الأحد  28 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد66| اقتصاديون ينتقدون أداء الحكومة تجاه عملية الإعمار ويحذرون من انهيار وشيك لاقتصاد غزة

في الذكرى الثالثة للحرب الأخيرة على غزة

2016-07-19 12:15:59 AM
في العدد66| اقتصاديون ينتقدون أداء الحكومة تجاه عملية الإعمار ويحذرون من انهيار وشيك لاقتصاد غزة
أرشيف

 

الحدث- حامد جاد

 

انتقد اقتصاديون حالة التناقض القائمة في المعلومات والبيانات المتعلقة بمجمل عملية إعادة الإعمار وعدم قدرة الحكومة الفلسطينية على إحداث تغيير جوهري في عملية الإعمار بعد مرور عامين على الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حيث ذهب اقتصاديون إلى وصف الحكومة بالمشلولة، مؤكدين عدم رضا الشارع الفلسطيني عن ما تم تحقيقه منذ انتهاء الحرب، وعن مستوى التزام المانحين بإعادة إعمار قطاع غزة في ظل التباطؤ الملحوظ الذي ما زال يعتري عملية إعادة الإعمار.

ويرى الخبير الاقتصادي د. سمير عبدالله مدير البحوث في معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية "ماس" أن هناك تضارباً وتناقضاً في المعلومات والبيانات المتعلقة بمجمل عملية إعادة الإعمار ومستوى التزام المانحين بإعادة إعمار قطاع غزة، سواء مما ألحقته الحرب الأخيرة أو الحروب التي سبقتها من دمار واسع، لذا فمن المؤكد أنه ليس هناك أحد راض عن آلية إعادة الإعمار التي نسبها ما يعرف بمنسق شؤون المناطق لدى الجانب الإسرائيلي يوؤاف موردخاي لنفسه خلال جلسة عقدها مؤخراً مع عدد كبير من رجال الأعمال من قطاع غزة.

مواد بناء بالقطارة

وقال عبد الله في سياق أحاديث منفصلة أجرتها الحدث في ذكرى مرور عامين للحرب الأخيرة على غزة: "هذه الآلية تعمل على إدخال مواد البناء (بالقطارة)، وأمام هذه الضغوط والتوجه الإسرائيلي لجعل الباب موارباً مع حماس، سيما وأن هناك أطرافاً في حماس تسعى لهذا الأمر وتتعامل معه في ظل تعثر وتوقف المصالحة، وبالتالي، الشارع الفلسطيني غير راض عن ما تم تحقيقه بعد عامين من انتهاء الحرب الأخيرة، خاصة وأن الواقع على الأرض يكشف تباطؤ عملية إعادة الإعمار، كما أن خطة الإعمار المكونة من شقين مرتبطين ببعضهما البعض لم يتم الالتزام بتنفيذها، فالشق الأول المتعلق بإزالة آثار الدمار وإعادة بناء ما تم تدميره لم ينفذ حتى الآن بشكل كلي، كما لم ينفذ الشق الثاني المتعلق بإنعاش الاقتصاد، بمعنى، لم يتسنَّ ضخ السيولة في السوق المحلية نتيجة الإعمار، وبالتالي لم تنتعش الشركات ولم يستعد الصناعيون نشاطهم الإنتاجي، وظل المستثمرون متخوفين من عدم وجود تطمينات للقطاع الخاص تكفل أن تكون الحرب الأخيرة، وهي آخر الحروب حيث لم يعط الإسرائيلي هذا الاطمئنان واكتفى بفتح الباب أمام تدفق السلع الإسرائيلية إلى غزة بما يعود بالنفع على تجارته وتخليصه من أعباء منتجاته على سوقه المحلية".

واعتبر عبد الله أن الوضع في غزة بات أشبه ببرميل بارود وسط حالة من الاحتقان الشديد والإحباط الشامل، منوهاً في هذا السياق إلى أن الأوضاع في الضفة الغربية ليست أفضل حالاً من غزة، باستثناء أن مواطني الضفة يستطيعون بشكل عام تلبية احتياجاتهم المعيشية اليومية، سيما وأن إسرائيل فتحت الباب أمام عمال الضفة للعمل داخل السوق الإسرائيلية.

 حكومة مشلولة الإرادة

وحول تقييمه لأداء الحكومة مجريات عملية الإعمار بعد مرور عامين على الحرب الأخيرة، وصف عبد الله الحكومة الفلسطينية بالحكومة مشلولة الإرادة، معرباً عن أسفه لوجود من يعتقد أن بإمكان الحكومة أن تقدم شيئاً في ظل أن وزراءها لا يستطيعون التصريح بذلك الواقع في ظل أن غالبية أموال المانحين توجه وتدار بشكل مباشر من قبل المانحين أنفسهم أو عبر مؤسسات دولية.

وقال: "هم (المانحون) يعملون على تنفيذ مساعداتهم المالية بصورة مباشرة مثلما تفعل قطر والكويت ودول أخرى تنفذ جزءاً من التزاماتها عبر الأونروا أو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولو كان هناك انتقاد نقول إنه كانت هناك فرصة لإنجاز المصالحة، ولكن لم يكن هناك مبادرة من الطرفين، وتوقف كلاهما عند مشكلة الموظفين، فلو تمت المصالحة لكان من الممكن أن تتحسن الأمور، ولكن استمرت القوى التي لا تريد المصالحة وتتطلع إلى إمارة غزة ولديها دعم خارجي من جهات إقليمية على مواقفها، الأمر الذي أعطى الذريعة لكثير من المانحين كي لا يلتزموا بتعهداتهم خلال العامين الماضيين، فالمانحون لديهم حجتان، الانقسام وعدم وجود سلطة شرعية في غزة، وبالتالي لجأوا إلى تقديم مساعداتهم لرام الله، وقدموا أقل القليل من التمويل لغزة التي يعتبرون استثمارهم فيها أشبه بالاستثمار في بئر مثقوب".

واعتبر عبد الله أن العديد من الدول المانحة تتعامل بحذر شديد تجاه ملف الإعمار وتراعي عدم إثارة حفيظة الولايات المتحدة، وبالتالي لم تمارس السلطة أي دور للتأثير على موقف المانحين، خاصة الدول الأوربية منها: "فنحن لدينا تقصير كبير في استغلال الظرف الدولي، ولا نستطيع أن نثبت أن إسرائيل هي التي تضع العراقيل أمام السلام وعملية الإعمار، كما لم نقم بشيء حتى الآن تجاه محكمة الجنايات الدولية وليس هناك شفافية في هذا الموضوع".

وأوضح عبدالله أن ما ورد في التقرير الأخير للفريق الوطني لإعادة الإعمار الذي ذكر أن مجمل ما دفعته الدول المانحة بعد عامين من الحرب الأخير هو 40% من مجمل التزاماتها، لا يعني أن هذه النسبة خصصت بالكامل لإعادة الإعمار، بل تم توجيه جزء كبير منها لدعم موازنة السلطة التي تعاني عجزاً بقيمة 750 مليون دولار.

محاذير انهيار اقتصاد غزة

من جهته حذر د. ماهر الطباع مدير العلاقات العامة لدى غرفة تجارة غزة من خطورة انهيار اقتصاد قطاع غزة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، واستمرار الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من 10 سنوات، مشدداً يقوله: "بعد مرور عامين على الحرب الثالثة، لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية، ولم يتم بناء سوى بضعة منازل من المنازل التي تم تدميرها كلياً خلال الحرب".

ونوه الطباع استناداً إلى تقرير صدر مؤخراً عن وكالة الغوث "أونروا"، إلى أن عدد الذين ما زالوا نازحين وبدون مأوى جراء الحرب الإسرائيلية في صيف 2014 على قطاع غزة بحوالي 75 ألف شخص.

واعتبر الطباع أن من أهم أسباب تعثر عملية إعادة الإعمار استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، واستمرار إدخال مواد البناء وفق الآلية الدولية العقيمة المعمول بها حالياً، والتي ثبت فشلها في التطبيق على أرض الواقع، مبيناً أن ما تم إدخاله من مادة الإسمنت للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة خلال النصف الأول من عام 2016 يقدر بنحو 280 ألف طن، وتم توزيع تلك الكميات على أصحاب المنازل المتضررة جزئياً وفق آلية الكوبونة المدفوعة الثمن.

ولفت إلى أن مجمل ما تم توريده من الإسمنت للقطاع الخاص لإعادة الإعمار لا يتجاوز 670 ألف طن منذ إعلان وقف إطلاق النار، وهذه الكمية تمثل حوالي 22% من احتياج القطاع في الوضع الطبيعي من مادة الإسمنت خلال الفترة السابقة.

إعمار محدود

وأشار إلى أن تكلفة إعادة بناء وإعمار المنشآت الاقتصادية المتضررة في كافة القطاعات التجارية، والصناعية، والخدماتية، والتي يتجاوز عددها ما يزيد عن 6000 منشأه اقتصادية، تقدر، حسب ما تم رصده في الخطة الوطنية للإنعاش المبكر، وإعادة الإعمار، بحوالي 566 مليون دولار في حين أن عدداً محدوداً من هذه المنشآت تم إعادة إعمارها وأن أغلب ما تم إعادة إعماره كان بتمويل ذاتي من أصحاب هذه المنشآت.

وأكد الطباع أن التباطؤ في عملية إعادة الإعمار أدى إلى تداعيات خطيرة على الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، حيث حذرت العديد من المؤسسات الدولية من تداعيات إبقاء الحصار المفروض على قطاع غزة في ظل ارتقاع معدلات البطالة في غزة إلى 41.2% في الربع الأول من عام 2016 حسب مركز الإحصاء، وعدد المتعطلين عن العمل بلغ 200 ألف شخص، ومعدلات الفقر والفقر المدقع ارتفعت لتتجاوز 65%، وتجاوز عدد الأشخاص الذين يتلقون مساعدات إغاثية من أونروا والمؤسسات الإغاثية الدولية الأخرى أكثر من مليون شخص بنسبة تصل إلى 60% من سكان قطاع غزة، ونسبة انعدام الأمن الغذائي تجاوزت 72% لدى الأسر في قطاع غزة.

 وأكد الطباع أن آلية العمل في معبر كرم أبو سالم الذي بات يعد المعبر التجاري الوحيد لقطاع غزة، لم تتغير خلال العامين الماضيين، من حيث عدد ساعات العمل، وعدد الشاحنات الواردة، ونوع وكمية البضائع الواردة، وأن الزيادة التي حدثت في عدد الشاحنات الواردة نابعة من زيادة دخول المساعدات الإغاثية، ومواد البناء الخاصة بالمشاريع الدولية، والمشاريع القطرية التي تنفذ في قطاع غزة، وكميات مقننة من مواد البناء للقطاع الخاص لإعادة الإعمار.

ونوه إلى أن معظم واردات القطاع هي من السلع الاستهلاكية، والإغاثية حيث لا زالت إسرائيل تفرض قيوداً صارمة على العديد من السلع الأولية من المواد الخام اللازمة للقطاع الصناعي، والمعدات، والماكينات، والآلات.

 وفي سياق ذي صلة بذكرى مرور عامين على الحرب الأخيرة، أصدر مكتب الفريق الوطني لإعادة الإعمار بتنسيق التمويل والتخطيط لأولويات إعادة الإعمار تقريراً أشار فيه إلى أن إجمالي قيمة ما دفعته الدول المانحة من مساعدات لإعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة على غزة بلغ 40% من مجمل ما تعهدت بدفعه خلال مؤتمر القاهرة لإعادة الإعمار الذي عقد في الثاني عشر من تشرين أول عام 2014، ما يعني، حسب التقرير نفسه، أن ما تم دفعه حتى الآن من تعهدات المانحين لتمويل عملية الإعمار بلغ 1409 ملايين دولار وتبقى 3507 ملايين دولار من مجمل التعهدات.  

وأشار تقرير الفريق الوطني إلى أن 171 ألف وحدة سكنية تضررت إثر الحرب الأخيرة على غزة، وأن الحكومة تمكنت مؤخراً من التوصل إلى اتفاق مع البنك الإسلامي للتنمية ودولة قطر لتوفير التمويل اللازم لعملية إعادة الإعمار بشكل خاص للمنازل المدمرة بشكل كلي، وأنه تم إنجاز 24% من مجمل إعادة إعمار الأضرار التي لحقت بقطاع البنية التحتية، "نحو 88 مليون دولار، أما أضرار قطاع الزراعة فقدرت بنحو 266 مليون دولار، واستطاعت الحكومة توفير 75,4 مليون دولار لتمويل نحو 12 مشروعاً فقط وأن عدد المنشآت المتضررة في القطاع الاقتصادي خلال عدوان 2014 بلغت نحو5153 منشأة، فيما وصل حجم الأضرار إلى ما قيمته نحو 152 مليون دولار.