السبت  13 أيلول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تداعيات الهجوم الإسرائيلي على قطر

2025-09-10 01:21:34 PM
تداعيات الهجوم الإسرائيلي على قطر
هجوم إسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة

الحدث العربي الدولي

في تطور مفاجئ هز المنطقة، ما زالت عواصم العالم تتساءل كيف عجزت قطر، الحليفة القريبة من الولايات المتحدة، عن التصدي للهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة دون أي إنذار مسبق. ورغم أن الدوحة تمتلك منظومات دفاع جوي متطورة من إنتاج أمريكي مثل “باتريوت” و”THAAD”، إلا أن رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أوضح في خطاب ألقاه أن “العدو الإسرائيلي استخدم سلاحًا لم يُرصد على الرادار”، ما عزز التقديرات بأن الهجوم جرى باستخدام صواريخ بعيدة المدى أُطلقت من أجواء الخليج دون دخول الطائرات الإسرائيلية إلى الأجواء القطرية.

آل ثاني وصف العملية بأنها “هجوم إرهابي إسرائيلي يهدف إلى زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة”، مؤكدًا أن قطر وصلت إلى لحظة حرجة تستدعي رداً على هذا الاعتداء. ومع ذلك، لم تكشف الدوحة حتى الآن عن طبيعة هذا الرد، الذي قد يقتصر على المسار الدبلوماسي عبر اجتماع مجلس الأمن الدولي الطارئ، أو يتخذ شكلاً عسكريًا، وهو خيار مستبعد إلى حد بعيد. وفي الوقت ذاته، تستعد الدوحة لاستقبال الرئيس الإماراتي محمد بن زايد وولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبد الله، على أن يصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في اليوم التالي، في مؤشر على تحرك خليجي وعربي متسارع تجاه ما جرى.

على الصعيد العسكري، تبقى قطر صاحبة الجيش الأصغر بين دول الخليج، إذ يقتصر عدد أفراد قواتها المسلحة على نحو 15 ألف جندي، بينهم عناصر من الحرس الأميري. ورغم فرض الخدمة الإلزامية على الرجال منذ عام 2013، إلا أن الدوحة تلجأ إلى استقدام قوات أجنبية، غالبًا من باكستان والأردن، لتعويض النقص في القوى البشرية. وبعد أزمة الخليج عام 2017، ضخت قطر استثمارات كبيرة في تحديث جيشها، فارتفع عدد طائراتها المقاتلة من 12 طائرة قديمة إلى أسطول متنوع يضم مقاتلات فرنسية وبريطانية وأمريكية تجاوزت العشرات، فيما تسعى لرفع العدد إلى مئة، إضافة إلى تعزيز قواتها البرية بالدبابات والمركبات الألمانية والتركية، وتزويد سلاح البحر بكورفيتات وسفن حديثة من إيطاليا وتركيا.

في إسرائيل، تباينت التقديرات بشأن نجاح العملية التي أطلق عليها اسم “قمة النار”. بحسب التقارير الإسرائيلية، في البداية ساد تفاؤل داخل شعبة الاستخبارات “أمان” وجهاز الشاباك وسلاح الجو بأن الهجوم أصاب معظم قادة حماس الذين كانوا في موقع الاجتماع المستهدف. غير أن ساعات قليلة بعد التنفيذ حملت معها شكوكاً متزايدة، خاصة بعد إعلان حماس أن الضربة فشلت وأن قادتها نجوا، فيما اقتصرت الخسائر على استشهاد مقربين من خليل الحية وابنه.

من جهتها، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن الدوحة تلقت الشهر الماضي وعودًا من واشنطن وتل أبيب بعدم استهداف قيادات حماس على أراضيها، واعتبرت أن الضربة الأخيرة جاءت كـ”صدمة وخيانة”، ما قد يدفع قطر للتخلي عن دورها كوسيط في ملف الأسرى والهدنة. وأشارت الصحيفة إلى أن تلك التطمينات وصلت من الموساد والبيت الأبيض عقب تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي بأن قيادة حماس في الخارج ستصبح هدفًا لاحقًا.

الخلافات لم تتوقف عند هذا الحد، إذ انقسمت القيادة الإسرائيلية حول التوقيت. رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يسرائيل كاتس ووزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر أصروا على التنفيذ الفوري، بينما دعا آخرون، منهم رئيس الأركان إيال زامير ورئيس الموساد دافيد بارنيع ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، إلى تأجيل العملية لإعطاء فرصة لمسار الوساطة الجديد الذي يقوده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. الأخير بدوره سارع إلى النأي بنفسه عن الهجوم، مؤكدًا أن القرار كان إسرائيليًا خالصًا، وأنه “غير راضٍ إطلاقًا” عن توقيته.

الهجوم على الدوحة فتح الباب أمام أزمة دبلوماسية معقدة، ليس فقط بسبب الغموض حول نتائجه الميدانية ضد حماس، بل لأنه فجر حالة من التوتر بين إسرائيل وقطر، وألقى بظلال ثقيلة على العلاقة مع الولايات المتحدة، فيما يعكس في الداخل الإسرائيلي حالة الانقسام الحاد بين صناع القرار الأمنيين والسياسيين حول أولويات المرحلة المقبلة.