الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص | "جحا" والحكومة

2016-03-27 07:07:38 AM
خاص |

 

الحدث خاص

 

بعض الأقوال تفيد بأن شخصية جحا كانت شخصية هزلية ذكية، بينما أقوال أخرى تقول إنها شخصية لفرط غبائها صارت هزلية.

 

وعلى ما يبدو أن جحا كان يعيش أحداثه بطريقة مختلفة، تتكيف مع ظرفه، يتماشى معها من خلال التصرف بذكاء كوميدي، ومعلقا على الأحداث التى كان يعيشها بسخرية، فتارة نراهُ ينافق السلطان، وتارة يسخر منه، وتارة يعلق بجد.

 

جحا، تلك الشخصية الفكاهية الهزلية التي ظهرت في عصور مختلفةـ لم تنقرض بل هي ما تزال حاضرة راسخة وبقوة وموجودة بيننا إلى اليوم.

 

بين ما تعلمه الحكومة ولا نعلمه..ينعدم الحوار

 

من أهم ما يراه مراقبون التقتهم "الحدث"، خلال الفترات الماضية، في مراجعة لتقييم أداء الحكومة السابعة عشرة، كانت أهم  التعليقات تتمحور حول تراجع منظومة الشفافية، وتراجع مستويات التواصل المجتمعي، وغياب آليات واضحة للحصول على معلومة، في ظل انعدام تطبيق قانون الحق في الحصول على المعلومة، بينما تسعى الحكومة جاهدة، وخلال الفترة القريبة، إلى إطلاق مشروع الجرائم الإلكترونية، والذي سيفرض قيوداً واسعة على حرية الرأي والتعبير.

 

وبينما تحاول الحكومة، ومن خلال تعيين، 3 ناطقين رسمين باسمها لتقول شيئاً، فإنها لا تقول شيئا، تماما كجحا الذي كان جالساً في إحدى حلقات الوعظ، سأل: أيها المؤمنون، هل تعلمون ما سأقوله لكم؟

فأجابه السامعون: كلا، لا ندري.

قال: إذا كنتم لا تعلمون، فما الفائدة من التكلم، ثم نزل عن منصته.

وعاد في يوم آخر فألقى عليهم نفس السؤال، فأجابوه، هذه المرة: أجل إنا نعلم.

فقال: ما دمتم تعلمون ما سأقوله فما الفائدة من الكلام؟

فحار الحاضرون في أمرهم واتفقوا فيما بينهم، على أن تكون الإجابة في المرة القادمة متناقضة، قسم يجيب: لا، وقسم يجيب: نعم.

 ولما أتاهم جحا في المرة الثالثة، ألقى عليهم سؤاله الأول اختلفت أصواتهم بين: لا ونعم فقال: حسناً جداً مَنْ يعلمُ يُعْلِمُ مَنْ لا يَعْلم.

 

 

الجوامع بين الاحتلال والحكومة وجحا

 

 بين حكومة الاحتلال التي تحاول جاهدة وقف صوت الآذان، متعللة بأنه ليس سوى ضجيج مزعج يقض مضاجع آلاف الإسرائيليين المستوطنين؛ وبين الحكومة الفلسطينية التي تستخدم مكبراته كوسيلة إبلاغ ومرسال في عصر التكنولوجيا ورقمنة التعليم، أراد جحا أن يبني حماماً فوق مئذنة الجامع، وتقول الحكاية:

 

دخل جحا الحمام يوماً وكان السكون فيه سائداً، فأنشأ يتغنى فأعجبه صوته فحدثته نفسه بأنه لا يجوز أن يبخل بنعمة صوته البديع على بقية الناس.

 

فخرج جحا من الحمام مسرعاً قاصداً الجامع، حيث صعد إلى المئذنة وبدأ ينشد بعض التسابيح في ساعة أذان الظهر، فاستغرب الموجودون في المسجد من هذا الأمر، وكان صوته خشناً مزعجاً.

 

فناداه أحدهم قائلاً: "ويحك يا أحمق! مالك تزعج الناس بهذا الانشاد بصوتك المزعج وفي مثل هذه الساعة ؟"

 

فأجابه جحا من أعلى المئذنة: يا أخي لو أن محسناً يتبرع لي ببناء حمام فوق هذه المئذنة لأسمعتك من حسن صوتي ما ينسيك تغريد البلابل!

 

وهي تماماً تشبه عبارة، يا أخي لو أننا نترك الحكومة تشتري ألواحاً رقمية للطلاب، لرأيت التعليم كيف سيختلف في فلسطين!

 

الحكومة و "المعاملة بالمثل" 

 

سررنا لقرار الحكومة بشأن المنتجات الإسرائيلية، حينما قررت في جلستها الأخيرة، المنعقدة يوم الثلاثاء الماضي الموافق 22 آذار 2016، منع دخول بضائع إسرائيلية، رداً على منع الاحتلال إدخال 5 شركات فلسطيني لتسويق منتجاتها في القدس المحتلة.

 

وعلى الرغم من  أن القرار مهم، إلا أنه تنقصه، وبحسب خبراء التقتهم "الحدث"، إ آليات تطبيق على الأرض، ولا يجب أن يكون مجرد رد فعل قد يكون غير عملي وطفولي، كما تصرف جحا بطفولية وانتقامية في الموقف التالي:

 

كان جحا في الطابق العلوي من منزله ، فطرق بابه أحد الأشخاص ، فأطل من الشباك فرأى رجلا 
فقال : ماذا تريد ؟ 


قال: انزل الى تحت لأكلمك ، فنزل جحا 


فقال الرجل: انا فقير الحال اريد حسنة يا سيدي . فاغتاظ جحا منه ولكنه كتم غيظه ، وقال له : اتبعني، فتبعه الرجل.


وصعد جحا الى أعلى البيت والرجل يتـبعه، فلما وصلا الى الطابق العلوي التفت الى السائل، وقال له: الله يعطيك.


فاجابه الفقير: ولماذا لم تقل لي ذلك ونحن تحت؟ 


فقال جحا: وانت لماذا انزلتني ولم تقل لي وانا فوق؟ 

 

بين "الحمد الله" و "نعوذ بالله"

 

يُعرف عنا، اننا ننادي كلا بكنيته، مثلاً نقول عن الرئيس محمود عباس، الرئيس عباس، وننادي اللواء جبريل الرجوب، بـ "الرجوب"، و "البرغوثي" نسبة لمصطفى البرغوثي، أو لمروان البرغوثي.

 

كذلك الأمر بالنسبة لرئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، الذي نلقبه اختصارا بـ "الحمد الله".

 

وكان تيمورلنك قد سأل جحا ذات مرة قائلاً: تعلم يا جحا إن خلفاء بني العباس كان لكل منهم لقب اختص به فمنهم الموفق بالله والمتوكل على الله والمعتصم بالله وما شابه، فلو كنت انا منهم فماذا يجب أن أختار من الألقاب؟

 

 فأجابه على الفور: بلا شك بأنك كنت ستدعى بلقب "نعوذ بالله".

 

النكتة الأخيرة..نأمل أن لا نضيع مع الحكومة

 

عندما نقدم حالة نقدية لتصرف ما، يتعلق بالسياسات الحكومية، فإن الهدف منه، يكون أن نصل إلى حالة البناء، لأنه دون نقد لا يوجد بناء صحيح، فالانتقاد يشكل حالة من حالات الرقابة، في ظل غياب كل أشكال الرقابة والمساءلة والمحاسبة للحكومة الحالية، التي لم تشهد ولم تعرف معنى الحياة البرلمانية، ولا تعرف معنى استجواب الوزراء وسؤالهم والرقابة على أدائهم، وحجب الثقة عن الحكومة.

 

والمحصلة الحالية، حيث نحن نسيرُ بلا وجهة، فإننا لا نأمل شيئا غير أن لا تضيع بنا الحكومة.

 

والنكتة الأخيرة عن ضياع حمار جحا تقول: : ضاع حماره فأخذ يفتش عنه ويحمد الله شاكراً، فسألوه: لماذا تشكر الله، فقال: أشكره لأني لم أكن راكباً على الحمار ولو كنت راكباً عليه لضعت معه.