السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ماذا رأيتُ في نابلس ماذا رأيت في ديوان آل حلاوة؟ - رولا سرحان

2016-08-25 09:48:16 PM
ماذا رأيتُ في نابلس ماذا رأيت في ديوان آل حلاوة؟ - رولا سرحان
رولا سرحان

 

رولا سرحان

 

نابلس تمنحك أكثر مما تستحق؛ لم تكن قدماي لتتركاني ورائي دون أن أكون هناك في قلب جبل النار المشتعلة صدوره والحزينةِ وجوهه.

 

إلى نابلس.

 

هكذا عقدتُ العزم هذا الصباح، إلى الشوارع بين الناس، إلى البلدة القديمة، وبين عناصر الأمن الوطني وفي ديوان آل حلاوة وفي أمور أخرى.   

 

البلدة القديمة التي ما زالت مغلقة، حداداً على "أحمد -أبو العز" كما قال لي أحدهم، أو بسبب أطفال يرشقون دوريات الأمن الفلسطيني بالحجارة فيفرقهم الأمن كما قال آخر في رواية ثانية، لا تعني بالنسبة لي سوى أن البلدة القديمة في نابلس مغلقة. ثالثٌ قال صارخا في وجهي، مغلقة "لأننا ننتظر يوم الحشر، هنا سيُحشرُ الناس يوم الحساب وليس في أي مكان آخر"، ولعله مصيب فما يحدث في نابلس لا يحدث في أي مكان آخر.

 

كل شيء متضخم، الأصوات متضخمة، والكلام فيه لهاثٌ عميق موجوع، حتى حبات "الدراق" التي اشتريتها من بائع متجول كانت تبدو أكبر من حجمها الطبيعي ضعفين أو ثلاثة. يقول لي البائع لم نعمل منذ ثلاثة أيام، واليوم تبدو الأمور مختلفة، لأنها تجري نحو الأسوأ.

 

حضرتُ شيئا من اجتماع مؤسسات حقوقية تريد أن تصدر بياناً لذر الرماد في العيون لتقول فيه بأنها موجودة، وأن لها وزناً وقولاً في مجريات الأمور، فتركتها مع شعورها المتضخم ورائى بلا أسفٍ عليها.

 

وقبلها كنتُ رأيتُ شيئا من اجتماع الأطرُ والفعاليات والشخصيات التي تداعت للانعقاد في نابلس تتدارس إمكانيات تأجيل مشاركتها في الانتخابات، لكن الحج عدلي يعيش الذي كان حينها في لقاء يجمعه بآل حلاوة، تلقى اتصالاً من مكتب الرئيس، لتسجيل قوائم الترشح، علّ الأمور يُصارُ بها إلى الرتق السريع، فسارعت جميع القوائم التي تريد التنافس على مقاعد الهيئات المحلية بتسديد رسوم تسجيل قوائمها.

 

اللواء سرحان دويكات، هو الآخر أخذ الهاتف من الحج يعيش، جرى كلام لم أستطع أن أتوصل لمضمونه، كان العدد كثيراً في ديوان آل حلاوة، لكن دويكات بدا متفائلاً بأن الأمور ستسيرُ في اتجاهٍ صحيح.

 

لكن شاباً طويلاً يرتدي بنطال جينز أسود و"تي شيرت" أخضر، لم يكن راضياً عما يقوله يعيش ودويكات في سبيل الخروج بحل وسطي يرضي جميع الأطراف ويخرج نابلس من أزمتها ويدفن بموجبه "أبو العز"، دخل الشاب إلى غرفةٍ مجاورةٍ وحطم ما فيها. ذلك بحسب الأصوات التي وصلتني.

 

أحد الحاضرين، وعلى ما أظن يدعى سعيد حلاوة، قال لن ندفن "أحمد حلاوة" إلا بتحقيق مجموعةٍ من المطالب، اعتبار أحمد أبو العز مع الأربعة الآخرين الذين قضوا في تلك الأحداث شهداء، والتوصل لصك صلح مع عائلة البيعة، قال إن تمت تلك الأمور سندفن "أبو العز" يوم السبت، ولن ندفنه إلا في جنازةٍ مهيبة، ومشياً على الأقدام.

 

جميعهم أثنوا على الكلام، بل أكدوا قبله وبعده، أنهم مع الأمن والأمان لمدينة نابلس، هم لا يريدون للدماء أن تجلب المزيد من الدماء، وأنهم مع القانون ومع تشكيل لجنة تحقيق في مجريات الأحداث.

 

باب ديوان آل حلاوة، من حديد صريره حاد علق عليه "لا نستقبل المعزين نستقبل المتضامنين"
 

خرجتُ من هناك مستنزفة، حتى عناصر الأمن المنتشرة في كل مكان لا يبدو أنها سعيدة أو متشفية فيما يجري، يؤدون الواجب، يتجاوبون مع الأسئلة، قيل لعنصر من قوات الأمن الوطني، والكلام من بائع خضراوات في البلدة القديمة: "أنتم اخوتنا نريدُ الأمن والأمان لنابلس، ما حدث يجب أن يتم لمُّه بحكمة".

 

نابلس الكبيرةُ علي، تذوب مآذنها تحت الشمس، وينشفُ الهواء تحت وقع هدوء مشحون.

 

سائق إحدى سيارات الأجرة قال لي: "نابلس تهيم على وجهها، كالتائهة بين طائفتين لدين واحد".

 

فماذا ينتظرُ الكبار؟ سؤال تركه في ذهني صوت سائق الأجرة.