الثلاثاء  21 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الهبة الشبابية بين الاحترام والنقد/ بقلم: حسن صالح

2015-12-29 03:10:33 PM
الهبة الشبابية بين الاحترام والنقد/ بقلم: حسن صالح
حسن صالح

تقول القاعدة إن لكل فعل رد فعل.. والاحتلال هو أبشع أنواع الاعتداء على حقوق الآخر وحياته وتراثه وتاريخه.. من هنا فإن أنماط رد الفعل ضد الاحتلال إنما هي أنماط موضوعية.. ولذلك بدأت ردود الفعل الفلسطينية ضد الاحتلال مع بدايات الاحتلال. وكانت تتجدد بأشكال متنوعة بحسب الظروف الذاتية والإقليمية والعالمية المحيطة.. وهو ما يفسر طبيعة شكل ردود الفعل حسب المعطيات.. وليس بناء على الرغبة.. ولذلك تنوع النضال الفلسطيني ما بين أشكال الكفاح المسلح وأشكال الانتفاضة.. ومرات بالمقاومة الشعبية السلمية... إلخ .

أما الهبة الحالية فهي نتاج الظروف المحلية والعربية المحيطة والعالمية الدولية.. إضافة للعنف الذي مارسه الاحتلال ضد القدس وجرائمه منذ جريمة الشهيد محمد أبو خضير والجريمة البشعة ضد عائلة دوابشة. والأهم هو جمود، ولا أريد القول موت عملية السلام وحل الدولتين.. فجاءت حركة الشباب والصبايا هنا وهناك بهذا الشكل النضالي الجديد والذي أعتقد أنه استفاد من التجارب السابقة في الانتفاضة من جهة واختيار طريقة أكثر تأثيراً على الاحتلال. ولعل قراءة موضوعية لما يحري فإننا نلاحظ ما يلي:

1- أن الخسائر البشرية للاحتلال بالموازنة مع الخسائر الفلسطينية فإنها لأول مرة تصل إلى نسب أعلى من كل المواجهات السابقة ولصالح هذه الهبة.

2- أن هذه الانتفاضة أو الهبة وصل تأثيرها إلى كل المجتمع الإسرائيلي الذي ارتبكت حركته في الضفة الغربية وحتى داخل المدن والتجمعات الإسرائيلية الأخرى وصار الخوف يتحرك مع حركة الإسرائيلي نفسه.

 3- أن هذه الهبة كشفت وإلى حدود بعيدة محدودية الخيارات الإسرائيلية، فماذا أمامهم ليعملوا؟ هل يحتلون من جديد، فهم يحتلون كل الأمكنة.. هل يعتقلون كل الناس؟ فالسجون لن تتسع لكل الشعب.. بمعنى أن الخيارات محدودة فازدياد القمع سيولد ردوداً موازية.

 ولعل ما أضافته هذه الهبة أيضاً أنها ولأول مرة جعلت الاحتلال في مواجهة عدو مهم وغير محدد لا في المكان ولا الهوية، وهذه من أخطر وأعنف المواجهات والتي تُفقد قوات الاحتلال عنصر المباغتة والمفاجأة القائمين على معرفة وتحديد الخصم .

كل هذه العوامل السابقة إضافة إلى استمرارية هذا الشكل النضالي للشهر الثالث، تقول إن كثيراً من المثقفين وخاصة الذين استهزأوا بالهبة وطالبوا الشباب بعدم الموت والحفاظ على دمائهم، نظراً للخسائر الفادحة في الأرواح، وكأن هؤلاء الفتية هم المعتدون، وكأن هؤلاء يتناسون وجود الاحتلال وصلافة مواقفه.. وقعوا في الشرك، إذ يخالف هذا القول، الدور الحقيقي للمثقفين بالانحياز للشعب والحرية.. رغم أن بعض هؤلاء المثقفين كان يقدم رأيه بالحرص الشديد على حياة هؤلاء الشباب وعدم رمي أنفسهم للتهدئة!!!

إنني ومن موقع الذي يحترم المبادرات النضالية للشباب واحترام قراءته للظروف والشكل الذي يمارسون لأن أهل مكة أدرى بشعبها من جهة.. وأذكر أن الحشود المؤلفة والتي كانت تخرج في تشييع جنازات الشهداء كانت تقول نعم لفعل الشباب والصبايا.. كما قال التضامن الشعبي في التضامن المادي والمالي لبناء المنازل التي هدمها الاحتلال للشهداء.. فهل يقرأ هذا البعض من المثقفين هذه الأبعاد ومعانيها.. كي يحترموا فعل هذه الفئة الشبابية من شعبنا للوصول إلى الحرية والاستقلال.