الإثنين  13 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المكتوب على الجبين !!/ بقلم سامي عيساوي

2016-08-08 01:14:55 PM
المكتوب على الجبين !!/ بقلم سامي عيساوي
الكاتب سامي عيساوي

 

كل ما شفت خالتي سعاد، بذَّكر المرحومه أمّي، وبذَّكر كلامها عن المكتوب والنصيب، كانت تردد في كل مناسبه.

 

"المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين".

 

كانت تعتقد أنّه كل تفاصيل حياتنا مكتوبه علينا، "والمكتوب ما في منّه هروب".

 

لمّا كنت صغيره، كنت أصدق كلامها، وكنت مرّات اتأمل جبينها، يمكن أشوف أو اقرأ شو مكتوب على جبينها، وكنت مرّات أقعد بالساعات أطّلع في المرايه يمكن أعرف أفك شيفرة النصيب المكتوب على جبيني.

لمّا كبرت وعرفت وفهمت صرت أناقشها، بس في إشي كان يمنعها من تغير رأيها وكأنه النصيب وحش كاسر بهدد الواحد بالقتل إذا ما رضي يسمع كلامه.

اسألها:

 _مين اللّي كتب؟

تقول:

_ربنا هو اللّي كاتبلنا كل إشي.

أقولها:

-يمّا يعني ربنا كاتبلك تعيشي أنتِ وأبوي في  النكد والمشاكل  والقهر والفقر طول عمرك، وكاتب لخالتي سعاد تعيش في سعاده هيّ وجوزها!

تحتار، تتوتر، وما تجاوب.

أقولها:

-يمّا ربنا ما بكتب إلاّ اللّي بنعمله، ربنا بكتب اختياراتنا وبحاسبنا عليها..

تسأل:

- كيف يعني؟

أقولها:

_يعني ربنا ما خلقنا علشان نمثل دور هو رسملنا إياه وكأنه الحياة تمثيليه. وإلاّ رح تجد البعض يحتج على دوره ويرفض تمثيل دور الضعيف أو دور الفقير أو دور القتيل، أو حتى القاتل، وكمان الناس رح يتهموا ربنا بالظلم، وربنا عادل ومش ظالم.

 

تقتنع مرات بس ما كان طالع في إيدها تغيّر إشي.

 

أول نصيب صاب أمي هو زواجها من أبوي، امّي وأبوي ما كانوا متفاهمين نهائي، يعني دايماً طوشات وصراخ، وكانت تمر أيام ومرات أسابيع ما يحكو مع بعض، بس هي كانت تعزي حالها أنّه كله مكتوب،

أرجع أقولها في كل مرّه:

_­ ياماً حبيبتي شو المكتوب.

تقولي لي:

_ النصيب.

أقولها:

_ مين كتبه؟

تقولي:

_ربنا اللّي خلقنا، هو أخبر فينا، وتسكت.

 

طبعا هي أكثر وحده كانت مش مصدقه هذا الحكي، مش مصدقه أنه النصيب كتبلها يكون جوزها نِكد وطفران وقليل حيله، وأنه يكون جوز أختها التوأم (أمي وخالتي سعاد توأم) زلمه إبن عالم وناس، متعلم ووضعه المادي مرتاح، وكمان هو ومرته بحبو بعض وأولادهم مبسوطين في حياتهم.

 

بس أمي طبيعتها ما كانت تحسد حدا، تتحسر، تتمنى أنّه الله يغيّر الحال بحال أفضل منه، بس عمرها ما نظرت لحدا نظرة حسد، وبس تقول "اللهّم لا اعتراض".

 

النصيب الثاني اللّي صاب أمي أنها ماتت صغيره، ماتت مقهوره وزعلانه، صابها سرطان وماتت في أقل من 3 أشهر، طبعا الجميع رح يقول نصيبها، ممكن أصدق أنه نصيبها لحد ما يكتشف العلم سبب السرطان، ورح تشوفو إنه مش نصيبها.

     

خالتي سعاد، توئم أمي اللّي بشوفها بيقول عنها بنت أربعين، طبعاً رح يقولوا نصيبها، بس إذا عرفتوا تفاصيل حياتها رح تعرفوا أنه النصيب ما إله دخل وإنه شمّاعه بنعّلق عليها سوء فهمنا وجهلنا وقلة خبرتنا وقلة حيلتنا.

 

رح تقولوا أنه الإنسان محجوب عنّه الغيب، وما بعرف القدر شو مخبيله، رح أقولكم ماشي بس الإنسان عنده عقل لازم يستخدمه، أمي الله يرحمها لمّا شافت أبوي زلمه نكدي وكسول ومش على قدر المسؤوليه كان من أول شهر أول سنه، قالت له طَلّقني، أشوف نصيبي مع واحد ثاني، لكن أمها اللّي هي ستي قالتلها بالحرف:

 

-هذا نصيبك يمّا ولازم ترضي فيه، وربنا يوم الحساب رح يعوضك، وهي صدقت وقبلت، وعاشت أكثر من 25 سنه مع واحد ما بتحبه، ويمكن بتكرهه، وهذا رح تعرفو بعد 20 سنه من اليوم أقل أو أكثر إنّه مسبب رئيسي لمرض السرطان اللّي صاب أمي وما صاب خالتي سعاد.

 

لمّا محمد طلبني للزواج، تذكرت النصيب، وفكرت في الموضوع من كل جوانبه، صحيح يمكن ما بعرف دخيلة محمد، بس لمّا تجوزنا كنت صاحيه 24 على 24 وكنت واضحه معه، قلت له بالحرف:

 

- الزواج عندي عباره عن شركه مساهمه محدوده بين اثنين همّا الزوج والزوجه، الزوج والزوجه لازم يشتغلوا ليل نهار علشان تربح الشركه، وربحها هو السعاده والفرح والأيام الحلوه، وإذا الشركة بلّشت تخسر وتنتج النكد، والزعل والهموم والطوشات والمشاكل والمسبات والضرب والفقر، يعني أنها شركه بتخسر، ولازم نفك عقد الشركه وكل واحد من الزوجين يروح لحال سبيله.

 

ما تفهموا من كلامي إنيّ بحرض على الطلاق، أبداً ممكن في البدايه نستشير الخبراء عن سبب الخساره، ممكن نراجع وضعنا ونفهم حقوقنا وواجباتنا، ونبذل جهد إضافي، بس لمّا الشركه وبعد كل محاولات الإصلاح  بقيت تخسر معناها الشراكه كلها فاشله ولا تصلح للإستمرار. ولازم الشراكه تنفك، وإلاّ عمركم سمعتو عن شركه صرلها 30 سنه بتخسر وأصحابها متمسكين فيها ورافضين إصلاحها أو فض الشراكه فيما بينهم. طبعا هاذا مستحيل بس للأسف في الزواج ممكن وخير مثال حالة أمي وأبوي.

 

محمد فهم هذا الموضوع كويس، وكل واحد منّا أنا وياه فاهمين احتياجات بعضنا البعض، كل واحد عارف المطلوب منه تماماً، وهيك شركتنا أي زواجنا  بعده قائم وناجح، وبالتالي إنتاج السعاده والفرح والراحه النفسيه مستمر دون توقف.