السبت  12 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أون لاين فيسبوك...أوف لاين صالون!

2016-08-31 03:28:17 PM
أون لاين فيسبوك...أوف لاين صالون!

 

الحدث - أحمد بعلوشة

تبدأ الجلسة.. مجموعة من الشباب أو الصبايا في منزل أحد الأصدقاء، كل شخص يُمسك بيده هاتفاً محمولاً ويتابع صفحاته وصفحات أصدقائه الذين قد يكونوا جالسين في نفس المكان، لكنه يتابعهم على مواقع التواصل، ولا يستطيع التواصل معهم على أرض الواقع.

 

قبل سنوات ليست كثيرة، كان بالإمكان أن تجد العائلة تجتمع أمام الشاشة الصغيرة لمشاهدة فيلم الخميس، حين كان التلفاز هو النافذة إلى العالم. عوضاً عن اجتماع العائلة أيضاً في يوم الجمعة، زيارة الأقارب، الأصدقاء، الجيران.. الجميع كان متواجداً، والمساحة كانت متاحة للدخول في حوارات يلتفُّ حولها الجميع، الجدات كُنَّ يحكين الحكايا، والأجداد يتحدثون عن ذكرياتهم. لم تكن التكنولوجيا قد غزت العالم ولم يكن كلٌّ منا يحمل جهازاً في يده، لتختلف الأمور بعد ذلك، ويلهو كل واحد بجهازه الذكي.. وقد أصبح ذلك واضحاً في الكثير من الجلسات التي تخلو من الكلام والسمر، وتذهب تجاه متابعة الهواتف الذكية التي يدمن عليها الكثيرون من الناس، وتؤثر بطبيعة الحال على الجلسات والحوارات والزيارات وغيرها من الروابط الاجتماعية بين الناس.

 

خالد فرحات يؤكد أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي أثرت على مستوى علاقاته الشخصية، حيث يقول لـ الحدث: "نعم أثرت على علاقاتي، وقمت من قبل بإلغاء مواعيد بسبب استخدام الإنترنت، لقد ألغيت موعداً أمس مع طبيب الأسنان لانشغالي باستخدام الإنترنت، وتغيّر حقاً مستوى تواصلي مع الناس على أرض الواقع بفعل أدوات التواصل".

 

وعن آثار استخدامه لمواقع التواصل، يضيف فرحات: "مع استخدامي المتزايد للإنترنت؛ لم أعُد ألتقي بأصدقائي كثيراً، إضافة إلى أنني تعرفت على أصدقاء جدد عن طريق الإنترنت، يعوضون أحيانا هذا التناقص في التواصل مع أصدقائي، ولكن ذلك أحدث فجوةً على مستوى التواصل الحقيقي".

 

آلاء عويسات تتحدث عن ذات الظاهرة، مستذكرة: "في كثير من اللقاءات التي أتواجد فيها يكون هناك عدة أشخاص تربطهم صداقة أو قرابة، ولكنهم يكونوا جالسين وكل شخص ممسكاً بهاتفه ولا يكلم أحداً".

 

وتنوه عويسات إلى أنها لا تستطيع إلغاء موعد لأجل استخدام الإنترنت، ولكن ذلك لا ينفي أنها تأثرت أيضاً باستخدام وسائل التواصل التي تُسهّل بعض عمليات التواصل، حيث تضيف: "هو تأثير خارج عن إرادتي في أغلب الأحيان، من السهل أن أتواصل مع الكثيرين من الناس، أو كتابة التعليقات بصورة أفضل من التواصل والالتقاء وجهاً لوجه مع هؤلاء الناس".

 

هذا وحاولت عويسات إغلاق حسابها على فيسبوك عدة مرات، إلا أنها وجدت نفسها أصبحت "مهووسة" على حد تعبيرها، خصوصاً بموقع فيسبوك.

من جهته، يلفت علاء أبو شاويش إلى التأثير الحاصل في علاقاته الشخصية، وحول الموضوع، يقول: "نعم أثرت مواقع التواصل بصورة كبيرة جداً على العلاقات الشخصية خاصة أننا أصبحنا نميل إلى الكسل والبحث عن الراحة، وأصبحنا نستسهل التواصل الافتراضي الذي لا يحتاج سوى تحريك الأصابع. يعني بإمكاني التواصل مع الجميع وأنا جالس جلستي المفضلة وأشرب الشاي أو القهوة، أو أشاهد مباراة، أو حتى أتناول الطعام، وأتواصل مع من أريد دون الحاجة إلى الاستعداد والتجهيز واللبس والخروج من البيت وحجز موعد.. إلخ الذي يتطلب مني أن أقوم بالتواصل الشخصي والزيارات الشخصية للأقارب والأصدقاء".

 

ويواجه أبو شاويش نفس المشكلة المتعلقة بالمواعيد، حيث يضيف: "أحياناً اقوم بالغاء بعض المواعيد غير الأساسية وغير المستعجلة بسبب استخدام الإنترنت وخاصة فيسبوك وتويتر، وأحيانا أخرى أضطر للتأخر عن بعض المواعيد خاصة إلى الأمكان التي أعرف مسبقاً خلوها من خدمة WIFI". ويردف أبو شاويش: "تغير مستوى تواصلي وعلاقاتي مع الناس بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، وباعتقادي أنه كلما كان الإنسان ناجحاً في العالم الافتراضي.. كلما كان فاشلاً على المستوى الاجتماعي الواقعي".

 

أما فادي أبو شمالة، فيؤكد لـ الحدث أن لوسائل التواصل الاجتماعي بالغ  الأثر على مستوى العلاقات الشخصية كونها فتحت آفاقاً واسعةً للتعبير عن الحالات الشخصية والانجازات على مستوى العمل، بالإضافة إلى الوصول والتعرف على جنسيات أخرى، وأوضح أبو شمالة: "لا يمكن لي أن أغفل دور مواقع التواصل الاجتماعي في إتاحة الفرصة لنا للتعرف عن قرب بفلسطينيي الداخل والشتات، ومشاركة الهم والحلم الفلسطيني بكافة الوسائل الممكنة كالصورة والصوت والفيديو". ويتابع أبو شمالة: "على المستوى الشخصي، بعد عام تقريباً على دخولي عالم التواصل الاجتماعي لمست بدايةً عزوف عن التواصل الشخصي مع دوائر الأصدقاء والأقارب، مع شعوري بحالة إدمان عليها وابتعاد عن المقربين مني كالزوجة والأبناء، إلا أنني تداركت الأمر بسرعة، وقمت بتقنين استخدامي لهذه المواقع، وقد وصل الأمر أن قمت بحذف تطبيقات التواصل الاجتماعي من هاتفي النقال؛ كي أحد من سرعة وصولي لهذه المواقع، كون فتح الكمبيوتر المحمول يحتاج لوقت أكثر، وكي أكون منصفاً.. فإنَّ هذه المواقع أتاحت لي التعرف على أناس جدد خارج حدود غزة، كالمتضامنين مع قضيتنا الفلسطينية والذين راكمت معهم على مدار سنوات متتالية صداقات أعتز بها".

 

انتهت الجلسة، أحد الشباب يهم بالرحيل لأنَّ الانترنت بطيء في بيت صديقه، ويذهب للبحث عن مكان آخر يكون فيه الاتصال بالانترنت أسرع.. حيث أنَّ صديقاً آخر بانتظاره على فيسبوك!