ترجمة الحدث
نشر موقع "والا" العبري تقريرًا حول الدور المصري في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مشيرًا إلى أن جولات التفاوض التي استضافتها القاهرة أسهمت في تعزيز مكانتها الإقليمية ومنحت الرئيس عبد الفتاح السيسي دفعة سياسية جديدة، مكّنته من تثبيت موقع مصر كفاعل مركزي في الشرق الأوسط. ووفقًا للتقرير، فإن العملية السياسية الجارية تضع القاهرة في موقع محوري للمشاركة في ترتيبات "اليوم التالي" في قطاع غزة، بالتوازي مع استمرار سياسة التسلح والتحديث العسكري التي يقودها السيسي منذ سنوات، في إطار مساعيه لإعادة بناء القوة المصرية وتوسيع نفوذها الإقليمي.
يشير التقرير إلى أن الرئيس المصري نفذ خلال الأعوام الأخيرة خمسة تغييرات رئيسية في بنية الجيش المصري، عكست توجهًا واضحًا نحو بناء قوة عسكرية حديثة ومتعددة القدرات. التغيير الأول تمثل في تعزيز سلاح المدرعات من خلال صفقات كبرى، أبرزها صفقة مع الولايات المتحدة بقيمة خمسة مليارات دولار لتحديث الدبابات وتطوير قدرات القوات البرية عبر شراء صواريخ وذخائر موجهة، في مسعى لإعادة توازن الردع البري في المنطقة.
أما التغيير الثاني، فيتمثل في توسيع الانتشار العسكري في شبه جزيرة سيناء تحت شعار "مكافحة الإرهاب". غير أن بعض الأوساط الإسرائيلية ترى أن هذا التوسع يتجاوز ما نص عليه الملحق الأمني في اتفاقية كامب ديفيد، خاصة مع نشر دبابات ووحدات جديدة وبناء بنية تحتية عسكرية تشمل طرقًا وقواعد وملاجئ ومهابط للطائرات وتطوير مطارات قائمة. ويعكس هذا التوجه رغبة مصرية في ترسيخ السيطرة الميدانية الكاملة على سيناء وضمان عمق دفاعي آمن على حدودها الشرقية.
وفي ما يتعلق بالتغيير الثالث، أشار التقرير إلى أن القاهرة تعمل على تنويع مصادر التسليح وتعدد الموردين، لتجنب أي تبعية لبلد واحد يمكن أن يفرض حظرًا على بيع السلاح في حالات التوتر السياسي. واعتبر الموقع أن هذه الاستراتيجية تمثل تطورًا مهمًا في عقيدة التسليح المصرية، وتؤشر إلى رغبة في بناء استقلالية استراتيجية عن الولايات المتحدة والدول الغربية.
التغيير الرابع يتمثل في تطوير القدرات البحرية والجوية، سواء في البحر الأحمر أو البحر المتوسط، حيث واصلت مصر شراء طائرات وغواصات حديثة واستيعاب سفن قتالية من طراز كورفيت، رغم التراجع النسبي في حجم الإنفاق العسكري مقارنة بنهاية العقد الماضي. ويُظهر هذا المسار سعي القاهرة إلى حماية مصالحها في الممرات البحرية الاستراتيجية ومناطق الغاز شرق المتوسط.
أما التغيير الخامس، فهو تأسيس وحدات مشاة خفيفة مخصصة — بحسب وسائل إعلام مصرية — للتعامل مع حالات الطوارئ والدفاع عن النظام، بما يضمن استمرار السيطرة على مفاصل الاقتصاد والسياسة في الداخل. ويُفهم من ذلك أن السيسي لا يركّز فقط على التهديدات الخارجية، بل يسعى أيضًا إلى تحصين جبهته الداخلية وتعزيز قبضة الدولة الأمنية.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن مصادر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية رفضت التعليق المباشر على تفاصيل هذه التحولات، لكنها أكدت وجود حوار متواصل بين القاهرة وتل أبيب وواشنطن بشأن الملفات العسكرية والإقليمية. ويرى "والا" أن مصر تُعيد تموضعها كقوة إقليمية متوازنة، تجمع بين الوساطة السياسية في الملف الفلسطيني وتعزيز قدراتها العسكرية المستقلة، بما يجعلها طرفًا لا يمكن تجاوزه في أي ترتيبات تخص غزة والمنطقة ككل.