أحمد الكرد: 200 ألف أسرة بحاجة للمساعدة بغزة.. والقيود على الجمعيات الخيرية تُعرقل مساعدتها
مسؤولون: أهل الخير مدعوون لتكثيف دعمهم للجمعيات من أجل تنفيذ برامجها في مجال الإغاثة والإنعاش والتنمية!!
غزة - محاسن أُصرف
لتوّها تلقت بسمة النجار (42 عاماً)، من خان يونس جنوب قطاع غزة، طرداً إغاثياً من إحدى الجمعيات الخيرية التي ينشط عملها في رمضان، تقول بلسان الرضا: "الحمد لله فما يتوفر بالطرد يلبي بعض احتياجاتنا الرمضانية التي لم نستطع توفيرها"، واضطرت بسمة ووالدها السبعيني إلى ترك منزلهما والعيش في مدارس الإيواء خلال الحرب الأخيرة على غزة، بسبب تعرض منزلها للقصف، وتُضيف أن أوضاعها الاقتصادية ازدادت سوءاً بعدما تضررت الأرض التي كانت مصدر رزقهم، فباتوا يعتمدون على المساعدات الإغاثية العينية والمادية في توفير احتياجاتهم، تقول لـ "الحدث": "لكنها تبقى مساعدات طارئة وموسمية"، داعية إلى تطوير تلك المساعدات بما يُحقق الإنعاش للأسر الفقيرة في غزة كإعمار البيوت التي أصابها القصف وأتى على أركانها، حسب قولها.
وخلال الربع الأخير من العام 2014 بلغ معدل البطالة في قطاع غزة حوالي 42.8%، فيما تجاوزت نسبة الفقر معدل الـ60%، ما أثمر ازدياد حاجة الناس في القطاع إلى المساعدات الإنسانية والتي لا تُنهي أزماتهم أبداً، بل تُخففها بقدر الإمكان.
"الحدث" ترصد فرحة فئة كبيرة من أهالي قطاع غزة بالمساعدات الإغاثية، خاصة في ظل ما يُعانوه من ظروف قهرية على المستويين المعيشي والاقتصادي.
فرحة رمضان
يقول المواطن أبو علاء بدر، إن عائلته استقبلت شهر رمضان بفرحة، حين طرقت إحدى المؤسسات الخيرية بابه لتُقدم له سلة غذائية رمضانية لم يكن بإمكانه شراؤها، وأضاف بدر، أن المعونات التي تُقدمها المؤسسات الخيرية في رمضان بالإضافة إلى زكاة أموال أهل الخير في الدول العربية تُعينه على قضاء احتياجات أسرته.
وبعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، لم يعد بإمكان بدر العودة إلى عمله بعد أن قُصفت ورشة الحدادة التي يعمل بها، يقول: "بت أعتاش على هبات المؤسسات الخيرية وشيك الشؤون الاجتماعية الذي يُصرف مرة كل ثلاثة أشهر"، ويُتابع أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها أهالي القطاع تُعجز غالبيتهم عن إدخال فرحة رمضان إلى بيوتهم لأنهم لا يملكون مالاً لقضاء احتياجات أسرهم.
ازدواجية توزيع
فيما انتقد أبو عبد الله قديح الازدواجية في تقديم المساعدات من قبل المؤسسات الخيرية، مؤكداً أن الأسباب لا تعدو عدم التنسيق، ناهيك عن التدخلات المعرفية والحزبية في أمر التوزيع.
وفقد قديح، خلال الحرب الأخيرة على غزة منزله كاملاً ومزرعة دواجنه وحتى محصول أرضه ما جعله يعيش على الكفاف، يقول لـ"الحدث": "رغم قلة المساعدات هذا العام مُقارنة بالأعوام السابقة وعدم العدالة في توزيعها إلا أنها تُخفف من واقعنا المأساوي"، مشيراً إلى ضرورة البدء بإعادة إعمار القطاع وفق الخطط المعلن عنها لإنهاء حالة الألم التي يعيشها آلاف الفلسطينيون المتضررون من الحرب.
نشاط رمضاني
من جهتها تؤكد الجمعيات الخيرية في قطاع غزة على ضعف وتراجع مشاريعها الإغاثية، بسبب الحصار وتجفيف المنابع الذي يفرضه الاحتلال، لكنها مع ذلك تنشط مع بداية موسمي رمضان والأعياد، في إطار حلحلة الوضع المأساوي لأهالي القطاع والذي يُعانونه بسبب الحصار وحروب أتت على مصادر أرزاق المواطنين بتدمير العديد من الورش والمصانع، ناهيك عن مشكلة الموظفين وعدم تلقيهم رواتبهم كاملة وبانتظام مما يجعلهم بحاجة إلى مساعدة وعون.
وفي هذا السياق يؤكد الشيخ رمضان طنبورة، رئيس جمعية الفلاح الخيرية، أن جمعيته نفذت هذا العام بدعم من أهل الخير في قطر، حملة "أيادي الخير من قطر الخير"، وقال: "إن المعونات التي تم توزيعها خلال الحملة استهدفت قرابة الـ4000 أسرة"، تلقوا سلات غذائية رمضانية بالإضافة إلى طرود دقيق وزيت وقسائم شرائية من محال البقالة والسوبر ماركت يستطيع من خلالها المستفيد شراء احتياجاته.
وبيّن طنبورة لـ"الحدث" أن الحملة تأتي ضمن سلسلة من المشاريع التي تُنفذها جمعيته خلال شهر رمضان للتخفيف من معاناة المواطنين، مؤكداً أن جمعيته تعمد إلى تحقيق العدالة في توزيع خدماتها على الفقراء وتبحث عن المتعففين لتقدم لهم المساعدة.
فيما أوضح نسيم ياسين أمين عام الجمعية الإسلامية بغزة، أن الظروف الصعبة التي يُعانيها سكان القطاع توجب على الجمعيات أن تقوم بدورها في التخفيف عن كاهل المواطنين ليستقبلوا شهر رمضان بفرحة كغيرهم، وكشف لـ "الحدث" تقديم الجمعية الإسلامية معونات لقرابة (3275) أسرة فقيرة ومحتاجة خلال شهر رمضان في محيط عملها غرب مدينة غزة وحوالي (4245) أسرة في محافظة النصيرات وسط قطاع غزة، لافتاً أنها شملت طروداً غذائية وقسائم شرائية وكفالات نقدية.
ونبّه إلى أن جمعيته رغم ما تواجهه من صعوبات في وصول التمويل لها، إلا أنها لا توقف مشاريعها الخيرية بعد شهر رمضان بل تعمل على استمرارها حرصاً منها على تقديم المساعدات للمحتاجين وإغاثتهم، كاشفاً أن جمعيته لا تزال تُعاني مشكلة في تحويل كفالات الأيتام والفئات الفقيرة. ودعا ياسين أهل الخير إلى تكثيف دعمهم للجمعيات بما يُمكنها من تنفيذ برامجها في مجال الإغاثة والإنعاش والتنمية أيضاً.
تعمير
فيما لم يقتصر دور لجنة زكاة دير البلح، على الطرود الغذائية وتقديم وجبات إفطار ساخنة لأهالي الشهداء والمصابين في الحرب الأخيرة على غزة، بل تعداه إلى توفير المسكن اللائق بكرامة الإنسان التي حباه الله بها، وفي هذا السياق كشف أمين سر اللجنة أدهم أبو سلمية، أنهم استطاعوا تحويل حياة عائلة كانت تعيش في مُلحق لحظيرة دواجن، إلى حياة كريمة باستئجار منزل يليق بآدميتهم إضافة إلى تفقد عائلات أخرى وتقديم زكاة أموال أهل الخير من قطر والسعودية والكويت.
وتابع أنهم في إطار المنهج الديني والأخلاقي الذي تتبعه اللجنة للارتقاء بالإنسان، يعمدون إلى تفقد العائلات الفلسطينية الفقيرة خلال شهر رمضان وتقديم المعونات والمساعدات سواء كانت مالية أو غذائية، واستكمل أن الجهود التي تبذلها المؤسسات الإغاثية كبيرة لكنها تبقى متواضعة أمام الأرقام التي تتحدث عن 80% من سكان القطاع يحتاجون لمساعدات إغاثية و40% يعيشون تحت خط الفقر رغم ما يُقدم لهم من مساعدات، وقال: "نحن بحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة لوقف زحف الفقر الذي بات يُهدد حياة الناس ويُنذر بانفجار اجتماعي".
جفاف التمويل
ويُجمع المتحدثون على أن العقبة الأكبر أمام الجمعيات الخيرية في قطاع غزة هي عدم القدرة على تحويل الأموال من الخارج وفقاً للوضع السياسي القائم، مما يجعل العمل الذي يحتاجه فقراء القطاع أكبر من قدرتها وخدماتها، مؤكدين أن الرئاسة والحكومة الفلسطينية تتحمل ما تمر به جمعياتهم.
وفي هذا السياق أكد أحمد الكرد منسق اتحاد الجمعيات الخيرية في فلسطين، أن بعض المشاريع الرمضانية تعطلت هذا العام بسبب عدم وجود مصادر لتمويلها، ناهيك عن استمرار الحصار وتواصل مشكلة إيقاف الحوالات المالية للأيتام والأسرة الفقيرة في بنك فلسطين، وقال: "200 ألف أسرة في قطاع غزة بحاجة إلى مد يد العون والمساعدة نظراً لما خلفته الحرب الأخيرة على غزة من دمار"، وبيّن أن ما ضاعف معاناة الفقراء في غزة، حالة التقليص التي أعلنتها الأونروا لمساعداتها الإغاثية بغزة، وكذلك تنكر الحكومة الفلسطينية لمسؤولياتها تجاه غزة وسكانها.