الحدث - هداية الصعيدي – محمد ماجد
منذ ساعات الصباح الباكر، يحاول الشاب أدهم أبو ندى (30 عامًا)، أن يجذب المتسوقين إلى "بسطته" (لوح خشبي) التي يعرض عليها حقائب مدرسية وبعض المستلزمات الدراسية، من خلال ترتيب محتوياتها بشكل ملفت وجذّاب.
ورغم محاولات الشاب المتكررة في استقطاب الزبائن، إلا أنه يشتكي من حالة ركود حادة في الحركة الشرائية، عشية بدء العام الدراسي الجديد.
ويقول أبو ندى، لوكالة الأناضول:" حركة السوق ضعيفة جدًا، نتمنى أن تكون أفضل حالاً خلال الساعات القليلة المتبقية على انطلاق الدراسة".
ويتابع أبو ندى بعد أن أعاد باقي نقود لزبونة ابتاعت منه قنينة مياه لطفلها:" خلال الأيام الماضية لم نشهد أي حركة شراء، بسبب تضارب الأنباء حول بدء العام الدراسي، ورغم إعلان أونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) عن افتتاحه في موعده إلا أن الحركة الشرائية بالكاد تحسنت قليلا".
وكانت وكالة "الأونروا" قد أعلنت نهاية الأسبوع الماضي، عن افتتاح العام الدراسي في موعده (غدًا الاثنين) بعد أسابيع من تحذيرات أطلقتها عن إمكانية تأجيله بسبب وجود عجز مالي بقيمة 101 مليون دولار في ميزانيتها، بعد أن حصلت خلال الأسبوع الماضي على مبالغ مالية وصلت لـ 78.9 مليون دولار.
وأشار أبو ندى إلى أن الفلسطينيين يبحثون عن المقتنيات الأرخص ثمنًا، دون النظر إلى جودتها، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان القطاع.
ويشتكي التجار الفلسطينيون من حالة ركود كبيرة في الأسواق، أرجعوا أسبابها لانتشار الفقر والبطالة في صفوف الغزّيين، واستمرار الحصار الإسرائيلي منذ نحو ثماني سنوات، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وفي متجر "المُنى"، أحد أشهر محال بيع الزي المدرسي، وسط مدينة غزة، انشغلت بعض النسوة في اختيار الملابس لأطفالهن.
ويقول رمزي صقر (28 عامًا) أحد مالكي المتجر، إن حركة الشراء في محلّه شهدت خلال اليومين الماضيين انتعشًا بسيطًا، موضحًا أن عدم معرفة موعد بدء العام الدراسي انعكس سلبًا على حركة الشراء بشكل ملحوظ خلال هذا الموسم.
وتابع لمراسلة الأناضول:" هناك إقبال من الزبائن، لكنه يبقى ضعيفًا جدًا مقارنة بالأعوام الماضية".
واستدرك:" أصبح الناس الآن يشترون زيّا واحدًا لأبنائهم على مدار العام، على عكس الأعوام السابقة، حيث كانوا يشترون بديلا للزي".
وفي 22 مايو/أيار الماضي، أصدر البنك الدولي، بيانا قال فيه إنّ "نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43 %، وهي الأعلى في العالم، وأن نحو 80 % من سكان القطاع يحصلون على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، ولا يزال 40 % منهم يقبعون تحت خط الفقر".
وأمام أحد محال بيع الأحذية، كانت ماريا حميد، تحاول أن تقنع صغيرها بالتوقف عن البكاء، وأنها ستصطحبه غدًا للسوق مرة أخرى، لشراء حذاء كما يريد.
وتقول الأم لأربعة أبناء، إن زوجها الموظف لدى لحكومة غزة السابقة لا يتقاضى راتبه، واضطرت لاستدانة بعض المال من والدتها لشراء بعض مستلزمات العام الدراسي الجديد.
وأضافت لمراسلة الأناضول:" لقد اشتريت لأبنائي الزي المدرسي فقط، لا أستطيع شراء حقائب أو أحذية، فالمبلغ الذي اقترضته لا يكفي لذلك".
ووفق حميد، فإنها الآن في حيرة من أمرها، حول كيفية تدبير النقود الكافية لشراء القرطاسية لأبنائها.
ولم يتلقّ موظفو حكومة غزة السابقة، البالغ عددهم نحو 40 ألف موظف، رواتب من حكومة الوفاق الفلسطينية التي تشكلت قبل عام، باستثناء دفعة مالية واحدة بلغت قيمتها 1200 دولار أمريكي، حصل عليها الموظفون المدنيون فقط في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2014.
وتصرف وزارة المالية في غزة، التي تشرف عليها حركة حماس، على فترات زمنية تمتد لشهر أو شهرين دفعات مالية لهم، دون أن تفصح عن مصادر التمويل.
وسيضطر رائد إبراهيم، إلى إرسال أطفاله غدًا إلى مقاعد الدراسة بثياب العام الدراسي الماضي، رغم أنها تبدو مهترئة، حسبما يقول لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء.
ويقول إبراهيم (46 عامًا) الأب لستة أطفال:" كنت أعمل في محل لبيع الخبز والمعجنات، واضطر صاحب المخبز للاستغناء عن بعض عمّاله، وكنت أنا أحدهم، ما زلت أبحث عن عمل آخر ولكنني لا أجد".
ويشعر الأب بحسرة لأنه لا يستطيع إدخال الفرح والتشجيع على قلوب أبنائه، مع بدء العام الدراسي الجديد، على حد وصفه.
وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة، منذ فور حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في الانتخابات البرلمانية، عام 2006، ثم شددته في منتصف عام 2007.
وتستمر إسرائيل في حصارها رغم تشكيل حكومة توافق وطني أدت اليمن الدستورية أمام الرئيس محمود عباس في الثاني من يونيو/ حزيران الماضي.
الأناضول