الأربعاء  10 أيلول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المفاجئ والمتوقع مما حدث في الدوحة| بقلم: نبيل عمرو

2025-09-10 09:49:13 AM
المفاجئ والمتوقع مما حدث في الدوحة| بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

كان مفاجئاً لكثيرين، توقيت العملية العسكرية التي نفذتها إسرائيل ضد قيادة حركة حماس في الدوحة.

وكان مفاجئاً كذلك فشل العملية التي حشدت إسرائيل كل عوامل نجاحها، إذ قلّما فشلت عمليات من هذا النوع.

والمفاجئ كذلك اختيار المكان، حيث الدوحة عاصمة الجهود الجديّة لوقف الحرب، والجهة التي يجري التنسيق معها لإنجاز الصفقات، خصوصاً وأن ترمب شخصياً هو صاحب الصفقة الأخيرة التي كانت حماس تناقشها على قاعدة احتمالاتٍ قويةٍ بقبولها.

أمّا المتوقع فهو الإخراج الساذج للدور الأمريكي فيما حدث، نتنياهو يبرئ واشنطن من العملية وترمب يُبلغ الدوحة بها بعد وقوعها، ويعلن استياءه منها، ولكنه ويالسخرية اللامنطق، يراها نافعةً لإحلال السلام.

لا أحد يصدق أو يأخذ على محمل الجد الإخراج المشترك بين نتنياهو وترمب، للموقف الأمريكي مما حدث، وأول من لا يصدق هي قطر، ذلك أن أمريكا المتغلغلة في إسرائيل حتى النخاع، وفي أدق التفاصيل، لا تنتظر إشعاراً إسرائيلياً رسمياً بما ستقوم به، فأمريكا تعرف كل شيء، ولها في كل زاويةٍ من زوايا إسرائيل، وخصوصاً مؤسستها الأمنية والعسكرية، عيونٌ وآذان ترصد كل حركة وسكنة تفكر فيها إسرائيل، فما بالك بقصف هدفٍ في الدوحة، على مقربة من قاعدة العيديد، وفي عاصمة دولةٍ هي حليف استراتيجي للولايات المتحدة.

العملية التي فشلت لم تكن وليدة يومٍ أو يومين، ولم تكن مثلما ادعى نتنياهو وكاتس رداً على عملية القدس، التي راح ضحيتها ستة قتلى إسرائيليين، وعدد كبير من الجرحى، ما سجّل فشلاً مدوياً لأجهزة الأمن الإسرائيلية وجهودها الاستخبارية والعملياتية في الضفة، والتي ترافقت مع عمليةٍ عسكريةٍ صرفةٍ في غزة، قتل فيها أربعة جنود إسرائيليين ودمرت دباباتهم بالكامل.

العملية التي نفذتها إسرائيل في الدوحة، كان يمكن أن تغير مجرى الأحداث وربما بصورةٍ جذريةٍ لو حققت أهدافها، أي لو تمكنت من تصفية قيادة حماس بالجملة، أما وقد فشلت فما سيتلوها من مواقف ووقائع تثير تساؤلات كثيرة، داخل إسرائيل التي تلقت سلسلة فشلات مدوية من عملية القدس إلى عملية غزة إلى عملية الدوحة.

ثم تساؤلات حول مصير الوساطات والصفقات بعد أن علّقت قطر مشاركتها فيها، ولنضع في الاعتبار أن التعليق يختلف عن الإلغاء النهائي، ثم كيف ستتصرف مصر شريكة قطر وأمريكا في الوساطات، ثم كيف ستتصرف أمريكا مع الحليف القطري الذي يعرف أكثر من غيره أن عملية على هذا المستوى، لا يمكن أن تتم من وراء ظهر أمريكا.

العرب جميعاً سلّموا أمر قيادة رد الفعل على العملية الإسرائيلية لدولة قطر وأعلنوا جميعاً وبصوت واحد موحد التزامهم ودعمهم لما تراه مناسباً للرد على الاعتداء الصارخ على أمنها وسيادتها ودورها العقلاني المتوازن في معالجة حرب غزة، والعمل على إنهاءها منذ الأيام الأولى لاندلاعها.

بعد فشل العملية المغامرة والطائشة والفاشلة، لن تكون الحالة كما كانت قبلها، ولو نجحت لرأينا وضعاً مختلفاً على كل المستويات ميدانياً وسياسياً.

أخيراً.. إن كلمة لو تفسد التحليل الدقيق لما حدث، ولما ستتطور إليه الأمور، إلا أنها في هذه الحالة بالذات تصلح للمقارنة بين تصفيةٍ بالجملة لقيادة حماس العليا في هذا الظرف بالذات، وتداعيات فشلٍ مدوٍ ليس على صعيد الاغتيال فقط، وإنما على صعد أخرى تمسّ العلاقات والأدوار والوساطات والمناخ العام.