الخميس  02 تشرين الأول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الجيش السيبراني للاحتلال.. من الصفوف المدرسية إلى ساحات الحرب

2025-10-02 04:06:51 PM
الجيش السيبراني للاحتلال.. من الصفوف المدرسية إلى ساحات الحرب
جيش الاحتلال

الحدث الإسرائيلي

في ظل تصاعد التوترات الأمنية والسباق العالمي على الكفاءات الرقمية، يواصل الاحتلال استثمار موارده في إعداد جيل جديد من المحاربين السيبرانيين. هذه الجهود، التي تُقدَّم بواجهة تعليمية أو تقنية، تُثير تساؤلات حول مدى ارتباطها بالمؤسسة العسكرية، خصوصاً مع تأكيدات أن بعض البرامج تعتمد بشكل مباشر على خبرات وحدة 8200 التابعة لجيش الاحتلال.

مبادرات حديثة في 2025

خلال الأشهر الأخيرة، برزت عدة مؤشرات تؤكد تعزيز هذا التوجه. ففي أغسطس/آب 2025 كشفت صحيفة عبرية عن مبادرة "محاربو التقنية – Tech Warriors"، وهي برنامج يستهدف الجنود المسرّحين حديثاً، حيث يُدرَّبون في مجالات مثل الأمن السيبراني خلال أشهر قليلة، ليُدمجوا سريعاً في سوق العمل أو في وحدات أمنية متخصصة تابعة للاحتلال.

كما أعلن الاحتلال في فبراير/شباط 2025 عن إستراتيجية وطنية جديدة للأمن السيبراني للفترة 2025–2028، تركّز على البعد البشري والتدريب باعتباره حجر الزاوية لتعزيز قدراته الرقمية. الاستراتيجية شددت على التعاون بين جيش الاحتلال، القطاع الخاص، والجامعات لتشكيل منظومة واحدة قادرة على سد فجوة المهارات العالمية.

إلى جانب ذلك، خُصصت في الجامعات الخاضعة للاحتلال ما يقارب 150 مليون دولار لإنشاء مراكز بحثية سيبرانية جديدة، في خطوة تُظهر حجم الاستثمار الرسمي في دمج البحث الأكاديمي بالاحتياجات الأمنية والعسكرية.

"الحرم السيبراني" والجيل الجديد

من أبرز الأطر التعليمية التي أثارت الانتباه ما يُعرف بـ"الحرم السيبراني"، حيث تُقدَّم دورات حضورية وعبر الإنترنت لليافعين داخل الكيان وخارجه، بما في ذلك أميركا الشمالية. هذه الدورات لا تقتصر على الجانب النظري، بل تعتمد بنسبة 70% على محاكاة واقعية للهجمات الإلكترونية، باستخدام أنظمة تدريب طُوِّرت أصلاً لاحتياجات جيش الاحتلال.

المثير أن من يشرف على هذه البرامج خبراء وضباط سابقون من وحدة 8200، ما يجعلها أقرب إلى برامج تأهيل عسكري مبكر بغطاء تعليمي. والطلاب الذين يتخرجون منها يحصلون على شهادات معترف بها، ما يسهل التحاقهم لاحقاً بوحدات الاحتلال أو الشركات الأمنية المتعاقدة معه.

أبعاد استراتيجية وأخلاقية

يُقدَّم هذا المسار رسمياً على أنه استجابة للفجوة العالمية في المهارات السيبرانية، والتي تصل بحسب تقديرات إلى 3.4 مليون وظيفة شاغرة حول العالم. لكن في السياق الخاص بالاحتلال، يتحول هذا التحدي إلى فرصة لتوسيع القاعدة البشرية المؤهلة لخوض "حروب الإنترنت".

في المقابل، يثير هذا النهج مخاوف أخلاقية وقانونية. فدمج التعليم المدني بالاحتياجات العسكرية قد يحوّل المؤسسات الأكاديمية إلى أذرع غير معلنة لجيش الاحتلال، ويُسهم في تطبيع عسكرة الفضاء السيبراني. كما أن تطوير جيل مدرّب مسبقاً على أساليب هجومية قد يُستخدم في شنّ هجمات رقمية واسعة ضد خصوم الاحتلال في المنطقة وخارجها.

وبينما تسعى دول العالم إلى سد فجوة الكفاءات في الأمن السيبراني عبر التعليم والتوظيف، يذهب الاحتلال أبعد من ذلك بدمج برامجه التعليمية في منظومة عسكرية–أمنية متكاملة. وبذلك، لا يبدو أن "الحرم السيبراني" مجرد مبادرة تعليمية، بل مشروع استراتيجي طويل الأمد لإعداد جيل محاربين سيبرانيين، يعكس انتقال الحرب من الميدان التقليدي إلى ميدان الشفرات والشبكات.