الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أوباما .. تحرك طال انتظاره

2014-03-04 00:00:00
أوباما .. تحرك طال انتظاره
صورة ارشيفية

الحدث - مقال رئيس التحرير

سامي سرحان

 

أنعش تحرك الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي طال انتظاره بدعوته كلاً من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (اجتمع به ولم نقف بعد على نتائج الاجتماع) والرئيس أبو مازن الآمال باحتمال وجود بوادر أمل أو انفراجة لإمكانية التوصل إلى اتفاق إطار أو تفاهم أو وثيقة تؤدي إلى حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وكانت فرص التوصل إلى اتفاق إطار قد تراجعت إلى أدنى مستوياتها مع اقتراب نهاية الموعد المحدد لتعهد الإدارة الأمريكية بالتوصل إلى إيجاد حل نهائي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. وأعلن الرئيس أبو مازن بعد لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في باريس صراحة وربما لأول مرة وعن غير رغبة منه أن واشنطن قد فشلت في صياغة اتفاق إطار لإنهاء الصراع كما وعدت.

 

ولا نريد هنا أن نسجل على الوزير الأمريكي جون كيري فشلاً في جهوده للتوصل إلى اتفاق إطار، وهو الذي بذل ما هو متاح أمامه فارتطم بجدار صد إسرائيلي جعله يرتد مدمىً إلى البيت الأبيض يطلب من رئيسه الذي استنكف عن التدخل المباشر أن ينجده، فماذا يمكن للرئيس أوباما أن يفعل في ظل تراجع فرص التوصل إلى اتفاق إطار وخطورة إعلانه من جانب واحد.

هل يمكن للرئيس أوباما أن يطلب من نتنياهو التخلي عن مطلبه الجديد بيهودية دولة إسرائيل، الذي يرفضه الفلسطينيون رفضاً جازماً، إضافة إلى أبعاده العربية والإسلامية والدولية، فكثير من تحليلات المسؤولين الدوليين تشير إلى عدم وضوح كاف في إسرائيل ذاتها حول ماهية يهودية الدولة وما هي حدود هذه الدولة ومن هو اليهودي وما علاقة هذا الموضوع بقضية اللاجئين من جهة ومواطنة العرب الفلسطينيين داخل إسرائيل من جهة أخرى. 

وهل سيطلب من نتنياهو الانسحاب إلى خطوط الرابع من حزيران 67 وترك الأغوار لترابط على حدوده قوات طرف ثالث ربما أمريكي أو من الناتو أو من الأردن لحفظ أمن إسرائيل الذي أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية مراراً وتكراراً التزامها الكامل به.

هل سيطلب منه أن تكون القدس الموحدة عاصمة لدولتين فلسطينية واسرائيلية مفتوحة أمام أصحاب جميع الديانات السماوية. هل سيهدد الرئيس أوباما رئيس حكومة إسرائيل أم سوف يستعطفه. الساعات القليلة القادمة ستكشف ذلك.

وبعد ذلك، ماذا سيقول الرئيس أوباما للرئيس أبو مازن منتصف الشهر الجاري، وماذا ينتظر منه. هل سيطلب منه توضيحا لتصريحه بعدم إغراق دولة إسرائيل باللاجئين أم سيطلب منه توضيح مفهومه للمبادرة العربية بخصوص حل قضية اللاجئين أم سيطلب توضيحا لمفهوم القدس الشرقية أم يطلب تأجير الأغوار عشرات السنين لإسرائيل وبقاء المستوطنين.

لقد أبلغ أبو مازن الرئيس أوباما مؤخرا في رسالة له إصرار السلطة الفلسطينية على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية، ورفض أي تواجد عسكري إسرائيلي على أراضي الدولة المستقبلية وخالية من الاستيطان والمستوطنين. وضرورة الإفراج عن كافة الأسرى في السجون الإسرائيلية وضمان حل قضية اللاجئين وفق القرار الأُممي 194 ومبادرة السلام العربية.

الفجوة واسعة بين مواقف الطرفين، طرف يسعى لإنهاء الاحتلال بشكل كامل وتقرير المصير وطرف يسعى لإبقاء الاحتلال الإستيطاني الإستعماري وديمومته إلى الأبد.

الظروف الحالية في المنطقة غير ضاغطة على إسرائيل لتجبرها على الوصول إلى اتفاق سلام منصف ينهي الصراع، وهي لا تضع مصالح الولايات المتحدة على سلم أولوياتها. لكن من الطبيعي أن يتحرك الرئيس أوباما وفقا لمصالح بلاده في المنطقة التي حددها في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الخريف الماضي عندما قال «ستبذل الولايات المتحدة جهدا ملموسا لفض النزاع في الشرق الأوسط نظرا لمصالحها المستديمة في المنطقة وصداقاتها الدائمة مع الدول التي تعول علينا في حمايتها وسط جوار قابل للانفجار. وإننا سندافع عن شركائنا وحلفائنا اذا استدعت الضرورة وسنستمر في تأمين إمدادات الطاقة وطرق الملاحة البحرية ..».

 

إن المصالح الأمريكية في المنطقة تتطلب حلا للصراع في الشرق الأوسط وليس فضا للنزاع حاول السيد جون كيري على مدى الأشهر التسعة الماضية التوصل إليه.

فكيف يمكن للرئيس أوباما انقاذ عملية السلام؟ هل سيكون بتمديد المفاوضات بضعة أشهر أخرى ثم تمديد العملية مرة أخرى تكون فيها ولاية أوباما الثانية قد أوشكت على الانتهاء؟ أم هل سيلجأ إلى إعلان اتفاق إطار هش لا يوافق عليه الجانبان ويتصرف كل طرف عندها وفق ما تمليه المصلحة.

 

إن الجانب الفلسطيني الذي قدم كل ما لديه للوصول إلى اتفاق سلام عادل لم يعد يملك من الأوراق ما يناور به ولا من الخيارات إلاّ التي حاول تجنبها حتى الآن. فهل يمارس أوباما نفوذه على الطرف الذي يعيق التوصل إلى سلام عادل ويرفض انهاء احتلاله لأرض وشعب فلسطين.