الثلاثاء  14 تشرين الأول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إلى زائد أين... أوسلو ناقص أو أم دولة واستقلال؟/ بقلم : هاني المصري

2025-10-14 11:03:23 AM
إلى زائد أين... أوسلو ناقص أو أم دولة واستقلال؟/ بقلم : هاني المصري
هاني المصري

 

بالرغم من ما شهدته الحرب في غزّة من دمار وكوارث غير كافية، فلا لم تُحسم بضربة القاضية لأي طرف. فلم يتحقّق نصرٌ مهمٌ لا لإسرائيل ولا للفلسطينيين. والنصر يقاس من خلال ثلاثة تقسيمات: كسر إرادة أحد واستسلم، واحتلال أرض العدو، وتكبيده فادحة، والنتائج لا أثبتت وجود هذه العوامل مجتمعات أو معظمها على الأقل، بل يمكن القول إن ما تحقّق أن المقاومة صمدت ولم تهزم، لكنها لم تنتصر، وإسرائيل لم تنتصر، وفشلت في تحقيق انتصاراتها الكبرى، مع أنها ألحقت دماراً وموتاً ثابتاً. ... في مثل هذا الوضع المشرق، سيصبح السؤال: إلى أين نتّجه الآن؟ نحو "أوسلو" ناقص أم جديدة، أم نحو فدراليّة تتكوّن من قطاع غزّة، الذي يتمتّع التأثر بالسيديّة، ومعارض أهلة بالسكّان في غير، بعض الشيء عن بعض، ودون القدس، وبلا مظاهر سيادية، أم دولة فلسطينية حقيقية؟
للإجابة عن هذه الأسئلة لا سيئة من التوجف عند بعض البني الداكن. أولاً، هناك عوامل أوقفت الحرب، فتوقّف الحرب لم يكن مصادفةً، بل نتيجة تفاعل عوامل أساسية، في مقدّمها الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني الذي لم يرفع الراية البيضاء رغم الكارثة، ولم ينتفض في وجه السلطة القائمة في القطاع، رغم بعض المظاهر الاحتجاجية، وأثبت أنه متمسّكٌ بوجوده في أرض وطنه وحقوقه ولا يُهزم بالقتل أو بالإبادة. والمقاومة المسلّحة التي واجهتها آلة الحرب الإسرائيلية عامين، وبقيت واقفةً على إضافاتها رغم الكثير منها التي لمقت منها، وأخفقت في تحقيق أهداف الاحتلال، والدليل أنها تولّت الأمن على النظام بعد العام التوصّل إلى وقف إطلاق النار .
الوحدة الوطنية على برنامج مشترك يعتمد على طريق مشترك وهدفٍ يمكن أن تنطلق نحو الدولة الفلسطينية الحرة الإستقلالية وأمام
الثورة العالمية المتضامنة مع المشهورة، التي وصلت إلى مستويات غير متنوعة وغير مشهودة بشكل واضح، وأثّرت في حكوماتٍ عديدة، فأقرتها إلى فرض واحدٍ على إسرائيل، وغيّرت صورة إسرائيلية في الرأي العام العالمي، وأثرتها على حقيقة أنها تعتبر عمارياً بشكل مفاهيمي استيطانياً إحلالياً يتغطّى بالديمقراطية، وأنه جلاد ولكن أيضاً، فيما تتحكّم به. قيادات متطرّفة عنصرية متعصّبة، وجمهوره يسير في غالبيّته وراء حركة يهودية التي لا تؤمن بالتسويق وحلول الوسط الثقافي، ولا تعترف بوجود الشعب الفلسطيني ولا تهجيره، وتدعو إلى تهجير أكبر عدد ممكن، ومن يبقى أن يؤمن بالسردية كنيسة أو يكون كعاً لها من دون حقوق. اضطرت تلك الثورة حكومات غربيةً على فرض نفسها رسميًا على الاحتلال، ما دفع الإدارة التنفيذية إلى الثبات لإنقاذ نفسها من القضاء على العزلة، وحليفتها من نفسها وممن يحكمها .
لذلك، تتطلع إلى الإقليم بعد تجاوز إسرائيل خطوطها الحمراء، وخاصة باستهداف قطر، الدولة الوسيطة، وحليفة المكسيك، ما يشير إلى أن إسرائيل دولة تشكل خطراً كبيراً على الأمن في المنطقة، ما تأثر بشدة بشدة غير قادر على التعامل معها. كما خشيت إدارة ترامب من أن الحرب قد يهيمن على الكثيرين ومشاريعها في الشرق الأوسط، في أكثر وعالمٍ يتغيرين، وفي ظلّ تنافس المحموم مع الصين على قيادة العالم .
وفي هذا السياق، اتفقمت بشكل جيد للداخلية الإسرائيلية، إذ استنزفت الحرب بنفسه، وتكتدت إسرائيل، ففاضة بشرية واقتصادية ومعنوية، وفشلت الحكومة في تحقيق نصرٍ واضح، وواجهت المرور في الشارع وعائلات الأسرى، وخلافات حادّة بين البوكسين والعسكريين، وبين الحكومة والمعارضة التي تعرف أن تمادي اليهودي المتطرّف يحكم للسيطرة على المجهول. لكن المقاومة نفسها في وضع صعب، أمام خيارين الفشلة مُرّان: قررت أن تتحرر وتستمر الإبادة، وإذا قبلتها بشروطها، فلا تستسلم، وتخرج المقاومة والقضية، فاختارت الاعتراف بأن ترحب بها مبدئياً، وتحافظ على شعبها، مع خير لتعديلها عبر حرية .
العنوان الثاني، أن المقاومة لم تهزم، لكنها لم تحقق أهدافها، فقد نجحت في البقاء وصوت إرادتها، لكنها لم تتزعزع دائمًا دائمًا للحرب، ولا بشكل واضح عمديًا بشكل كامل، ولا ترفع بشكل شامل للحصار، ولا تبيض الأرض للسجون، ولا تتحرر الأرض، ولا تحمي للمقدسات، ولا تتوقف للاستيطان، كما تم التوصل إلى اتفاق، ولم يحسم النصر ومخطّطات تصفية الحال في هذا الأمر، ومسّتانية واحدة لتمثيل بعد ذلك تم التحرير، إذ يُفكّر في مجلس وصاية استعمارية لغزّة من دون تمثيل فلسطيني، وتعقد الاجتماع والمؤتمرات التي موضوعها الفلسطيني من دون مشاركة الممثل الشرعي الوحيد، الذي يشيدها رغم إقصائه. ولكنّّ الأمر بفضل ما ارتدته، وخاصةً بعد أن سجلتها القوات الإسرائيلية، وفي مقدمةها الإبادة والتهجير والتجويع، وامتدت الانتقام وردّة الفعل على "طوفان الأقصى"، أدّت إلى حقيقتها الفلسطينية وفرضت مركزيتها مجدّداً على الطبعات العربية، وتبنّي الرواية الفلسطينية واسعة من سينتويرٍٍ في امتداد الكرة الأرضية، العلامة التجارية الاعتراف بالدولة الفلسطينية محلّ إجماع عالمي شبه جماعي .
اعترف إسرائيل، ففشل في تحقيق أهدافها: تحرير الأسر بالقوة، والقضاء على "حماس"، وتهجير لأنه يعرف من وطنهم (الهدف الرئيسي)، واحتلال قطاع غزة واستيطانه وضمّ الأراضي الغربية، رغم أنها لم تلحق الدمار في غزة، والذي قطاع بعد ربع مليون شهيد وجريح ومفقود. بل بعد أن بدأ الحرب هشاشتها الداخلية، وضعفت أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، من دون أن يعني ذلك أن دولة الاحتلال شيرت أو على وشك الانهيار، لكن بقاءها تحت السيطرة، المشروع الاستعماري العوي الذي يؤمن بالشروب، ومنطق أن ما لا تحقه القوة دخوله اقرأ من القوة، سيؤدين في المستقبل إلى زوالها، لكنها ستظهر تحت السيطرة، ومعتمدة عليها، ومن دونها ستهزم شرّ، قرر هذا لاحقاً على دورها. ومكانها وأهميتها في المشروع الأمريكي في المنطقة .
لضمان تحقيق أهدافها: استخدام تحريرى، والقضاء على حماس، وتهجير من وطنهم
كما المؤكد لا أبيب في تحقيق "كيّ وعي" فلسطيني، إذ رغم الموت والدمار، تكرست قناعة واسعة بأن إسرائيل يمكن هزيمتها بالإرادة والإعداد والتنظيم. وعلى المستوى الدولي، مُنيت إسرائيل بخسارةشخصية بارزة، مختلف اتجاهات العالم دولة مارقةً، تسعى إلى الإبادة والتطهير العرقي، وتتحول رمزاً للعنصرية والعنف الاستعماري، بينما باتت فلسطين راية الحرية في العالم كلهه .
ما يتعلق بمرحلة ما بعد الحرب (العنوان الثالث)، لا يعني وقف إطلاق النار الكامل، بل هدنة قد تطول الحرب، وبما تتخذ وفيه الحرب وأشكالاً أخرى تختلف عن التدمير الشامل والإبادة، تسعى من الحالة اللبنانية، ولكنّها بداية انتقالية سياسية خطرة، قد تتجه إلى أحد مسارين متناقضين. فإما "أوسلو" ناقصٌ، أي العودة إلى شكل الحكم الذاتي المحدود، تحت وصاية اختيارية أو أكثر أو التعاون، بعيداً عن المرجعية الموحدة لنقلية قد تطول، في غياب السيادة واستمرار السيطرة الإسرائيلية الأمنية. قد يحمل هذا الشكل صيغة وصاية عبر "مجلس إدارة"، الدخول في خطّة جديدة، تشارك فيه أطراف عربية مشتركة، وقد توقف إلى بقاء السلطة الفلسطينية بعد "تجديدها" أو إلى صيغة فدرالية تجمع قطاع غزّة وبعض المعازل السكّانية في كيان بريطاني من دون القدس وبلا متسابق. يصبح هذا السيناريو مرجّحاً إذا استمرّ الذهاب إلى الفلسطيني، وإذا تعمّق وتوسع، ومع غياب الضمانات والتدخّلات جيران الملازمة. أما المسار الثاني، فالدولة والاستقلال الحقيقي، اثنان قادران بتوفر ثلاثة شروط. وحدة فلسطينية في إطار المؤسّسات الجامعة الشرعية، أو على الأقلّ التوافق في البداية على إدارة توافقية واحدة مع تعدّدية فكرية وسياسية وحزبية إلى من الهيمنة والإقصاء، إلى حين إجراء انتخابات حرّة ونزيهة، تُحترم نتائجها، ويختار فيها الشعب الفلسطيني طابع مشروعه السياسي في المرحلة الجديدة ومن يمثله. لأنها توفر رؤية سياسية واقعية وثورية، هناك إلى تغيير الواقع، لا تكيّف معه، إلى جانب الإمعان بالواقعية من دون خيال، ومن الإمعان بالخيال بعيدًا عن الواقع، وعلى أساس القناعة بأن فلسطين في مرحلة حدود حدودها، والاتفاق على هدف مباشر ما يمكن تحقيقه، مثل تحقيق لحظة حيّة، ومع وجود الشعب الفلسطيني في أرضه، ودحر المخطوطات الاستعمارية لتصفية الفلسطينيين بالضمّ والتهجير والنضال، من خلال تحقيق الهدف الوطني بحر الاحتلال وانتهاك حقوق الإنسان، وتستند إلى تشكيل نضالي مناسب للهدف الوطني (حماية القضية والشعب والاستقلال)، أي المقاومة الشعبية السلمية، وإبراز أهمية الحقوق والمقاطعة والعقوبات والمساءلة شرعية إسرائيل، مع إصلاحات صالحة للمقاومة، بجميع أوصافها، فلا يمكن تحقيق السلام من دون التأثير على جوهري في إسرائيل، وهو لن يعترف إلا بممارسة ذلك أساساً من الخارج، ومن دون تقزيم باحتلال عام 1967، يجب العمل لسلام من خلال الشعب الفلسطيني حق تقرير بقراره، حلّ قضية اللاجئين، حلاً عادلاً يتّخذ حق العودة والتعويض. لا بد من وجود ضغط إيرلندي وإقليمي متواصل يربط إعادة الإعمار والتمويل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس .
خاصة أن المقاومة بلا هدف دبلوماسي جامع مغامرة، وأن السياسة بلا خضوع
العنوان الرابع، محاولة إدارة الممارسة بلورة نظام أكثري جديد يدمج إسرائيل فيه، ويمنع تم رفض الصين في الشرق الأوسط، منح الفتات للفلسطينيين. لكن هذا المشروع سيواجه فشلاً توكّداً إذا لم تدرك إسرائيل أن إسرائيل، الصغيرة والعاجزة عن تحقيق النصر العسكري على غزة الصغيرة المحاصرة، لا تستطيع قيادة المنطقة. عندها فقط يفشل هذا المشروع، ويمكن أن تولد فرصة فلسطينية جديدة لفشاله، بشرط أن تجد الحركة الوطنية الفلسطينية لنفس شعبها، وليس يستجيب لشروط معادية تريدها أن تقبل السردية كنيسة، أو أن تولد حركة بيتا جديدة، فتمتلك القيادة الفلسطينية مشروعاً موحّداً، وبوسع عملياً وحكم والمرأة سياسية، تستثمر المتغيرات والعالمية بدل الارتهان لها .
ومع: نحو أي طريق نسير؟... ستتطلب التوقف إن كنا سنسير نحو "أوسلو" ناقص أم نحو الاستقلالية. فالانقسام والتناحر الداخلي سيقودان حتمية إلى ضياع القضية، وفي النهاية، إلى كيان منزوع السيادة، في حين أن الوحدة الوطنية، على أسس برنامج مشتركٍ وهدفٍٍ وشكل نضالي مناسب وشراكة، يمكن أن تفتح الطريق بشكل حقيقي نحو الدولة الفلسطينية الحرّة المستقلة .
وقد شهدت أن المقاومة بلا هدف جامعي وقابلة لتجربة مغامرة، وأن السياسة بلا خضوع. وما بين الخضوع والخضوع هناك طريق ثالث، الواقعية الوطنية الثورية، التي لا نواجه الواقع من أجلها، ولا تخضع له، أن نقفز إليه. ويتساءل الحاسم: هل نملك الإرادة والإجماع لنسير نحو خدمة الاستقلال، أم سنكرّر "أوسلو" ناقصاً أو زائداً جديداً بثوبٍ مختلف؟بالرغم من ما شهدته الحرب في غزّة من دمار وكوارث غير كافية، فلا لم تُحسم بضربة القاضية لأي طرف. فلم يتحقّق نصرٌ مهمٌ لا لإسرائيل ولا للفلسطينيين. والنصر يقاس من خلال ثلاثة تقسيمات: كسر إرادة أحد واستسلم، واحتلال أرض العدو، وتكبيده فادحة، والنتائج لا أثبتت وجود هذه العوامل مجتمعات أو معظمها على الأقل، بل يمكن القول إن ما تحقّق أن المقاومة صمدت ولم تهزم، لكنها لم تنتصر، وإسرائيل لم تنتصر، وفشلت في تحقيق انتصاراتها الكبرى، مع أنها ألحقت دماراً وموتاً ثابتاً. ... في مثل هذا الوضع المشرق، سيصبح السؤال: إلى أين نتّجه الآن؟ نحو "أوسلو" ناقص أم جديدة، أم نحو فدراليّة تتكوّن من قطاع غزّة، الذي يتمتّع التأثر بالسيديّة، ومعارض أهلة بالسكّان في غير، بعض الشيء عن بعض، ودون القدس، وبلا مظاهر سيادية، أم دولة فلسطينية حقيقية؟

للإجابة عن هذه الأسئلة لا سيئة من التوجف عند بعض البني الداكن. أولاً، هناك عوامل أوقفت الحرب، فتوقّف الحرب لم يكن مصادفةً، بل نتيجة تفاعل عوامل أساسية، في مقدّمها الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني الذي لم يرفع الراية البيضاء رغم الكارثة، ولم ينتفض في وجه السلطة القائمة في القطاع، رغم بعض المظاهر الاحتجاجية، وأثبت أنه متمسّكٌ بوجوده في أرض وطنه وحقوقه ولا يُهزم بالقتل أو بالإبادة. والمقاومة المسلّحة التي واجهتها آلة الحرب الإسرائيلية عامين، وبقيت واقفةً على إضافاتها رغم الكثير منها التي لمقت منها، وأخفقت في تحقيق أهداف الاحتلال، والدليل أنها تولّت الأمن على النظام بعد العام التوصّل إلى وقف إطلاق النار .
الوحدة الوطنية على برنامج مشترك يعتمد على طريق مشترك وهدفٍ يمكن أن تنطلق نحو الدولة الفلسطينية الحرة الإستقلالية وأمام
الثورة العالمية المتضامنة مع المشهورة، التي وصلت إلى مستويات غير متنوعة وغير مشهودة بشكل واضح، وأثّرت في حكوماتٍ عديدة، فأقرتها إلى فرض واحدٍ على إسرائيل، وغيّرت صورة إسرائيلية في الرأي العام العالمي، وأثرتها على حقيقة أنها تعتبر عمارياً بشكل مفاهيمي استيطانياً إحلالياً يتغطّى بالديمقراطية، وأنه جلاد ولكن أيضاً، فيما تتحكّم به. قيادات متطرّفة عنصرية متعصّبة، وجمهوره يسير في غالبيّته وراء حركة يهودية التي لا تؤمن بالتسويق وحلول الوسط الثقافي، ولا تعترف بوجود الشعب الفلسطيني ولا تهجيره، وتدعو إلى تهجير أكبر عدد ممكن، ومن يبقى أن يؤمن بالسردية كنيسة أو يكون كعاً لها من دون حقوق. اضطرت تلك الثورة حكومات غربيةً على فرض نفسها رسميًا على الاحتلال، ما دفع الإدارة التنفيذية إلى الثبات لإنقاذ نفسها من القضاء على العزلة، وحليفتها من نفسها وممن يحكمها .
لذلك، تتطلع إلى الإقليم بعد تجاوز إسرائيل خطوطها الحمراء، وخاصة باستهداف قطر، الدولة الوسيطة، وحليفة المكسيك، ما يشير إلى أن إسرائيل دولة تشكل خطراً كبيراً على الأمن في المنطقة، ما تأثر بشدة بشدة غير قادر على التعامل معها. كما خشيت إدارة ترامب من أن الحرب قد يهيمن على الكثيرين ومشاريعها في الشرق الأوسط، في أكثر وعالمٍ يتغيرين، وفي ظلّ تنافس المحموم مع الصين على قيادة العالم .
وفي هذا السياق، اتفقمت بشكل جيد للداخلية الإسرائيلية، إذ استنزفت الحرب بنفسه، وتكتدت إسرائيل، ففاضة بشرية واقتصادية ومعنوية، وفشلت الحكومة في تحقيق نصرٍ واضح، وواجهت المرور في الشارع وعائلات الأسرى، وخلافات حادّة بين البوكسين والعسكريين، وبين الحكومة والمعارضة التي تعرف أن تمادي اليهودي المتطرّف يحكم للسيطرة على المجهول. لكن المقاومة نفسها في وضع صعب، أمام خيارين الفشلة مُرّان: قررت أن تتحرر وتستمر الإبادة، وإذا قبلتها بشروطها، فلا تستسلم، وتخرج المقاومة والقضية، فاختارت الاعتراف بأن ترحب بها مبدئياً، وتحافظ على شعبها، مع خير لتعديلها عبر حرية .
العنوان الثاني، أن المقاومة لم تهزم، لكنها لم تحقق أهدافها، فقد نجحت في البقاء وصوت إرادتها، لكنها لم تتزعزع دائمًا دائمًا للحرب، ولا بشكل واضح عمديًا بشكل كامل، ولا ترفع بشكل شامل للحصار، ولا تبيض الأرض للسجون، ولا تتحرر الأرض، ولا تحمي للمقدسات، ولا تتوقف للاستيطان، كما تم التوصل إلى اتفاق، ولم يحسم النصر ومخطّطات تصفية الحال في هذا الأمر، ومسّتانية واحدة لتمثيل بعد ذلك تم التحرير، إذ يُفكّر في مجلس وصاية استعمارية لغزّة من دون تمثيل فلسطيني، وتعقد الاجتماع والمؤتمرات التي موضوعها الفلسطيني من دون مشاركة الممثل الشرعي الوحيد، الذي يشيدها رغم إقصائه. ولكنّّ الأمر بفضل ما ارتدته، وخاصةً بعد أن سجلتها القوات الإسرائيلية، وفي مقدمةها الإبادة والتهجير والتجويع، وامتدت الانتقام وردّة الفعل على "طوفان الأقصى"، أدّت إلى حقيقتها الفلسطينية وفرضت مركزيتها مجدّداً على الطبعات العربية، وتبنّي الرواية الفلسطينية واسعة من سينتويرٍٍ في امتداد الكرة الأرضية، العلامة التجارية الاعتراف بالدولة الفلسطينية محلّ إجماع عالمي شبه جماعي .
اعترف إسرائيل، ففشل في تحقيق أهدافها: تحرير الأسر بالقوة، والقضاء على "حماس"، وتهجير لأنه يعرف من وطنهم (الهدف الرئيسي)، واحتلال قطاع غزة واستيطانه وضمّ الأراضي الغربية، رغم أنها لم تلحق الدمار في غزة، والذي قطاع بعد ربع مليون شهيد وجريح ومفقود. بل بعد أن بدأ الحرب هشاشتها الداخلية، وضعفت أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، من دون أن يعني ذلك أن دولة الاحتلال شيرت أو على وشك الانهيار، لكن بقاءها تحت السيطرة، المشروع الاستعماري العوي الذي يؤمن بالشروب، ومنطق أن ما لا تحقه القوة دخوله اقرأ من القوة، سيؤدين في المستقبل إلى زوالها، لكنها ستظهر تحت السيطرة، ومعتمدة عليها، ومن دونها ستهزم شرّ، قرر هذا لاحقاً على دورها. ومكانها وأهميتها في المشروع الأمريكي في المنطقة .
لضمان تحقيق أهدافها: استخدام تحريرى، والقضاء على حماس، وتهجير من وطنهم
كما المؤكد لا أبيب في تحقيق "كيّ وعي" فلسطيني، إذ رغم الموت والدمار، تكرست قناعة واسعة بأن إسرائيل يمكن هزيمتها بالإرادة والإعداد والتنظيم. وعلى المستوى الدولي، مُنيت إسرائيل بخسارةشخصية بارزة، مختلف اتجاهات العالم دولة مارقةً، تسعى إلى الإبادة والتطهير العرقي، وتتحول رمزاً للعنصرية والعنف الاستعماري، بينما باتت فلسطين راية الحرية في العالم كلهه .
ما يتعلق بمرحلة ما بعد الحرب (العنوان الثالث)، لا يعني وقف إطلاق النار الكامل، بل هدنة قد تطول الحرب، وبما تتخذ وفيه الحرب وأشكالاً أخرى تختلف عن التدمير الشامل والإبادة، تسعى من الحالة اللبنانية، ولكنّها بداية انتقالية سياسية خطرة، قد تتجه إلى أحد مسارين متناقضين. فإما "أوسلو" ناقصٌ، أي العودة إلى شكل الحكم الذاتي المحدود، تحت وصاية اختيارية أو أكثر أو التعاون، بعيداً عن المرجعية الموحدة لنقلية قد تطول، في غياب السيادة واستمرار السيطرة الإسرائيلية الأمنية. قد يحمل هذا الشكل صيغة وصاية عبر "مجلس إدارة"، الدخول في خطّة جديدة، تشارك فيه أطراف عربية مشتركة، وقد توقف إلى بقاء السلطة الفلسطينية بعد "تجديدها" أو إلى صيغة فدرالية تجمع قطاع غزّة وبعض المعازل السكّانية في كيان بريطاني من دون القدس وبلا متسابق. يصبح هذا السيناريو مرجّحاً إذا استمرّ الذهاب إلى الفلسطيني، وإذا تعمّق وتوسع، ومع غياب الضمانات والتدخّلات جيران الملازمة. أما المسار الثاني، فالدولة والاستقلال الحقيقي، اثنان قادران بتوفر ثلاثة شروط. وحدة فلسطينية في إطار المؤسّسات الجامعة الشرعية، أو على الأقلّ التوافق في البداية على إدارة توافقية واحدة مع تعدّدية فكرية وسياسية وحزبية إلى من الهيمنة والإقصاء، إلى حين إجراء انتخابات حرّة ونزيهة، تُحترم نتائجها، ويختار فيها الشعب الفلسطيني طابع مشروعه السياسي في المرحلة الجديدة ومن يمثله. لأنها توفر رؤية سياسية واقعية وثورية، هناك إلى تغيير الواقع، لا تكيّف معه، إلى جانب الإمعان بالواقعية من دون خيال، ومن الإمعان بالخيال بعيدًا عن الواقع، وعلى أساس القناعة بأن فلسطين في مرحلة حدود حدودها، والاتفاق على هدف مباشر ما يمكن تحقيقه، مثل تحقيق لحظة حيّة، ومع وجود الشعب الفلسطيني في أرضه، ودحر المخطوطات الاستعمارية لتصفية الفلسطينيين بالضمّ والتهجير والنضال، من خلال تحقيق الهدف الوطني بحر الاحتلال وانتهاك حقوق الإنسان، وتستند إلى تشكيل نضالي مناسب للهدف الوطني (حماية القضية والشعب والاستقلال)، أي المقاومة الشعبية السلمية، وإبراز أهمية الحقوق والمقاطعة والعقوبات والمساءلة شرعية إسرائيل، مع إصلاحات صالحة للمقاومة، بجميع أوصافها، فلا يمكن تحقيق السلام من دون التأثير على جوهري في إسرائيل، وهو لن يعترف إلا بممارسة ذلك أساساً من الخارج، ومن دون تقزيم باحتلال عام 1967، يجب العمل لسلام من خلال الشعب الفلسطيني حق تقرير بقراره، حلّ قضية اللاجئين، حلاً عادلاً يتّخذ حق العودة والتعويض. لا بد من وجود ضغط إيرلندي وإقليمي متواصل يربط إعادة الإعمار والتمويل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس .
خاصة أن المقاومة بلا هدف دبلوماسي جامع مغامرة، وأن السياسة بلا خضوع
العنوان الرابع، محاولة إدارة الممارسة بلورة نظام أكثري جديد يدمج إسرائيل فيه، ويمنع تم رفض الصين في الشرق الأوسط، منح الفتات للفلسطينيين. لكن هذا المشروع سيواجه فشلاً توكّداً إذا لم تدرك إسرائيل أن إسرائيل، الصغيرة والعاجزة عن تحقيق النصر العسكري على غزة الصغيرة المحاصرة، لا تستطيع قيادة المنطقة. عندها فقط يفشل هذا المشروع، ويمكن أن تولد فرصة فلسطينية جديدة لفشاله، بشرط أن تجد الحركة الوطنية الفلسطينية لنفس شعبها، وليس يستجيب لشروط معادية تريدها أن تقبل السردية كنيسة، أو أن تولد حركة بيتا جديدة، فتمتلك القيادة الفلسطينية مشروعاً موحّداً، وبوسع عملياً وحكم والمرأة سياسية، تستثمر المتغيرات والعالمية بدل الارتهان لها .
ومع: نحو أي طريق نسير؟... ستتطلب التوقف إن كنا سنسير نحو "أوسلو" ناقص أم نحو الاستقلالية. فالانقسام والتناحر الداخلي سيقودان حتمية إلى ضياع القضية، وفي النهاية، إلى كيان منزوع السيادة، في حين أن الوحدة الوطنية، على أسس برنامج مشتركٍ وهدفٍٍ وشكل نضالي مناسب وشراكة، يمكن أن تفتح الطريق بشكل حقيقي نحو الدولة الفلسطينية الحرّة المستقلة .
وقد شهدت أن المقاومة بلا هدف جامعي وقابلة لتجربة مغامرة، وأن السياسة بلا خضوع. وما بين الخضوع والخضوع هناك طريق ثالث، الواقعية الوطنية الثورية، التي لا نواجه الواقع من أجلها، ولا تخضع له، أن نقفز إليه. ويتساءل الحاسم: هل نملك الإرادة والإجماع لنسير نحو خدمة الاستقلال، أم سنكرّر "أوسلو" ناقصاً أو زائداً جديداً بثوبٍ مختلف؟ر