت ذلك بأنه “غير إنساني”.
وأكد البيان أن أكثر من 800 فلسطيني استشهدوا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، محملًا حكومة الاحتلال المسؤولية عن هذا الواقع، ومطالبًا إياها برفع القيود فورًا والسماح للمنظمات الدولية بالوصول الآمن إلى السكان.
كما أدانت الدول المجتمعة ما سمّته الترحيل القسري نحو مدينة إنسانية، معتبرة ذلك انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي الإنساني. وفي سياق متصل، طالب البيان بالإفراج الفوري عن الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، مؤكدًا أن وقف إطلاق النار هو السبيل الأجدى لتحقيق ذلك وإنهاء معاناة عائلاتهم.
وردّت حكومة الاحتلال على البيان بالرفض، حيث قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان إن التصريحات الدولية “منفصلة عن الواقع وتشجع حماس على الاستمرار بالحرب”، متهمة الحركة بأنها “المسؤولة الوحيدة عن استمرار القتال والمعاناة”، واصفة الحراك الدولي بأنه “فشل في تحميل حماس المسؤولية وتحريف للحقائق”.