السبت  22 تشرين الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صفقة الغاز "العملاقة" بين إسرائيل ومصر على حافة الهاوية

2025-11-22 08:14:34 AM
صفقة الغاز
بنيامين نتنياهو أمام حقل ليفياثان للغاز الطبيعي، 31 يناير 2019 (فرانس برس)

متابعة الحدث

تتجه واحدة من أكبر صفقات الغاز الطبيعي بين إسرائيل ومصر إلى طريق مسدود، بعد أن تحولت إلى أداة في يد رئيس وزرا دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، وذلك لممارسة "المناكفة السياسية" ضد القاهرة. ويخشى أنصار نتنياهو من تأثير الصفقة على دعم اقتصاد مصر، ويرون أنها تشكل "حجر عثرة" أمام مخططات التهجير القسري للفلسطينيين من غزة.

ويضاف إلى ذلك مخاوف داخلية إسرائيلية من تأثير الصفقة السلبي على أسعار إمدادات الطاقة المحلية، وعدم حصولهم على "أسعار عادلة" للغاز في المستقبل. وقد دخلت الصفقة، التي تستهدف توريد نحو 130 مليار متر مكعب بقيمة 35 مليار دولار حتى عام 2040، نفقًا سياسيًا معقدًا في تل أبيب قبل أيام من موعد تنفيذها الحاسم المحدد في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

مصر تؤكد: إسرائيل لم تلتزم بزيادة التدفقات المتفق عليها

تكشف مصادر رفيعة بوزارة البترول المصرية أن إمدادات الغاز الإسرائيلي حاليًا تتراوح ما بين 850 مليون إلى مليار قدم مكعبة يوميًا، وهي ضمن اتفاقية توريد الغاز لعام 2019. وتؤكد المصادر أن الجانب الإسرائيلي لم يلتزم بالتحديث الذي أُدخل على الاتفاق في يوليو 2025، والذي كان يستهدف زيادة التدفقات تدريجيًا لتصل إلى 1.3 مليار قدم مكعبة يوميًا بنهاية 2025، ثم إلى 1.8 إلى ملياري قدم مكعبة يوميًا بحلول صيف 2026.

في البداية، بررت تل أبيب عدم زيادة التدفقات بمشاكل فنية، قبل أن تكشف الحكومة، بدعم من لجان في الكنيست، عن رغبتها في تجميد الصفقة الإضافية لوجود خلافات سياسية مع مصر حول ملفات غزة والوجود العسكري المصري في سيناء، بالإضافة إلى الرغبة في إعادة تعديل أسعار التوريد المستقبلية.

 تحرك مصري لتأمين البدائل: مناقصات ضخمة لاستيراد الغاز المسال

تُظهر مؤشرات سوق الغاز في القاهرة أن مصر تستعد لتراجع كبير في تدفق الغاز الوارد من الحقول الإسرائيلية، قد يمتد إلى توقف جزئي حتى صيف 2026. وفي خطوة استباقية، طرحت هيئة البترول المصرية مناقصة مطلع الأسبوع لاستيراد ثلاث شحنات من الغاز المسال من السوق الفورية للتسليم خلال نوفمبر.

كما اتفقت الهيئة مع شركات عالمية لتوريد 20 شحنة غاز مسال قبل نهاية العام لتعويض أي نقص محتمل، وبالتوازي مع ذلك، وُقعت اتفاقات لشراء نحو 125 شحنة غاز خلال عام 2026. وتأتي هذه الخطوات لتأمين بدائل بعد شهرين من تراجع معدلات الاستيراد عقب انتظام تدفقات الغاز الإسرائيلي. وبذلك، أصبحت مصر تستعد لتكون أكبر مستورد للغاز الطبيعي في الشرق الأوسط.

"مذكرة تفاهم غير ملزمة": الصفقة مهددة بالإلغاء دون غرامات

يفجّر خبير البترول حسام عرفات مفاجأة بتأكيده أن الحكومة الإسرائيلية قد تلجأ لإلغاء الصفقة الإضافية دون تحمل أية توابع مالية أو غرامات. ويعزو عرفات ذلك إلى أن الاتفاق الموقع لزيادة الواردات هو مجرد "مذكرة تفاهم غير ملزمة" للطرف البائع، ولم يدخل بعد حيز التنفيذ.

ويوضح عرفات أن إلغاء هذه الصفقة لا يوقف العمل بالاتفاق الأصلي لتوريد كميات تصل إلى مليار قدم مكعبة يوميًا، والذي ينتهي عام 2035. كما يؤكد أن حكومة نتنياهو حولت هذه الصفقة الاقتصادية إلى "لعبة سياسية" تهدف إلى توظيفها للبقاء في السلطة وتجنب الملاحقات القضائية والفشل الأمني.

ضغوط دولية: شركاء حقل "ليفاثان" يطالبون بالتزام حاسم في 30 نوفمبر

في المقابل، يرى خبير البترول أن نتنياهو قد لا يستطيع إيقاف التصدير بسبب الضغوط الهائلة من الشركاء المالكين لحقل "ليفاثان"، وعلى رأسهم شركة شيفرون الأمريكية. ويرى هؤلاء الشركاء في الصفقة ضمانة لتصدير 130 مليار متر مكعب من الغاز لمصر حتى 2040 وتحقيق عائد بقيمة 20 مليار دولار، في ظل عدم وجود بديل مجدٍ لتصدير تلك الكميات غير الشبكة المصرية للغاز.

وقد طلب الشركاء في الحقل الإسرائيلي من حكومة تل أبيب موعدًا نهائيًا في 30 نوفمبر الجاري للحصول على موافقة وزارة الطاقة لتوسيع قدرات الحقل واعتماد مسار خط الأنابيب البري إلى الحدود المصرية. ويؤكد عرفات أن الضغوط الفنية والمالية التي يمارسها وزير الطاقة الأمريكي الداعم للصفقة ستدفع إسرائيل لتنفيذ الاتفاق رغم هشاشته القانونية، لعدم امتلاكها بدائل للتصدير.

المصادر المصرية: تهديد إسرائيل بالتصدير لقبرص "فرقعة إعلامية"

وفي سياق متصل، أكد مصدر قيادي بشركة الغاز المصرية أن تهديد إسرائيل بتصدير الغاز إلى قبرص أو أطراف بديلة لأوروبا عبر اليونان هو أمر "غير منطقي ويستهدف الاستهلاك السياسي"، حيث يحتاج إلى شبكة نقل بتكلفة تصل إلى 10 مليارات دولار بعائد مادي ضعيف.

وأشار المصدر إلى أن تجاهل مؤسسة الرئاسة والحكومة للرد على التهديدات الإسرائيلية بقطع الغاز عن مصر يعكس عدم رغبتها في منح نتنياهو فرصة للمزايدة السياسية، وإذا ما نفذت إسرائيل تهديدها، فإنها ستكشف أمام العالم عدم التزامها باتفاقاتها التجارية. وقد عقدت قيادات عسكرية وباحثون اقتصاديون وخبراء بترول اجتماعات مكثفة لوضع بدائل لتخفيف الاعتماد على الغاز الطبيعي، والتوجه نحو عقود طويلة الأجل لتنويع موردي الغاز المسال.