الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

«مناكفات» الغاز تغضب «نوبل انرجي»: فقدنا الثقة بحكومة نتنياهو!

2016-01-31 01:40:23 PM
«مناكفات» الغاز تغضب «نوبل انرجي»: فقدنا الثقة بحكومة نتنياهو!
نوبل انرجي

الحدث - حلمي موسى

 

حملت شركة «نوبل إنرجي» الأميركية على الحكومة الإسرائيلية، وعلى المسؤول عن الاحتكارات التجارية فيها، بعدما تلقت المحكمة العليا التماساً للنظر في منع تنفيذ صيغة الغاز التي كان تم الاتفاق عليها. وتحدثت الشركة، التي تعاني من ضائقة مالية يمكن أن تقودها إلى الإفلاس، في بيان، عن «فقدان الثقة بحكومة إسرائيل».

 

ولم تكن شركة الغاز الوحيدة التي وجهت مثل هذا الانتقاد إلى الحكومة الإسرائيلية، بل شاركتها أيضاً شركة «إسرامكو» التي طلبت من قضاة المحكمة العليا رفض الالتماسات، لأن كثرة التغيير على أنظمة فرض الضرائب «تزعزع ثقة المستثمرين».

 

وأصدرت شركة «نوبل إنرجي» أمس بياناً ردت فيه رداً شديد اللهجة على الالتماسات التي رفعتها جهات إسرائيلية ضد صيغة الغاز. وجاء في البيان: «لقد وصلنا إلى هذا الوضع لأن منظومة الإجراءات في إسرائيل محطمة. وهذا وضعٌ قاد أصحاب نوبل إنرجي، ومالكي الأسهم فيها ومدراءها، إلى فقدان الثقة بحكومة إسرائيل وبتصريحاتها. ونحن نقول ذلك بشعور شديد بالألم».

 

وأشار مراقبون إلى أن رد «نوبل إنرجي» القصير هذا يحاول تجنب وضع أسوأ. فأهمية عقود الغاز على الصعيد الجيوسياسي، والتي اعتبرها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مبرراً أساسياً لتمرير صيغة الغاز من أجل إبرام اتفاقيات مع مصر والأردن، صارت موضع تجاهل. ولذلك فإنهم يقولون إن «نوبل إنرجي لا تعتقد أن في وسعها أو في وسع الملتمسين نصح حكومة إسرائيل في كل ما يتصل بالأمن، وباعتبارات السياسة الخارجية».


وترى «نوبل إنرجي» أن غاية الملتمسين هي «العمل طوال سنوات عدة بلا كلل من أجل منع تطوير حقول الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية. والمزاعم تتبدل مرة تلو مرة، لكن في الأساس تكمن نظرة ترى أن مصلحة الدولة تتطلب مصادرة الحقول من نوبل إنرجي وشركائها».


ورددت شركة «إسرامكو» الانتقادات ذاتها تقريباً ضد الالتماسات في المحكمة العليا رغم أنها طرفٌ ثانوي في صيغة الغاز.

 

فالشركة تملك 29 في المئة من حقل «تمار»، ولكن لأنها ليست شريكاً كبيراً في حقل «لفيتان»، فإن الصيغة لا تطالبها بتقليص حصتها في «تمار» ولا تنظر إليها على أنها احتكار.

 

مع ذلك، ترى «إسرامكو» أن صيغة الغاز ألحقت بها الضرر لسببين: اولاً، أنها حددت سعر الغاز في الصفقات المستقبلية، وثانياً أنها غيّرت طابع ملكية الحصص في حقل «تمار» («ديلك» تبيع حصتها البالغة 31 في المئة و «نوبل» تقلل حصتها من 36 في المئة إلى 25 في المئة قبل العام 2021). وترى «إسرامكو» أن في ذلك ما يزعزع استقرار حقل «تمار» العامل منذ ست سنوات.


ومن المؤكد أن «نوبل إنرجي» ليست في وارد الاكتفاء بالبيان الذي أصدرته، وهي تهدد من طرف خفي بتقديم دعاوى دولية ضد الحكومة الإسرائيلية. ولأنها شركة أميركية، فإن لموقفها تأثيراً على موقف الإدارة الأميركية. ومعروف أن وزارة الخارجية الأميركية لعبت دوراً كبيراً في حث الحكومة الإسرائيلية على حل مشكلتها مع شركة «نوبل إنرجي».

 

وعندما خاض نتنياهو معركته في الكنيست لتمرير صيغة الغاز، لعبت السفارة الأميركية في تل أبيب دوراً بارزاً في محاولة إقناع نواب عرب ويهود في الكنيست معارضين لنتنياهو لتأييد صيغة الغاز.


وترفض «نوبل إنرجي» الاتهامات الرسمية والشعبية لها بأنها تعمل كاحتكار في قطاع الطاقة في إسرائيل. وهي تقول إنها ليست السبب في نفاد الغاز المصري الذي كان يصل إلى إسرائيل، كما أنها ليست السبب في عدم نجاح آخرين في اكتشاف حقول للغاز في البحر المتوسط. ولذلك فإن كل الإجراءات الإسرائيلية التي أعقبت اكتشافها للغاز في حقلي «تمار» و«لفيتان» ترمي في نظرها إلى مناكفتها والتنكيل بها بغية تقليص ذخائرها في إسرائيل.


ويمكن اعتبار أن بيان «نوبل إنرجي» يقول صراحة إن الشركة مستعدة للتعاون في البحث عن سبل لإنقاذ مشروعها في إسرائيل، لكنها ليست في وارد الموافقة على أن تبيع حصتها في الحقول، أو تقبل بأي مساس بملكيتها، وأنها ستبذل كل ما بوسعها من أجل الدفاع عن نفسها.


ومن المؤكد أن بيان الشركة تأثر بحقيقة أن الجمعية العمومية لمالكي شركة «شل» الهولندية أقرت شراء شركة «بريتش غاز» البريطانية بقيمة 50 مليار دولار. ومعروف أن شراء «شل» لـ«بريتش غاز» يقضي على آمال شراكة «لفيتان» في انضمام «بريتش غاز» لجهود تطوير حقل «لفيتان»، ما يضع علامة استفهام أكبر حول مستقبله.


ولا تكمن مصيبة «لفيتان» في ذلك فقط، بل أيضاً في واقع أن منشأة تسييل الغاز في «إدكو» في مصر، والتي تملكها «بريتش غاز»، ستغدو من الآن فصاعداً ملكاً لشركة «شل»، التي لاعتبارات مصالحها في الدول العربية وإيران قد تتجنب التعامل مع إسرائيل. ومعروف أن شراكة «لفيتان» وقّعت عقداً ابتدائياً بحوالي 30 مليار دولار على مدى 15 عاماً لتزويد منشأة «أدكو» بالغاز، ولكن لا يبدو أن هناك فرصة لتحقيق هذا العقد أو إتمامه.


والواقع أن الأخبار السيئة لشراكة «لفيتان» تأتي من أكثر من جهة. ففي أواسط الشهر الماضي، خفضت شركة التصنيف الائتماني «موديس» تصنيف «نوبل إنرجي» التي خسرت حوالي ثلثي قيمة أسهمها في البورصة. ومن المتوقع أن يحوي التقرير السنوي لنشاطات الشركة الذي سيصدر في شباط المقبل، إشارةً إلى خسائر الشركة الفعلية.

 

ولكن في كل الأحوال من الواضح وفق كل التقديرات أن المشاكل التي تعترض «نوبل إنرجي» خصوصاً، وقطاع الطاقة العالمي عموماً، بسبب انخفاض أسعار النفط تحول في وقت قريب دون تطوير حقل «لفيتان» الذي كان ينظر إليه على أنه رافعة مركزية للاقتصاد والسياسة الإسرائيليين. وبحسب الخبراء، فإن تطوير هذا الحقل بات يتطلب الانتظار لسنوات طويلة مقبلة.

 

ولا يستبعد الخبراء أن تضطر «نوبل إنرجي» لبيع حصتها في الحقول البحرية الإسرائيلية إذا أرادت لنفسها البقاء، خصوصاً أن ديونها كثيرة، وأن حقل «تمار» هو الحقل الوحيد الذي يعود عليها بموارد مالية جارية بسبب الاتفاق على سعر الغاز مع الشركات الإسرائيلية.

 

المصدر: السفير