خبراء: رخصة الجيل الثالث للهواتف النقالة ستُحقق ثروة تقنية في فلسطين
مواطنون: آمالنا معلقة على "الأسعار" باستخدام هذه الخدمة
غزة-محاسن أُصرف
أجمع خبراء ومسؤولون في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن الحديث عن إطلاق رخصة الجيل الثالث للهواتف النقالة في فلسطين إذا ما تم واقعاً، فإنه سيؤدي إلى تحريك المنافسة في سوق الإنترنت وستُنمي قطاع الاتصالات.
وعلى مدار سنوات طويلة اضطر الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الاشتراك لدى الشركات الخلوية الإسرائيلية رغم أسعارها المرتفعة، فقط للحصول على الإنترنت عبر هواتفهم الذكية، وقال خبراء في أحاديث منفصلة لـ "الحدث" إن عدم توفير ترددات الجيل الثالث في فلسطين، يحرم من خدمات وتطبيقات مهمة ومن شأنه أن يُعطل العجلة التنموية على الصعيد العملي والاجتماعي سواء في مجالات نقل الصوت والصورة أو توفير الخدمات عالية السرعة والدقة على الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية أو على صعيد توفير خدمات للشركات العاملة في مجال التكنولوجيا والاتصالات.
"الحدث" في سياق التقرير التالي ترصد واقع الاتصالات الفلسطينية وسعي الوزارة للحصول على حق تشغيل خدمات ترددات الجيل الثالث والرابع التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية وإن كانت بصيغة فضفاضة بعض الشيء.
اختراق مفاجئ
مؤخراً أبدت إسرائيل موافقتها على أن تكون فلسطين المالك للتردد الكهرومغناطيسي الذي يمكن من خلاله تشغيل الجيلين الثالث والرابع، لكنها رهنت التنفيذ بما يمكن أن يتمخض عن المفاوضات من حلول وبدائل، يؤكد زياد الشيخ ديب، مدير الإدارة العامة للتراخيص في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بغزة، أن الخدمة حق وليست منّة من الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى ترددات الجيل الرابع، وأضاف في مقابلة مع "الحدث" تشغيل الخدمة من شأنه أن يزيد من استخدام الإنترنت، والحصول على تطبيقات كثيرة مثل، GIS والخرائط وتوجيهها في الشوارع، ناهيك عن التطبيقات البنكية مثل MOBILE BANCKING، والتي تُطبق حالياً من الحاسوب الثابت وغيرها من التطبيقات الاجتماعية.
ما زلنا نناقش الاقتراحات
فيما كشف وكيل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالضفة الغربية، سليمان الزهيري، عن اقتراح الجانب الإسرائيلي عروضاً جديدة لتزويد شركات الاتصالات الخلوية الفلسطينية بترددات الجيل الثالث، وقال في تصريح صحفي وصل "الحدث" نسخة عنه، إن الاقتراح الإسرائيلي كان نتيجة حملة أطلقتها الاتصالات الفلسطينية مطلع العام الجاري بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية والرباعية الدولية والبنك الدولي من أجل الضغط لتمكين الفلسطينيين من نيل حقوقهم في ترددات الجيل الثالث والرابع، وأضاف أنه اقتراح مغاير عما كانت تطرحه سابقاً بأن يتم استخدام البنية التحتية لشركات الهواتف النقالة الإسرائيلية، بحث اشتمل على تقديم حزم الترددات للجيل الثالثلشركتي الاتصالات الخلوية العاملة في فلسطين، على أن يتم تخصيص حيز آخر من الترددات يجري التشارك فيه بين الشركات الفلسطينية والإسرائيلية، لافتاً إلى أنهم رحبوا بالشق الأول من العرض وسيتم مناقشته مع الشركات الفلسطينية والجهات الدولية الداعمة التي تدخلت وضغطت على الجانب الإسرائيلي، وفيما يتعلق بإمكانية قبول الشق الثاني والذي تُحاول إسرائيل إقناع الفلسطينيين به منذ زمن وقبل التحرك الدولي أكد الزهيري أـنه لن يتحقق ولن يكون هناك محطات تقوية أو أبراج للشركات الخلوية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وأشار إلى أن المفاوض الفلسطيني سيسعى خلال لقاءات التفاهمات القادمة على إيجاد بدائل لا تضر بالمشروع الوطني.
تفتح مجالاً للإبداع
ويتوقع الشيخ ديب أن تسهم خدمات الجيل الثالث في تخفيض أسعار الانترنت بما يفتح المجال للأفراد الأكثر فقراً الحصول عليها والتمتع بتقنياتها العالية، داعياً إلى سرعة تطبيق القرارات الصادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات التي تدعو إسرائيل إلى تشغيل شبكات الإنترنت والكود الفلسطيني عن طريق الشركات الفلسطينية.
وفي سياق الحديث عن إمكانية تطوير قطاع الاتصالات بعد إدخال هذه الخدمة، أوضح الشيخ ديب، أن تمكين الفلسطينيين من استخدام هذه الترددات وما يخلفها من خدمات سيقود العاملين والطلاب المهتمين بقطاع التكنولوجيا والاتصالات إلى الإبداع في مجال تكنولوجيا المعلومات، مؤكداً أن الفلسطينيين أثبتوا وجودهم في مجال الإبداع التقني بالبرمجيات والاتصالات وإذا توافرت لهم الإمكانيات والمقومات الأفضل للاستخدام سيبهرون العالم بإبداعهم.
بين نقيضين
فيما انقسم الشارع الفلسطيني إلى فريقين متناقضين في آرائهم تجاه إدخال تقنية الجيل الثالث وتمتع الشركات الفلسطينية بتشغيلها على الهواتف النقالة، فمنهم من تفاءل ومنهم من أبدى تخوفاً كبيراً، ولعل الفريق الثاني مثّل الغالبية.
الصحفي والكاتب الفلسطيني هشام ساق الله، أبدى تخوفاً كبيراً وتساءل: "هل يُمكن أن تُفلح الشركات الفلسطينية في الانتقال للجيل الثالث خاصة بعد سوء خدماتها في الجيل الثاني؟"، وأوضح في تدوينة له على موقعه الإلكتروني "مشاغبات" أن الأسعار العالية للخدمات التي تُقدمها الشركة الوحيدة العاملة في مجال الاتصالات الخليوية "جوال" وخاصة في مجال الإنترنت ورسائل الميديا تجعله أكثر قلقاً وتخوفاً من أن تكون أسعار الخدمة الجديدة بذات الجنون، لافتاً إلى أن استخدام الانترنت الدائم لدعم خدمات الجيل الثالث ستعمل على تضخيم الفواتير وستحد من استخدام الخدمة بشكل كبير، مؤكداً أن الحاجة ملحة لإيجاد منافسين في سوق الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بما يُحقق خدمة أفضل سواء في التكاليف أو سرعة الإنترنت.
ومن جهتها لم تُخفِ الطالبة في قسم الصحافة الإلكترونية بالكلية الجامعية بغزة، قلقها من تطبيق خدمات الجيل الثالث للهواتف النقالة، في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة والتعنت الإسرائيلي في إدخال الأجهزة والمعدات الخاصة بتقنيات الإنترنت وفقاً لذرائع أمنية، وقالت: "يُمكن للاحتلال أن يُكرر مسلسل المنع لأجهزة شركة الوطنية موبايل التي ما زال يمنع عملها في القطاع"، وأضافت في ظل احتكار شركة جوال لهذه التقنية سيكون من الصعب الاستفادة منها كثيراً نظراً لحالة الارتفاع الجنوني لدى الشركة في أسعار الإنترنت واستخدام وسائط التكنولوجيا الحديثة من رسائل مصورة ومحادثات متلفزة صوت وصورة.
حقوق تواجه بالتعنت الإسرائيلي
من جهته، قال د. حاتم حمّاد، الخبير في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن الحصول على ترددات الجيل الثالث والرابع أمر واجب وحق للفلسطينيين، وأضاف في اتصال هاتفي مع "الحدث" أن اتفاقية أوسلو كانت سبباً رئيسياً في تأخر الحصول على هذه الحقوق نتيجة للصيغة الفضفاضة التي مكنت إسرائيل من استمرار تعنتها في منع هذه الترددات وكافة التطورات التقنية في مجال الاتصالات حين أكدت على أن الحصول على الترددات يكون حسب الحاجة.
وحول الأسباب التي جعلت إسرائيل توافق في هذا الوقت على إطلاق خدمة الجيل الثالث في فلسطين، يرى حمّاد أنها لا تعدو وجود سعة في الترددات لديها واحتمالية انتقالها إلى الجيل الرابع، وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي سبق وأن عرض الموافقة على إدخال خدمات الجيل الثالث على أن يتم استخدام البنية التحتية لشركات الهواتف النقالة الإسرائيلية إلا أن السلطة رفضت كونه يتجاوز الحقوق الوطنية والاتفاقيات الموقعة، لافتاً إلى أن الوزارة طالبت بتخصيص ترددات على نطاقين بحيث يترك للشركات الفلسطينية المجال لتحديد أي تكنولوجيا تستخدم سواء الجيل الثالث أو الجيل الرابع، خاصة في ظل الحديث عن إمكانية إدخال الجيل الثالث لإسرائيل وإعلان بعض الشركات الدولية نيتها وقف إنتاج قطع غيار هواتف الجيل الثالث مع حلول عام2022.
نمو اقتصادي
وإلى ذلك يُشير د. معين رجب، أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الأزهر، إلى أن رأس المال البشري الذي تمتلكه فلسطين في مجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجة سيفتح الآفاق أمام الاقتصاد الوطني للنمو والازدهار، وقال لـ"الحدث" توفر خط نفاذ للإنترنت في أي وقت وأي مكان للشباب الشغوف بالتكنولوجيا والاتصالات سيُتيح لهم الاتصال بالأسواق الخارجية بما يُمكنهم تسويق مشاريعهم التكنولوجية الإبداعية للشركات الرقمية في كافة أنحاء العالم، وتابع: "ذلك لا يحتاج رؤوس أموال ضخمة بقدر حاجته للعقل البشري القائم على التعليم والتدريب"، وتابع دخول خدمات ترددات الجيل الثالث والرابع من شأنها أن تُنمي قطاع الاتصالات ليكون مورداً حقيقياً يمكن الاعتماد عليه في موازنات فلسطين مستقبلاً.
من ناحية أخرى أوضح أن خدمة الجيل الثالث ستُتيح فرص أعلى للمنافسة بين الشركات المزودة للخدمات خاصة في ظل معاناة المستهلكين من رداءة تشغيل الخدمات في الجيل الثاني، وفي هذا السياق دعا إلى مزيد من التخفيضات على الأسعار وتنويع العروض والخدمات التي تشمل الإنترنت المتنقل عبر الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية.