الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أطفال فلسطين .. حياة لا تخلو من الاعتقال والشهادة

2016-04-05 04:51:36 PM
أطفال فلسطين .. حياة لا تخلو من الاعتقال والشهادة
أرشيف

 

الحدث- محاسن أُصرف

على عكس أطفال العالم الذين يحتفون بيومهم، في مثل هذا اليوم من كلِ عام، بالكثير من السعادة والتطلع للمستقبل في ظل ما توفره لهم حكوماتهم من دعم معنوي ومادي؛ يحتفل الأطفال الفلسطينيين باستذكار معاناتهم ونشرها أمام مرأى ومسمع العالم علّه يُحرك ساكنًا باتجاه إنهاء معاناتهم.

 

ويؤكد مختصون فلسطينيون أن حياة الأطفال الفلسطينيين لا تخلو من حوادث الاعتقال والاستشهاد نظرًا لرزوح وطنهم تحت نير الاحتلال، وأكدوا في أحاديث منفصلة مع "الحدث" أنهم رغم قيود العيش وانتهاكات المحتل إلا أنهم لا يملون الأمل بحياة هادئة بعيدًا عن الصراعات والنزاعات السياسية.

 

وبحسب مركز الاحصاء الفلسطيني فإن حوالي نصف سكان الضفة الغربية وقطاع غزة هم من الأطفال، وبلغ عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن (18 عامًا) خلال العام 2015 حوالي (2,165,288) طفلًا منهم (1,105,663) ذكرًا و(1,059,625) أنثى، وأوضح تقرير المركز  الذي صدر اليوم بمناسبة يوم الطفل، أن عدد الأطفال الذكور في الضفة الغربية بلغ (641,557) ذكرًا، فيما بلغ عدد الإناث (615,493) أنثى، أما في قطاع غزة فقد بلغ عدد الذكور(464,106) في حين بلغ عدد الإناث (444,132).

 

اعتقالات متكررة

قبل عام عانى الطفل خالد الشيخ من تجربة اعتقال مريرة، ورغم انتهائها بالتحرر إلا أن تفاصيلها مازلت تقبع في ذاكرته، يقول:" بعد الاعتقال والتعذيب قضت المحكمة الإسرائيلية بمكوثي معتقلًا لـ(4) أشهر، وفرضت على عائلتي غرامة مالية قُدرت بـ(2000) شيكل".

 

التهمة التي وجهت لخالد ولغالبية الأطفال الأسرى لدى الاحتلال؛ القاء الحجارة وحرق إطارات السيارات، لكن آليات التعذيب وممارسات القمع التي مارستها ضده تُشير إلى تُهمة أخطر من ذلك-يقول خالد- ويُضيف أنه تعرض للصعق الكهربائي وحُرم من العلاج وصبح مساء كان يستمع إلى الشتائم بالألفاظ النابية، والتهديد بإصدار بحكم يجعله يشيب في الأسر، يقول:"تلك الممارسات انعكست سلبًا على نفسيتي ولم تُغادرني بعد مغادرتي الزنزانة".

 

وتم الإفراج عن خالد في السادس عشر من إبريل 2015 الماضي بعد اعتقال دام 63 يومًا، كانت أشد أيام عمره قسوة حسب تعبيره.

 

وسجل العام 2015، حوالي (2.179) حالة اعتقال بين الأطفال في الفئة العمرية (11 -18) عامًا، وبحسب تحليلات مركز الإحصاء الفلسطيني، فإن الرقم شكل زيادة كبيرة مقارنة بالعام 2014، مؤكدًا أن نسبة الاعتقال بين الأطفال وصلت إلى (72.1%)، فيما بلغ عدد الأطفال الذين تم اعتقالهم خلال العام 2014 (1.266) طفلًا بزيادة نسبة (36.0%) عن العام 2013.

 

انتهاك للقوانين

من جانبها؛ أكدت المُختصة في شئون الأسرى أمينة الطويل، أن الاحتلال الإسرائيلي  صعّد من انتهاكاته وممارساته التعسفية بحق الأطفال الفلسطينيين خلال الهبة الشعبية المُندلعة منذ أكتوبر 2015 الماضي، وقالت: "إن عمليات الاعتقال يُرافقها الكثير من الابتزاز والتهديد والتعذيب وفرض غرامات مالية كبيرة جدًا لا يكون لأهل الطفل المعتقل طاقة بتسديدها"، وأوضحت أن الهدف من اعتقال الأطفال وترهيبهم من قبل الاحتلال لا يعدو زعزعة ثقافتهم الوطنية وإبعادهم مستقبلًا عن ساحة المواجهة مع الاحتلال.

 

وبيّنت أن الاحتلال يعمد إلى خرق القوانين الدولية التي تُعرف الطفل بأنه كل شخص دون  الثامنة عشر، وتقول:إن الاحتلال لا يعترف بالأطفال الفلسطينيين فوق سن السادسة عشر، وأضافت: أنه بذلك يُنصب نفسه فوق القانون.

 

ونبهت الطويل، إلى العديد من الممارسات التعسفية التي يُواجهها الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال من تهديدات متواصلة بالاعتداء الجنسي والتغرير بهم وإجبارهم على التوقيع على وثائق تُثبت تورطهم أملًا في الضغط على المحكمة الإسرائيلية لمعاقبتهم والزج بهم أطول فترة ممكنة في سجونهم الظلامية، وفي سياقٍ متصل كشفت الطويل عن سبع حالات إسقاط أمني تعرض لها الأطفال الأسرى داخل مراكز التوقيف بالإضافة إلى إحدى عشر حالة محاولة انتحار، وتقول:"إن هذه الحالات تُفسر قسوة التعذيب والتنكيل بالأسرى الأطفال لدرجة أثرت على نفسياتهم وسلوكهم داخل الأسر"، مُطالبة كافة الجهات الرسمية والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الطفل أن تتنبه لقضية اعتقال الأطفال والعمل على إنهائها والتصدي لها في ظل المعاملة اللا إنسانية التي يتعرضون لها.

 

على طريق الشهادة

وبسبب الاحتلال أيضًا لا يُغادر الأطفال الفلسطينيين طريق الشهادة إلى اللهو والمرح، ويقول الطفل أحمد هاشم (13 عامًا) من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، حياة الطفولة في فلسطين لا تخلو من الصراع مع الاحتلال، ويُؤكد في كل مواجهة عسكرية تُحاك ضد القطاع أتوقع أن أكون بين الشهداء، وأضاف: منذ بداية الهبة الشعبية في الضفة المحتلة أذهب كل يوم جمعة إلى الحدود الشرقية مع الاحتلال للتعبير عن غضبي ورشق الجنود بالحجارة وإشعال إطارات السيارات، والهتاف بالحرية والثأر لأصدقائي الذين استشهدوا قبلي.

 

يكشف الفتى أنه كان شاهدًا على استشهاد صديقه مروان بربخ في بداية المواجهات، يقول:"كنا اتفقنا على الاستشهاد معًا لكنه سبقني".

 

ووفقًا لبيانات مركز الإحصاء الفلسطيني التي أفصح عنها اليوم بمناسبة يوم الطفل العالمي، فقد بلغ عدد الشهداء الأطفال خلال العام الماضي 2015 حوالي (32) شهيدًا.

 

وبدوره ؛ يؤكد أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى د. درداح الشاعر، أن مُعايشة الأطفال لعمليات الاجتياحات وتعرضهم لأكثر من مرة لحروب عسكرية كانوا فيها الضحية بالاستشهاد أو الإصابة، تؤثر في سلوكهم وفي نفسياتهم وتولد لديهم رغبة بالانتقام ممن آذاهم وسلب أمنهم وحرمهم آبائهم، وهو ما يُفسر تطلع العشرات من الجيل لخوض معترك الشهادة وطلبها بالوصول إلى نقاط التماس ومواجهة المحتل أملًا في التقدم خطوة في مسيرة التحرر والنصر.