السبت  18 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إرادة التغييــر/ بقـلم: تيسير الزّبري

2016-03-01 11:00:01 AM
إرادة التغييــر/ بقـلم: تيسير الزّبري

القلق والخوف مما يحمله الحاضر والمستقبل في المجتمع الفلسطيني، وتحديداً في الداخل، هو السمة البارزة، ومهما حاول البعض من تقليل شأن ما يدور فهو كمن يحاول إخفاء الشمس بغربال. مظاهر القلق تشمل الأفق السياسي، وكذلك الأفق الاقتصادي والاجتماعي، بل تكاد تشمل كل شيء!

لا يجادل أحد في المجتمع الفلسطيني داخل الوطن، وكذلك في بلاد الشتات والغربة أن أسباب نكبة الشعب الفلسطيني هي التمدد الصهيوني والاحتلال اللاحق لذاك التمدد منذ بداية القرن التاسع عشر، وتواصل حتى يومنا هذا بكل ما حمله من آلام وظلم تاريخي وأخطره عملية الطرد والتهجير لملايين الفلسطينيين والعمل الدؤوب من قبل المحتلين وأنصارهم على حرمان الفلسطينيين من حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولتهم الحرة والمستقلة. كل ذلك معروف للقاصي والداني ولا أحد يجادل بالصعوبات والعقد التي تقف في وجه الفلسطينيين ومفاعيلها التي تعمل من أجل حرمان الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم المشروعة. وإذا كان الوضع كما وصفنا من حيث الدور الاحتلالي وسياساته القمعية، فهل يعني ذلك أننا لا نستطيع أن نعمل شيئاً على صعيد أوضاعنا الداخلية، والتي لن يستطيع الاحتلال وقفها مهما حاول واتخذ من وسائل القمع؟ وهنا فإن المشهد الذي نتحدث عنه تدور أحداثه فوق أراضٍ لنا عليها شيء من السلطة الداخلية.

في الوضع الداخلي نستطيع أن ننهي الانقسام الذي ابتلينا به منذ تسع سنوات تقريباً، وقد بذلت جهود كبيرة داخلية فلسطينية وعربية من أجل إنهائه، وجرى التوقيع على أكثر من اتفاق لحل هذا الحال، ولكن الأمور لم تصل إلى ما يرضي الشعب الفلسطيني والمصلحة الوطنية العليا، وسوف يأتي اليوم الذي نستطيع فيه أن نحصي خسائرنا البشرية والاقتصادية والسياسية التي دفعها شعبنا من حسابه الوطني ثمناً لهذا الانقسام (وربما نصل إلى اعتباره لا يقل بخسارته عما فعلته نكبات تاريخية للشعب الفلسطيني). عندما ينتهي هذا الانقسام فسوف نعاني الكثير الكثير من نتائجه!

وفي الوضع الفلسطيني نستطيع، بعد إنهاء الانقسام أن نعيد بناء المؤسسات الفلسطينية ابتداء من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والمؤسسات القائمة للسلطة مثل الرئاسة والتشريعي بالانتخاب، ولا تستطيع دولة الاحتلال، مهما حاولت من إجراءات، أن توقف هذه العملية، ومع كل ذلك فإن الأصوات التي تطالب بإجراء تجديد لهذه البنى ما زالت تذهب هباء!

وفي الوضع الداخلي الفلسطيني نستطيع أن نقدم حلولاً لمشكلات اقتصادية واجتماعية، والمثل الصارخ في وجوهنا هو الوضع الخاص بالمعلمين الحكوميين الفلسطينيين، وهي بكل المقاييس تعتبر مشكلة لكل الشعب الفلسطيني، من حيث التأثير التربوي على الإجيال الفلسطينية وعلى أوضاع المعلمين وعائلاتهم، وهي صرخة المظلومين في وجه كل من تبوأ موقعاً مقرراً في الشأن الفلسطيني. لقد عبر المعلمون عن كل معاناتهم دون أن يحملوا أحداً المسؤولية المادية الإضافية لحل مطالبهم، فنحن نقول وهم يعرفون أن قليلاً من العدالة في التوزيع (حتى في إطار أرقام ميزانيتنا الحالية يمكن أن تلبي مطالب المعلمين)، وأرقام موازنة العام الجاري تقدم الدليل على ذلك.

نعود لما ابتدأنا بقوله إن للاحتلال أهدافاً يعمل من أجل تحقيقها والاستيطان والقهر وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة هي شواهد نعرفها ويعرفها العالم، ولا أحد يجادل لعكس الوقائع القاسية، لكن وبالرغم من كل الشواهد على ممارسات الاحتلال، فإن استخدام ذلك ذريعة للتملص من الاستحقاقات الداخلية هي سياسة فاشلة بنتائجها مهما استخدمت من وسائل مجربة جيداً في دول الجوار المحيطة، فالحق يعلو ولا يعلى عليه مهما كانت العقبات.