الأربعاء  22 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عن الطائفية والطائفيين/ بقلم: تيسير الزبري

2016-01-12 10:18:04 AM
عن الطائفية والطائفيين/ بقلم: تيسير الزبري
تيسير الزبري

طغيان الحديث عن الصراع الطائفي في منطقتنا يكاد يُعمي الأبصار ويؤدي إلى الاختناق. البعض يشير إلى معلومات عن إحدى إلعاب الأمم (القذرة)، وتحديداً في منطقتنا، والتي قامت على أساس تفتيت المنطقة العربية تحديداً إلى طوائف تتصارع دون رحمة ودون أخلاق على مكاسب سياسية– مادية تستخدم في صراعاتها مخازن الأسلحة الغربية وتدفع مقابل الأسلحة عوائد بترولها (وبالأصح بترول شعوبها المنهوب)، ليس هذا إلا جزء من الهدف الاستعماري الجديد، أما الهدف الأكبر فهو تفتيت المنطقة إلى مناطق جغرافية– طائفية تسهل السيطرة عليها وابتلاعها. هذا ليس وهم أو خيال، بل إنه مدعوم من اعترافات الذين رسموا هذه الخطط (استمعوا إلى ما قالته هيلاري كلينتون عن هذا المخطط وعن القرارات التي سبق واتخذتها الإدارات الأمريكية في إيجاد وتدريب القاعدة والحرب التي خاضها المصطنعون في أفغانستان ضد القوات الروسية...).هذا ما يتكرر اليوم فوق الأرض السورية والعراقية والليبية، ومن منا لم يشاهد أحدث الأسلحة في أيدي القوات الإرهابية والتموين الذي يسقط من الطائرات والملابس الحديثة تماماً كما هي ملابس أرقى الجيوش في العالم. السؤال البسيط وراء كل ذلك، هل هذة المجتمعات (العلمانية) مشغولة بالصراع الطائفي بين سنة وشيعة، وهل هم معنيون بالصراع الإسلامي– الإسلامي بين علي ومعاوية قبل ألف وأربعماية عام..! أم أنهم يستغفلون البسطاء من هذه الشعوب المغلوبة ويلعبون عليهم لعبة الطائفية والصراعات الدينية؟! استغفال المتدينيين البسطاء لا ينطبق على الطغاة المنخرطين بهذه اللعبة القذرة– لعبة الصراع الطائفي– بل إن الطغاة هم ذراع من أذرع المؤامرة مقابل مكاسب التحكم بسلطة (ما وملذاتها) تحت رعاية مُشغّليهم!

لقد وصلت الجرائم إلى حدود لم يكن يتخيلها عقل بفعل التحريض الذي يقوم به بعض الدعاة، كأن يُحرموا أن يجلس الأب مع ابنتة منفردين أو الدعوة إلى غزوات لسبي النساء وكسب المال (الجاهلية) أو المجاهرة ببيع السبايا من النساء، وآخر ما اطلعت عليه هو قيام فتى بذبح أمه أمام جمع من جموع المضللين في منطقة الرقة السورية (العلوية) بعدما حاولت ثنيه عن الالتحاق بداعش!!

من غير المفهوم أن يندفع بعض من يُسمون أنفسهم بالمثقفين بالترويج للصراع الطائفي ولكن بطرق ملتوية، وأضرب مثلاً: فهم عندما يحاربون الأفكار الرجعية الوهابية (السنية) وحاضناتها يقارنون سلوكيات الدعاة لهذه المدرسة ومن يدعمها بالهجوم على إيران باعتبارها ذات أغلبية (شيعية)، أي أن يتساوى الموقفان، دون الأخذ بعين الاعتبار أن موضوع الصراع هو صراع سياسي ولا علاقة له بدين أو طائفة، إضافة إلى فوارق أخرى نراها ويدركها العقل، ومن يرغب بتتبع هذه الفوارق فليذهب إلى الحملة الأمريكية– الإسرائيلية على امتلاك إيران للمفاعلات النووية وسيف الحصار الاقتصادي والذي ما زال مشرعاً في وجه الإيرانيين. كل القوى المعادية إلى إيران (وإسرائيل منها) كانت تنتظر انفجار المفاوضات وضرب المفاعلات و(قصقصة) أجنحة إيران، لكن الاتفاق الدولي أسقط في يدهم، وهم يحاولون الآن فتح المعركة السياسية على إيران وحلفائها وإن يتسللوا من الشبابيك لضرب إيران ومعها كافة القوى والأطراف الرافضة للهيمنة الاستعمارية الجديدة على المنطقة!

لا يمل البعض من تكرار النظر إلى كافة القوى المتصارعة باعتبارها شيئاً واحداً، وهذا مخالف لنظرية التناقض الفلسفية. هذا صراع حقيقي سياسي وطبقي وعلى من يرغب في تحديد موقفه أن يتحرر من الالتحاق بالبؤس الطائفي ومفرزاته ويعود إلى مفاهيم بسيطة، ولكنها عميقة تعلمناها ونحن في بدايات عملنا السياسي؛ والتي تقوم على تغليب التناقض الرئيس على التناقض الثانوي.

نحن على أبواب مرحلة فاصلة لا مكان فيها للشامتين أو المتفرجين ولا للمتنصلين من مسؤولياتهم الوطنية، وكل من يقوم به سوف يحاسب عليه من شعبه أولاً، ومن مرجعيته الفكرية أو (الدينية)، مهما كانت، مع التذكير بأن قوى الهيمنة والمتربصين بمصائرنا يعملون بالليل والنهار ويكيفون خططهم وفق المتغيرات والموازين على الأرض. دعونا نتعلم منهم حتى نواجههم!!