الجمعة  17 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 51: تحلية مياه البحر.. خطوة أولى لحل مشكلة المياه في قطاع غزة

2015-11-10 12:12:06 AM
في العدد 51: تحلية مياه البحر.. خطوة أولى لحل مشكلة المياه في قطاع غزة
صورة ارشيفية

 

 منذر شبلاق: المرحلة الأولى من مشروع تحلية مياه البحر ستخدم 250 ألف نسمة في الأحياء الغربية لمدينة غزة

مازن البنا: عدم وجود تعهدات إسرائيلية بعدم التعرض للمشروع منعت الدول المانحة من تقديم الدعم اللازم وأجلت تنفيذه

 غزة- محاسن أُصرف

 أدت أزمة المياه التي يُعيشها سكان قطاع غزة إلى الاتجاه نحو إيجاد تحسينات من شأنها تعمل على توفير مياه جيدة وبصورة مستدامة، وفي عام 2002 أنشأت مصلحة مياه بلديات الساحل أول محطة لتحلية مياه البحر باعتبارها حلاً استراتيجياً لتحسين الواقع الكارثي للمياه في القطاع.

وفي ظل الأرقام التي تتحدث عن نضوب وتلوث الخزان الجوفي وارتفاع نسبة الملوحة ببعض مناطق القطاع إلى 1600 مليغرام/لتر، ناهيك عن تزايد كميات الاستهلاك بسبب تطور الحياة الديموغرافية في المجتمع الفلسطيني، أضحت الحاجة لمشاريع تحلية مياه البحر ماسة، ويُشير خبراء التقتهم "الحدث" إلى أهمية تلك المشاريع رغم إقرارهم بعِظم العقبات التي تقف دون تنفيذها والمتمثلة بالتكلفة العالية والقيود الإسرائيلية.

دوافع وعقبات

ويُشير مازن البنا، نائب رئيس سلطة المياه في غزة إلى أن استنزاف الخزان الجوفي الذي يضخ قرابة (200) مليون متر مكعب سنوياً من المياه كان سبباً في البحث عن مصادر بديلة تُسهم في حل مشكلة نضوب المياه وتلوثها في القطاع، لافتاً إلى أن تدهور الوضع السياسي في القطاع كان سبباً في منع الدول المانحة من التبرع للمشروع لعدم وجود ضمانات من الجانب الإسرائيلي بعدم التعرض للمشروع بالتدمير أو الاعتداء، وأضاف أن ذلك المنع دفع مصلحة مياه بلديات الساحل إلى إنشاء ثلاث محطات لتحلية المياه في غزة تُنتج قرابة (13) مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب ساهمت إلى حد بسيط في حل مشكلة المياه المتفاقمة في القطاع.

مشروع خزان الشيخ رضوان

ومن جهتها تبنت مصلحة مياه بلديات الساحل بالتعاون مع بلدية غزة وسلطة المياه الفلسطينية مشروع تحلية مياه البحر كخطوة أولى لحل مشكلة المياه في مدينة غزة، وأوضح منذر شبلاق، مدير مصلحة بلديات الساحل أن الخطوة الأولى لتبني المشروع كانت في يونيو الماضي بتنفيذ المرحلة الأولى عبر إنشاء خزان مياه في منطقة الشيخ رضوان بسعة (5000) متر مكعب وبتمويل بلغت قيمته (1.300.000) دولار، قدمه الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لدعم الشعب الفلسطيني بواسطة البنك الإسلامي للتنمية.

وشدد شبلاق على أهمية المشروع كونه سيُشكل مصدراً هاماً للمياه الصالحة للاستخدام، في ظل الأرقام التي تتحدث عن عدم صلاحية قرابة (95%) من المياه ووجود عجز يُقدر بمئة مليون متر مكعب سنوياً وقال لـ"الحدث": "الواقع الكارثي للمياه في غزة كان سبباً في إنشاء محطات تحلية للمياه وقاد إلى البحث عن مصادر جديدة يُمكن من خلالها تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في مجال تحلية مياه البحر".

تحسين واقع المياه

وأوضح أن مشروع المحطة سيُحسن نوعية المياه التي تُقدم لقرابة (250) ألف نسمة من سكان الأحياء الغربية من مدينة غزة كونهم الأكثر تضرراً من مشكلة ملوحة المياة وعدم صلاحيتها للاستخدام، وفي سياق متصل بيّن شبلاق إلى جدوى المشروع وأثره الإيجابي على الخزان الجوفي في ظل استمرار نضوبه وتلوثه بشكل كبير مؤخراً بعد عملية إغراق الحدود من قبل الجيش المصري.

وفيما يتعلق بقوة إنتاجية المحطة ألمح شبلاق أن محطة التحلية ستُنتج قرابة (10) آلاف متر مكعب من المياه الُمحلاة، وسيتم دمجها مع مياه الآبار التابعة لبلدية غزة في الخزان المزمع إقامته والانتهاء منه قبل حلول مارس 2016، ليتم بعد ذلك توزيعها على مناطق مخيم الشاطئ وغرب النصر، لحين استكمال مراحل المشروع.

عمل متواصل

ويُشير شبلاق إلى أن المصلحة بدأت تُحضر لإنشاء الخطوط الناقلة بالإضافة إلى 12 خزان في مختلف مناطق القطاع، وبيّن أن المحطة في مراحلها النهائية بحلول عام 2020 ستكون قادرة على إنتاج قرابة (55) مليون متر مكعب سنوياً وستتضاعف الكمية في مرحلة ثانية إلى (110) مليون متر مكعب.

وتبلغ تكلفة المشروع (500) مليون دولار موزعة على إنشاء الخط الناقل بتكلفة (140) مليون دولار، بالإضافة إلى (35) مليون دولار لتأهيل الشبكات الحالية، ناهيك عن توفير كميات من الطاقة الكهربائية بقيمة (40) مليون دولار، وكذلك نفقات البنية التحتية، وفي هذا السياق أوضح شُبلاق أن البنك الإسلامي للتنمية سيتولى دفع نصف التكلفة فيما سيُسهم الاتحاد الأوروبي بحشد دعم دولي وتوفير (16) مليون يورو من فرنسا والبقية سيتم توفيرها من الدول التي أبدت استعدادها لإعمار غزة خلال مؤتمر المانحين الذي عُقد العام الماضي في شرم الشيخ.

يُذكر أن الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع منظمة اليونيسف أنجز خلال مارس الماضي المرحلة الأولى من المشروع بتكلفة مالية قُدرت بـ(10) مليون يورو.

جهود فردية

وعلى صعيد الجهود الفردية ابتكر الباحث الفلسطيني ضياء أبو عاصي، جهازاً يُنتج مياه مُحلاة بتكلفة أقل من تلك التكلفة الناجمة عن إنتاج المياه العذبة بواسطة "التناطح العكسي"، التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة، وأشار أنه استخدم تقنية النانو فلتر، وهي تقنية تمتاز بتوفير الطاقة وتُعطي نسبة عالية من المياه العذبة مما يجعلها أقل تكلفة من تقنية التناطح العكسي، وفي وصفه لابتكاره يُؤكد أبو عاصي أن فكرة الجهاز تقوم على إضافة مُحسنات لتقنية التناطح العكسي كتخليص المياه من الأيونات عبر شحنات كهربائية تمتص الشحنات الموجبة الشحنات السالبة وتطردها، وبيّن الباحث أنه قام بتجربة التقنية قرابة 170 مرة حتى يصل إلى إنتاج مياه عذبة تتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية، وأضاف أن نسبة استخلاص المياه العذبة التي حصل عليها من مياه شديدة الملوحة أخضعها للتجربة بلغت (60%) وكانت نسبة توفير الطاقة المستخدمة في إنتاجها كذلك (60%).

ويأمل الباحث أبو عاصي بتبني مشروعه من قبل الجهات المعنية في مجال تحلية المياه ليكون نواة تأسيس لمحطة تحلية وطنية من شأنها أن تُخفف من كارثية الواقع المائي في قطاع غزة خاصة في ظل نضوب الخزان الجوفي وتلوثه.

جدوى اقتصادية

من جانبه تحدث الخبير الاقتصادي مُعين رجب، عن الجدوى التي تُثمرها مشاريع تحلية مياه البحر على الاقتصاد الفلسطيني، وقال لنا أنها ستوفر العديد من فرص العمل لآلاف الخريجين المُتعطلين عن العمل، وأشار إلى أن توفير كميات إضافية من المياه ستؤدي إلى إيجاد مشاريع استثمارية على المستوى الزراعي والصناعي من شأنها أن تُسهم في تطوير وتنمية الاقتصاد الفلسطيني، وبيّن أن توفير مياه صالحة للشرب بديلاً عن المياه الملوثة المسحوبة من الخزان الجوفي ستُعفي السلطة من إنفاق أموال طائلة تحت بند العلاج في الخارج.