الإثنين  29 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 61| منع إسرائيل تزويد القطاع بمواد البناء يعطل 90% من المصانع الإنشائية ويرفع سعر طن الإسمنت لأكثر من ألفي شيكل

2016-04-12 12:05:43 AM
في العدد 61| منع إسرائيل تزويد القطاع بمواد البناء يعطل 90% من المصانع الإنشائية ويرفع سعر طن الإسمنت لأكثر من ألفي شيكل
اسمنت

 

الحدث- حامد جاد

تخطى سعر طن الإسمنت في السوق السوداء في قطاع غزة حاجز الألفي شيكل خلال الأيام الأخيرة الماضية، إثر منع الاحتلال في الأول من الشهر الحالي تزويد المواطنين والقطاع الخاص بمواد البناء بذريعة سيطرة حركة حماس على كميات من الإسمنت، الأمر الذي أفضى إلى تعطل أعمال قطاع الإنشاءات وسائر قطاعات الأعمال التي تعتمد أنشطتها على حركة البناء والتعمير التي أصابها الشلل في ظل توقف جل مشاريع الإعمار والبناء باستثناء المشاريع التي تمول تنفيذها اللجنة القطرية لإعادة الإعمار ووكالة الغوث "أونروا" اللتان استثناهما الاحتلال من قراره القاضي بوقف إدخال الإسمنت لقطاع غزة.     

تعطل 90% من المصانع الإنشائية

وفي أحاديث منفصلة أجرتها الحدث حول التداعيات المترتبة على منع الجانب الإسرائيلي إدخال الإسمنت أشار المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات الإنشائية فريد زقوت إلى أن 90% من مصانع الباطون الجاهز ومعامل البلاط والطوب توقفت كلياً عن العمل بعد أقل من أسبوع على منع إسرائيل إدخال مواد البناء، وأن من يعمل في قطاع الإنشاءات بات يقتصر فقط على المصانع التي لها علاقة بالمشاريع التي تمولها اللجنة القطرية ووكالة الغوث "أونروا" وهي لا تشكل أكثر من 10% من إجمالي عدد المصانع الإنشائية العاملة في قطاع غزة.

وكشف زقوت النقاب عن اضطرار أصحاب المصانع المتوقفة للاستغناء عن العاملين لديهم حيث تعطل عن العمل قرابة ثلاثة آلاف وخمسمائة عامل من أصل نحو أربعة آلاف عامل جراء توقف إدخال الإسمنت.

وقال زقوت: "توقف دخول الإسمنت حال دون تمكين نحو 254 مصنعاً من المصانع المدمرة خلال الحرب الأخيرة على غزة، والتي أعاد أصحابها تأهيلها من التعافي خلال الفترة الماضية التي كان يسمح الاحتلال فيها بدخول الإسمنت، حيث اقتصرت أعمالهم على فترة زمنية محدودة لم تكفل تعويضهم عن المبالغ المالية التي دفعوها لإصلاح مصانعهم سواء بتمويل ذاتي أو من خلال قروض مصرفية حصلوا عليها بعد أن فقدوا الأمل في تلقي مساعدات مالية من الدول والجهات المانحة، وبالتالي فإن تعطلهم القسري عن العمل سيضاعف من معاناتهم وسيحد من قدرتهم على سداد التزاماتهم المالية".

وأضاف: "تعطل مشاريع البناء سواء التابعة للقطاع الخاص والمواطنين أو الخاصة بمشاريع إعادة الإعمار أثر على مختلف القطاعات التي تعتمد أعمالها على توفر الإسمنت مثل ورش النجارة والألمنيوم والكهرباء وأعمال القصارة والبلاط وغيرها من القطاعات التي أصيبت بالشلل نتيجة عدم توفر الإسمنت".

وأوضح أن الاتحاد بحث مع وكيل وزارة الاقتصاد حاتم عويضة أزمة الإسمنت واتفق الطرفان على أن الأصل في توزيع الإسمنت أن يكون من خلال الآلية المعمول بها، ولكن الأسلوب الذي تم التعامل به على معبر كرم أبو سالم كان خاطئاً من حيث محاولة وزارة الاقتصاد التدخل حتى وإن كان تدخلها لصالح مواطنين حصلوا على موافقة لتسلم كميات من الإسمنت.

وقال زقوت: "سعر طن الإسمنت قبل ارتفاعه كان 520 شيكلاً للتاجر الذي يقوم ببيعه للمستفيدين حسب النظام بسعر يتراوح ما بين 560 الي 580 شيكلاً، ولكن التاجر لم يتقيد بهذا السعر وأصبح يبيع بسعر مرتفع لأن الكميات نقصت، وبالتالي انخفض ربحه حيث أصبح يعتبر أن الزيادة المذكورة لا تعوضه عن خسارته الناجمة عن تقليص الاحتلال لكميات الإسمنت الواردة قبل أن يقوم الأخير بوقف توريدها كلياً، أما سعره في السوق السوداء فتجاوز الألفي شيكلاً للطن".

 

الأصل في الأزمة يكمن في نقص الإسمنت

 

من جهته اعتبر د. ماهر الطباع مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة غزة، والمهتم بمتابعة آلية إعادة الإعمار، أن فشل هذه الآلية شكل السبب الرئيسي لوجود سوق سوداء للإسمنت، وهذا بدوره أفضى إلى الأزمة الراهنة المتمثلة بوقف توريد الإسمنت محملاً بذلك المسؤولية لكل الأطراف المسؤولة عن تلك الآلية.

وقال الطباع: "إن ارتفاع سعر الإسمنت جاء نتيجة طبيعية لحجم العرض والطلب في ظل أن كمية الإسمنت المعروضة في السوق السوداء محدودة جداً بالمقارنة مع حجم الطلب، وإن كان هذا الأمر لا ينفي حقيقة  استغلال بعض التجار لهذا الواقع، ولكن الأصل في القضية يكمن في نقص الإسمنت ومواصلة الجانب الإسرائيلي التعامل بمزاجية في إدخاله ومنعه متى يشاء دون الأخذ بالاعتبار الدمار الذي ترتب على توقف توريد الإسمنت والعودة إلى المربع الأول للحصار والخسائر الفادحة التي لحقت جراء ذلك بالمواطنين والمستثمرين الذين باشروا بتشييد عمارات سكنية ولم يستكملوا بناءها وتجمدت أموالهم في ظل هذه الفترة التي تشكل ذروة ازدهار قطاع الإنشاءات والإعمار، حيث تنشط أعمال شركات المقاولات وكافة القطاعات المعتمدة أعمالها على قطاع البناء مع اقتراب حلول فصل الصيف".  

ولفت الطباع إلى أن ما تم إدخاله من مادة الإسمنت للقطاع الخاص ولإعادة الإعمار خلال الفترة الممتدة من الرابع عشر من تشرين أول عام 2014 وحتى نهاية الشهر الماضي بلغت نحو 584 ألف طن، مبيناً هذه الكمية لا تمثل أكثر من 25% من احتياج قطاع غزة في الوضع الطبيعي وليس بعد عشر سنوات من حصار وثلاث حروب.

 

تدخل وزارة الاقتصاد أعطى الاحتلال المبرر لوقف توريد الإسمنت

 

واتهم مطلعون على أزمة توقف إدخال الإسمنت وكيل مساعد وزارة الاقتصاد في غزة عماد الباز وتجاراً بالمشاركة في خرق النظام، حيث اعتبروا أن التصريحات التي صدرت مؤخراً عن الباز بشأن توفر الإسمنت في سوق القطاع شكلت بداية تقليص الجانب الإسرائيلي للإسمنت بنسبة النصف، حيث انخفض عدد الشاحنات المحملة بالإسمنت من 130 شاحنة إلى 65 شاحنة، ما ترتب عليه شح في الكميات المعروضة، ثم حاول الباز إلزام بعض التجار بالبيع لعدد من المواطنين المستفيدين من نظام توزيع الإسمنت وبيعه لهم وفق التسعيرة التي حددتها وزارته كان تصرفاً خاطئاً من الوزارة التي تدخلت في عملية التوزيع لتفتح الباب أمام تذرع الاحتلال وادعائه حدوث خرق في آلية إدخال مواد البناء، وأعطت الاحتلال المبرر كي يمنع دخول الإسمنت بحجة أنه تم حجز كميات من الإسمنت لصالح حماس، حتى وإن كان هذا الأمر عار عن الصحة، لذا فإن تدخل الباز ألحق ضرراً بالتجار والمواطنين على حد سواء.

وفي هذا السياق رد الباز على قرار وقف الاحتلال توريد الإسمنت بذريعة استيلاء حركة حماس على كميات كبيرة منه، بقوله: "نتحدى الاحتلال أن يُثبت أن كيس إسمنت واحد خرج من مراكز التوزيع داخل القطاع إلى غير المواطنين المستفيدين من برنامج السيستم، ولغير هدف إعادة الإعمار، فلدينا كشوفات كاملة تُثبت أين ذهبت كل كميات الإسمنت التي وردت للقطاع، فكل كميات الإسمنت التي يُوردها الاحتلال إلى القطاع تدخل مباشرةً إلى مراكز التوزيع التابعة لبرنامج السيستم، والمراقبة بالكاميرات المرتبطة مع المخابرات الإسرائيلية، فليشاهد الاحتلال تسجيلات تلك الكاميرات، وليُعلن على الملأ إن كانت حركة حماس جاءت وأخذت كميات من الإسمنت".

وحول تدخّل وزارته بتحديد أسعار بيع الإسمنت، أوضح الباز أن مراكز التوزيع كانت تبيع كيس الإسمنت بـ750 شيكلاً، بينما السعر المحدد للكيس الواحد من قبل الوزارة هو 560 شيكلاً، لذلك كان تدخل الوزارة بتحديد التسعيرة، استناداً إلى قانون حماية المستهلك الذي يمنع الاستغلال، وينص على أن السلعة يجب أن تصل للمواطن بالسعر المحدد".

وحذر الباز من خطورة تفجر الوضع في وجه الاحتلال حال استمراره بمنع توريد الإسمنت إلى غزة مشدداً بقوله "العواقب وخيمة للقرار الذي أدى إلى وقف عجلة الإعمار والبناء بتدمير الاقتصاد وزيادة البطالة وانعكاساته سلبية على عشرات الاف المواطنين الذين لا يزالون بلا مأوى بسبب الحرب الاخيرة ".

 

توقعات باستئناف إدخال الإسمنت قريباً

من جهته طالب وزير الأشغال العامة والإسكان د. مفيد الحساينة الجانب الإسرائيلي باستئناف توريد مواد البناء إلى قطاع غزة معتبراً أن وقف توريد الإسمنت للمواطنين والقطاع الخاص في غزة يعني حدوث كارثة تهدد مسيرة الإعمار خاصة وأن قطاع غزة يحتاج حالياً إلى 210 آلاف طن من الإسمنت للإيفاء بمشاريع إعادة الإعمار الخاصة بإعمار منازل المواطنين والوحدات السكنية الممولة من قبل المانحين للمستفيدين المعتمدين ضمن النظام المعمول به لإدخال مواد البناء.

وتوقع الحساينة استئناف توريد الإسمنت خلال الأسبوع الحالي وذلك استناداً إلى الجهود المبذولة من قبل مسؤولين في الأمم المتحدة وتواصلهم مع الجانب الإسرائيلي حيث قال: "بعد المتابعة والتدقيق وبالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (UNOPS) تبين أن مواد البناء لم تذهب بأي شكل من الأشكال خارج النظام المعمول به، وإنما ذهبت للمستحقين وفق النظام".

وكان الحساينة أشار في مؤتمر صحفي عقده الخميس الماضي إلى أن الجانب الإسرائيلي قام مؤخراً بخفض كميات مواد البناء الموردة للنصف ونتيجة لهذا الأمر قام بعض التجار برفع أسعار الإسمنت حيث وصل سعر الطن إلى ما يتراوح بين 700 إلى 800 شيكل للمواطنين المعتمدين ضمن النظام المذكور ومن ثم عمد الجانب الإسرائيلي بعدها إلى وقف توريد الإسمنت لقطاع غزة بداعي أنه تم التصرف بكميات من الإسمنت خارج النظام (System).

وحول ما يتعلق برفع أسعار الإسمنت قال: "بعد أن قام الجانب الإسرائيلي بخفض كميات الإسمنت الموردة قام بعض التجار برفع سعر الإسمنت بشكل مفاجئ، حيث كان المواطن يتوجه لاستلام كمية الإسمنت الخاصة به وفق النظام، ولكن للأسف لا يستطيع الاستلام بسبب احتكار التجار لمواد البناء وهذا عمل غير أخلاقي وغير وطني، إضافة إلى أن بعض التجار قاموا ببيع كميات من الإسمنت المخصصة لدى السيستم، وهم معروفون لدينا، وستكون هناك متابعة وسيتم وقف الموزعين الذين يتلاعبون بالأسعار أو الذين يتصرفون بمواد البناء خارج النظام المعتمد، ولمتابعة الموضوع اتفقنا مع وزارة الاقتصاد بعدم التدخل بشكل مباشر في ملف الإسمنت إلا من خلال اللجنة المكلفة بمتابعة ملف الإعمار، ولن نسمح لأي جهة كانت بالتدخل في هذا الملف أو تجاوز النظام المعمول به من خلال صرف كميات الإسمنت لغير المعتمدين ضمن النظام".

وكان الجانب الإسرائيلي أبلغ الأمم المتحدة الجمعة قبل الماضي بقرار وقف إدخال الإسمنت إلى قطاع غزة، بشكل مؤقت، إلى حين التأكد من حقيقة تقارير تُفيد بأن حماس استخدمت كميات كبيرة منه لبناء الأنفاق وإعادة ترميم مقارها العسكرية وأنه "الجانب الإسرائيلي" فقط أبقى فقط على توريد الإسمنت لصالح المشاريع التي تمول تنفيذها اللجنة القطرية لإعادة الإعمار ووكالة الغوث "أونروا" أما منسق الأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ملادينوف، فعقب على قرار المنع بقوله: "إن من يسعون للكسب من تحويل الإسمنت لاستخدامه لأغراض أخرى غير إعادة الإعمار، إنّما يسرقون من شعبهم ويُضيفون إلى معاناته"، مؤكداً أن إعمار القطاع في غاية الأهمية لضمان استقراره".

تواطؤ بين التاجر والمواطن في رفع السعر

من جهته توقع وكيل وزارة الاقتصاد في غزة حاتم عويضة، استئناف سلطات الاحتلال توريد الإسمنت لقطاع غزة الأسبوع الحالي مشيراً إلى أن اتصالات مكثفة تجري من قبل مختصين للضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف قرار المنع الذي تسبب بأزمة وإرباك كبير بين المواطنين، ما انعكس على أسعار الإسمنت.

وحذر عويضة التجار من التلاعب بأسعار الإسمنت بالسوق السوداء لافتاً إلى تواطؤ المواطن نفسه المستفيد من آلية إدخال مواد البناء مع التجار في رفع الأسعار ووصولها لأكثر من 1800 شيكل للطن خلال الأسبوع قبل الماضي منوهاً إلى أن وزارته اتخذت إجراءات صارمة ضد التجار المحتكرين لسلعة الإسمنت، وذلك منذ وقف الاحتلال إدخاله لغزة وأن مباحث التموين باشرت بتسيير دوريات مكثفة على مراكز الإسمنت، وضبطت نحو سبعة تجار يتلاعبون بالأسعار واتخذت إجراءات عقابية بحقهم، لافتاً إلى أن الكميات التي يتم ضبطها من التجار لا يتم التصرف بها إلا باتخاذ قرار من النائب العام حسب الأصول.

 إلى ذلك كشفت مصادر فلسطينية مطلعة النقاب عن أن إسرائيل ترغب بالحصول على ضمانات من قبل الوسطاء الذين يتدخلون لحل أزمة وقف إدخال مواد البناء لقطاع غزة موضحة أن لقاءات عقدت في الأيام الأخيرة بوساطة مسؤولين كبار في الأمم المتحدة للضغط على إسرائيل للسماح بإدخال مواد البناء مجدداً إلى غزة.

ولفتت المصادر ذاتها إلى أن إسرائيل تضغط على الوسطاء للحصول على ضمانات بعدم تسريب أي مواد بناء لحماس، حتى لا تستخدمها في بناء الأنفاق، وأن هذه اللقاءات ستستمر حتى حل الأزمة وإيجاد حلول واضحة في هذا الملف، مبينة أن مسؤولاً أممياً بارزاً يتواصل مع مسؤولين في حركة حماس للضغط عليها لوقف مثل هذه الأعمال التي تضر بالوضع الفلسطيني العام في غزة.

ونقلت المصادر عن ما يعرف بمنسق أعمال أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، يوآف مردخاي، قوله إنه تقرر إيقاف إسرائيل نقل حصص الإسمنت إلى قطاع غزة، حتى يتم حل المسألة والتحقق من أن الإسمنت لا يتسرب إلى أيدي حركة حماس، لافتاً إلى وجود آلية تنسيق مشترك بين إسرائيل والحكومة الفلسطينية والأمم المتحدة لمراقبة البضائع التي تدخل غزة.