السبت  05 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث": أبعاد زيارة سلام فياض إلى غزة

2015-12-03 10:31:51 AM
متابعة

غزة- محاسن أُصرف

ساعاتٌ قليلة جمعت رئيس الوزراء الأسبق سلام فيّاض بقيادات القوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة، نوقش خلالها مبادرة فكرية توجد حلولًا من شأنها أن تُخفف واقع المأساة في قطاع غزة والقضية الفلسطينية عمومًا- كما رأى مراقبون محليّون-.

ورغم أن الزيارة جاءت  تلبية لدعوة من مؤسسة بيت الحكمة التي يُديرها القيادي في "حماس" د. أحمد يوسف، إلا أن الآراء تباينت على المستوى الشعبي والرسمي منها، ورأى محللون أن ما أُثير حول الزيارة يأتي في إطار المناكفات السياسية بين الأطراف الفلسطينية المؤيدة والمعارضة لشخصية الرجل، فيما أشار آخرون إلى أنها حركت المياة الراكدة على الساحة السياسية الفلسطينية وسمحت بلقاء فكري مسبوق يُمكن أن يُعول على نتائجه بتحسين الواقع الإنساني للشعب الفلسطيني وتوحيد رؤيته للمستقبل السياسي.

الموظفون الفلسطينيين أكثر توجسًا من الزيارة وما تحمله من ترتيبات مستقبلية ونقلت "الحدث" انتقادهم لأي مبادرة يُمكن أن يُقدمها د. فيّاض لحل أو تخفيف أزمات القطاع مؤكدين أن"المؤمن لا يُلدغ من جحره مرتين"، وقال أمجد شراب موظف في وزارة الشباب والرياضة :"لا يُمكن لمن كان سببًا في أزمة الموظفين وقطع رواتبهم في السابق أن يأتي بحلول سحرية لها".

وعلى النقيض تمسك مصطفى أبو عصر بـ"شعرة معاوية" على حد قوله مؤكدًا أن الزيارة قد تتمخض عن أفكار يُمكنها أن تُنقذ الشعب من أزماته التي أحكمت ختاقها على حياته المعيشية والإنسانية.

لا مرحبًا به

في المقابل عبّر د. محمد صيام نقيب الموظفين العموميين في قطاع غزة عن رفضه واستنكاره للزيارة، وقال في بيان صادر عن نقابة الموظفين نشره على صفحته "فيس بوك" :"أن د. فياض لم يترك خيارًا للفلسطينيين لاستقباله بوجه حسن" مؤكدًا أنه كان سببًا في معاناة آلاف الموظفين الفلسطينيين حين نفذ أوامر الرئيس محمود عبّاس بقطع رواتبهم عام 2007، وقال في سياق البيّان الذي يُعبر عن وجهة نظر نقابة الموظفين العموميين في قطاع غزة:"أن فيّاض كان يمتلك فرصة لحل مشاكل القطاع حين كان في موقع مسئوليته لكنه تنصل لحقوق الشعب الفلسطيني"، وطالب صيام كافة المستويات الرسمية والسياسية في قطاع غزة بمقاطعة الزيارة وعدم الالتقاء بالرجل إلا بعد التكفير عن أخطائه وجرائمه بحق غزة وموظفيها- وفقًا لصياغة البيان- .

ومن جانبه انتقد إسماعيل الثوابتة الذي يعمل صحافيًا في المكتب الإعلامي الحكومي التابعة للحكومة المُقالة في غزة، وصول د. فياض إلى القطاع، وقال عبر تدوينة له على صفحته "فيس بوك" :"لا أهلا وسهلًا بك في غزة"، والسبب الذي دفعه إلى ذلك وفق تدوينته، أن فيّاض كان له دورًا قاتم السواد ومليء بالسلبية والسوء سواء على مستوى حصار قطاع غزة وتكريس معاناة أهلها، أو على مستوى تكريس القبضة الأمنية وتعزيز سياسة دايتون الأمريكي وتابع بالقول :"لطالما أُريقت دماء شهداء، أنت كنت سببًا في إراقتها".

مقاطعة فصائلية

واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن زيارة رئيس الوزراء الأسبق د. سلام فيّاض زيارة شخصية خالية من أي أبعاد سياسية، وبحسب الناطق باسم الحركة في قطاع غزة د. سامي أبو زهري فإن الحركة لم تُرتب لأي لقاءات على مستوى القيادات السياسية معه، وقال:"الزيارة تلبية لدعوة مؤسسة بيت الحكمة في غزة، ولا يُعول عليها كمبادرة سياسية" وأضاف أنه أُلقي محاضرة فكرية حول رؤيته لانهاء الانقسام الداخلي أمام محللين وإعلاميين.

فيما رفضت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح التعاطي مع الزيارة بأي شكل رسمي، سواء بالترحيب بالزائر أو اللقاء به ومناقشة ما أتى به في إطار الحلول العملية لإنهاء حالة التشرذم الفلسطيني.

مناكفات سياسية

ولعل حالة اللاتوافق والتناقض فيما يتعلق بدعوة د. فيّاض إلى غزة من قبل قيادي في حماس وعدم ترحيب المؤسسة الرسمية كحركة وحكومة به والالتقاء به، جعلت المُحلل السياسي هاني المصري يذهب بالقول أن ما أُثير حول الزيارة يأتي في إطار المناكفات السياسية، وقال في تصريح لـ"الحدث" :"هناك من عارض وهناك من أيّد الزيارة" وتابع أن التخوف الفتحاوي من الزيارة كان نابعًا من الخشيّة من تكون طموح سياسي لدى د. فيّاض بالتنافس في أي فرصة انتخابات قادمة، وأشار أن ما أُثير من ردود فعل حول الزيارة حملّها أكثر مما ينبغي لها، قائلًا :"تحولت من زيارة شخصية إلى زيارة خلافية أشعلت جذوة الخلافات السياسية مُجددًا"،

وردًا على تخوفات  البعض بمحاولة فيّاض استغلال أزمات القطاع وتلميع شخصيته السياسية بإيجاد مبادرة لإنهائها، أكد  المصري أن الأزمات التي يُعانيها القطاع أكبر من قدراته وعلاقاته السياسية والاقتصادية، وتابع أن الحل الأمثل لإنهاء أزمات القطاع ورص الصف الفلسطيني والقيادة الفلسطينية يحتاج إلى إرادة شعبية كبرى وقرار سياسي قوي نابع من المصلحة العامة وليس من المكاسب الفئوية خاصة في ظل المآسي التي يُعانيها الشعب من قبل الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحلتة من قوانين إسرائيلية تُعزز الوجود اليهودي، وتنسف أي جهود فلسطينية لاستعادة الحق.

زيارة إنسانية

من جانبه نفى المحلل السياسي عبد الستّار قاسم أن يكون للزيارة دوافع وطموح سياسي تكشف عنه الأيام القادمة، وقال في تصريح مقتضب لـ"الحدث"، أن خروج د. سلام فيّاض من عباءة السلطة منحته الإنخراط في العمل الإنساني والخيري ومكنتّه عبر علاقاته الاقتصادية مع الغرب والبنوك الدولية من تقديم المساعدات المالية لمختلف المؤسسات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأضاف أن الرجل قبل مهاجمته من فتح كان يبحث عن سُبل تمويل لتنمية قطاع غزة وتحسين واقع مواطنيه المعيشي، وقال:"قد تكون الزيارة استكمالًا لجهوده بعيدًا عن أي رؤية أو طموح سياسي في خلافة الرئيس محمود عباس وتأمين جبهته في غزة مع حماس".

بادرة تواصل إيجابية

واعتبر د. أحمد يوسف مدير مؤسسة بيت الحكمة والذي وجه الدعوة لـد. فيّاض أن الزيارة عملت على تحريك المياه الراكدة على الساحة السياسية الفلسطينية التي اعتراها الجمود على مدار سنوات الانقسام وتأزمت عام بعد عام، وقال د. يوسف في تصريح لـ"الحدث" أن الزيارة أوجدت حالة من الحوار وناقشت مجموعة أفكار عملية برؤى وطنية لحل أزمات القطاع والقضية الفلسطينية، وأشار أن أهم ما قُدم هو الاعتراف بمنظمة التحرير كمُمثل شرعي وحيد تصدر عنها قرارات وطنية يُجمع عليها الكل الفلسطيني، مؤكدًا أن ذلك من شأنه أن يُذوب جليد الخصام بين الأطياف السياسية.