الإثنين  29 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

جدعون ليفي: "خرجنا من غزة" كي نعود لنقصف

2016-02-05 07:34:30 AM
جدعون ليفي:
فتاة في غزة تقف إلى جانب الدمار

 

الحدث- القدس

 

كتب الصحفي، والمحلل الإسرائيلي، جدعون ليفي، في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، مقالاً خلص فيه، إن خروج الاحتلال الإسرائيلي من غزة، لا يعني أنها مكانٌ صالح للعيش، وإنما الخروج من غزة، يعني الدمار الذي خلفه الاحتلال وراءه، ويعني كيفية التعامل الحالي مع غزة، من قبيل فرض الحصار، ورش المنطقة العازلة بالسم، ما يعني أن الخروج من غزة يعني أن الوضع سيشتعل من جديد، ليعود الاحتلال ليقصفها.

 

وإلى نص المقال: 

الانباء الاخيرة من غزة تأتي، كالمعتاد، من خارج القطاع. فإدمان الخوف والغرق الدائم في الرعب في اسرائيل يذكرانا فجأة بوجود القطاع المجاور. هكذا فقط نتذكر هنا غزة: عندما تطلق النار، او عندما تحفر على الاقل. سكان "غلاف غزة" يسمعون اصواتا، ربما اصوات حفر، فينالون نصيبهم من الاهتمام: نتذكر وجود القطاع. ايران شطبت عن جدول الاعمال، السويد ليست مخيفة بما يكفي، حزب الله منشغل – وبالتالي نعود الى غزة.


اذا ما انطفأت قضية آييلت زورير لا سمح الله وقضية موشيه ايبجي لم تقلع – وهي الامور التي تهم حقا – فمن شأن بعض المحللين والمحررين السياسيين والجنرالات المتعطشين للدماء ان يجروا اسرائيل الى "حرب" اخرى في غزة. و"الحرب" في غزة هي دوما مذبحة مضبوطة اخرى، تقاس انجازاتها بعدد الجثث وكمية الخرائب التي تخلفها وراءها. وقد سبق لاسحق هرتسوغ أن وعد بتولي الامر.


ولكن الانباء الحقيقية من غزة لا تأتي الى علم الاسرائيليين. فمن سمع هنا، ان طائرات سلاح الجو الاكثر أخلاقية في العالم رشت في الاسابيع الاخيرة بالسم الحقول في "المنطقة الفاصلة"، التي اعلنت اسرائيل عنها بشكل احادي الجانب، بمسافة 300 متر عن الجدار؟ فالمزارعون في غزة يبلغون بان طائرات رش السموم توسع احيانا اهدافها بمسافة 500 متر.


1.187 دونما تضررت بالرش السابق في كانون الاول. ويبلغ الطيارون عن اصابات جيدة للهدف، وهم مقتنعون بأنهم يقومون بعمل طيب. يجدر الانتباه الى الصيغة النظيفة للناطق بلسان الجيش الاسرائيلي: "جرى رش جو لمواد مبيدة للاعشاب ومانعة لنمو النبات في مساحة محاذية للجدار الفاصل، وذلك من اجل السماح بمواصلة تنفيذ مهام الامن الجاري في المنطقة على افضل شكل ممكن".


محظور على الصيادين الخروج الى البحر لمسافة اكثر من 6 ميل بحري، وبين الحين والاخر يختطف صياد او تطلق النار عليه؛ محظور على الفلاحين ان يقتربوا اكثر من 300 متر وكل ذلك من اجل خدمة ملاك الامن الاسرائيلي وهو وحده – والاحتلال في القطاع انتهى منذ زمن بعيد.


على مسافة ساعة سفر من تل ابيب – غزة. حتى بلا توريد "مواد مانعة لنمو النبات"، يكاد لا ينمو فيه شيء. وتقول آخر معطيات جمعية "غيشا": 43 في المئة بطالة، 70 في المئة يحتاجون لمساعدة انسانية، 57 في المئة يعانون من نقص الامن الغذائي. والتقرير الذي تقشعر له الابدان ونشرته الامم المتحدة في شهر آب تحت عنوان: "هل ستكون غزة مكانا قابلا للعيش في العام 2020" – عندها سيكون الضرر لشبكات المياه لا مرد له؛ فالمياه منذ اليوم غير صالحة للشرب.


الناتج القومي المحلي الخام للفرد – 1.273 دولارا، اقل مما قبل 25 سنة، ولعله الوحيد في العالم الذي يهبط. ستكون حاجة الى الف طبيب والفي ممرضة لجهاز الصحة المحاصر والمنهار؛ من أين سيأتون؟ من كلية الطب في النصيرات؟ من الطلاب الذين خرجوا لتعلم الطلب في هارفرد؟ لقد شددت مصر حصارها، والعالم تنكر لالتزاماته، واسرائيل تستغل هذا كي تواصل الحصار.


ثلاث ساعات كهرباء. احيانا ستة. في البرد وفي المطر. وبعد ذلك 12 ساعة بدون، ومرة اخرى ثلاث أو ست ساعات. كل يوم. نحو مليوني نسمة. مليون منهم لاجئون وابناء لاجئين، من فعل يد اسرائيل المباشر او غير المباشر. نحو مليون منهم اطفال. لا يوجد اسرائيلي يمكنه أن يتصور هذا. لا يوجد الكثير من الاسرائيليين ممن يشعرون بالذنب لقاء ذلك. ثمة القليل من الاسرائيليين ممن يهمهم الامر على الاطلاق. حماس، كما تعرفون. في الكارثة التالية في العالم، الهزة الارضية او الطوفان، سنكون هناك، مع بعثة من الجيش الاسرائيلي. الجيش الاسرائيلي ذاته، في بزاته اياها التي يرش بها الحقول في غزة، الاوائل دوما هم نحن.


وفي هذه الاثناء في غزة نحو 2 مليون نسمة، بعضهم عملوا هنا لسنوات، لبعضهم حتى يوجد اصدقاء هنا، يعيشون في فقر مدقع ويأس دائم، ولا سيما بسبب الحصار الاسرائيلي. لقد اكتمل "خرجنا من غزة". والان لا حاجة الا لانتظار الانفاق كي نعود لنقصف.