السبت  01 تشرين الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إسرائيل ومعضلة الضم والفصل/ بقلم: نبيل عمرو

2025-11-01 09:05:23 AM
إسرائيل ومعضلة الضم والفصل/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 
الضم.. يعني فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية أو أجزاء واسعة منها بما هو أبعد من المستوطنات.


والفصل.. هو تحويل العائق الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى فصلٍ دائمٍ ونهائي، بحيث لا مجال لقيام دولةٍ فلسطينيةٍ على الأراضي التي احتلت في العام 1967، وإذا ما أضيف للأجندة الإسرائيلية فصل القدس، الذي بدأ منذ الأيام الأولى لاحتلالها في حزيران 1967، فيكون الفصل في الحالة هذه شاملاً لكل الجغرافيا الفلسطينية، ويتخذ سمة وواقع التمزيق.


فيما يتعلق بالضم، فقد ظهر جلياً أن تجاوز التهديد به، إلى تطبيقه على الأرض، باتخاذ إجراءاتٍ تشريعيةٍ وإدارية وأمنية، لا بد وأن يكون باهظ الثمن على إسرائيل، ذلك أن الضم الرسمي إن تم بقرارٍ برلماني وحكومي، فهو إعلانٌ رسميٌ صريح بأن الدولة العبرية أعلنت نفسها دولة فصلٍ عنصري، وذلك لاستحالة المساواة بين مواطنيها اليهود، والمواطنين الذين سيتم ضمهم، وهم في هذه الحالة يعدون بالملايين.


إسرائيل التي فشلت في المساواة بين من ضمتهم إلى مواطنتها من عرب الـ 48، وبين من يشكلون الأغلبية السكانية من اليهود، ستفشل حتماً إذا ما أُضيف إلى المليوني فلسطيني حاملي الجنسية الإسرائيلية ضعف عددهم من الفلسطينيين.
كما أن للضم محاذير أخرى، منها إعاقة مسار "إبراهيم" سواءٌ فيما أُنجز منه أو ما يجري العمل أمريكياً على إنجازه أو استكماله، إضافةً إلى تعظيم عزلة إسرائيل الدولية، حيث العالم كله أدان سلفاً احتمالات الضم، وربما نشاهد عقوباتٍ على إسرائيل جرّاء القيام به.


إذا ما نُظر للأمر من زاوية ما يمكن أن يثير من أزماتٍ في إسرائيل، فبوسعنا قراءة خريطة المواقف الداخلية بما يشير إلى أن قرار الضم وتنفيذه لا يحمل أي مزايا لإسرائيل سوى إرضاء المتشددين المتزمتين والعنصريين فيها.


وفيما يتعلق بالفصل بين غزة والضفة، وهذا أحد الأهداف المبيتة من الحرب الإسرائيلية على غزة، فإن الفصل الجغرافي قائمٌ في الأساس، ولكنه ومنذ بداية القضية الفلسطينية لم ينل من وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة الالتزام بالأهداف الوطنية التي اعتنقها الشعب منذ البدايات، وحين وضعت غزة تحت وصايةٍ مصرية وبرعاية أخويةٍ وكذلك الأمر بالنسبة للضفة في العهد الهاشمي، فقد توطدت العلاقات الكفاحية بين فلسطينيي غزة وسائر الفلسطينيين في الضفة وحيثما وجدوا، وما من إطارٍ فلسطيني كفاحي، نشأ  منذ وقوع النكبة إلى يومنا هذا إلا وكان الاندماج الغزي فيه واضحاً وفعّالاً، سواء في زمن احتلال العام 1967، أو في زمن السلطة الوطنية، وهذا ما قلل من التأثير السلبي للفصل الجغرافي، الذي أقامته إسرائيل وما تزال تعمل على أن يكون دائماً ومانعاً لقيام الدولة الفلسطينية.


الفصل يمكن أن يكون دائماً إذا ما تنازل الفلسطينيون عن أساسات كفاحهم الوطني، وهويتهم ودولتهم، وهذا هو المستحيل بعينه، وهذا ما يتكرس في الواقع نقيضه تماماً، فالعالم يتبنى حل الدولتين، على أساس أن الدولة التي لم تقم بعد هي دولة الشعب الفلسطيني الواحد، والأرض الفلسطينية الواحدة.


ورغم هول الإبادة في غزة وجرائم الاحتلال والمستوطنين في الضفة والقدس، فإن الوقائع على الأرض الفلسطينية وفي المحيط العربي والفضاء الدولي الأوسع، تسجّل أن إسرائيل ومن خلال مواصلتها السعي للفصل بين غزة والضفة، إنما تسعى وراء مستحيل لا مسوّغ واقعياً لتحقيقه.


الضم إن واصلت إسرائيل أو القوى النافذة فيها الإعداد له، بغية تنفيذه في يومٍ ما وظرفٍ تقدر أنه مواتٍ، سيكون ذا مردودٍ مدمر، هكذا يقول زعماءٌ إسرائيليون وازنون، أمثال لبيد وغيره، أمّا حكاية فصل غزة عن الضفة، فإسرائيل تدرك أن مجرد المحاولة أمرٌ لا طائل من ورائه لأن وحدة الروح والانتماء والمصير لا تفصلها الجغرافيا مهما استبدت.