الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث" | لماذا سعر تصليح كعب الحذاء 30 شيقلاً؟

2016-08-17 07:15:33 AM
متابعة

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

قد تشعر بالحرج، وقد تداري نفسك في أحد أزقة مدينة رام الله، أملا في انشغال أعين الناس عنك، فطريقة سيرك خاطئة وكأن كعب حذائك قد خلع من مكانه، وتمزق بفعل السير طوال اليوم وتحت أشعة الشمس، فكيف للأحذية في بلادنا أن تصمد أكثر طالما أنها صناعات مستوردة لا تلائم الشوارع المحفرة، وتعيق حركة أصابع القدم وأحيانا تسبب الأوجاع، ولذا فلا تخلو حاويات المنازل من الأحذية المهترئة. فلماذا لا نصطحب الحذاء في جولة للتصليح عند " لكندرجي" بدلاً من رميه، وشراء حذاء جديد؟ وهل مكانتنا الاجتماعية تواجه الانتقاد نتيجة فعل ذلك؟.

 

مهنة "الكندرجي" في تراجع

 

"لم يعد الناس يتقبلون فكرة تصليح أحذيتهم عند الكندرجي، ودائما ما يبحثون عن الأرخص، ويقتنون  الأحذية المستوردة"،  وقد تدلل هذه العبارة على تراجع مهنة الكندرجي كما ذكر أبو صالح الطريفي (60 عاماً)، لاسيما وأن مدينة رام الله كانت قديماً عامرة بالجلود الطبيعية والتي كانت تدور بطريقة حرفية لتغطية قوالب الأحذية، اذ كانت تصمم هذه القوالب في 13 محال لتصليح وتصميم الأحذية، ولكن اليوم لن تجد سوى 3 محلات لتصليح الأحذية بعيداً عن تصميم الأحذية.

 

"مهنة الكندرجي تتلاشى بالتدريج، وكل من كان لديه هذه المهنة أغلق بابه وعمل كتاجر للملابس والأحذية" هذا ما تحدث عنه الكندرجي أبوصالح، حيث امتهن مهنة تصليح الأحذية منذ 38 عاماً، وقد ورثها عن والده ليجد نفسه الآن يجلس في محال لا يتجاوز عمره 60 عاماً.

 

" كيف لي أن أترك هذا المكان وأغادر مثل غيري، وهنا تعلمت كيفية خياطة الأحذية وتصليحها، وقد كان والدي من أقدم الأشخاص الذين أتقنوا هذه المهنة، وكان يحصل على دورات متتالية في هذا المجال في فترة الانتداب البريطاني". هكذا يقول.

 

في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، وما يقارب عام 1948، كان الحديث حينها يدور حول تجميع مخلفات الجيش، وهذا ما تحدث عنه ابن التاجر (80 عاما)، حيث رفض ذكر اسمه لـ "لحدث"، واكتفى بالحديث عن والده.

"والدي كان من كبار التجار قديماً، وكان يعمل على تجميع مخلفات الجيوش البريطانية من مدينة الرملة والواقعة ضمن أراضي 48 المحتلة، وتضم الملابس والأحذية وكذلك قطع السيارات والطيارات، وكان يجمعها ويوزعها في السوق الفلسطيني، وكان يعمل " الكندرجي" ابو ربحي الطريفي في هذه المهنة مع والدي، ومن هنا كان الارتباط بالمهنة".

 

رائحة الجلود اختفت

 

" آلات قديمة، ومكان قديم، حتى نحن قدامى" هكذا بدء الكندرجي حسني الشافعي (68 عاماً) حديثه عن محال تصليح الأحذية والمتواجد في شارع ركب والمعروف لدى سكان المنطقة وحتى الوافدين، فما زال المكان يحتفظ بتفاصيله القديمة التي تعود الى الستينات، و الآلات القديمة المخصصة لتصميم الأحذية مثل آلة " برس" أي المكبس، وآلة " فريزا" المخصصة لنحت طرفي النعل، وآلة المقطع. " نحن حافظنا على هذه الآلات القديمة، رغم تطور الآلات الحديثة، فهي الأفضل بالنسبة لعملنا.

 

 واليوم قد يتكرر مشهد "الفتاة وهي تمسك بكعبها المكسور" وتبحث عن طريقة تعيد فيها شكل الحذاء الأنيق قبل موعد الاحتفال، خاصة وأن سعر الحذاء قد يصل إلى 500 شيقل.

 

." هؤلاء يطلبون منا عناية خاصة لأحذيتهم، وثمنها مرتفع وبذلك قد يأخذ الأمر وقتاً في اصالحها، وتصليح الحذاء مرهون بجوزته وسعره". هذا ما تحدث عنه الشافعي "للحدث".

 

وأثناء تذكره المرأة التي جلبت حذائها " المخلوع" وهي تبكي، ابتسم قائلا" الأحذية المتواجدة في الأسواق هي أحذية تفتقر للجودة، وهي غير متينة ولا تدوم إلا لعدة أسابيع فقط، وقديماً كانت الأحذية المصنعة محلياً تستقطب الناس برائحة جلودها الطبيعية ، أما اليوم الجلد قد تحول الى بلاستيك ولا رائحة له".

 

حذاء لـ 3 سنوات

 

قد يجذبك العرض، ولكن أين نجد هذا الحذاء في يومنا هذا؟ وجميع الأحذية في الأسواق هي مستوردة وصينية ولا تدوم طويلاً، وقد يزيد الأمر سوءً، الشوارع والطرق المحفرة التي تسرع من تمزيق الحذاء. وبالنظر الى حذائي الجديد قد أواجه مشكلة في تبديل أحذيتي رغم ارتفاع سعرها. فكيف سأحصل على حذاء رخيص ومتين؟ وقد أضع في نهاية الشهر ميزانية خاصة للأحذية، وتحديداً من أجل تغيير نعل الحذاء.

 

نعل الحذاء مطلوب

 

" نعل الحذاء هو الأكثر طلباً" وهذا ما تحدث عنه الكندرجي حسني الشافعي في حديثه لـ "الحدث" " معظم التصليحات التي تصل الينا مرتبطة بتغيير نعل الحذاء رغم أن الحذاء ما زال يحتفظ بلمعانه، وهذا يعود إلى أن التجار يستوردون البضائع من الصين وتركيا وبجودة وسعر رخيص، فهم يعرفون ما يحتاجه الزبون في الوقت الحالي، ولا ينظرون للجودة، وهذا يزيد من حركة شراء الأحذية في الأسواق، حتى أن المواد المستخدمة لتلصيق الأحذية هي رخيصة وليست بجودة عالية".

 

ولذا فقد نجد "كل الكعوب قد خلعت من مكانها" وقد نبحث عن حذاء بسعر مرتفع ويدوم طويلاً دون اللجوء الى تصليح الحذاء القديم، لاسيما وأن تركيب كعب للحذاء قد يكلف ما يقارب 30 شيقل. " ممكن أشتري في 30 شيقل حذاء جديد، فلماذا أقوم بتصليح الحذاء؟ هكذا رد المواطن أبو فراس. وأضاف " الجميع يشتري الأحذية من الأسواق رغم أرتفاع سعرها، ونحن نعلم أنها لا تدوم كثيرا، ولكن لا يوجد حل آخر، اذا غيروا جودة البضائع".

 

ولكن الأمر مختلف لدى المواطنة امتياز المغربي، والتي على الدوام تقوم بتصليح أحذيتها لدى أقدم محال لتصليح الأحذية في مدينة رام الله " أصلح أحذيتي لانني لا أحب التغيير، وأفضل ألوان معينة، كما أنني لا أجد في الأسواق ما يناسب رغباتي، وبالمقابل لا اقوم بشراء الأحذية ذات الماركات العالمية والمرتفعة السعر، لأنني أعلم أن جميع الأحذية وبأنواعها سوف تمزق يوماً ما، وبهذه الطريقة أعيدها كما كانت جديدة وبتكلفة قليلة".

 

كعب العروس 250 شيقل

 

" ااااااااااااااااااخ على أيام زمان، لما كان سعر الحذاء 3 دنانير وكان وزنه ذهب، أما اليوم سعره 200 شيقل ووزنه خشب" هكذا وصف الكندرجي الشافعي حال الأحذية في الأسواق الفلسطينية وأجمع مع زملائه في المهنة، أن مهنة الكندرجي قد تكاد تتلاشى مع ظهور البضائع المستوردة والتي كسحت الأسواق وتغلغت بين رفوفها ، واليوم إن أرادت العروس تصميم حذاء زفافها السحري والخاص، عليها أن تدفع ما يقارب 250 شيقل للحصول على حذاء ليوم واحد، وبكعب يصل طوله 10 سم.