الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خطة التنمية ... قائمة تََسَوق للمانحين وليست أداة لترشيد وتوجيه صانع القرار

2014-03-03 00:00:00
خطة التنمية ... قائمة تََسَوق للمانحين وليست أداة لترشيد وتوجيه صانع القرار
صورة ارشيفية

خاص بالحدث

 قال وزير التخطيط السابق د. علي الجرباوي إن: «عملية التنمية تعاني من شرذمة هائلة والسبب الأطراف المشاركة فيها وأهمهم الجهات المانحة إضافة إلى أن هناك تساوقاً من جهتنا فنحن متلقين، لا يوجد ضوابط نافذة تحكم عملية انتقال الدعم ولا اختيار الأولويات وهذا بسبب التنافس السلبي والتسابق بين المانحين من جهة وبين المتلقين الفلسطينيين ما يؤدي إلى التشتت والتفتت في التنمية وأحيانا عدم جدواها». من جهة ثانية دعا الجرباوي إلى إلغاء وزارة التخطيط وإلحاقها بمكتب رئاسة الوزراء لأن الوزارة غير قادرة على ضبط عملية التخطيط في فلسطين.

ويؤكد د. الجرباوي، في حالتنا الفلسطينية فإن وزارة التخطيط هي المسؤولة عن موضوع التنمية لكنها في حقيقة الأمر غير مسؤولة ومسؤوليتها تكمن في العنوان فقط، فهي تعمل في ظل غياب قانوني ينظم هذه العملية وما زالت الوزارة تبحث عن موقعها وصلاحياتها مع الوزارات الأخرى والقطاع الخاص والمجتمع المدني في عملية التنمية.

وشدد الجرباوي على أنه يجب ضبط عملية التخطيط للتنمية من حيث منطلقاتها ومنهجيتها، فالتخطيط المعمول به حاليا هو تخطيط كلي يبدأ من القمة إلى القاعدة بينما يجب أن يكون غير مركزي ويبدأ من القاعدة إلى القمة الهرمية في مؤسسات السلطة.

وقال: «لكن الوزارة غير قادرة على ضبط العملية ما يستدعي إلغاء وزارة التخطيط واستحداث مؤسسة تخطيط متخصصة، أو مفوضية بمفوض وبرتبة وزير ولها مجلس استشاري من الخبراء ومجلس أعلى للتخطيط برئاسة رئيس الوزراء، والمهم ليس الغاء أو بقاء الوزارة بشكلها الحالي ولكن لا يمكن لوزارة التخطيط أن تكون قادرة على ضبط التخطيط والمهم تمكينها من أن تصبح المرجعية الوحيدة للتخطيط، وان لم يكن لدينا المرجعية لضبط التخطيط للتنمية والدعم القادم لا فائدة للموضوع ويجب أن تصبح هذه المؤسسة بوابة العبور للبلد».

وأكد د. الجرباوي أنه لا أحد يعلم من الحكومة أو وزير التخطيط حجم الأموال التي تصرف في البلد وهذا يجب أن يتوقف. عدا عن ذلك لا يعتقد الجرباوي أن يتم تطبيق الرؤية والاطار القانوني اللازم لعملية تنظيم التخطيط والأهم توفر الارادة السياسية فلا توجد لغاية الان هذه الارادة وهذا الواقع يمكن أن ينمي قطاعات قليلة لكنه لا يمكن أن ينمي وطن.

ليس غريبا أن تجد ما يعيق ويعرقل تنفيذ خطة التنمية الوطنية وما تتضمنه من استراتيجيات قطاعية لأسباب متعددة أهمها الاحتلال ونقص التمويل، وإن توفر الأخير قد يكون مشروطا باستحقاقات سياسية، وليس غريباً أن تجد تشوهات هنا وهناك في آليات التنفيذ، ولكن الأغرب والذي لا نجد له ما يبرره أن نجد شركاء التخطيط وهم يتقلدون مناصب رفيعة يجهلون محاور وبرامج ومشاريع وأهداف هذه الخطة.

وتظهر بيانات وزارة التخطيط على موقعها الإلكتروني أن السلطة الوطنية الفلسطينية قامت بالعديد من المحاولات لوضع خطط تنموية، وكان أولها البرنامج الإنمائي للاقتصاد الوطني الفلسطيني 2000-1994، وتلته خطة التنمية الفلسطينية 2000-1998، ثم خطة التنمية الفلسطينية 2003-1999، ثم خطة التنمية متوسطة المدى 2007-2005 التي تم إعدادها في العام 2004 من أجل توجيه المساعدات الخارجية المقدمة من المانحين، ثم خطة الإصلاح والتنمية الفلسطينية 2010-2008، ثم خطة إعادة تأهيل وإعمار قطاع غزة عام 2009، وأخيراً وليس آخراً خطة التنمية الوطنية الفلسطينية 2013-2011.

ولا بد من الكشف عن أن خطط التنمية الثلاث الأخيرة مستنسخة عن بعضها البعض والمراقب لا يجد أية فروقات فيها سوى في الفترة الزمنية، وأكثر من هذا فإن معد هذه الخطط هو مندوب 

أو ممثل الوكالة الأمريكية للتنمية “USAID”، المقيم في وزارة الاقتصاد الوطني.

توجهات الخطة الجديدة 2014 - 2016   

قبل فترة وجيزة قامت وزارة التخطيط بالإعلان عن أن خطة التنمية موجودة الآن على موقع الوزارة الإلكتروني مطالبة أصحاب الاختصاص بإعادة النظر فيها والتعقيب عليها، وقد كانت الوزارة في وقت سابق قد طلبت من وزارات ومؤسسات السلطة أن تعيد النظر باستراتيجياتها التي صيغت لـ 2013-2011، وتطوير هذه الاستراتيجيات ارتباطا بتطبيقها العملي وبالأولويات وبالواقع الجديد إن وجد، من أجل أن تدمج هذه الاستراتيجيات في خطة 2016-2014.

من جانبه يؤكد وزير الدولة لشؤون التخطيط محمد أبو رمضان على أن خطة التنمية الوطنية 2016-2014 هي المرجعية لكافة الخطط وهي الأساس لكافة المبادرات الاقتصادية. حيث أنها مبنية على 23 استراتيجية قطاعية وهي تتقاطع مع المبادرة الاقتصادية لدعم قيام الدولة الفلسطينية، منوها إلى أن المبادرة الاقتصادية تستهدف ثمانية قطاعات حيوية بشكل أكثر تركيزا، بالإضافة إلى أن المجالات والقطاعات التي تستهدفها المبادرة الاقتصادية تقع ضمن نطاق وأولويات الحكومة الفلسطينية خلال السنوات الثلاث المقبلة، مشددا على أهمية وضع أسس للتنمية المستدامة للخروج من حالة التنمية العشوائية.

ويرى أبو رمضان، أن الخطة تطمح إلى خلق بيئة مواتية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي من خلال تعزيز الاستثمار وتدعيم ركائز الاقتصاد الوطني. والعمل على التخفيف من نسبة الفقر والتقليل من نسبة البطالة. والتركيز على المناطق ذات العمق الاستراتيجي وخاصة المناطق المصنفة (ج) بما فيها منطقة الأغوار، وإيلاء القدس وقطاع غزة أولوية قصوى.    

من جانبه يقول د. محمد غضية، رئيس جمعية الاقتصاديين الفلسطينيين: «لن تكون الخطة بعيدة عن جوهر ومكونات خطة 2013-2011، وهنا من المفيد ملاحظة الهوامش التي يمكن أن تتاح للمخطط الفلسطيني وللميزانية الفلسطينية من خلال خطة كيري إن تحققت والتي نرفض أن تكون بديلة لعملية سياسية ولعملية تسوية سياسية».

ويضيف: «إذا كان يوجد هناك خطة حقيقية لتحسين وتطوير الوضع الاقتصادي يفترض أن تدمج في خطة 2016-2014 ولكن الأمور ما زالت حتى الآن حبراً على ورق وما زلنا أمام بضعة شهور لصياغة الوضع النهائي لهذه الخطة».

محاور الخطة الجديدة

ويتوقع د. غضية: أن تكون محاور الخطة متكررة في معظم الخطط، تأمين الرواتب، تحقيق صمود الشعب، تحقيق الحماية الاجتماعية للفئات المهمشة والفقيرة، والاهتمام بالعنصر البشري خاصة بالتعليم وبالصحة، مكافحة الفقر والبطالة، فهذه أولويات دائمة وهذه العناوين الرئيسية فيما يتعلق بالخطط السابقة والخطة الجديدة. والجديد الذي يمكن أن يطرأ على الخطة هو فيما إذا كان هناك إمكانية أن يكون التمويل بـ 4 مليارات دولار ارتباطا بخطة كيري.

وكانت “الحدث” قد التقت د. باسم مكحول، أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت،  قبل وفاته ليعلق بقوله: «إن التحديات الأساسية للاقتصاد الفلسطيني في المرحلة القادمة، هي كيفية تأمين الاستدامة المالية للسلطة من جهة وكيفية محاربة البطالة والفقر من جهة أخرى، فأي خطة تنموية يفترض أن يكون هدفها الأساسي حل ومعالجة هاتين القضيتين بشكل أو بآخر. إضافة إلى الهدف الثابت وهو تعزيز قدرات القطاع الخاص التنافسية والإنتاجية”.   

فيما يرى جمال جوابرة، مدير عام اتحاد الغرف التجارية والصناعية والزراعية: «أن خطة التنمية الجديدة يجب أن تتركز على دعم المنتج المحلي بشكل غير محدود، وإعطاء الفرصة التفضيلية لمشاركة المنتج المحلي في العطاءات الحكومية ويجب أن يكون هناك برنامج توعوي شعبي للمنتج المحلي، ويجب أن توجه مشاريع الدول المانحة لدعم وتطوير المنتجات المحلية.»

وهنا يشدد د. عودة شحادة، الأمين العام للاتحاد العام للصناعات الفلسطينية: «على أن أولوياتنا في الخطة الجديدة هي تنفيذ مشاريع تنموية خاصة تلك التي تخلق فرص عمل في قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة.»

دحرجة مشاريع الخطة السابقة

ويعتقد د. هشام عورتاني، مدير عام معهد الحوكمة الفلسطيني: «أنه يجب أن تكون للخطة التنموية الجديدة مرتكزات واضحة تستهدف بالدرجة الأولى تعميق الانفصال عن الاقتصاد الإسرائيلي، فيجب أن تركز الخطة على الاستقلال الاقتصادي التدريجي.» معتقدا أنه لا يمكن الانفصال عن الاقتصاد الإسرائيلي.

بينما يؤكد د. مكحول: «إن توجه الخطة الجديدة يتركز على دحرجة للخطة السابقة، لأن معظم أهداف هذه الخطط لم تتحقق، وبالتالي محتوى الخطة السابقة قد يكون ملائما جدا ليكون محتوى الخطة الجديدة 2016-2014».

في حين يعتقد وزير التخطيط الأسبق، مدير عام معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني «ماس»  د. سمير عبد الله: «أن الأولويات لم تتغير، حيث يبقى موضوع التعليم والخدمات الصحية وكل ما يتعلق برأس المال البشري لها الأولوية في كل الخطط التنموية.»

وربما يرى البعض أنه يجب التركيز أكثر على إنعاش القطاع الخاص وتطوير دوره ومشاركته في تنفيذ المشاريع الأساسية ومشاريع البنية التحتية بصورة تشاركية.

الدروس والعبر من الخطة التنموية السابقة

وبهذا الصدد يقول د. عورتاني: «هذا الموضوع بحاجة إلى دراسة، وربما مع الحكومة الحالية سيصبح هذا الموضوع أولوية، من الضروري أن تتم دراسة سجل تطبيق الخطة التنموية السابقة وأين نجحنا وأين أخفقنا؟ لا أعتقد لا أنا ولا غيري قد يكون لديه المقدرة لإعطاء إجابات ليست انطباعية».

ولكن د. مكحول يقول: «إن هذه الخطط يفترض أن تكون وسيلة وأداة لتوجيه صانع القرار باتخاذ سياسات وإجراءات ومشاريع تحقق أهدافا معدة مسبقا، فلكل خطة يوجد أهداف استراتيجية يفترض أن توائم أي إجراء أو قرار مع الأهداف الاستراتيجية للخطة، ومن تجارب الخطط السابقة فإنه وللأسف هذه الخطط تبقى في معظم الأحيان حبرا على ورق ويمكن تشبيهها وكأنها كما يسمونها «قائمة تسوق للمانحين»، وهي فعليا ليست أداة لترشيد وتوجيه صانع القرار». 

بينما يقول د. شحادة: «قبل أن يتم العمل على الخطة الجديدة، من المفروض أن يتم تقييم ما تم إنجازه من الخطط السابقة 2013-2011 ومن ثم بناء على ما تم انجازه».  

انفصال ما بين الخطة التنموية وما بين الموازنة

ويرى د. عبدالله: إن أهم شيء خلال فترة التنمية السابقة 2013-2011 كان التراجع في الالتزام بربط الخطة بالموازنة العاجزة، كأنه حدث انفصال ما بين الخطة التنموية وما بين الموازنة ما يفرض تحديا أمام الحكومة الحالية بأن تعيد ربط خطة التنمية بالموازنة وفق إطار متوسط المدى وأن يبذل جهد حثيث على تمويل كافة البرامج التنموية إلى جانب تمويل عجز الموازنة وإعادة توزيع المصادر المتاحة بصورة رشيدة وأفضل.

تحديات خطة التنمية الجديدة

ويقر أبو رمضان، إن أبرز المعيقات التي تواجه التنمية الحضرية تتمثل بوجود تنمية حضرية عشوائية لا تقوم على أسس تنموية حضرية مدروسة، حيث لا يتم ترسيم المناطق الصناعية أو الزراعية أو السياحية أو السكنية وفقاً لرؤية تنموية حضرية حقيقية في ظل قدم التشريعات الخاصة بالتنمية الحضرية وعدم ملاءمتها مع التغييرات في هذا المجال.

ويرى د. عورتاني: «إن التحديات هي أولا بسبب إسرائيل وما تفعله وما لا تفعله والعوائق التي تضعها، يجب أن نبذل جهداً كبيراً وخاصة مع أمريكا التي تطبل وتزمر باستمرار عن التنمية الاقتصادية وعن التطور الكبير القادم، فأي جهد أمريكي أو دولي أو حتى فلسطيني بدون أن نأخذ بجدية بالغة المشكلات والمعوقات الإسرائيلية لن يؤدي إلى نتيجة».

ويضيف، فهذا الملف يجب فتحه بموضوعية وقوة، ولكن بالتوازي مع ذلك أيضا يجب أن نبذل جهداً أكبر بكثير في تحسين أداء المؤسسات الفلسطينية كلها.

التمويل

ولا يرى د. عورتاني أن التمويل قد يقف عائقا أمام تنفيذ الخطة التنموية ويقول: «إن التمويل هو أقل المشاكل بالنسبة لنا في فلسطين، وأعتقد لأسباب عديدة أن هناك نيات حسنة لدى كثيرين يحضرون ويجذبون الأموال إلى هنا في فلسطين، منهم يأتي لاعتبارات ودوافع سياسية، ولكن قسم أكبر يأتي لاعتبارات الربح، وبالتالي التمويل لا يشكل مشكلة إن هيأنا المناخ المناسب من جميع النواحي وبشكل خاص مصداقية مؤسسات السلطة وحوكمتها بشكل صحيح وشفاف».

ولكن جوابرة يؤكد أن: «الخطة لم تتابع ولم تنفذ بشكل صحيح، ومن الممكن أن تكون هناك العديد من البرامج لتطوير مؤسسات القطاع الخاص، ولكن هذه البرامج معدة بطريقة غير منظمة، ما يستوجب تنظيم تدفق أموال الدول المانحة لتطوير القطاع الخاص.»

بينما اعتبر د. شحادة: «أن من أهم التحديات التي تحول دون تنفيذ الخطة التنموية وتحقيق أهدافها، هو التمويل فخطط بدون تمويل، هو كالحديث عن أمور ضبابية، واستمرار تعزيز الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، والإسراع في تطبيق وتنفيذ مجموعة من السياسات والقوانين التي تم الاتفاق عليها.»

فيما يقول د. عبد الله: “من الواضح أن عجز الموازنة واستمرار الضعف في التزامات المانحين لطرفي الموازنة الجارية والخطة التنموية هو التحدي الأكبر أمام هذه الخطة أو غيرها من الخطط التنموية”.

معوقات ومشاكل التنمية في فلسطين 

المعوقات الخاصة

ويجمع الكل على أن حداثة نشوء السلطة الفلسطينية وتسلمها زمام الأمور في الكثير من المجالات دون تجربة سابقة أو استعداد كافٍ. والتداخل بين صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية في المناطق (ب ، ج) وما يفرزه ذلك من أولويات مختلفة ومتعارضة. ومراوحة نظام الحكم الفلسطيني القائم بين غياب عمل المؤسسات والسعي لإقامة قواعد عمل سليمة لها ترتكز على الأسس الموضوعية في العمل التنموي، فعدم الفصل بين السلطات الثلاث عملياً حتى الآن وهيمنة السلطة التنفيذية على زمام الأمور، أدى إلى غياب وصف وظيفي واضح للمؤسسات الفلسطينية الرسمية وكذلك عدم وجود من يقوم بمساءلتها، وبالتالي صعوبة إحداث التنمية الشاملة والناجحة.

المعوقات العامة

وتتمثل في معوقات التنمية الناتجة عن التشوهات التي أحدثها الاحتلال الإسرائيلي، مثل الاستيلاء على ما يزيد عن نصف مساحة الأراضي، وربط العمالة الفلسطينية بالاقتصاد الإسرائيلي. والمعوقات والمحددات الناتجة عن الظروف الطبيعية مثل انعدام الموارد الطبيعية، وعدم وجود ربط جغرافي ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة. والمعوقات والمحددات التي تعيق تطور عملية التنمية ولا يمكن إزالتها قبل بداية العملية التنموية، وإنما تتلاشى وتزول تدريجياً مع المضي في عملية التنمية، مثل انخفاض متوسط الدخل الفردي وسوء التغذية والبطالة المقنعة وغيرها.

وهنالك معوقات ديموغرافية تتلخص في زيادة عدد السكان والتوزيع غير الملائم بين الريف والمدينة حيث يسكن حوالي ثلث سكان الريف الفلسطيني، والذي يعتبر أشد المناطق فقراً في فلسطين، والمشاكل الناتجة عن تنفيذ عملية التنمية. وبغض النظر عن الاستراتيجية المتبعة، فلا بد من التكيف الاجتماعي والتربوي والثقافي الذي يتطلب أنماطاً جديدة من الحياة، والمشاكل الناتجة عن منافسة الاقتصاديات المجاورة، فالعملية التنموية في الاقتصاد الفلسطيني تتأثر مباشرة من طبيعة العلاقات التي تربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاديات المجاورة، وذلك لحاجة العملية التنموية في فلسطين لهذه الاقتصاديات عبر الحصول على المستلزمات الضرورية من المدخلات بالإضافة إلى تسويق الفائض الإنتاجي فيها.

إن خصوصية الحالة الفلسطينية تستدعي ضرورة تطوير استراتيجية تنموية خاصة بها، بحيث يكون أبرز معالمها التركيز على بعض المرافق الاقتصادية ضمن القطاعات المختلفة، مما يعني إزالة التشوهات المتراكمة خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي، والعمل على تنمية وتطوير المرافق والقطاعات من جهة أخرى، فالاقتصاد الفلسطيني بحاجة إلى ما يمكن تسميته باستراتيجية إشباع الحاجات ثم استراتيجية الإنتاج من أجل التصدير ومن ثم الأخذ بالمفهوم الحديث للتنمية، أي تنمية تلبي الحاجات الأساسية وتعتمد على الذات وتحافظ على الهوية الحضارية وتتصف بالتوازن والاستقرار والتواصل والأخذ بأحدث التطورات الملائمة لها.

ويؤكد الوزير ابو رمضان، أن الحكومة عملت من خلال الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة على إحراز العديد من الإنجازات تمثلت في أربعة قطاعات وهي:(التنمية الإجتماعية، البنية التحتية، التنمية الاقتصادية، وقطاع الحكم).

فعلى صعيد قطاع التنمية الاجتماعية يقول ابو رمضان:» تم إعداد الأهداف الإستراتيجية لقطاع التنمية الاجتماعية والسياسات العامة التي وردت في الخطة من خلال الاعتماد على الاستراتيجيات للقطاعات الوطنية التالية: (التعليم العام وقبل المدرسي، والتعليم العالي، والتعليم والتدريب المهني والتقني، والصحة، والحماية الاجتماعية والتمكين، وتمكين المرأة، والشباب والرياضة، وقطاع الثقافة والتراث). 

وبالنسبة لقطاع البنية التحتية فان الحكومة تسعى إلى تنفيذ مشاريع تطوير شبكات البنية التحتية العامة لما لها من أهمية في تطوير وتحسين الخدمات العامة التي تقدمها للمواطنين ولتحقيق رؤية الشعب الفلسطيني وتطلعاته في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ومن هنا تم وضع الأهداف الاستراتيجية العامة لقطاع البنية التحتية والتي تهدف إلى الوصول إلى بنية تحتية شاملة ومتكاملة ومستدامة توفر للدولة المنشودة القاعدة المتينة التي تمكنها من تقديم الخدمات الأساسية، التي تستوفي المعايير الدولية، وتكفل لها دفع عجلة النمو الاقتصادي الذي يقوده القطاع الخاص، وتمكينها من الوصول إلى الأسواق الإقليمية والدولية وتوريد منتجاتها وخدماتها إليها. 

وعلى صعيد التنمية الاقتصادية، تم إعداد الأهداف الاستراتيجية لقطاع التنمية الاقتصادية التي وردت في خطة التنمية الوطنية 2013-2011 بناء على الاستراتيجيات الخاصة بالقطاعات التالية: (الصناعة والخدمات وتعزيز بيئة الأعمال، التجارة والاستثمار، حماية المستهلك، العمل وحماية العمال، الزراعة والتنمية الزراعية، وقطاع السياحة والآثار). 

اما بالنسبة لقطاع الحكم فقد تم رصد تقدم سير العمل في القطاعات المختلفة المدرجة ضمن قطاع الحكم وبالذات في المشاريع التي يتم تنفيذها من قبل القطاعات الوطنية الفرعية والمنسجمة مع التدخلات الخاصة بها كما وردت في ملحق خطة التنمية الوطنية 2013-2011، والتركيز على الإنجازات التي تم تحقيقها وفقا للتدخلات، أي ما تم تحقيقه على أرض الواقع سواء في مجالات البنية التحتية، أو تنمية الموارد البشرية، أو التشريعات والقوانين.

د. غضية، يرى أن التخطيط الفلسطيني قطع شوطا طويلا في عملية إعداد الخطط، بالشراكة ما بين مختلف مكونات المجتمع، وتأخذ هذه الخطط بالاعتبار طبيعة الاحتياجات الملحة للتنمية وطبيعة الموارد المتاحة لتحقيق هذه الاحتياجات ويشتق منها أيضا الأولويات.

وبات هناك تقدم على صعيد إغناء الخطط من خلال تشكيل مجالس استشارية قطاعية لمختلف القطاعات التنموية في فلسطين بشراكة مكونات المجتمع ويشتق من مكونات هذه الاستراتيجيات أهداف وأولويات وتدخلات وتدمج في خطة التنمية الفلسطينية.

ومن المؤكد أن تأخذ خطة التنمية الفلسطينية بالاعتبار، أهمية أن تحقق دمج السياسات الاقتصادية بالسياسات الاجتماعية وتركز على تعزيز صمود الشعب، وتطوير القطاع الخاص، وتركز أيضا على قضايا التنمية البشرية وبالذات الصحة والتعليم.

ويلاحظ بأن هذه الخطط بحاجة إلى دعم ومساعدات خارجية لتحقيقها ولذلك هناك عجز في الموازنات التي تقر من اجل تحقيق هذه الخطط. ولكن د. عبدالله يأسف لتسييس الدعم الدولي لخطط التنمية الوطنية ومعاقبة الفلسطينيين أحيانا بغير وجه حق لتمسكهم بحقوقهم الوطنية.

خطط ورقية ليس الا

ورأى د. مكحول: إن هذه الخطط جيدة على الورق وتصب في مصلحة الاقتصاد والمواطن، لكن مشكلتها أنها تبقى حبرا على ورق، وصانع القرار لا يطبق ما جاء فيها من أهداف استراتيجية، ويشعرون انها تعد وتحضر بناء على طلب المانحين.

وأكد أن ما يتم بعد اعداد الخطة هو قرارات ارتجالية فردية تعتمد على أجندة الوزير ولا تكون مرتبطة بالخطة بشكل لصيق، وقال: «فهذه الخطط جميلة لكن على الورق والتنفيذ على الأرض بعيد جدا عن هذه الخطط».

ويقول جوابرة: يجب الاطلاع على الخطة أولا، ولا يوجد عندي فكرة عنها، بينما يقول د. شحادة: «إن الخطة التنموية الشاملة كانت واعدة جدا، ونتمنى أن يكون جرى تقييم ما تم تنفيذه منها قبل أن يبدأ العمل على إعداد الخطة الجديدة 2016/2014، لأنه من الضروري أن يكون هناك تقييم للخطة السابقة.

تحقيق الخطة لأهدافها

ويقول د. غضية: يفترض أن تكون هناك مؤشرات لقياس تحقيق أهداف الخطة، ولكن المكون الرئيسي للخطة هو للنفقات الجارية المتعلقة بالرواتب. ويقول: «الجانب المتعلق بالتطوير والتنمية حصته محدودة في هذه الخطة وفي العديد من الأحيان هناك عراقيل جدية من قبل الاحتلال الاسرائيلي في تنفيذ مثل هذه المشاريع التطويرية وخاصة في المناطق التي تقع في مناطق «ج».

ولكن جوابرة: يعتقد ان الخطة لم تطبق، وبالتالي لم تحقق أهدافها بشكل معقول أو مقبول وهي امتداد للخطة التنموية السابقة. بينما يقول د. شحادة: «من الصحيح ان خطة التنمية 2013/2011 حققت جزء من أهدافها، مؤكدا غياب خطة يمكن تنفيذ كل محتوياتها وأهدافها”.

لكنه يعترف أن الخطة حققت نجاحا نسبيا في مشاريعها التنموية، وبخاصة على مستوى السياسات ومراجعة بعض القوانين واستحداث قوانين جديدة وخاصة في مجال دعم المنتج الوطني وفرض جمارك على المستوردات وحماية السوق المحلي من المنتجات والبضائع الفاسدة وهي كلها انجازات». إلا أن د. عبد الله: يؤكد ان التسويق لمشاريع الخطة كان بالقطاعة، وبشكل منفرد، معتقدا أن ما تحقق من استثماراتها لم يكن بالقدر الكافي.