الحدث- محمد مصطفى-غزة
في مثل هذا الوقت من كل عام، يبدأ المواطنون من سكان قطاع غزة رحلة البحث عن أفضل وأجود أنواع زيت الزيتون، لشراء ما يكفيهم منه طوال العام.
فالغزيون كما الحال في باقي أنحاء الأراضي الفلسطينية، يؤمنون بالمثل الشعبي الفلسطيني القديم "الزيت عماد البيت"، لذلك منهم من يدخر المال أشهر طويلة لتوفر ثمن "تنكة زيت"، ومنهم من يقترض ثمنها، وآخرون يشترونها ويسددون ثمنها على أقساط وهو الأكثر شيوعاً.
الاستعانة بخبراء
ونظرا لعمليات الغش الكبيرة التي بات تجار ومزارعون يقومون بها على هذه السلعة، بخلطها بزيت نباتية رخيصة مثل زيت فول الصويا، أو زيت عباد الشمس، بات المواطنون أكثر حذراً عند شرائهم للزيت، وبعضهم يستعين بخبراء للكشف عن الغش، وآخرون لا يؤمنون بشرائه إلا من المعاصر مباشرة.
ويقول المواطن عبد العزيز حسان، من سكان مدينة رفح، إنه يدخر منذ عدة أشهر ثمن "تنكة الزيت"، وقد بدأ مؤخراً بالبحث عن أفضل الأنواع، وأخذ عينات من أكثر من تاجر ومزارع وعرضها على الخبراء، لكنها لم تلق رضاهم، ونصحوه بعد الشراء، إما بسبب تعرض الزيت للغش، أو نظراً لرداءته، واستخلاصه من أنواع سيئة من الزيتون مثل زيتون(k18)، وهو أقل الأنواع كفاءة، نظراً لأن كثافة زيته خفيف ومذاقه لا يرضي الأذواق.
وبين أنه في النهاية اصطحب أحد الخبراء وتوجه إلى معصرة الزيت، ووقعت عينه على نوع معين من الزيتون "سري"، كان مالكه ينتظر دوره لعصره، فاتفق معه على شراء حاجته، مبيناً أنه انتظر حتى جاء موعد العصر، وعبأ "التنكة"، من صنبور المعصرة مباشرة، وقد حصل على نوعية ممتازة من الزيت، رغم أنه اضطر لدفع مبلغ أعلى.
ونوه حسان إلى أنه اشترى "تنكة الزيت"، مقابل 130 دينار أردني "أكثر من 700 شيكل"، وهو سعر مرتفع مقارنة بالسنوات الماضية.
ارتفاع كبير
ويقول أحد تجار الزيت إن هناك ارتفاع ملحوظ على أسعار الزيت هذا العام، وهذا يعود لثلاث عوامل، الأول قلة إنتاج الزيتون في العام الحالي، وبالتالي تراجع إنتاج الزيت، إضافة إلى إغلاق الأنفاق التي كان من خلالها يصل القطاع عشرات الأطنان من الزيت السوري والمصري، ما يسهم في خفض الأسعار، لافتا إلى أن عدم وصول كمكيات كافية من الزيت من الضفة الغربية يسهم في بقاء الأسعار مرتفعة.
ولفت أبو أحمد المصري، وكان يبيع زيت في إحدى الأسواق الشعبية، إلى أن هناك تباين في الأسعار ، حسب جودة الزيت، ونوعية الزيتون المستخرج منه، فالزيت المستخرج من الزيتون من نوع "سري"، يتربع على العرش كأعلاها ثمناً، ويتدرج الأمر من "شملالي" إلى "ضهيري" وأخرا (k18)، وهو أقلها سعراً.
أما عن الغش، فلم ينف المصري وجوده، مبيناً أن المواطنين باتوا يستعينون بخبراء، ومن الصعب أن يتمكن تاجر من تسويق زيته إذا كانت نسبة الغش فيه عالية وملاحظة.
إنتاج قليل
أما المزارع حسين الهسي، فأكد أن إنتاج الزيتون هذا العام اقل من الأعوام الماضية، لذلك فهذا انعكس سلباً على أسعار الزيت، وجعلها مرتفعة.
وبين الهسي أن الزيتون في العادة يفيض إنتاجه عام بعد عام، فالعام الماضي على سبيل المثال كان الإنتاج غزير، لذلك من الطبيعي أن يكون الإنتاج هذا العام ضعيف.
وتوقع الهسي أن يكون الإنتاج في العام المقبل أكبر، في حال هطلت أمطار غزيرة، وجاءت العوامل الجوية ملائمة، ولم تهب رياح موسمية حارة في موسم التزهير، خاصة وأن هذه الرياح تتسبب في تساقط الزهور قبل تحولها لثمار.
يذكر أن مناطق عدة في قطاع غزة بدأت تتجه لزارعة الزيتون، مثل بلدة الشوكة شرق رفح، في محاولة لتعويض النقص الحاصل، خاصة بعد أن جرفت قوات الاحتلال خلال السنوات الماضية آلاف الأشجار المثمرة.