الحدث الفلسطيني
قدّمت الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي مشروع قرار شامل لإنشاء آلية دولية لإدارة انتقالية في قطاع غزة، تتضمن تشكيل ما يُسمى بـ”قوة تثبيت الاستقرار” تعمل بتنسيق مباشر مع كلٍّ من الاحتلال الإسرائيلي ومصر والسلطة الفلسطينية.
ووفق مصادر دبلوماسية في نيويورك، يُتوقع أن يُطرح المشروع للتصويت قريبًا، لكن ليس قبل الأسبوع المقبل. يستند المشروع إلى خطة النقاط العشرين التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أواخر سبتمبر/أيلول، وإلى ما سُمّي بـ”إعلان ترامب للسلام والازدهار المستدام”، الذي وُقّع خلال قمة شرم الشيخ في 13 أكتوبر/تشرين الأول، بمشاركة ترامب وعدد من القادة الإقليميين.
وتنص الوثيقة على أن القوة الدولية التي ستُنشأ في غزة ستكون مخوّلة بنزع سلاح الفصائل الفلسطينية. وبحسب النص، يعتبر مجلس الأمن أن الوضع في غزة “يشكّل تهديدًا للسلام والأمن الإقليميين”، ويقترح خطوات عملية لإعادة إعمار القطاع وتثبيت الأوضاع الإنسانية فيه، من دون تفعيل المادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، أي من دون منح تفويض باستخدام القوة العسكرية الملزمة من قبل الدول الأعضاء. تتضمن بنود المشروع الاعتراف الرسمي بالخطة السياسية والدعوة إلى تنفيذها “بشكل كامل ودون تأخير”، وإنشاء هيئة انتقالية دولية تُعرف بـ”مجلس السلام” (Board of Peace)، تتولى الإدارة المؤقتة للقطاع والإشراف على الأموال المخصصة لإعادة الإعمار، إلى جانب التحضير لتسليم الصلاحيات تدريجيًا للسلطة الفلسطينية بعد استكمال إصلاحاتها.
كما يشمل المشروع استئنافًا شاملًا للمساعدات الإنسانية بالتنسيق مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر، مع ضمان عدم استغلالها من قبل الفصائل المسلحة، على أن يتم تمويل الإعمار من خلال صندوق دولي بإدارة البنك الدولي والدول المانحة. ويقترح القرار كذلك إنشاء قوة دولية مؤقتة لتثبيت الاستقرار (ISF)، تعمل تحت قيادة موحدة خاضعة لمجلس السلام، وبتنسيق أمني مع الاحتلال الإسرائيلي ومصر، على أن يُموَّل نشاطها من المساهمات الدولية وآليات تمويل خاصة بالمجلس.
وتتألف هذه القوة من جنود من الدول المشاركة، وتُمنح صلاحيات محددة لحماية وقف إطلاق النار، ونزع سلاح الفصائل المسلحة، وتأمين المدنيين، ودعم إعادة تفعيل جهاز الشرطة في غزة. ويمتد تفويض مجلس السلام والقوة الأمنية حتى نهاية عام 2027، مع إمكانية التمديد بموافقة مجلس الأمن. وتشير مسودة القرار إلى أن القوة الدولية ستعمل بسلطات واسعة لكن ضمن حدود واضحة لنطاق تدخلها، وستنسق عملياتها ميدانيًا مع الاحتلال الإسرائيلي ومصر، “من دون المساس بالاتفاقيات الأمنية القائمة بينهما”.
وستكون مهامها الرئيسية ضمان استمرار الهدنة، ومنع عودة أي نشاط مسلح، وتنفيذ عملية تجريد القطاع من السلاح بما في ذلك تدمير البنى التحتية العسكرية ومنع إعادة بنائها، وفرض تفكيك دائم لأي تنظيم غير حكومي يحمل السلاح. كما ستكلف القوة بحماية المدنيين وقوافل الإغاثة، وتأمين الممرات الإنسانية ومرافقة شحنات المساعدات، إلى جانب تدريب كوادر شرطية فلسطينية جديدة بعد إخضاعها لفحص أمني دقيق، والتعاون مع جهات إقليمية ودولية في إعادة بناء المؤسسات المدنية وضمان السيطرة المدنية على المرافق المحلية.
وكشفت تقارير دبلوماسية الأسبوع الماضي أن القوة الدولية المقترحة ستتألف في الأساس من جنود من دول عربية وإسلامية، من دون مشاركة قوات غربية داخل القطاع، وفق ما نقل عن دبلوماسي غربي مطّلع على الاتصالات الجارية بشأن تشكيل القوة، مؤكدًا أن الجهد الأميركي لتشكيلها “معقّد سياسيًا وفنيًا”. وستكون مقرّ القيادة والتنسيق في قاعدة CMCC الأميركية في "كريات غات" داخل الأراضي المحتلة، والتي زارها في الأسابيع الأخيرة عدد من كبار المسؤولين الأميركيين منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار. وستُرسل كل دولة مساهمة ممثلين عسكريين إلى هذه المقرّة، ما يعني أن ضباطًا إقليميين سيعملون من داخلها، لتنسيق إدخال المساعدات الإنسانية وإدارة ملف الإعمار، في إطار هدفها المركزي المعلن: نزع السلاح الكامل من قطاع غزة.
