الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مآل الأفكار لا حاضرها..بقلم أحمد زكارنة

2015-09-15 11:11:44 AM
مآل الأفكار لا حاضرها..بقلم أحمد زكارنة
صورة ارشيفية

 

توغل مرض الطائفية في المجتمع العربي، وخروجه من حيز النخب إلى حيز العوام، ليس بالأمر الجديد، وإنما هو توغل واضح ومفروز منذ زمن بشكل دقيق، حد أنه كان وما زال "كرتاً رابحاً" في التضليل والفتنة بيد اللاعبين العابثين في مقدرات هذه المنطقة بكل طوائفها، مسلمة كانت أم مسيحية، متكئين على غرائزنا الاندفاعية تجاه الدين ومخرجاته، وذلك لدوافع عدة أهمها السيطرة.

الإشكال الأساس يكمن في انبهارنا واندفاعنا نحو الغرب وثقافته قولاً دون ممارسة، فالغرب الذي ننشد تسود مجتمعاته، العلمانية المؤمنة، والاقتصاد في كيان عنصري كالكيان الإسرائيلي لا يقبل أن يخرج عمّا جاء في التوراة، وكذا اقتصاد ألمانيا، لا يقبل أن يخرج عمّا جاء في البروتستانتية، والأمر ذاته لدى العم سام وحلفائه من المجتمعات الغربية.. في المحصلة يمكننا القول إن التشريع الديني لدى هذا الغرب هو المسيطر في التوجهات الاقتصادية قبل السياسية، دون إغفال عامل المصالح التي تتحكم بالعلاقات السياسية بين الدول والكيانات، وتحيد التشريع إن لزم الأمر. كل ذلك دون تفريغ للمفاهيم الدينية من مضامينها، أو المس بثوابت الهوية، مما قد يُعرض الكيانية الذاتية، لكل طرف على حدة، إلى التفكيك والانهيار.

في المقابل لا يسيطر على مجتمعاتنا سوى دراويش الفكر الطائفي، الساعين إلى اختصار الدين في طائفة بعينها، رافضين كافة محاولات النقد الذاتي، متصورين أن مقاومة التغيير عبر الجمود والتعصب والثبات ولو على الخطأ، ما دام يخدم مصالحهم، إنما هو من أبجديات التمسك بما يؤمنون، ما دفعهم وما زال لرؤية الأبيض أسوداً، والفضيلة رذيلة، والوطنية خيانة، ما يخرجنا قسراً عن سياقنا الحضاري والمعرفي.

الأمر إذن ليس في مبادئ التشريع ولا متنه، وأقصد السياسة الشرعية أو الشرعية السياسية، وإنما في ولاة الأمر، سواء الديني أو السياسي، وهو بالنسبة لنا نحن العوام، في الحقوق والواجبات الاجتماعية والاقتصادية والوطنية، وكذا في سؤال الهوية ومعادلته القدرية المرتبطة بالزمان والمكان، ما يعني أننا بحاجة ماسة لوقفة معمقة، لا أدعي العلم في أيِ من جوانبها، ولكن يكفي أن ننظر إلى أزمة الثقافة في مجتمعاتنا العربية، وما يصاحبها من أزمة قيم اجتماعية وسلوكية ومخرجات علاجها في محاولة لفهم مآل الفكر لا حاضره.