الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

نحب الدبكة، نحب شجرة الميلاد، نحب فلسطين- رولا سرحان

2016-01-05 12:14:38 PM
نحب الدبكة، نحب شجرة الميلاد، نحب فلسطين- رولا سرحان
رولا سرحان

الجدال، أو السجال، أو النزاع، هو "أب الأشياء جميعاً" كما يقول هيرقليطس.

 

لكني عادة ما أحاول البقاء خارج السجال الدائر فلسطينياً فيما يتعلق بمواقف مجتمعية وسياسية تؤيد فعلاً ما أو تعارضه، من منطلق أن الأمر صحي وضروري يفتح المجال للنقاش الحيوي والبناء في مجتمع مكمم الأفواه من قبل السلطة التنفيذية، ومن قبل الاحتلال؛ فلا ضير إذن أن نختلف ونتجادل ونعلق ونبدي رأينا تأييداً ومعارضة.

 

وكثيراً ما استمتع بمتابعة النقاشات بين مختلف الأطراف المشاركة لأنها أيضاً تسلط الضوء على أفكار جديدة لم تحضرني، ولأنها تدفعني إلى التفكير أكثر، كما تدفع الآخرين إلى التفكير "المتحفز"، وبالتالي إلى فهم الذات، وفهم علاقتها بالآخر، وعلاقتنا بمحيطنا بطريقة جديدة ومختلفة تشجع على الإبداع.

 

خلال الأشهر الأربعة الماضية، كانت هنالك 3 قضايا رئيسية أثير النقاش "الساخن" بشأنها بين مؤيد ومعارض، الأولى الموقف من الهبةالانتفاضة، والثانية إضاءة شجرة الميلاد، والأخيرة كانت دبكة الطالبات والطلاب في جامعة بيرزيت.

 

المشترك في القضايا الثلاث، هو وجود ذلك الخيط الذي يؤدي بطريقة أو بأخرى إلى ضرورة نقاش "الوعي الاجتماعي" السائد فلسطينيا، لأن الأفكار التي تثار، والتي يتم نقاشها هي ذات صلة استشرافية لمستقبل تطور المجتمع الذي نعيش فيه، فالأفكار التي نحملها إما أن تساعد على تطور المجتمع أو قد تكون عائقاً أمام هذا التطور.

 

وأسوأ ما في تلك الأفكار، هو "التمترس" وراء الرأي و"التخندق" في الفكرة، فيكون الحوار بيزنطيا بامتياز، لكنه يعكس أيضاً تلك "التراتبية المجتمعية" فيكون الاستدلال "المناطقي- الجغرافي" لأشخاص بعينهم مؤيدين أو معارضين أسهل بكثير، وكذلك يكون الاستدلال "الثقافي – الاقتصادي" يسيراً، وهو ما يحركنا سيكولوجيا أيضاً باتجاه "المعارضة أو التأييد النفسيين" لفكرة دون أسانيد عقلانية.

 

أما المخيف في الأمر، والذي يدعو إلى الذعر، هو أن الأمر تعدى مفهوم "التراتبية المجتمعية" ليتحول إلى "اصطفاف مجتمعي" فيحدث هذا الشرخ الفاصل بيننا كفلسطينيين والمتجسد سياسيا في هذا الفصل بين الضفة وغزة، وبين حماس وفتح، والذي قد يزداد سوءا حتى يتحول إلى انفصال أزلي، بلا عودة أو رجعة. فكما يقول توينبي فإن "الحضارات لا تفنى بالقتل، ولكن بالانتحار الذاتي".

 

فدعونا نفهم معنى، أن نختلف على الدبكة، وعلى إضاءة شجرة الميلاد، فلا نختلف على فلسطين. فنحن لا نحيى كالأموات، بل نحب الدبكة، نحب شجرة الميلاد، ونحب فلسطين.