الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد63| دولة الاحتلال تسرق مليارات الشواكل من العمال الفلسطينيين والجهات المعنية عاجزة عن استرداد حقوقهم

قضية شائكة ومعقدة وحقوقهم ضائعة

2016-05-10 12:10:04 AM
في العدد63|  دولة الاحتلال تسرق مليارات الشواكل من العمال الفلسطينيين والجهات المعنية عاجزة عن استرداد حقوقهم
العمال الفلسطينيين داخل الخط الاخضر

 

الحدث– رائد أبو بكر

بعد أكثر من 30 عاماً، تمكن المواطن (ع.أ) من محافظة جنين، أن يسترجع حقوقه المالية من الجانب الإسرائيلي حيث كان يعمل في إحد المصانع، ففي سبعينيات القرن الماضي عمل المواطن في مصنع للبرتقال مدة أربع سنوات، وطرد من قبل المشغل الإسرائيلي، وفي الثمانينيات خرج من البلاد واستقر في إحدى الدول العربية ليعود مرة أخرى إلى جنين في التسعينيات.

 خلال تواجده في الدولة العربية، يقول للحدث، خسر هويته الشخصية التي كان يحملها خلال عمله في حيفا، ويعود إلى البلاد بهوية جديدة، وعند مطالبته بحقوقه لم تعترف دولة الاحتلال بذلك، بحجة أن رقم الهوية تغير، ومن خلال مكتب العمل الفلسطيني ومحاولات حثيثة تمكن من استلام حقوقه بقيمة 15 ألف شيكل دون الفوائد المتراكمة على مدار السنوات الماضية.

حال هذا المواطن كحال مئات آلاف العمال الفلسطينيين الذين عملوا في حقبة القرون الثلاثة منذ عام 1970، ضاعت حقوقهم ولم تعترف بها دولة الاحتلال، فمنهم من توفي وورثته لم يطالبوا، وآخرون حتى اللحظة ما زالوا يناضلون لاستلام حقوقهم العمالية، وما زالت هذه القضية حتى اللحظة شائكة ومعقدة.

بداية الاستقطاع من العمال الفلسطينيين

في عام 1970 بدأ العمال الفلسطينيون التوجه إلى الأراضي المحتلة عام 1948 من أجل العمل، في ذلك الوقت تم تأسيس ما تسمى بـ"دائرة المدفوعات الإسرائيلية"، والتي تهدف إلى مساواة أجور العمال الفلسطينيين من المناطق المحتلة مع أجور العمال الإسرائيليين، هذه الدائرة كانت تابعة لوزارة الصناعة والتجارة والتشغيل الإسرائيلية حتى العام 2009 لتتبع فيما بعد لوزارة الداخلية، "دائرة المدفوعات الإسرائيلية" عرفت العمال الفلسطينيون على أنهم عمال أجانب، وبالتالي دولة الاحتلال تلزم أرباب العمل، عملاً بالقرار (ب/1 اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية 1970) بتحويل أجور العمال الفلسطينيين غير الصافية إلى دائرة المدفوعات، وتستقطع هذه الدائرة من العمال الفلسطينيين ما نسبته 23% من معاش العامل بدل كل من: التقاعد، ونهاية الخدمة، والتأمين الصحي، والإجازة المرضية، وفرض المساواة، ورسوم النقابة، وضريبة الدخل، وكل قطاع له استقطاع مالي محدد يختلف كل قطاع عن الآخر، أي أن قطاع البناء يختلف عن قطاع الزراعة وهكذا.

إحصائيات عدد العمال الفلسطينيين العاملين

وحسب إحصائية ذكرها منسق جمعية "عنوان العامل" في شمال الضفة الغربية عرفات عمرو أن 70% من العمال الفلسطينيين يعملون في الداخل المحتل في قطاع البناء، و25% في قطاع الزراعة، و5% موزعين في قطاعات مختلفة منها الخدماتية والصناعية، 95% من العمال رجال وما تبقى نساء يعمل معظمهن في قطاع الزراعة، مشيراً إلى أن عدد العمال الفلسطينيين العاملين داخل أراضي 1948 حسب آخر إحصائية وصل إلى 60 ألف عامل، وهم من يمتلكون تصريح عمل من خلال مكاتب العمل عدا عن العمال الذين يدخلون إلى داخل الخط الأخضر من خلال التهريب ولا يملكون تصاريح عمل، بالإضافة إلى العاملين في المستوطنات الإسرائيلية.

موقف اتحاد عمال فلسطين من الاستقطاعات

شاهر سعد، الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين قال في إحدى مقابلاته مع تلفزيون فلسطين، إن ما يتم استقطاعه من خلال دائرة المدفوعات غير قانوني وتحايل على العمال واستغلال لهم لسرقة حقوقهم ولا يحق لإسرائيل استقطاع هذه الأموال من العمال الفلسطينيين"، مشيراً إلى أن التقديرات حيث قال: "إسرائيل استقطعت ما يقارب عشرة مليارات شيكل منذ عام 1970 ولغاية 1993، وبعد عام 1993 أي بعد اتفاقية أوسلو هناك بعض الاستقطاعات المالية تحول إلى خزينة السلطة الفلسطينية لكنها غير واضحة كالتأمين الصحي والضرائب وغيرها وتقدر بمئات ملايين الشواكل".

بدوره رئيس الدائرة القانونية في اتحاد نقابات عمال فلسطين محمود أبو عودة قال للحدث إن قضية الاستقطاع من العمال الفلسطينيين من قبل الجانب الإسرائيلي قضية شائكة ومعقدة، مشيراً إلى أن نسبة كبيرة مما يتم استقطاعه من العامل الفلسطيني من قبل الجانب الإسرائيلي يعود إلى خزينة السلطة الفلسطينية، ومنها ما يسترد إلى العامل الفلسطيني، موضحاً، أن نهاية الخدمة يأخذها العامل بموجب مراسلات يتم من خلال مكاتب العمل الفلسطينية ويتم تحويل المبلغ إلى حساب العامل البنكي، بينما استقطاع بدل التامين الصحي تعود إلى وزارة الصحة الفلسطينية حيث يتم استقطاع 93 شيكل تعود إلى وزارة الصحة، بينما رسوم النقابة إلى الهستدروت ورسوم التقاعد وفرق المساواة إلى التامين الوطني الإسرائيلي.

 وبين أبو عودة، أن ما يتم استقطاع بدل التقاعد ويقدر بمليارات الشواكل ما زال في الصندوق الإسرائيلي ولن يتم تحويله إلى خزينة السلطة الفلسطينية إلا عند إنشاء صندوق الضمان الاجتماعي، موضحاً، أن القضية الخلافية هي عدم وضوح ما يتم استرداده من حقوق عمالية من قبل الجانب الإسرائيلي إلى خزينة السلطة الفلسطينية، وعدم معرفة حجم الأموال التي تحول إلى السلطة ومصيرها، مشيراً إلى أن الاتحاد طالب منظمة العمل الدولي تشكيل لجنة تحقيق لكشف هذه الحقوق وخاصة صندوق التقاعد الذي لم يسترد إلا بإنشاء صندوق الضمان الاجتماعي عند السلطة الفلسطينية حسب اتفاقية باريس الاقتصادية.

موقف الحكومة الفلسطينية

أما بالنسبة للحكومة الفلسطينية وعلى لسان وزير العمل مأمون أبو شهلا في تصريح له وزع على وسائل الإعلام حيث أكد على ملاحقة "إسرائيل" لاسترداد الأموال المنهوبة، والتي قامت الأخيرة بتحصيلها من العمال الفلسطينيين على مدار أكثر من أربعين عاماً، حيث تقدر بمليارات الشواكل ولم تقم بإعادتها للعمال أو ورثتهم أو لأي جهة فلسطينية بحجة أنه لا يوجد هناك صندوق ضمان اجتماعي للعمال في مناطق السلطة الفلسطينية على غرار صندوق الضمان الاجتماعي الإسرائيلي، وشدد أبو شهلا على أن وزارة العمل ستذهب لأبعد الحدود الممكنة وبالأطر القانونية لاستعادة تلك الأموال المستحقة لأصحابها ولن تسمح بأن تستمر دولة الاحتلال بسرقة أموال وعرق وجهد العمال الفلسطينيين دون حسيب ولا رقيب أو التصرف بهذه الأموال وكأنها دولة فوق القانون، كما أكد وزير العمل أن هذا الملف سيتم وضعه بين أيدي منظمتي العمل الدولية والعربية من أجل ممارسة الضغوط اللازمة للجم سياسة "إسرائيل" المستمرة في سرقة أموال العمال وإعادتها لهم، مضافاً إليها الفوائد المتراكمة على مدار السنين الفائتة.

وخلال كلمته في الدورة 43 لمنظمة العمل العربية المنعقدة في القاهرة، طالب وزير العمل مأمون أبو شهلا منظمة العمل الدولية بإرسال بعثة تقصي حقائق تضم محاسبين وقانونيين للاطلاع على سجلات وزارة المالية الإسرائيلية لتحديد مستحقات العمال الفلسطينيين ودفعها لأصحابها، مؤكداً على ضرورة اتخاذ قرارات وإجراءات تمكن من استعادة مستحقات العمال في إسرائيل والتي تبلغ بسبب التراكم منذ العام 1970 حتى الآن أكثر من 8 مليارات دولار، وترفض "إسرائيل" الإفصاح عنها أو دفعها لأصحابها.

حقائق من هنا وهناك

صحيفة "ذا ناشونال" الصادرة في أبو ظبي باللغة الإنجليزية أشارت في تقرير لها عن دراسة أعدها خبير اقتصاد إسرائيلي وجماعتان حقوقيتان إسرائيليتان عن أن "إسرائيل" سرقت مليارات الدولارات من العمال الفلسطينيين على شكل اقتطاعات شهرية من رواتبهم تحت ما يسمى "رعاية طبية" لا تقدمها لهم وذلك منذ العام 1970 واستخدمت هذه الأموال في بناء مستوطنات في الضفة الغربية، ولا تزال عملية اقتطاع هذه الأموال تحت بند الرعاية الطبية جارية.

بدوره، كشف منسق جمعية "عنوان العامل" في شمال الضفة عرفات عمرو للحدث أن صندوق المدفوعات الإسرائيلي، نقابة البناء، قدم هدية قيمة لكل جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة عام 2008 وذلك على حساب العمال الفلسطينيين.

تفاصيل حول المقتطعات

وتطرق عمرو إلى بعض التفاصيل حول المقتطعات حيث أشار، أن مستحقات العامل من تقاعد وأتعاب نهاية الخدمة وصلت إلى العامل بعد عام 2011 حيث يحصل عليها بعد الانتهاء من العمل بثلاثة أشهر أو يراكم المبلغ حتى وصوله إلى سن التقاعد للرجال في سن 67 وللنساء في سن 65، أما بالنسبة إلى استقطاع بدل التامين الصحي أشار عمرو  أن دائرة المدفوعات الإسرائيلي تجبي من العامل الفلسطيني مبلغ 93 شيكل شهرياً، يجب أن تحول إلى وزارة الصحة الفلسطينية، لكن منذ عام 2010 إلى اليوم لم يحول شيكل واحد، أما ما قبل 2010 لم يعرف إن كان الجانب الإسرائيلي يحول إلى خزينة السلطة أم لا، وأوضح بعملية حسابية بسيطة لمعرفة ما سرقته إسرائيل فقط في التامين الصحي بقيمة 93 شيكل خلال السنوات الخمسة الأخيرة من 60 ألف عامل يكون الناتج 334,800،000 شيكل (93 شيكل * 60 ألف عامل فلسطيني * 12 شهر * 5 سنوات).

وأشار انه في عامي 2013 و2014 إسرائيل جبت من العمال ما قيمته 30 مليون شيكل بدل الإجازة المرضية أعادت فقط مليون شيكل للعمال وهذا ما اعترفت به دائرة المدفوعات الإسرائيلية، موضحاً أن ضريبة الدخل التي تخصمها إسرائيل من العمال الفلسطينيين أكثر من النسبة المتداولة في دولة الاحتلال.

 أما بالنسبة إلى رسوم النقابة التي يتم استقطاعها من العمال الفلسطينيين قال عمرو أنها تذهب إلى الهستدروت، مشيراً إلى أن 25% فقط من القوة العاملة في "إسرائيل" منتسبة إلى هذه المنظمة، بينما العمال الفلسطينيون مجبرون على الانتساب، والهستدروت تجبي 1% من معاش العامل الفلسطيني يتم التقاسم مناصفة بين الهستدروت واتحاد نقابات عمال فلسطين حسب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين في السادس من آب عام 2008.

تأكيد على السرقة

وفي تقرير لجمعية "عنوان العامل"، وهي جمعية أهلية خيرية، الذي لخص ما تسرقه دولة الاحتلال من العمال الفلسطينيين تحت عنوان "دولة إسرائيل تدين بمليارات الشواكل للعمال الفلسطينيين" أكدت في تقريرها: "أن المبالغ التي اقتطعتها دائرة المدفوعات من أجور العمال الفلسطينيين وقامت بجبيها من أرباب العمل لصالح العمال بين الأعوام 1970 ولغاية 2009 تمت الجباية بشكل رسمي بهدف تمويل حقوق رفاه اجتماعي مختلفة للعمال، ولكن في واقع الأمر تم تحويل معظم هذه الأموال إلى وزارة المالية الإسرائيلية وللهستدروت، ويتبين أن، دولة إسرائيل، على مدى عقود بمليارات الشواكل وعلى الدولة أن تسد هذا الدين للعمال أنفسهم أو لورثتهم عملاً بالتسجيلات الكاملة والمفصلة التي أجرتها دائرة المدفوعات".

وأضاف التقرير: "لقد حافظت دائرة المدفوعات بحرص مبالغ فيه على الالتزام بخصم الأموال من أجور العمال الفلسطينيين، أما فيما يتعلق بالالتزام لضمان الحقوق المستحقة لهم مقابل هذه المستحقات فلم تؤد دائرة المدفوعات وظيفتها بأمانة".