الجمعة  01 آب 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترجمة الحدث| ما الذي يخشاه الإسرائيليون من اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية؟

2025-07-31 08:36:29 AM
ترجمة الحدث| ما الذي يخشاه الإسرائيليون من اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية؟
تعبيرية

الحدث الإسرائيلي

اعتبر الخبير الإسرائيلي في القانون والشؤون العامة، عميحاي كوهين، أن إعلانات فرنسا وبريطانيا ودول أخرى عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية تعكس تحولًا عميقًا في الموقف الدولي تجاه “إسرائيل”. ورأى أن هذا المسار ربما لن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية على الأرض في الوقت الحالي، لكنه يمثل تطورًا قد يضع “إسرائيل” أمام عزلة دبلوماسية وخطوات قانونية وعقوبات على مستوى غير مسبوق.

في الأيام الأخيرة، أعلن الرئيس الفرنسي أن بلاده ستعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، وهو ليس الوحيد، إذ من المتوقع أن يقدم رئيس الوزراء البريطاني خطة سياسية تشمل الاعتراف بدولة فلسطينية بشروط معينة، بينما تدرس كندا وأستراليا أيضًا مثل هذه الخطوة. هذه الدول قد تنضم إلى أكثر من 140 دولة سبق أن أعلنت اعترافها بدولة فلسطينية.

وتساءل كوهين عن معنى هذا الاعتراف المتزايد بالدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن القانون الدولي يحدد أربعة شروط موضوعية لوجود دولة: أرض محددة، وسكان محددين، وحكومة فعالة تسيطر على الأرض، واستقلال في إدارة شؤونها الخارجية عن دولة أخرى. وأوضح أن هناك شكًا كبيرًا في قدرة السلطة الفلسطينية على استيفاء هذه الشروط، فهي لا تسيطر على جميع مناحي الحياة في الأراضي الفلسطينية، وفي بعض الجوانب تخضع لقرارات “إسرائيل”. والموقف التقليدي في القانون الدولي أن الدولة إما موجودة أو غير موجودة، وإذا لم تحقق الشروط الموضوعية لوجودها، فإن الاعتراف بها لا معنى له.

لكن كوهين أضاف أن هذا الموقف لا يأخذ بعين الاعتبار حقائق الدبلوماسية الحديثة، حيث للشرعية التي تمنحها الاعترافات بدولة مستقلة تأثير كبير، وفي هذا الواقع قد يكون لكتلة حرجة من الدول المعترفة بدولة فلسطينية آثار واسعة النطاق.

وأشار إلى أن الاعتراف بدولة هو إجراء سياسي ودبلوماسي وقانوني في آن واحد. فمن الناحية السياسية، يعكس الاعتراف بالدولة الفلسطينية دعمًا لرؤية حل الدولتين كسبيل لحل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وهو موقف تتبناه معظم دول العالم. كما يعكس تراجع مكانة “إسرائيل” في الساحة الدولية بسبب الحرب المستمرة في غزة، والمعاناة المتزايدة للمدنيين هناك، وسياسة الضم الزاحف في الضفة الغربية، والتقارير عن عنف ضد الفلسطينيين، ما يولد شعورًا متزايدًا لدى المجتمع الدولي بضرورة التدخل واتخاذ خطوات.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، يتجلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية في أن نحو 135 دولة تقيم علاقات دبلوماسية مع الفلسطينيين، وفي عام 2012 دعمت 138 دولة منح “فلسطين” صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة. وفي أبريل 2024، أُحبط قبول فلسطين كدولة عضو كاملة بسبب الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، حيث دعمت فرنسا قبولها وامتنعت بريطانيا.

ولفت كوهين إلى أن هذا الاعتراف الدبلوماسي أدى أيضًا إلى تبعات قانونية، مثل قرار المحكمة الجنائية الدولية أن لها اختصاصًا قضائيًا بشأن الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وعلى أساس هذا الاختصاص أصدرت أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالنت.

وشدد على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحد ذاته لن يؤدي فورًا إلى قيام دولة فلسطينية على الأرض ما لم تسمح “إسرائيل” بذلك، لكنه سيفرض قيودًا كبيرة على “إسرائيل” في تعاملها مع المجتمع الدولي، ويزيد صعوبة تحركاتها في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأكد أن التبعات ستكون أشد مما شوهد حتى الآن، وأن الضغط السياسي على “إسرائيل” قد يتحول إلى خطوات عملية مثل العقوبات والإضرار بالعلاقات الاقتصادية مع العالم.

وأضاف أن الاعتراف الدولي المتزايد سيسهل أكثر على السلطة الفلسطينية عملية “تدويل” الصراع، مما سيؤدي إلى تدخل أكبر من المجتمع الدولي في الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، بما في ذلك مطالبة الفلسطينيين الدول الأجنبية بتقديم الدعم في مواجهة “إسرائيل”.

واعتبر كوهين أن الاعتراف بدولة فلسطينية جزء مما سماه “تسونامي دبلوماسي” يجتاح “إسرائيل” هذه الأيام، لافتًا إلى أن تصريحات شخصيات سياسية مركزية عن نوايا ضم قطاع غزة وفرض السيادة الكاملة على الضفة الغربية تؤجج ردود الفعل الدولية وتخلق شعورًا بالإلحاح لدى الدول للتحرك الحاسم لردع “إسرائيل” عن أفعالها ونواياها المستقبلية.

وأقر بأن الولايات المتحدة في هذه المرحلة ما زالت تعيق أقسى أشكال الضغط الدولي، لكن حتى داخل الولايات المتحدة هناك تراجع ملحوظ في الدعم لـ”إسرائيل”، ولا يوجد أي ضمان لاستمرار الحماية الأمريكية. وأوضح أن اعتراف فرنسا وبريطانيا – وهما دولتان دائمتا العضوية في مجلس الأمن – بدولة فلسطينية سيجعل “إسرائيل” تعتمد كليًا على استخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو، وهو حق لا تميل واشنطن تقليديًا لاستخدامه. وإذا امتنعت الولايات المتحدة مستقبلاً عن حماية “إسرائيل”، فستجد الأخيرة نفسها مضطرة لمواجهة الضغوط الدولية وحدها، وهي ضغوط لم تستطع أي دولة في العالم تحملها.