الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد53| 49 حالة وفاة بين صفوف العمال الفلسطينين في 2015

2016-01-13 09:50:17 AM
في العدد53|  49 حالة وفاة بين صفوف العمال الفلسطينين في 2015

45 مفتش لـ110 آلاف منشأة في الضفة

من يحمي العمال الفلسطينيين من المخاطر الصحيّة الناجمة عن ظروف عملهم؟

 ومن المسؤول عن تنفيذ سبل الوقاية من حوادث العمل؟

الحدث- حيدر دغلس

عمر فايز حمد قلالوة  (43عامًا)، من بلدة الجديدة في محافظة جنين، كان آخر ضحايا العمل، توفي متأثراً بإصابته جراء وقوعه من عمارة قيد الإنشاء داخل أراضي الـ48.

 العامل عمر قلالوة لن يكون الأول أو الأخير ضمن قائمة ضحايا سوق العمل سواء في الاراضي الفلسطينية أو داخل أراضي الـ48 نتيجة أسباب عدة  أهمها عدم الالتزام بقواعد وشروط السلامة المهنية واستهتارأصحاب العمل بحياة العاملين لديهم..وخاصة أولئك الذين يعملون في المستوطنات الاسرائيلية وداخل الخط الاخضر.

 

حسب قانون العمل الفلسطيني فانه "تقع على صاحب العمل المسؤولية الاولى عن سلامة وصحة العاملين في المنشآة..وعلى صاحب العمل  ضمان ظروف عمل ملائمة للسلامة والصحة المهنية بالحد والتأكد بأن الأمور الكيميائية والبيولوجية والفيزيائية تحت المراقبة الفعلية والتحكم بدون أي مخاطر على الصحة".

 

ويتعرض العمال في أماكن عملهم لمخاطر صحيّة ونفسيّة عدّة في أثناء قيامهم بمهامهم في مختلف القطاعات سواء في ورش البناء والمصانع أو غيرها الكثير من المهن كالدهان التي يتنشق فيها العاملون روائح مضرة بالصحة أو في المناجر التي يعمل غبار الخشب فيها على زيادة نسبة الأمراض الصدرية، عوضاً عن إصابة معظم العاملين بآلام الظهر والرقبة وعدم توفر المياه الصحية الصالحة للشرب في اماكن العمل.

 

 وخلال العام 2015 وحسب التقرير الاولي لوزارة العمل في تصريحات لـ"الحدث" شهد وفاة 49 عاملاً سواء نتيجة عملهم في محافظات الضفة أو في مناطق الـ 48 والمستوطنات الاسرائيلية...فمن يحمي العمال الفلسطينيين من المخاطر الصحيّة الناجمة عن ظروف عملهم؟ ومن المسؤول عن تنفيذ سبل الوقاية من حوادث العمل؟ وهل صاحب العمل يوفر بيئة العمل المناسبة فيما يتعلق بالصحة والسلامة لتجنب تلك المخاطر؟.

حسب وزارة العمل الفلسطينية فان القوانين موجودة ...لكن ما الذي يحول دون تطبيقها وفرض رقابة عليها؟

 

 21 حالة وفاة في الضفة

وزارة العمل وحسب مدير عام التفتيش عبد الكريم دراغمة لـ"الحدث" فان الضفة وحدها شهدت خلال العام 2015 نحو 608 اصابة داخل سوق العمل الفلسطينيمنها 21 قاتلة معظمها اثناء العمل في قطاع البناء.

 

وحول الوفيات داخل الخط الأخضر والمستوطنات في صفوف العمال الفلسطينيين بين دراغمة أن هناك نحو 28 إصابة قاتلة، ومعظمها خلال العمل في قطاع البناء.

 

بدوره أشار اتحاد نقابات عمال فلسطين الى ان حالة الوفاة في صفوف العمال الفلسطينين خلال العام 2015 بلغت 46 حالة منها ثلاثة وعشرون في الضفة ومثلها في سوق العمل الاسرائيلي.

 

وأشار في تصريحات لـ"الحدث" ان هذه الارقام هي مؤشر خطير ويتطلب وضع إجراءات عاجلة ووقائية للحد من حوادث العمل.

 

الصحة والسلامة المهنية موجودة في القانون فقط

ومن خلال المعطيات المتوفرة عن عدد الوفيات والاصابات والمتكررة فيتضح أن إجراءات الصحة والسلامة المهنية موجودة في القانون فقط، إلا أنه في الممارسة العملية بصورة قليلة وبصورة متفاوتة من قطاع إلى آخر.

ويؤكد مدير عام التفتيش في وزارة العمل عبد الكريم ضراغمة أن قطاع البناء والتشييد هو من أكثر القطاعات التي لا تلتزم بظروف الصحة والسلامة المهنية، الأمر الذي أكد عليه عضو اتحاد نقابات عمال فلسطين ومسؤول الصحة والسلامة المهنية مصطفى حنني، مبينا أن  ظروف الصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل غير موجودة،  رافضا  في الوقت ذاته تعميم هذا الوضع القائم على جميع المؤسسات والمصانع والورش الموجودة في فلسطين قائلا "إنه لا يمكن تجاهل  من يطبق شروط الصحة والسلامة المهنية في مواقع العمل إلا أنه وحسب حنني فان "هناك تجاهل صريح لشروط الصحة والسلامة في الأراضي الفلسطينية".

من المسؤول عن ضعف وجود آليات الصحة والسلامة المهنية وأدائها

 مدير عام التفتيش في وزارة العمل وفي محاولة لحصر المسؤول عن عدم توفير شروط الصحة والسلامة المهنية في العمل قال: إن كثرة الحوادث وسببها في بيئة العمل تقع على عاتق عدة جهات أهمها صاحب المنشاة نفسها، إذ يتغاضى بعضهم عن اعتماد إجراءات السلامة المهنية التي تنص عليها مواد قانون العمل لان توفيرها مكلف بحسب وجهة نظره مما يقف عائقًا أمام توفير هذه الإجراءات.

 

ومن الأسباب الأخرى التي ذكرها ضراغمة تقع على العامل نفسه إذ لا يتقيد في كثير من الاحيان بظروف الصحة والسلامة المنهية رغم ان صاحب العمل يوفرها له بالاضافة الى عدم المعرفة وقلة الوعي في الثقافة والسلامة المهنية في بيئة العمل لدى العمال.

45 مفتش لـ110 الف منشاة

وما يزيد الطين بلة في زيادة حوادث العمل  حسب ضراغمة عدم وجود العدد المطلوب من المفتشين ليقوموا بجولات على المنشآت والتاكد من وجود البيئة المناسبة في العمل، ويقول عبد الكريم دراغمة: إن الضفة يوجد بها نحو (110) ألف منشأة  ينبغي على(45) مفتش ان يقوموا بجولات عليها للتاكد من توفر ظروف الصحة والسلامة المهنية وهذا مستحيل.

 

ويضيف دراغمة أن نسبة المنشات التي يتم زيارتها فعليا هو من (8% إلى 9%) أي من (4 إلى 4500) منشآة تضم نحو 50 الى 60 ألف عامل، وزيادة على ذلك يقول دراغمة: إن هناك ضعفاً لوجستياً مفقوداً لهؤلاء المفتشين إذ لا يوجد إلا سيارة واحدة لكل مديرية في كل محافظة وغير مخصصة لتقوم بجولات التفتيش.

 

وبين دراغمة أن المنشآت التي يتم تحذيرها بضرورة الألتزام بشروط السلامة المهنية لا تلتزم من أول جولة تفتيشية وتحتاج في بعض الأحيان أكثر من 3 جولات.

 

 

وزارة العمل مقصرة في القيام بدور المفتش

ويعتبر مصطفى حنني أن وزارة العمل يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في توفير بيئة عملية سليمة من خلال القيام بدور المفتش على المنشآت، إلا أن هذا ما تفتقر له وزارة العمل لأن عدد مفتشيها قليل جداً مشيراً  إلى أنه تم مطالبتها  بتكثيف زياراتها وزيادة عدد المفتشين، الا انه لم يلحظ أي تغير على الوضع القائم.

 

وشدد حنني على رفضه لللمبررات التي تسوقها وزارة العمل حول عدم وجود الدعم اللوجيستي للقيام بدورها، مبيناَ أن الحكومة مجبرة بتوفير كافة الأمكانيات للحد من هذه الظاهرة.

 

 ورأى مسؤول التفتيش في الإتحاد أن المسؤول المباشر عن توفير الصحة والسلامة المهنية هو  صاحب العمل الذي وحده يتحمل كامل مسؤولية تأمين بيئة عمل.

 

وأشار حنني إلى أن العمال يحتاجون  إلى التعاون من أجل تطبيق برنامج الصحة والسلامة المهنية بشكل ملائم من خلال احترام الأنظمة والقواعد وتطبيقها لتقديم الحماية من المخاطر المهنية والوقاية من المخاطر المهنية.

 

كيفية العمل على وضع حد لهذه الظاهرة

يعتبر حنني  أن وضع حد لهذه الظاهرة يتم من خلال اتباع عدة طرق من بينها وضع عقوبات صارمة ضد من يخرق قوانين الصحة والسلامة المهنية، ويتسبب في وقوع عددٍ من الضحايا في صفوف العمال الفلسطينيين ووضع السياسات والبرامج الوطنية .

وبين حنني أن العقوبات الموضوعة ضد المخالفين غير رادعة مما تجعل أرباب العمل غير أبيهن بتوفير شروط الصحة والسلامة المهنية، الأمر الذي  يحتاج  إلى وضع جهود جبارة في البداية من خلال أصلاح القانون بوضع عقوبات رادعة على المخالفين مما يسهل من توفير ظروف الصحة والسلامة المهنية، وبالتالي يقلل من الاصابات داخل العمل.

 

وأشار إلى أن الغرامات المالية التي تفرض ضد المخالفين بتوفير وسائل الصحة والسلامة المهنية كافية أمام ارتفاع معدلات الأصابات والوفيات.

 

ورأى حنني أن هناك تراخي من قبل وزارة العمل والمفتشين تجاه المنشآت المخالفة  مضيفاً أن المفتشين بحاجة إلى تدريب وتأهيل .

 

ويرى مسؤول التفتيش في وزارة العمل عبد الكريم دراغمة، أن وضع حد لهذه الظاهرة بحاجة إلى تكاتف كل الجهات المختصة والشركاء بالعمل على تطبيق السياسيات التي وضعهتا اللجنة الوطنية لشروط  الصحة السلامة المهنية.

 

وبين دراغمة أن هناك حاجة ملحة إلى تعزيز ثقافة الوقاية في المجتمع الفلسطيني وهي مسؤولية مجتمعية، وهي ضرورة ومن أجل تحقيق هذا الهدف،  مبيناً أن وزارة العمل قامت بانشاء معهد الصحة والسلامة المهنية في جامعة البولتيكنيك في الخليل ويقدم خدمات التدريب الخاصة في مجال الصحة والسلامة .

وأستطرد مدير عام التفتيش، ان هذا لا يغني عن توفير الاجراءات الضرورية لقيام الوزارة بدورها على أرض الواقع من توفير 250 مفتش وسيارات دفع رباعي، معرباً عن أمله بان يتم توفيرها خلال موازنة العام 2016.

 

عقوبات على المخالفين ولكن..

ويرى مدير عام التفتيش في وزارة العمل أن هناك مجموعة من العقوبات تتخذ بحق المخالفين من أرباب العمل من قبل مفتش العمل وضمن القانون المتاح له...لكنه شدد على أن هذه العقوبات هي غير رادعة.

 

وأضاف أن مجموع الإجراءات التي تتخذ من قبل المفتشين هي إجراءات قياسية اذ يتم اتخاذ 7000 اجراء ما بين تنبيه وتحذير واغلاق وهي غير رادعة ولكن ليس امام المفتيش الا ان يلتزم بالقانون .

 

ويضيف دراغمة "أن المخالفين ومن يحولون إلى القضاء تفرض عليهم غرامة قيمتها من  100 الى 500 دينار، مبينا ان الوزارة تغلق سنويا من  40 الى 50 موقع عمل" .

شركات التامين تتحمل مسؤولية

 

ورأى مسؤول التفتيش في اتحاد نقابات عمال فلسطين مصطفى حنني أن شركات التامين يقع أيضاً على عاتقها مسؤولية ضعف الصحة والسلامة والمهنية في ظروف العمل مشيراً إلى أن ما يهمها فقط هو أن تاخذ الاموال من المشغلين .

 

وأضاف "أن شركات التامين يجب عليها قبل الموافقة على تأمين المنشىآت والعمال أن تقوم أولاً بالتأكد من توفر إجراءات الصحة والسلامة المهنية.

 

اتحاد عمال فلسطين والنقابات تتحمل المسؤولية

ويرى مسؤول التفتيش في اتحاد نقابات عمال فلسطين مصطفى حنني أن الأتحاد دوره رقابي وليس تنفيذي الا انه يقع على عاتقه مسؤولية في تنفيذ هذه الاجراءات التي تقلل من إجراءات الصحة والسلامة المهنية.

 

وأضاف أن هناك قصوراً في الأتحاد والسبب هو النقابات العمالية الموجودة داخل الاتحاد والتي لا تقوم بدروها بالشكل المطلوب، واستطرد " الدور الأكبر يقع على كاهل الجهات المختصة ممثلة بوزراة العمل والحكومة والتي عليها أن تراقب وتضع حداً لحالة الاستهتار بالعمال".

 

"وفي المحصلة فان الحل الامثل لوضع حد لهذه الظاهرة يجب ان يكون نتاج عمل مشترك من قبل جميع الاطراف  الحكومة ممثلة بالوزارات المعينة ونقابات العمال  والمشغلين والمقاولين والعمال".