الحدث العربي والدولي
أثار اعتقال رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، أحمد نجيب الشابي (81 عاماً)، من منزله، الخميس، تنفيذاً لحكم غيابي صادر ضده في قضية "التآمر على أمن الدولة"، موجة تضامن غير مسبوقة وردود فعل سياسية واسعة، دفعت القوى المعارضة إلى التنسيق والدعوة للوحدة والتحرك المشترك.
وصفت هيفاء الشابي، ابنة المعارض البارز، تفاصيل عملية الاعتقال، مشيرة إلى أن والدها كان هادئاً ومستعداً "للحظة المنتظرة"، قائلاً لها: "سأذهب الآن إلى السجن". وقد ارتدى معطفه وحمل محفظته قبل اقتياده إلى سيارة الشرطة.
وأوضحت الابنة أن الحكم الصادر ضد والدها كان غيابياً، إثر مقاطعته لجلسات الطور الابتدائي والاستئنافي، مؤكدة أنه سيتم الاعتراض على الحكم.
وتوقعت الشابي أن خروج والدها وبقية السجناء السياسيين لن يكون بقرار قضائي، بل بـ "قرار سياسي والسلطة هي التي تقرر متى". وشددت على فخر والدها بموجة التضامن وتوحيد الجهود التي ستتجسد في مسيرة موحدة السبت المقبل ضد "الظلم".
"نهاية الاستبداد قريبة".. والمعارضة تدعو للتنسيق الميداني
من جانبها، أكدت عضو جبهة الخلاص الوطني، عنايات مسلم، أن اعتقال الشابي "يبشر باقتراب نهاية الاستبداد الذي وصل إلى آخر مراحله". وشددت على أن العمل في الجبهة "مستمر رغم اعتقال رئيسها"، وأن النضال الحقيقي ينطلق الآن ولن يتوقف. كما أشارت إلى وصية الشابي لها شخصياً بمتابعة خلية التضامن الشعبي.
على صعيد التنسيق، أكد وسام الصغير، الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري (الذي شارك الشابي في تأسيسه)، أن المعارضة بصدد التشاور وتنسيق الجهود للعمل المشترك والتحرك الميداني. ودعت القوى السياسية، كخطوة أولى، إلى مشاركة واسعة في مسيرة يوم السبت المقبل.
أشار الصغير إلى أن محاكمة الشابي "تجري ظلماً"، لكن اعتقاله "لا يخلو من رسائل وصور رمزية" وهو يحمل حقيبته للذهاب إلى السجن. مؤكداً: "من قضى 60 عاماً من النضال والكفاح... لا يخشَ السجن"، ومبيناً أن الشابي ردد وهو ذاهب: "أنا متفائل".
وأضاف الناطق باسم الحزب الجمهوري أن مرحلة سياسية مهمة في تونس بصدد التشكل بعد سنوات من التشتت، مشيراً إلى أن المشاورات الأخيرة تمثل "حلقة متقدمة لوضع حد لحالة الانقسام"، بهدف تشكيل مسار جديد ومواجهة الاستبداد. ورأى أن اعتقال الشابي سبقه اعتقال المحامي العياشي الهمامي، وقد نتج عن ذلك "نوع من صحوة الضمير" والتضامن الواسع.
تراجيديا و"عبثية" في المشهد السياسي
ويرى الباحث في الفلسفة السياسية وعلم الاجتماع، ماهر الحنين، أن "المناخ العام تراجيدي ولا يخلو من عبثية"، خاصة بعد موجة الاعتقالات وفي ظل الخطاب الرسمي للسلطة.
وأكد الحنين أن "المقاومة للوضع السائد موجودة، والمعارضة صامدة ومستعدة للتضحية"، معتبراً هذا الطريق هو سمة الحركات الاجتماعية الديمقراطية.
ملف "التآمر على أمن الدولة": خلفية القضية
تعود قضية "التآمر على أمن الدولة" إلى فبراير/شباط 2023، حين أوقفت السلطات التونسية مجموعة من السياسيين المعارضين والمحامين ونشطاء المجتمع المدني. ووجهت إليهم تهماً خطيرة، منها: "محاولة المساس بالنظام العام وتقويض أمن الدولة"، و"التخابر مع جهات أجنبية"، و"التحريض على الفوضى أو العصيان". وينفي محامو المتهمين صحة هذه الاتهامات.
ومن أبرز المشمولين في القضية شخصيات قيادية وسياسية مثل نور الدين البحيري (حركة النهضة)، ورضا بلحاج (رئيس الديوان الرئاسي الأسبق)، وعصام الشابي (الأمين العام للحزب الجمهوري)، وغازي الشواشي (الوزير الأسبق)، إضافة إلى شخصيات أخرى من جبهة الخلاص الوطني.
المصدر: الحدث/ وكالات
