الأحد  13 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تليجراف | ما سبب تمسك مصر بفرضية الهجوم الإرهابي على الطائرة المنكوبة

2016-05-21 07:17:58 AM
تليجراف | ما سبب تمسك مصر بفرضية الهجوم الإرهابي على الطائرة المنكوبة
مصر للطيران

 

الحدث- القدس

 

من  الإنصاف القول إن أي بلد تحاول حكومته تلميع صورتها الوطنية بمحاولة تصدير ذهنية عنها كـ ضحية للإعلام العدائي، ينبغي أن تكون أولى الدول التي تضاعف مراجعة إجراءاتها الرامية لمكافحة الإرهاب في المستقبل.

 

هكذا اختتم الكاتب الصحفي ريتشارد سبنسر مقالته المنشور في صحيفة " تليجراف" البريطانية والتي  راح يحلل فيها التي الأسباب التي تدفع مصر إلى ترجيح كفة الهجوم الإرهابي في حادث طائرة مصر للطيران التي اختفت فجر أمس الخميس، وذلك قبل أن تعلن القاهرة عثورها على بعض أجزاء من حطام الطائرة اليوم الجمعة.


وقارن سبنسر بين هذا الموقف ونقيضه في واقعة الطائرة الروسية التي تحطمت في سيناء في أكتوبر الماضي، والذي كانت تصر فيه القاهرة في البداية على عدم الربط وبين أي عمل إرهابي، قائلة حينها أن عطل تقني هو السبب في الحادث.

 

وإلى نص المقالة:


لا نعرف على وجه اليقين سبب تحطم الطائرة رم 804 التابعة لشركة مصر للطيران والتي تحطمت فجر أمس الخميس وعلى متنها 66 شخصا وهي في طريقها  من باريس إلى القاهرة، وإن كان البعض يعزيه  إلى هجوم إرهابي. 


وهذا الاشتباه أمر طبيعي، بالطبع، كما دأب عليه الكثيرون جدا مع أي  كارثة يكون طرفاها السفر الجوي ومصر كونها هدفا ثمينا للإرهابيين، تمام كما حدث مع طائرة الركاب الروسية التي انشطرت في أجواء سيناء في نهاية أكتوبر 2015.

 

لكن ثمة تناقض صارخ أيضا: فلماذا التفت الطائرة وانحرفت وهي تسقط، بدلا من أن تنشطر؟ وإذا كان اللهب الذي رأه صيادون يونانيون، ناتج عن انفجار، فلماذا لم تلتقطه الأقمار الصناعية، كما حدث في السابق؟

 

وما نعلمه جميعا أن السلطات المصرية ذكرت في أعقاب الحادث مباشرة أن الدافع الإرهابي لا يمكن استبعاده في هذا الشأن. وقد يتوقع القاريء المبتديء لتلك القضايا أن هذا ليس سوى تقييما مدروسا من جانب حكومة لديها خبرات واسعة سابقة في هذا المجال. ومن سوء الطالع، فقد يكون هذا القاريء المبتديء  مخطئا.


وعندما انفجرت طائرة الركاب الروسية " ميتروجيت" بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ في الـ 31 من أكتوبر الماضي، سارعت السلطات المصرية إلى سرد عدة تفسيرات للحادث، متعمدة غض الطرف عن السبب الأوضح والمؤكد: الفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية " داعش" الذي يسيطر على أجزاء من سيناء، قد نجح في تهريب قنبلة على متن الطائرة.

 

واستمر المحققون المصريون في الميل إلى الأخذ بنظرية مؤداها أن مشكلة تقنية هي ما تسببت في انفجار الطائرة الروسية وذلك بعد فترة طويلة من صدور النتيجة التي توصل إليها نظرائهم الروس والتي تخلص إلى أن هجوم إرهابي كان وراء الحادث، وذلك حتى بعدما تبنى "داعش" مسئوليته عن الحادث وقام لاحقا بنشر صورة القنبلة التي استخدمها في تنفيذ الحادث والتي كانت مخفية في عبوة للمشروبات الغازية.


فلماذا أظهر فريق التحقيق المصري هذا الحرص على إلقاء اللائمة في هذا الحادث على حصول خلل تقني في حالة الطائرة الروسية، قبل أن يعود إلى دافع الإرهاب في حادث الطائرة الأخيرة؟
وثمة تفسير بسيط ليس له علاقة بالحقائق المعروفة في هذا الوقت. فطائرة " ميتروجيت" التي وقعت في سيناء كانت روسية، والمطار الذي أقلعت منه كان مطارا مصريا، مما يعطي مصر سببا لتفضيل الطائرة، وإلصاق الخطأ بـ موسكو. أما في حالة طائرة مصر للطيران،فإن المطار الذي ربما تكون سلطاته قد سمحت بزرع القنبلة على متن الطائرة، فرنسي، مما يجعل سبب الإرهاب قضية وطنية.


وأتمنى ألا يكون تفكير المسئولين المصريين بهذا الأسلوب، لكن من السهل جدا تصديق هذا المنطق.فمنذ عزل المؤسسة العسكرية للرئيس محمد مرسي المنتجي لجماعة الإخوان المسلمين في الـ 3 من يوليو 2013- وللحقيقة قبل ذلك حتى بسنوات، دأب الأنظمة الحاكمة في مصر على وجوب الربط بين الحقائق والمصالح الوطنية 


وبدون مسائلة، فإنه من المستحيل إلزام المسئولين المصريين بإدخال التحسينات الضرورية لتأمين المطارات والعمل على النهوض بأوضاع البلاد المختلفة بوجه عام. 


وربما يكون سبب تحطم طائرة مصر للطيران إرهابي، وربما تكون هناك قنبلة قد  تم تهريبها على متن الطائرة في مطار شارل ديجول. لكن باريس تحتفظ بحقها في نفي هذا السبب، ولاسيما بعد القيود التي فرضتها على دخول عدد من المتشددين العاملين بها عقب تفجيرات باريس الدامية التي وقعت في نوفمبر الماضي.


ومع ذلك، ومن الإنصاف القول إن أي بلد تحاول حكومته تلميع صورتها الوطنية بمحاولة تصدير ذهنية عنها كـ ضحية للإعلام العدائي، ينبغي أن تكون أولى الدول التي تضاعف مراجعة إجراءاتها الرامية لمكافحة الإرهاب في المستقبل.