الجمعة  19 أيلول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خطة بلير لما بعد العدوان: إدارة دولية انتقالية لغزة

2025-09-19 04:07:58 AM
خطة بلير لما بعد العدوان: إدارة دولية انتقالية لغزة
توني بلير عام 2009 يتحدث في مؤتمر صحفي بغزة

حدث الساعة

كشفت أربعة مصادر مطلعة لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فوّض رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، بمهمة حشد الدعم الإقليمي والدولي لخطة تهدف إلى إنشاء هيئة انتقالية دولية تتولى إدارة قطاع غزة بعد انتهاء العدوان، على أن تُنقل السلطة لاحقا إلى السلطة الفلسطينية.

وبحسب التقرير، بدأ بلير صياغة هذه الخطة في الأشهر الأولى من العدوان على غزة، كتصور لمرحلة "اليوم التالي"، لكنها تطورت لاحقا لتصبح مقترحا أساسيا لإنهاء العدوان نفسه، بعد قناعة إدارة ترامب بأن التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى يتطلب توافقا حول الجهة التي ستخلف "حماس" في حكم غزة.

ورغم أن مشاركة بلير في مناقشات ما بعد العدوان كانت معروفة سابقا، بما في ذلك حضوره اجتماعا في البيت الأبيض في 27 آب ولقائه بترامب، إلا أن تفاصيل خطته لم تُكشف حتى الآن. وتقول الصحيفة إنها حصلت على نسخة من مسودة متقدمة للخطة وتحققت من صحتها.

الهيئة الانتقالية الدولية لإدارة غزة

تنص الخطة على إنشاء "الهيئة الدولية الانتقالية لقطاع غزة" (GITA)، التي ستكون السلطة السياسية والقانونية العليا في غزة خلال المرحلة الانتقالية، بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي.

ويتألف مجلس الهيئة من 7 إلى 10 أعضاء، بينهم ممثل فلسطيني واحد على الأقل، وشخصيات دولية بارزة، وممثلون من الأمم المتحدة وشخصيات إسلامية لتعزيز الشرعية الإقليمية والمصداقية الثقافية. وسيعيّن رئيس المجلس بتوافق دولي ويحظى بمصادقة مجلس الأمن، ليقود الدبلوماسية وينسق مع السلطة الفلسطينية.

وتضم الخطة وحدات تنفيذية، منها "أمانة تنفيذية"، و"هيئة تنفيذية فلسطينية" تتولى إدارة الشؤون اليومية في غزة، وتشمل وزارات الصحة والتعليم والمالية والقضاء والرعاية الاجتماعية والبنية التحتية.

دور السلطة الفلسطينية

تنص الخطة على أن يكون للسلطة الفلسطينية دور تنسيقي فقط في المرحلة الأولى، مع إشارات صريحة إلى ضرورة توحيد كامل الأراضي الفلسطينية تحت سلطتها في نهاية المرحلة الانتقالية. وتشترط تنفيذ إصلاحات هيكلية داخل السلطة الفلسطينية، مع ربط نقل الصلاحيات إليها بالأداء، دون جدول زمني صارم، لكن تشير إلى أن المدة ستكون "عدة سنوات" وليست طويلة الأمد.

ورغم أن السلطة الفلسطينية أبدت رغبتها في إدارة مباشرة للهيئة، إلا أنها "تفاعلت مع الخطة بشكل بناء"، وفق ما نقلته الصحيفة عن دبلوماسي عربي.

دعم أميركي وتنسيق كوشنر

تولى جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره السابق، الذي لا يزال منخرطا في قضايا الشرق الأوسط، قيادة الجهود المتعلقة بالخطة. وأفادت الصحيفة أن كوشنر كلّف في الربيع الماضي "معهد توني بلير للتغيير العالمي" بوضع خطة ما بعد العدوان، مستفيدا من علاقات بلير مع قادة عرب وإسرائيليين.

ومنذ ذلك الحين، حافظ بلير على تواصل دوري مع مسؤولي إدارة ترامب، وكان يطلعهم على تقدم الخطة خلال لقاءاته مع قادة في المنطقة.

وفي مقابل خطة بلير، طُرحت مقترحات من جهات مقربة من وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة الاحتلال، رون ديرمر، ومؤسسات مثل "مؤسسة غزة الإنسانية"، تدعو إلى تسهيل "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من القطاع. لكن ترامب رفض تلك المقترحات وفضل خطة بلير، بحسب مصادر الصحيفة.

وأفادت التقارير أن وزير المالية في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، لم يكن على علم بهذا التحول في موقف ترامب، وأعلن أن غزة تمثل "فرصة عقارية ضخمة"، مشيرا إلى محادثات مع واشنطن بشأن "تقسيم القطاع".

وواجهت جهود بلير عدة عقبات، أبرزها هجوم الاحتلال الذي استهدف قيادات من "حماس" في الدوحة بتاريخ 9 أيلول ، مما عطّل مؤقتا محادثاته مع قطر ومصر. كما تأثرت الجهود بعقوبات أميركية شملت قيودا على تأشيرات لمسؤولين في السلطة الفلسطينية، مما أدى إلى تأجيل اجتماعات مع مسؤولين خليجيين.

وعلى الرغم من أن ترامب منح بلير مهلة أسبوعين للحصول على دعم إقليمي، فإن المهلة انتهت دون نتائج حاسمة، لكنها لم تكن ملزمة، وفق مصادر مطلعة.

عناصر الخطة: الإدارة، الأمن، والاستثمار

تشمل خطة بلير إنشاء وحدة حماية تنفيذية من عناصر نخبة عربية ودولية، مكلفة بحماية قيادة الهيئة الانتقالية. كما تقترح تشكيل قوة استقرار دولية متعددة الجنسيات، مفوضة دوليا، مهمتها تأمين الحدود، منع عودة الفصائل المسلحة، وتأمين عمليات الإغاثة والإعمار، مع دعم أجهزة إنفاذ القانون المحلية دون استبدالها.

وتشمل الخطة أيضا تأسيس هيئة لتعزيز الاستثمار والتنمية الاقتصادية، تُعنى بإعادة إعمار غزة وجذب رؤوس الأموال من خلال مشاريع استثمارية ذات عوائد مالية حقيقية. كما تُنشأ هيئة منفصلة لإدارة وتوزيع المنح الحكومية الدولية لضمان الشفافية والكفاءة.

على الصعيد الداخلي، تؤسس شرطة مدنية فلسطينية مهنية وغير حزبية لحفظ النظام وحماية السكان. ويُنشأ مجلس قضائي برئاسة قاض عربي يشرف على المحاكم ومكتب النيابة العامة في غزة، لضمان استقلالية القضاء وفاعليته. كما تتضمن الخطة وحدة لحماية حقوق الملكية، تحمي ممتلكات سكان غزة وتحافظ على حقهم في العودة، خصوصا في حالات الخروج الطوعي من القطاع.

وعلى الرغم من وجود عدة مقترحات أخرى، تُعد خطة بلير الوحيدة التي تحظى بدعم فعلي من إدارة ترامب. إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن الخطة لا يمكن اعتبارها "أميركية رسميا" إلا إذا أعلن ترامب ذلك بنفسه.

ونقلت "تايمز أوف إسرائيل" عن مصدر مشارك قوله: "الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب هي اتفاق الأطراف الإقليمية على مبادئ لحكم غزة بعد الحرب، بحيث لا تكون حماس موجودة أو مسلحة أو قادرة على استعادة السلطة".