الحدث الإسرائيلي
على خلفية إطلاق جماعة أنصار الله اليمنية صاروخًا باليستيًا مزودًا برأس عنقودي نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة، كشفت تقارير إسرائيلية أن هذا النوع من الصواريخ ليس جديدًا في المنطقة أو في جبهات قتال أخرى. ففي مساء الجمعة أطلت أنصار الله صاروخًا من هذا الطراز، لكن منظومات الكشف والسيطرة في سلاح الجو الإسرائيلي أخطأت في تفسير تفكك الرأس الحربي، فاعتقدت أنه انهيار كامل لجسم الصاروخ، ما أدى إلى فشل محاولتين أو ثلاث لاعتراضه.
تشير المعطيات إلى أن لدى إيران ثلاثة أنواع من الصواريخ الباليستية ذات الرؤوس العنقودية، مثل “قادر” و"خورمشهر”، القادرة على الوصول إلى فلسطين المحتلة، وقد استُخدمت بالفعل في أبريل الماضي وفي عمليات عسكرية لاحقة خلال يونيو ويوليو. يحتوي الرأس الحربي على شحنة متفجرة بوزن مئات الكيلوغرامات، بالإضافة إلى نحو عشرين قنبلة صغيرة، تنفجر على ارتفاع يقارب سبعة كيلومترات وتتناثر فوق مساحة تصل إلى ثمانية كيلومترات مربعة، من دون تمييز أو دقة. وتحتوي كل واحدة منها على ما بين 2.5 و7 كيلوغرامات من المواد المتفجرة.
الأضرار التي قد تسببها هذه القنبلة تشبه أضرار صاروخ بدائي، فهي غير قادرة على اختراق الملاجئ المحصنة (المَمَد)، لكنها قادرة على التسبب بإصابات وخسائر مادية، كما حدث فعلًا في إحدى المناطق خلال جولات سابقة من تبادل القصف مع إيران.
وترى المصادر العسكرية الإسرائيلية أن إيران لم تستخدم على نطاق واسع هذه الصواريخ العنقودية لأنها تدّعي أن هجماتها موجهة فقط ضد أهداف عسكرية. غير أن استخدام أنصار الله لهذا السلاح مثّل مفاجأة، إذ لم يُسجَّل سابقًا لجوؤهم إليه. ويبدو أنهم حصلوا مؤخرًا على المعرفة التقنية من إيران لإنتاجه محليًا في اليمن، أو أنهم تلقوا شحنات جاهزة تم تهريبها. والدليل على ذلك أن واحدًا فقط من أصل عشرة حشوات متفجرة وصل بالفعل إلى مستوطنة جِناتون داخل فلسطين المحتلة وانفجر في فناء منزل هناك، فيما لم يُعثر على بقايا أخرى.
ويُرجَّح - وفقا لصحيفة يديعوت أحرونوت - أن أنصار الله لجأوا إلى هذا النوع من السلاح كوسيلة جديدة لضرب "إسرائيل". غير أن ما حدث يُظهر وجود خلل في عملية التصنيع أو التشغيل، فالصاروخ الإيراني الصنع عادة ما يخترق الغلاف الجوي قبل أن يطلق القنابل، أما في هذه الحالة فلم يحدث ذلك بالشكل المعتاد. وتُشبَّه الواقعة بما جرى في حرب الخليج عام 1991، حين فشلت صواريخ “باتريوت” الأمريكية في اعتراض صواريخ “الحسين” العراقية بسبب تفككها في الهواء.
وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، يُطرح الآن سؤال جوهري في الأوساط الأمنية الإسرائيلية: لماذا لم تنجح منظومة “حيتس 2” أو “حيتس 3” في اعتراض الصاروخ قبل دخوله الغلاف الجوي، وهي مصممة أصلًا للتعامل مع هذا النوع من التهديدات؟.