الإثنين  12 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العدد 43| البضائع الفاسدة والتالفة.. تخلق أزمة ثقة بين المواطنين والسوق

القاضي: المواطنون لا يقرءون الأخبار والسوق الإسرائيلية مليئة بالبضائع الفاسدة كما الفلسطينية

2015-07-14 12:51:37 AM
العدد 43| البضائع الفاسدة والتالفة.. تخلق أزمة ثقة بين المواطنين والسوق
صورة ارشيفية
عبد الله: لا بد من الشفافية في كشف أخبار البضائع الفاسدة بأسماء التجار ووضع عقاب صارم بحقهم
 
 
الحدث – محمد فايق
 
ضبط هنا.. واتلاف هناك.. مصادرة هنا... وحملة تفتيش هناك.. صورة تشهدها السوق الفلسطينية بشكل كبير لتصبح ظاهرة تتفشى في السوق.. تؤكد جهود المؤسسات الرسمية في عملها لضبط السوق.. غير أن ذلك يظهر بصورة عكسية على المواطنين الذين لم يعودوا يثقون في الشراء من هذا السوق والبحث عن البديل حتى لو كان "إسرائيليا".
                                                                    
مئات المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية بدءوا ينظرون إلى عمليات الضبط والإتلاف التي تجري بحق البضائع سواء كانت فلسطينية أو أجنبية أو حتى إسرائيلية بشيء من القلق والهواجس بحق ما يوجد في السوق من بضائع، وعدم الثقة بأي شيء يوجد فيه، قلقين من كثرة الأخبار التي تنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة عن وجود بضائع بكميات ضخمة منتهية الصلاحية وتالفة تباع للمواطنين، محاولين جاهدين الحصول على بضائعهم الرئيسية من السوق الإسرائيلية.
 
وقد سيطرت أزمة الثقة بمنتجات السوق الفلسطيني على المستهلك الذي بات يعيش في حيرة من أمره.
 
ومنذ حلول شهر رمضان المبارك، كشفت وزارة الاقتصاد عن ضبط أكثر من 36 طناً من المنتجات والبضائع الفاسدة، غالبيتها غذائية، ووفق الوزارة، فإن النسبة الأكبر من هذه السلع، هي منتجات قادمة من المستوطنات الإسرائيلية، المقامة على أراضي الضفة الغربية، وسلع غير محلية الصنع.
 
ماذا تبقى لنا كي نأكل ونشرب
الشاب ساري مصطفى (29 عاما) من إحدى قرى شرق رام الله، كان يتسوق من أحد محال المدينة في ظل ارتفاع الأسعار للعديد من البضائع والمنتجات التي شهدها السوق الفلسطينية، يقول "عندما أخرج للتسوق لا أعلم ماذا أستطيع أن أحضر لمنزلي، عدا عن أن الأسعار مرتفعة بشك جنوني، نسمع كل يوم عن عمليات ضبط وإتلاف للحوم فاسدة وخضراوات فاسدة، وكذلك الحليب، ماذا تبقى لنا كي نأكل ونشرب، لم نعد نثق بالمنتجات في السوق، وفي نفس الوقت لا يوجد بديل لدينا".
                                                             
فيما قال محمد عويس (30 عاما): "المشكلة الأساسية أننا نسمع عن عمليات ضبط وإتلاف ضخمة للحوم والخضروات والكوزماتكس، لكن ماذا يحدث بعد ضبط هذه المنتجات والبضائع، هل يتم إغلاق المحل ومعاقبة التاجر وسجنه، لا نتوقع ذلك، نحن نطالب بمحاكمة التجار الذين يروجون لهذه البضائع، لأن هذه جريمة يجب أن يحاكم عليها القضاء الفلسطيني، ولا يجب السكوت عنها أبدا ونطالب كذلك بتكثيف حملات التفتيش والرقابة على المنتجات قبل دخولها لمدننا وأسواقنا، ثم يطلب منا عدم التوجه للسوق الإسرائيلي أو لـ(رامي ليفي)".
 
وتيرة عمليات الإتلاف تزداد
وتؤكد إحصائيات جمعية حماية المستهلك أن أكثر من ألف وثلاث مائة طن من بضائع المستوطنات الفاسدة ضبطت خلال العام الماضي في الأسواق الفلسطينية إضافة إلى أكثر من ستين طنا من منتجات المستوطنات الفاسدة أعيد تغليفها بأياد فلسطينية".
 
وقال رئيس جمعية حماية المستهلك، صلاح هنية: "إن موسم رمضان يشهد ازدهاراً في تهريب السلع والمنتجات خاصة الغذائية من المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية إلى الأسواق الفلسطينية".
 
وأضاف: "هنا يأتي دور طواقم حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد الوطني ووزارتي الزراعة والصحة، من خلال تكثيف الزيارات الميدانية على أسواق الضفة الغربية، لأن هذه المنتجات قد تكون تالفة أو منتهية الصلاحية وترمى للسوق الفلسطينية".
 
وتقدر حجم الواردات الفلسطينية من المستوطنات، بنحو نصف مليار دولار سنوياً، وهي واردات يتم شراؤها وتهريبها إلى الأسواق الفلسطينية.
 
ووفق المادة (14) من قانون حظر ومكافحة منتجات المستوطنات الإسرائيلية، يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن خمس سنوات، وغرامة لا تقل عن (14 ألف دولار أمريكي)، كل من تداول منتجات المستوطنات، وكل من شارك أو ساهم في تداولها.
 
وخلال العام الماضي، بلغ إجمالي حجم السلع الفاسدة القادمة، والتي تم ضبطها في الأسواق الفلسطينية، نحو 711 طناً من البضائع، كان مصدر غالبيتها من المستوطنات الإسرائيلية، وذلك وفق وزارة الاقتصاد الوطني.
 
القاضي: نشر أخبار الاتلاف سلاح ذو حدين
وحول هذه القضية، قال مدير عام حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني إبراهيم القاضي، إن موضوع ضبط المواد الفاسدة وإتلافها رسالة ذات حدين إذا ساء استخدامها يؤدي إلى تخوفات، ونعتقد أنه لا يجب نشر كافة الأخبار حول الموضوع، هنالك أخبار لا يجب أن يعلن عنها".
 
وأضاف القاضي لـ"الحدث" "نحن نعلن فقط في تقرير شهري عن كميات الضبط، ولا نعلن عن كافة عمليات الضبط، كما نركز على عميلات التزوير الكبيرة التي يجب أن يعلم عنها المواطنون"، مشيرا إلى أنه من حق المستهلك أن يكون لديه طمأنينة أن هنالك من يعمل ويوفر الحماية في مجال الأمن الغذائي والتأكد من كافة المنتجات الموجودة في السوق، نحن موجودون لحماية المواطنين ومراقبة التجار.
 
وأوضح أن الوزارة تسعى لأن يكون موضوع حماية المستهلك رأي عام، لكن الإعلام سيف ذو حدين إذا تم نشر الأخبار بطريقة خطأ قد يؤثر بشكل سلبي على المواطنين والقضية بشكل عام.
 
وقال القاضي إن المواطنون لا يقرءون أخبار عبرية، أو الأخبار التي تخص دولة الاحتلال، هنالك عمليات ضبط وإتلاف كبيرة جدا لديهم، وهنالك شركات كبيرة أوقفت عن العمل وسحبت بضائعها ويعلن عنها في الأسماء، لكن شعبنا لا يقرأ مثل هذه الأشياء لذلك يذهبون لمتجر (رامي ليفي) وغيره، ولو كانوا يقرءون لما ذهبوا لهناك، كما أن الأردن لديها برنامج يومي يقوم بذكر أسماء المحلات التي يوجد بها إشكاليات، لتنبيه المواطنين منها، فهذا الموضوع لا يجب أن يكون عكسيا لدى المواطنين لتبرير ذهابهم للأسواق الإسرائيلية.
 
وأضاف أن الأصل أن تؤدي عمليات الضبط لطمأنينة لدى المواطنين، لأن ما يتم عرضه على الرفوف خاضع للرقابة.
 
عبد الله: يجب وضع قوانين صارمة بحق التجار المخالفين
من جهته، قال الخبير الاقتصادي د. سمير عبد الله، إن اتلاف البضائع منتهية الصلاحية يجب أن يعلن عنها لترهيب التجار وهذا الأمر لا يضر بالمواطنين، وعند الحديث عن مواد فاسدة مثل الطحين، المواطنين يخافون لأنه يكون ورد للمخابز فالمواطنين قد لا يتوجهون لمخابز تلك المنطقة، كما أن هذا ينطبق على اللحوم والأسماك.
 
وشدد على ضرورة أن تكون وزارة الاقتصاد أكثر شفافية في الموضوع، وإطلاع المواطنين عن كافة التجار الذين يغشون المواطنين بعرض البضائع الفاسدة ومنهية الصلاحية، والأهم من ذلك إنزال العقاب الشديد بحق كل من تخول نفسه غش الناس وبيع المنتجات الفاسدة.
 
وأوضح أن وضع العقاب الصارم بحق التجار أمر مهم على صعيدين؛ الأول ترهيب التجار بأن هنالك عقابات صارمة ستأخذ بحقهم إن تاجروا بالبضائع الفاسدة أو التالفة، وسيغلق أي محل يخالف الأمر، وعلى الصعيد الثاني يثق المواطن بالمنتجات الأخرى لأنهم يعرفون أنها لو فاسدة لأغلق المحل كما أغلق غيره، وتضبط المواد الفاسدة فيه.
 
وأكد أهمية تجنب إخفاء المعلومات الخاصة بهذه المسائل عن المواطنين، ليكون المواطنين على دراية بهذه الأمور، لأن هناك تجار لا يهتمون بصحة المواطنين ويجب تشديد العقاب بحقهم، معتبرا أن مشكلة الناس أنه لا يوجد عقاب صارم لوقف مثل هذه الاشكاليات.
 
وقال عبد الله "إلى الآن لا يوجد لدى وزارة الاقتصاد قدرات صحيحة في كافة المناطق، لا يوجد سوى مختبر أو اثنين في الوطن لفحص الأغذية والتأكد من مطبقتها للمواصفات، يجب زيادة عدد المختبرات وعدد الجولات التفتيشية في المحال التجارية بشكل أوسع ودائم.