الأحد  28 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 59| هجرة معاكسة في “اسرائيل” .. الوضع الاقتصادي أهم أسبابها

2016-03-15 12:08:06 AM
في العدد 59| هجرة معاكسة في “اسرائيل” .. الوضع الاقتصادي أهم أسبابها

 

كفاءات “إسرائيل” هجرة صاعدة إلى أوروبا

الحدث- فرح المصري

يبدو أن عدد المهاجرين مرشح للتصاعد في السنوات القادمة، وخاصة من فئة الشباب وأصحاب العقول النيرة والباحثين عن مستقبل أفضل لهم.

 

وتعد ظاهرة امتلاك الكثيرين من اليهود جنسية مزدوجة جزءاً من شعورهم بالنفي الداخلي، وسعيا في تأمين مستقبلهم اذ أن هناك إحساسا بأن الكيان يتفكك.

 

وتسعى حكومة الاحتلال إلى خلق هواجس حول أعداد الفلسطينين ونفاذهم للموارد الطبيعية في فلسطين وخاصة المياه، لترهيب الجاليات اليهودية في الخارج تحت مزاعم واهمه تهدد «الكيان الصهيوني » وتقول خبيرة الشؤون الإسرائيلية، هنيدة غانم، إن الأرقام التي تأتي بها مسوحات تعداد السكان في «إسرائيل »، مبالغ فيها وهي غير دقيقة، فهي تقارن الفلسطينيين عامة بما فيها غزة المحاصرة، وتارة أخرى تقارن نسب المواليد للنساء العربيات وتصر على ارتفاعها أو حتى استقرارها علماً بأنها سجلت انخفاضاً واضحاً لتصل إلى % 3 فقط! مقابل % 6 للنساء اليهوديات (الحريديم).

هذه الاختلافات البالغة، لم تأت اعتباطاً، مردها الأول حسب ما ذكرت غانم، يهدف إلى حث حكومة الاحتلال وإقناعها بضرورة الانفصال عن الفلسطينيين، أما مردها الثاني فهدفه محاولة الباحثين والكتاب الإسرائيليين وعلى رأسهم ايرنست رينون حامل شعار «الخطر الديموغرافي » في خلق هواجس حول أعداد الفلسطينيين ونفاذهم للموارد الطبيعية في فلسطين وخاصة المياه.

ولم تنفِ غانم حقيقة وجود تغيرات ديموغرافية، لكنها ضئيلة جداً تكاد لا تكون مؤثرة أو ملموسة خلال الأعوام القادمة.

 

الهجرة العكسية .. حقيقة أم حلم؟

بعيداً عن القوانين الإسرائيلية التي وضعتها حكومة الاحتلال في محاولة جذب المهاجرين من شتى أنحاء البلاد، إلا أن الوضع الاقتصادي ما زال عائقاً ويشكل تحدياً كبيراً أمامها يبعثر خططها في تدشين الهجرة إلى إسرائيل لتصبح هجرة معاكسة نحو دول الخارج.

ففي دراسة حديثة حول «الهجرة اليهودية المعاكسة ومستقبل الوجود الكولونيالي في فلسطين » للباحث جورج كرزم، جاءت أعداد الإسرائيليين المهاجرين للخارج في العقد الأخير 200 ألفٍ، % 59 منهم توجهوا لسفارات أجنبية للحصول على جنسياتها، بينما أيدت % 78 من العائلات اليهودية أبناءها للسفر للخارج، والذين يحمل 1.5 مليون إسرائيلي يحملون جوازات أجنبية.

 

قانون الضرائب الإسرائيلي

 من جهته، قال الخبير القانوني محمد دحلة: «إن «إسرائيل » تقوم بتخفيض نظام الضرائب على كل المواطنين، في خطوة تهدف لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المهاجرين، فهي قامت بتخفيض جمرك السيارات وألغت الجمرك على أثاث البيت، لتشجيع المهاجر على إحضار ممتلكاته الشخصية .»

ورغم قيام «إسرائيل » بتخفيض قانون الضرائب لتسهيل حياة مواطنيها، إلا أن أصحاب لأدمغة والكفاءات تفكر بالهجرة للخارج بحثا عن مستقبل أفضل.

 

كفاءات «إسرائيل » هجرة صاعدة إلى أوروبا

ومن الغريب أن تكون الأدمغة «الإسرائيلية » الأكثر عرضة للهجرة العكسية، فعلى المنظور البعيد، تبدو إسرائيل دولة متقدمة ترعى المواهب وتعنى بالكفاءات وباستغلالها، لكن الظروف السياسية والاقتصادية دفعت بهذ العقول إلى السفر خارجاً. وهو ما وجده خبير الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي، متزايداً في الآونة الأخيرة: «إن أصحاب الأدمغة يجدون أن مستقبلهم أفضل في الخارج، ولذلك يقومون بالسفر بحثاً عن دولة مستقبلها أكثر وضوحاً واستقراراً .»

 

ومن الملاحظ أيضاً، أن الأشخاص الاعتياديين أو حتى الذين لا يملكون شهادات جامعية، هم الأكثر تمسكاً ب «إسرائيل » كدولة تقدم لهم العديد من الامتيازات الضريبية التي تجعل من وجودهم ضرورة لا بد منها، فبقاؤهم مسألة وجودية للدولة الصهيونية.

 

وأشار إلى أن 6000 طبيب، و 20 ألف خبير في مجال التكنلوجيا هاجر من «إسرائيل » للخارج بحثا عن مستقبل أفضل.

 

دخل الفرد في «إسرائيل » لا يتحمل كلفة الغلاء المعيشي !

 

من جهته، قال الخبير القانوني محمد دحلة: «إن ارتفاع الغلاء المعيشي في «إسرائيل» دفع الازواج الشابة للتفكير الجدي بالهجرة إلى الخارج لعجزهم عن معايشة هذا الغلاء، فمصاريف المعيشة وما يتعلق بالمسكن والمأكل غالية جدا مقارنة بالرواتب التي تدفع ."

 

من جهه أخرى، يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي: «إن % 93 من الأراضي في «إسرائيل » هي ملك للدولة فهي أراض فلسطينية صادرتها الدولة، وبالتالي أصحاب الأجور المتوسطة والفقراء لا يستطيعون شراء الأراضي لغلاء أسعارها ويكتفون بشراء البيوت الجاهزة. »

 

هجرة «الميلكي »

هي هجرة «الميلكي »، هكذا أسماها المواطنون «الإسرائيليون » المحتجين على غلاء المعيشة، وخاصة في ظل هجرة الازواج الشابة من «إسرائيل » إلى ألمانيا لأن مستوى الغلاء أقل، فالميلكي وهو نوع من أنواع الحليب يباع في «إسرائيل » بضعف ما يباع في ألمانيا، ومن هنا سميت هذه الهجرة بهذا الاسم.

 

وأضاف دحلة لـ"الحدث":" إن هناك نوعين من المهاجرين اليهود، "القادمون الجدد " المهاجرون الذين تستقطبهم «إسرائيل » لأول مرة، وتمنحهم ما يسمى «سلة استيعاب » تشمل مبلغ مادي، بجانب منحهم المواطنة".

 

والنوع الثاني من المهاجرين حسب دحلة، هم «المواطنون العائدون » أي المهاجرون الذين يرجعون إلى «إسرائيل » ومن ثم يغادروه لأسباب معينة، فتقدم لهم تخفيضات معينة بمجالات مختلفة لتجذبهم للعودة .»

 

واشأر إلى أن هناك عوامل أخرى للهجرة المعاكسة، فهناك شريحة كبيرة لا ترى مستقبل في «إسرائيل » وخاصة في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة فيها، وهناك من يهاجر للزواج أو التعلم.

 

من جهة أخرى، نوه الخبير القانوني محمد دحلة إلى النوع الثالث من المهاجرين اليهود، أصحاب الهجرة المؤقتة التي تعتمد على مزاجية المهاجر ورغبته في التجوال.

 

فهو شعب يحب التجول بطبعه ولا يحب الإستقرار ببلد واحد، وهم عادة ما يرجعون إلى إسرائيل » بمحفزات تقدمها لهم، بعكس الفلسطينين الذين إذا هاجروا لمدة طويلة يمنعون من للوطن.

 

«يهودية الدولة »

بالرغم من الادعاء الإسرائيلي بـ "يهودية الدولة"  وبأن الهجرة واستقطاب المهاجرين يهدف إلى تجميع يهود العالم، إلا أن الأرقام والحقائق على مر التاريخ أثبتت عدم صحة هذا الادعاء، فحسب دحلة فإن المهاجرين الروس «من غير اليهود » ومنذ بداية التسعينات والذي بلغ عددهم أكثر من نصف مليون، هاجروا إلى «إسرائيل » كمحطة مؤقتة حتى يجدوا مكانا أفضل في أوروبا أو أميركا للعيش فيه.

 

أسباب الهجرة العكسية

ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى الهجرة العكسية حسب الخبير القانوني محمد دحلة، هي قضية تأمين الوظائف للمهاجرين، فبالرغم من المبالغ التي تخصصها حكومة الاحتلال وعلى الرغم من إعطائهم الجنسية الإسرائيلية، فإنها تغفل عن وضع برامج توظيفية لهؤلاء القادمين من مختلف البلدان أملاً في عيشة أفضل وبوظيفة أعلى مستوى.

 

فيبدو أن الخلل الأكثر وضوحاً والمتسبب الرئيسي في عودة هؤلاء المهاجرين إلى بلد المنشأ، هو عدم وجود ترتيب مناسب لهم في صفوف الوظائف الحكومية والخاصة على حد سواء، مما يجعلهم يفكرون بالعودة إلى بلادهم وإلى وظائفهم السابقة.

 

ومن أكثر الأمثلة دلالة على مسألة التوظيف واقترانها بالهجرة العكسية، هي أن بعض اليهود الروس من «المهندسن » الذين جاؤوا من روسيا وتلقوا «سلة الاستيعاب » لم يجدوا فيها ما يكفي ويدفعهم على البقاء، فالوظيفة التي كانوا فيها «مهندسين » لا يمكن مقارنتها بوظيفة «عمال النظافة » مهما كان الراتب جيداً.