الخميس  02 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الطريقة لاسترداد أملاكنا التي صادرها الاحتلال عام 1948

2016-05-28 06:58:25 AM
الطريقة لاسترداد أملاكنا التي صادرها الاحتلال عام 1948
مبنى فلسطيني في حي البقعة بالقدس

 

الحدث- القدس

 

نُشر المقال التالي في صحيفة هآرتس تحت عنوان معارك في مناطق مأهولة يوم امس الجمعة الموافق 27 أيار 2016 بقلم: نتالي نوفتسكي

 

تخيلوا الوضع التالي: عائلة فلسطينية تطالب بالحصول على مبنى فاخر في الطالبية كان بملكيتها. الدولة التي يجب أن تعمل حسب القانون، تضطر إلى اعادة كل المبنى للعائلة. ولعلمكم، فقد حصل ذلك. الآن قوموا بمضاعفة هذه القصة بعشرات أو مئات الاملاك الاخرى وستحصلوا على معارك على العقارات بين إسرائيل والعائلات الفلسطينية.


لماذا المضاعفة؟ لأنه أقيم في منظمة التحرير الفلسطينية مؤخرا قسم يقوم بتسجيل ومتابعة الاملاك التي كانت للفلسطينيين قبل 1948. أحد الأهداف الاساسية في القائمة هو منطقة غربي القدس.


الهدف من وراء اقامة القسم الجديد هو التركيز على الاملاك في غربي المدينة، التي تركها اصحابها وهربوا اثناء معارك 1948. وبعد الحرب تم الاعلان عن البيوت كأملاك مهجورة وانتقلت بملكية الدولة. وفي السياق تم إعطاء اغلبيتها لقادمين جدد جاءوا إلى البلاد في السنوات الاولى بعد قيام إسرائيل. من بين الاحياء المستهدفة عين كارم ولفتا اللتان حافظتا إلى درجة كبيرة على الصورة القروية العربية التي كانت قبل قيام الدولة – واحياء اخرى مثل الحي الالماني وتلبيوت. وحسب التقديرات فان البيوت التي سيتم شملها في القائمة قد تتحول إلى ورقة مساومة خلال المفاوضات السياسية المستقبلية أو أن يطالب اصحابها السابقين بالتعويض.


الموضوع السياسي والجماهيري في موضوع اللاجئين وأملاكهم لدى الجمهور الفلسطيني، يتراجع بالتدريج. في السنوات الاخيرة، خلافا للماضي، يلاحظ تراجع في الاهتمام بالموضوع، وأحداث النكبة التي تمت مؤخرا لم تنجح في جذب الجمهور الكبير.
اضافة إلى هذه الحقيقة، يبدو أن اللعبة الاقتصادية في هذه المسألة، قد بدأت. حقيقة: إلى جانب التسجيل الذي تقوم به م.ت.ف، هناك عدد من الدعاوى التي تتم مناقشتها في السنوات الاخيرة في المحكمة والتي قدمها أحفاد الفلسطينيون من اماكن تواجدهم في الخارج، حيث يطالبون باستعادة أملاكهم من خلال توكيل اشخاص في البلاد. واضافة إلى ذلك، لاحظ رجال أعمال إسرائيليون الإمكانية الاقتصادية الكامنة في هذه الاملاك وبدأوا العمل من اجل الوصول إلى العائلات التي يحق لها تقديم الدعاوى، لشراء الحقوق على هذه الاملاك.


على المستوى القضائي، اغلبية الاملاك التي تركت، تعود اليوم للدولة، لكن مكانتها معقدة. ويضاف إلى ذلك حقيقة أن القانون يسمح للاجئين في ظروف معينة بالمطالبة باستعادة الاملاك.


"جميع املاك الغائبين انتقلت لحارس أملاك الغائبين العام، لكنها ليست ملكا له. فهو يدير هذه الاملاك ومع مرور الوقت سيضطرون إلى اغلاق الحساب بطريقة معينة في هذا الموضوع"، قال المحامي امنون مزار، المهتم بهذا الموضوع. "اعتقد أنهم يقومون بهذا التسجيل من اجل المفاوضات في المستقبل، حيث سيطالب الفلسطينيون بالتعويض. الفكرة هنا هي محاولة معرفة حجم التعويض".


القانون الذي سنته إسرائيل في 1950 ينص على أن من هرب وانتقل إلى دولة معادية مثل الاردن وسورية ومصر، يعتبر غائبا ولا يحق له المطالبة بالتعويض. أما اللاجئون الذين انتقلوا إلى دول اخرى لا يشملهم هذا التصنيف وتوجد لهم حقوق على أملاكهم.


"جميع الاملاك تقريبا في غربي المدينة هي املاك غائبين. ولكن اولئك الذين انتقلوا إلى دول مثل تشيلي وفنزويلا، التي ليست دول عدوة، لم يفقدوا ملكية العقارات، ويمكنهم العودة والمطالبة بأملاكهم في أي وقت"، قال المحامي ليئون اميراس، من مكتب المحامين أميراس.


ولكن هناك عقبة قضائية اخرى وهي أنه من اجل اثبات وجود أحقية على الاملاك، لا يكفي الإثبات بأنه لم ينتقل إلى دولة معادية، بل ايضا أنه لم يمر بأي دولة معادية. هذه المهمة ليست سهلة، لكنها ممكنة. قبل بضع سنوات، على سبيل المثال، أثبت أحد أصحاب المباني في شارع كيرن هيسود في الطالبية أنه لم ينتقل إلى دولة معادية، وقام حارس املاك الغائبين باعادة البيت له. واللافتة التي توجد على مدخل المبنى تروي الآن قصته. وفي حادثة اخرى كان أحد سكان بيت صفافا قد هاجر إلى ألمانيا، لكنه مر بالأردن، ونجح باستعادة العقار بعد اثباته أنه لم يذهب بإرادته بل نتيجة أمر من الحاكم العسكري.


وماذا عن الاملاك التي انتقلت لعائلات المهاجرين بعد الحرب؟ إن فرصة اعادتها للفلسطينيين، ضعيفة. الفلسطينيون الذين هربوا في 1948 من حقهم حسب القانون الحصول على التعويض المالي. ولكنهم يستطيعون المطالبة بالعقار فقط اذا لم يتم منحه لجهة اخرى. ونظرا لأنه في بعض الحالات الحديث يدور عن أحياء فاخرة في غربي القدس، فان التعويض قد يصل إلى مبالغ طائلة، مقارنة بأسعار العقارات في العالم العربي.


"في كثير من الحالات تقوم الدولة بعقد صفقة لبيع املاك الغائبين مع سلطة التطوير، ولحظة حدوث ذلك يكون العقار قد انتقل إلى جهة اخرى ولا يمكن الحصول عليه، لكن يمكن الحصول على التعويض المالي"، كما قال المحامي أميراس.


بعض رجال الاعمال في إسرائيل لاحظوا الإمكانية الاقتصادية الكامنة في موضوع الاملاك المهجورة، وبدأوا في السنوات الاخيرة بالبحث عن أحفاد الفلسطينيين الذين يحق لهم المطالبة بالتعويض. وعندما يصلون إلى أصحابها يقومون بشرائها، وعندها يعودون إلى المحكمة وهم مسلحون بالأوراق الثبوتية اللازمة. وقد نجحوا في حالات كثيرة في اثبات حقهم في اماكن كثيرة في القدس وجفعات زئيف.


اغلبية هذه الحالات ترتبط بالمسيحيين الذين عاشوا في القدس وانتقلوا اثناء الحرب إلى ما وراء البحار. وفيما يتعلق بالمسلمين الموضوع أكثر تعقيدا بسبب المشكلة الدينية والثقافية الكامنة في الحصول على التعويض مقابل الارض. لذلك فانه في حالات كثيرة، عندما تقوم الدولة بمصادرة الاراضي، فان اصحاب العقارات في شرقي القدس يفضلون عدم الحصول على التعويض حتى لا يظهروا وكأنهم تنازلوا عن العقار وباعوه لليهود.


حسب هذا المنطق، يعتقد المحامي أميراس أن السلطة الفلسطينية ستجد نفسها أمام مشكلة سياسية اذا حصلت على تعويض مالي مقابل الارض، لكنها قد تتسلح بذلك من اجل الحصول على مناطق بديلة بنفس القيمة.


"العقلية العربية تقول إنه عند حصولك على المال فقد قمت بالبيع. وهذه مشكلة ولا يهم إذا فعلت ذلك الآن أو قبل خمسين سنة. مثلا عندما تمت مصادرة اراضي بالقرب من أبو غوش لشق شارع رقم واحد رفض السكان أخذ الاموال لأن هذا يعتبر بيع"، قال أميراس، "وحسب رأيي فإن السلطة الفلسطينية تريد في اطار المفاوضات المستقبلية المطالبة بالأراضي في اماكن اخرى بدل الاراضي في غربي القدس".


في السنة الماضية قرروا في عين كارم العمل من اجل ادخال الحي وقرية لفتا إلى قائمة المواقع الأثرية العالمية. هذا القرار نبع من اعتبارات الحفاظ عليها، بعد عدد من المحاولات لمنع البناء الذي هدد الطابع الخاص للاحياء. ولكن المبادرين واجهوا معارضة غير متوقعة من قبل جمعية فلسطينية تعمل في الاردن، والتي أنشئت من قبل احفاد لاجئي عين كارم. وهي تعمل منذ ثماني سنوات من اجل الحفاظ على ارث الآباء والتوعية بهذا الخصوص.


طالب الاحفاد بمنع ادخال عين كارم إلى القائمة الدولية الأثرية. وزعموا أنه رغم الاهمية الثقافية للمواقع، فان الحديث يدور عن بيوت تعود للاجئين. وفي ذلك اعلان سياسي. واذا تم التسجيل من قبل إسرائيل فان ذلك سيرتبط بملكية البيوت، الامر الذي لم يتم حسمه بعد قضائيا. وقد أثارت المعارضة جدلا في اليونسكو بين الوفد الإسرائيلي والفلسطيني. وعملية التسجيل لم تنته بعد. وقد قالت مصادر في الوفد إنه اذا تقرر الاستمرار في عملية التسجيل فانه قد يتحول إلى سبب آخر للتشهير بإسرائيل في العالم.
داخل حدود الدولة ايضا ثارت تحفظات قضائية حول الاملاك. وبالتحديد في موضوع لفتا. قبل اربع سنوات ألغت المحكمة المركزية عطاءً اصدرته سلطة اراضي إسرائيل من اجل مشروع سكني ضخم كان من المفروض أن يقام في المنطقة القريبة من بقايا البيوت في لفتا في مدخل مدينة القدس، مع الحفاظ على خرائب القرية. ولكن مقدمو الدعوى ومنهم احفاد العائلات التي سكنت في القرية قبل 1948، زعموا أنه رغم عدم سكنهم في المنطقة، يجب النظر إلى الجذور الفلسطينية، والبناء مرتبط باقتلاعهم. وقد تم قبول الدعوى رغم أنه لا يوجد للاجئين أي حق قضائي على الاملاك.