السبت  18 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 70| الأقاليم ستحل محل المحافظات ورؤساء مجالسها محل المحافظين

ممثلو الرئيس (المحافظون) ينتهي دورهم ومكانتهم وصفاتهم الاعتبارية، مع بدء تفعيل مجالس الأقاليم مطلع 2018

2016-09-27 10:54:12 AM
في العدد 70| الأقاليم ستحل محل المحافظات ورؤساء مجالسها محل المحافظين
صورة تعبيرية

 

التنمية في ظل الاحتلال وهم، ومحاولات تحسين ظروف الحياة والخدمات فشلت في احداثها

 

25 ـ 30 مليار دولار، تلقتها السلطة الفلسطينية خلال 20 عاما ساعدت على محافظة استدامتها المالية، لكنها لم تحدث فرقا تنمويا جوهريا

 

خاص الحدث

 

ستشهد الأراضي الفلسطينية مطلع 2018 تعديلات إدارية دراماتيكية في تقسيماتها الجغرافية، بحيث تحل  الأقاليم (التنموية) محل المحافظات التي ستنتقل صلاحياتها بأجهزتها وموظفيها إلى الأقاليم. وسيتم تعيين رؤساء مجالس الأقاليم بدلا من المحافظين، الذين سينتهي دورهم ومكانتهم وصفاتهم الاعتبارية كممثلين للرئيس في محافظاتهم، وسيصبحون أعضاء في تلك المجالس، وذلك استنادا لتوجه مجلس الوزراء بإعادة النظر في التقسيمات الإدارية في الدولة، واستبدال المحافظات بالأقاليم لتسهيل عملية التنمية.

 

ونظرا لعدد المحافظات الكبير 16 محافظة منها 11 في الضفة و5 في قطاع غزة، مرشحة للزيادة وبالذات في محافظتي نابلس والخليل؛ ليصبح عددها 21 محافظة، لذلك يرى مجلس الوزراء أنه لا بد من إعادة النظر في هذا التشكيل الإداري بتنسيب من وزير الحكم المحلي د. حسين الأعرج، بهدف إحداث التنمية وبتجميع الجهود في المنطقة الجغرافية المحددة.

 

وبحسب المخطط الذي كشف عنه د. حسين الأعرج - وزير الحكم المحلي، فإنه عند التوصل إلى تفاهم وإجماع وطني فلسطيني، سيرفع المشروع إلى رئيس الوزراء ليناقشه مع الرئيس محمود عباس قبل إصدار أي قرار أو قانون أو نظام بشأنه، منوها إلى أن التوجه الآن هو أن يقسم  الوطن إلى أربعة أقاليم هي: إقليم الساحل،  ومركزه مدينة غزة: ويشمل 5 محافظات قطاع غزة، إقليم الجنوب ومركزه مدينة الخليل، ويشمل: محافظة الخليل، إقليم الوسط، ومركزه أمانة العاصمة القدس ويشمل: العاصمة القدس، رام الله، البيرة، أريحا، وبيت لحم، وإقليم الشمال، ومركزه مدينة نابلس ويشمل: نابلس، جنين ، طولكرم، قلقيلية، سلفيت وطوباس.

 

نقل صلاحية المحافظين والمحافظات للأقاليم

 

ويؤكد الدكتور حسين الأعرج -وزير الحكم المحلي أن الإقليم سيحل محل المحافظ، ولن يكون هناك محافظين، في اللحظة التي تتشكل فيها الأقاليم، "فإقليم الساحل مثلا سيحل محل المحافظات الخمسة، ولن يكون هناك محافظون"، وتنتقل صلاحية المحافظين والمحافظات وأجهزتها وموظفيها إلى الإقليم، وممثل الرئيس في الإقليم سيكون رئيس الإقليم، وستحل مجالس الأقاليم محل المحافظات، وبعد ثلاث سنوات من التطبيق سندرس صلاحيات الأقاليم وتوسيعها تنمويا واقتصاديا واجتماعيا وآلية عملها.

 

ويقول الأعرج لـ"الحدث": "عندما يعين رئيس الإقليم بقرار من الرئيس وتنسيب من الحكومة فهو يمثل الرئيس، ورئيس الحكومة يمثل الرئيس، فنحن حكومة الرئيس ونحن نمثل ونقوم ونعمل ونخطط باسم الرئاسة، لكن في المستقبل سيكون جسما منتخبا مثل البلدية، ونحن الآن في المرحلة الحالية متوجهون إلى أقاليم تنموية، وهدفنا الأساس هو إحداث التنمية، وحتى ننمي نحن بحاجة لتجميع الجهود في المنطقة الجغرافية المحددة".

 

وهذا ما عبرت عنه عبير عودة - وزيرة الاقتصاد الوطني بوضوح حينما قالت: "التقسيم الإقليمي هو عملية تنظيم لتسهيل انسياب الدعم المالي، وسيعمل على تجميع المناطق التي تتميز بقطاعات معينة دون سواها، وعملية التقسيم لأقاليم هي تجميع كل هذه الجهود في إقليم واحد للنهوض بالتنمية الاقتصادية إلى الأمام".

 

وردا على انتهاء دور المحافظات والمحافظين، تساءل المهندس ماجد الفتياني– محافظ أريحا والأغوار، هل سيتضمن الإقليم وحدات إدارية داخلية، أم سيكون هناك مجلس للإقليم ورئيس له ينتخب مباشرة من الشعب وتكون ولايته بالتفويض الشعبي؟

 

وأكد الفتياني، دعمه لنظام يحمي صلاحيات هذا المجلس المنتخب والمفوض، باعتبار الإقليم سيشكل حكومة محلية، وهو مسؤول عن الخطط والبرامج والموازنات التنموية والدوائر والوزارات المركزية التي ستفوض صلاحياتها له. وأن يشكل مجلس وزاري مصغر للأقاليم ضمن منظومة حكم تكاملية لها علاقة بالسياسات العامة والخطة الوطنية الشاملة  فقطعا الأقاليم ليست مفصولة عن بعضها بالجغرافيا ولا بالسياسة.

 

التقسيم الإداري الجديد لأقاليم لن يجلب التنمية

 

ويرى د. نصر عبد الكريم- الخبير الاقتصادي التنموي، يطمئنهم ويقول لهم: "إن التقسيم الإداري لأربعة أو خمسة أقاليم لن يجلب التنمية، ولكن يمكن أن يجلب أو يسهم في تنميتها إذا تم تخويل الجهات المسؤولة فيها بصلاحيات لتحديد وتوظيف مواردها بشكل يخدم أولوياتها".

 

ولا يشك عبد الكريم، في الفائدة التي يمكن أن تجنيها الأقاليم من وراء تجميع مواردها، وإذا تم إدارتها بشكل لامركزي وخولت صلاحيات أوسع، وأعادت الحكومة ترتيب أولوياتها لتخدم أقاليمها.

 

ولكن عبد الكريم يستدرك شكوكه بتأكيده: "يبدو أن تقسيم الدولة لأقاليم لن يغير شيئا آخر، لا في نهج الإدارة والحكم، ولا في إعادة النظر في الأولويات، ولا بتطوير صلاحيات، ولا في أي سلوك إداري آخر، فما نفع هذا التقسيم؟".

 

فيما شدد المهندس ماجد الفتياني– محافظ أريحا والأغوار، على أن لا نسقط تجارب وخبرات الآخرين إسقاطا على مجتمعنا، داعيا إلى الأخذ بزبدة هذه الخبرة العالمية والقوانين والأنظمة والتجارب؛ حتى نستطيع الاستفادة منها وفقا للاحتياج الوطني الفلسطيني بما يسهل عملية البناء والتنمية".

 

رئيس الإقليم يخضع لرئيس الوزراء أو للرئيس

 

ويؤكد الأعرج، أنه سيتم تعيين رئيس للإقليم، ويساعده مجلس إقليم معين، ويخضع رئيس الإقليم لرئيس الوزراء أو للرئيس، وهذا شكل من أشكال نقل الصلاحيات، وهو مرتبط مع الحكومة ومجلس وزرائها أو مع الرئيس.

 

ويقول: "من النقاط المطروحة للبحث، أن الذي يعين رئيس الإقليم حسب اقتراحنا هو الرئيس بتنسيب من مجلس الوزراء، ولكن طموحنا بعد أن تستقر الأقاليم أن ينتخب رئيس وأعضاء مجلس الإقليم من الشعب على مستوى الإقليم، وهذه من النقاط التي بحاجة للمزيد من التوضيح، ونحن نتعلم ونأخذ مما نجح فيه العالم بما يتلائم مع وضعنا وطنيا أولا، وسياسيا، ومن ثم تنمويا".

 

ويعتقد كامل حميد - محافظ الخليل، أن صلاحية الرئيس لن تمس في هذه المسألة، ويرى أنه على العكس تماما فهناك مركزة أكثر، ويقول: "يجب أن لا نبالغ في هذه المسألة فنحن نتحدث عن الضفة الغربية كوحدة تنموية واحدة يمكن الإشراف عليها من خلال مجلس إقليمي تنموي يشرف عليه الرئيس أو يعطي تعليماته بهذا الاتجاه وقد ندمج ما بين التقسيمات الإدارية والإقليمية التنموية المطروحة حتى نستطيع أن نحافظ على اللامركزية التي ينحى العالم باتجاهها، وخاصة في قطاع الحكم المحلي، مع الحفاظ أيضا على نوع من المركزية من أجل مواجهة السياسة الإسرائيلية والظروف الأمنية، وأيضا الاستفادة من المقومات التنموية وغيرها في المحافظات لصالح محافظات أخرى".

 

تركيبة مجلس الإقليم

 

ويتكون مجلس إدارة الإقليم في مرحلته التأسيسية وفقا لما صرح به د. الأعرج، من ممثلين سيحددهم القانون في المرحلة الأولى من ممثلي البلديات "رئيس البلدية"، ومدراء الدوائر الحكومية، "الصحة، الزراعة، الأشغال، الحكم المحلي، والمجتمع المدني...""، ولكن في مرحلته التالية بعد 4 سنوات سينتخب رئيس الإقليم ومجلسه من أبناء وأهالي الإقليم. وسيرافق ذلك عملية تقليل عدد الهيئات المحلية من خلال مجالس الخدمات المشتركة والبلديات الكبرى كما حصل في مجالس التخطيط الكبرى. وعند الدمج لن يسمح بإنهاء أي شخصية اعتبارية أو اسم أي تجمع سكاني، أو إزالة اسم أي قرية عن الخارطة.

 

الإقليم أكبر من محافظة وأصغر من دولة

 

ويرى الأعرج، أن المحافظات القائمة والتقسيمات الإدارية ترتكز على النواحي الأمنية فقط، لذا فانه يؤكد ان هناك تضارب ما بين عمل المحافظ والدوائر الحكومية والبلديات في مجال التنمية الاقتصادية.

 

ونظريا لا يختلف د. عبد الكريم، لا مع وزير الحكم المحلي ولا المحافظين على الأقاليم التنموية ولكن بشرط تفويض مجالسها صلاحيات في إدارة الأقاليم التي يمكن أن تمنح لامركزية في الحكم، وبالتالي هي تتولى وتصبح حكومة في منطقة جغرافية واسعة وتجميع مواردها لتصبح أولويات احتياجاتها مختلفة وقادرة على أن تتعامل معها، وبالتالي فالإقليم أكبر من محافظة وأصغر من دولة.

 

وبالإضافة إلى النهج اللامركزي يرى عبد الكريم، أن هذه الأقاليم تصبح أقدر على الاستفادة من حالة الاندماج والتكامل الذي يحدث بين الهيئات المحلية في داخل الإقليم، وتصبح تتعامل مع الإقليم على أنه وحدة إدارية واحدة، ما يساعد على توظيف أفضل للموارد.

 

صلاحيات ومسؤوليات الأقاليم وموازناتها

 

ويؤكد د.الأعرج، أن الحكومة المركزية ستنقل جزءا من صلاحياتها للأقاليم والبلديات، وستعتمد في إدارتها مبدأ اللامركزية الإدارية والمالية، والاقتصادية، وهي تنمية الهيئات المحلية اقتصاديا، لذلك بدلا من أن يكون القرار فقط في يد وزير الحكم المحلي، سيكون بيد رئيس الإقليم ورئيس البلدية، حيث تنازل كل وزير عن جزء من صلاحياته لصالح مجلس ورئيس الإقليم.

 

ومن بين صلاحيات الأقاليم التي حددها د.الأعرج إعداد الخطة التنموية للإقليم بناء على توجهات واستراتيجيات الحكومة المركزية، وستخصص الحكومة المركزية للإقليم جزءا من الموازنة، ورئيس الإقليم بالتعاون مع البلديات هو الذي سيدير هذه الموازنة ويوزعها على القطاعات.

 

ومن صلاحيات المجلس التنفيذي للإقليم الذي يتشكل من ممثلي المجتمع (رؤساء بلديات أحزاب، مجتمع مدني،  ودوائر حكومية)، وضع الخطط التنموية وأنظمة المتابعة ومتابعتها من رئيس الإقليم، وضمان مشاركة الجمهور في التخطيط، إضافة إلى ضمان التنسيق الفعال بين الإدارات الحكومية والمديريات القطاعية، ما يؤدي إلى تحسين مستويات الكفاءة والفاعلية ويؤدي إلى التخطيط والإشراف والمتابعة بشكل سريع وسلس.

 

ومن أجل تطوير البيئة الاستثمارية، يؤكد د.الأعرج، أنه لا يمكن تطوير البيئة الاستثمارية إلا من خلال وجود الإقليم. وأن كل ما هو موجود من إمكانيات بشرية ومادية ومالية من موظفين ومركبات ومباني في المحافظات ستنقل للأقاليم، وهي عبارة عن عملية دمج لهذه المؤسسات، وإعادة موضعتها وترتيبها، وهي تكاليف إنشائية مؤمنة والهدف الأساس من الإقليم هو ترشيد الإنفاق، ولكن تبقى الحاجة الماسة للقوانين والأنظمة وتعديلاتها في هذا المجال، وهي ليست ذات عبء مالي على الحكومة وسترصدها في 2017/ 2018، وبالمجمل سنبقى في وزارة الحكم المحلي نقود هذا الحراك إلى أن نطبقه، ويأمل الأعرج أن يجري تطبيقه في 2018، وأن يرى النور بقرار من الرئيس، ونبدأ في عملية تأهيل وإنشاء المقرات والتدريب ورصد الأموال وتغيير القوانين والأنظمة وهذا قد يتطلب أيضا سنة إضافية، وإداريا سيكون هناك تشارك خدماتي وكل البلديات ستبقى قائمة، ولكن في مجلس بلدي مشترك. يقول الأعرج: "نحن نتحدث عن مركزية خدمات وليست مركزية صلاحيات، وهذا الأمر سيتطلب تفويض ونقل جزء من صلاحيات الحكومة المركزية ووزاراتها للأقاليم لكي تتمكن من تحقيق التنمية الاقتصادية".

 

ويرى المحافظ الفتياني، أنه وبالدراسات الأولية ستكون الأقاليم عبارة عن حكومات لامركزية تشكل في المحافظات كنقطة اختبار أولية لاختبار مدى نجاعة هذا النظام، وتفوض للمحافظات صلاحيات حكومية واسعة، ويشكل المحافظ وما لديه من دوائر حكومة محلية تشرف على الموازنات، وعلى خطط وبرامج التنمية تمهيدا لاختيار عينات من تجارب المحافظات لإجراء تجربة هذا النظام عليها.

 

ويوضح الفتياني، أن هناك رأيا آخر يدعو للتوجه لمجالس الأقاليم ودمج محافظات ومساحات جغرافية أوسع تعطي هامشا أوسع لوضع خطط وبرامج تنموية تحتاجها هذه المناطق ذات الصفة والصبغة الجغرافية السكانية الواحدة.

 

هذا التقسيم بحد ذاته لا يجلب التنمية

 

أما د. عبد الكريم فيقول: "مشكلة التنمية ليست بإعادة التقسيم الإداري ونقل جزء من الصلاحيات، وإنما في قلة الموارد، وسيطرة إسرائيل عليها، وإعاقتها الجهود نحو التنمية، وهذا التقسيم بحد ذاته لا يجلب التنمية، صحيح أنه قد يدفع عجلة التنمية إلى الأمام، لكنه قطعا لن يحقق تنمية جوهرية؛ لأن المشكلة ليست في إدارة التنمية بقدر ما هي في نزع التنمية من قبل الاحتلال، وبالتالي سيبقى عامل نزع التنمية قائما، مع أنه يحسن شروط إدارة العملية التنموية وهو ما قد تكون له منافع، لكن هذه المنافع فيها توظيفا أكثر للموارد وفي تحسين الخدمات، لكنه بلا شك لن يكون الحل الأمثل".

 

ولا يعرف د. عبد الكريم، إن كان لهذا التوجه والقرار الوزاري أبعادا أخرى، غير هدف تنفيذ مشروع اللامركزية في إدارة الهيئات المحلية، حيث أنه أوسع من اللا مركزية، وهو يجمع ما بينها والتوحيد، فهو يعطي الهيئة المحلية الصغيرة صلاحيات أفضل في إدارة شؤونها ومواردها وتحديد أولوياتها لتصبح تتصرف كحكومة محلية. لكن الأقالي متضيف بعدا آخرا وهو الدمج والتكامل ما بين حوالي 30 - 40 هيئة محلية تندمج وتمنح اللا مركزية.

 

لسنا بحاجة لأموال بقدر حاجتنا لإعادة هيكلة الموازنة

 

وإن كان المقصود بأن إدارة الأقاليم ستكون أكبر من أجل الانخراط في عملية تنمية محلية، فإن هذا يتطلب بحسب د. عبد الكريم: "تجنيد أموال أكثر من الأموال المتاحة لمستوى الحكومة المركزية، وإعادة توزيعها وتوظيفها بحيث تعطى صلاحية إدارة الجزءالأكبر منها للأقاليم".

 

 فالأموال في موازنة السلطة المركزية كما يؤكد د. عبد الكريم تنفذ كلها من الحكومة المركزية، والبلديات ليس لها دور تنموي كبير وتعتمد على الإيرادات التي تجبيها من سكانها وعلى بعض مساعدات وزارة الحكم المحلي.

 

ويشكك د. عبد الكريم، في الحاجة لأموال إضافية خلافا للمتوفرة في موازنة السلطة؛ للقيام بالدور المركزي للحكومة المركزية، ويقول: "لسنا بحاجة لأموال بقدر حاجتنا لإعادة هيكلة الموازنة بحيث تستند الموازنة العامة إلى احتياجات الأقاليم وتبرمج على أساسها؛ لأن تنفيذ البرامج التنموية سيكون من خلال هذه الأقاليم، وبالتالي المناطق الإقليمية ستشكل حالة وسيطة ما بين الهيئة المحلية وما بين الحكومة المركزية، وكأنها ستصبح مركز مسؤولية إدارية جديدة تعطى أموالا لم تحصل عليها في السابق، وتفوض صلاحية إدارتها، لكن قد نحتاج بعض الموازنات الخاصة المطلوبة لإيجاد الأقاليم وإعادة بناء مؤسساتها وإدارتها، ووضع السياسات والأنظمة الكفيلة باستدامتها".

 

والسؤال المركزي كيف نوفر ظروفا وشروطا من أجل أن تكون هذه الأقاليم قادرة على أن تقنع المواطنين الذين يقعون تحت سيطرتها باختلاف جودة الخدمة، وانها أحدثت فرقا في حياتهم وبمستوى التنمية، وبحيث لا تصبح عبءا إداريا جديدا تسبب بيروقراطية وتخلق أعباء مالية إضافية يتحملها المواطن بدون تقديم أي منفعة؟

 

شروط التنمية غير متاحة

 

ويؤكد د. عبد الكريم بقوله: "لم نتلق أموالا للتنمية، وإنما تلقينا أموالا لبناء السلام، ولاستمرار حالة التسوية السلمية، ولتوفير شروط إنجاح عملية التفاوض والسلام وصولا لمخرجات ضمن الصراع، وبالتالي لم يكن أحد يدعي حتى من المانحين بأنهم يقدمون أموالا للتنمية، لأن هناك إجماعا من البداية على أن شروط التنمية غير متاحة؛ لأن الظروف الموضوعية التي كرستها الممارسات الإسرائيلية على الأرض هي الحقيقة، ولا تساعد إطلاقا على خلق ظروف ولم تهيىء ظروفا مناسبة للتنمية، وبالتالي الجميع يدرك أن هذه المساعدات ضرورية لتأمين استمرار وجود السلطة، وتأديتها خدماتها وقيامها بالتزاماتها؛ لضمان حد أدنى من الخدمات الأساسية للمواطنين، وبالتالي فلم يكن أحد يحمل هم التنمية، فالتنمية في ظل الاحتلال صعبة، ولكن تحسين ظروف الحياة والخدمات لا شك ساعدت، ولكنها فشلت في إحداث تنمية مع استمرار الاحتلال".

 

ويستذكر د. عبد الكريم، بأن المساعدات المالية التي تلقتها السلطة الفلسطينية خلال آخر 20 عاما تجاوزت 25 -30 مليار دولار، وتلقت في السنوات العشر الأخيرة بالمتوسط 1.5 مليار دولار سنويا كلها ساعدت على محافظة استدامتها المالية، وقدرتها على تقديم واجباتها والتزاماتها، لكنها لم تحدث فرقا تنمويا جوهريا كبيرا بسبب الظروف الموضوعية.

 

لا عدالة في الجهد التنموي بين المناطق

 

ويقول د. عبد الكريم: "كان من الواضح  هناك تركيز في الجهد التنموي في مناطق جغرافية دون غيرها لاعتبارات قد تكون جغرافية سياسية ولوجستية، ولا نستطيع الادعاء أن الجهود كانت متساوية ولا أن الموارد صرفت بشكل متكافىء، ولا توجد خطة مدروسة تحدد الأولويات لتحديد الأمكنة واجبة التنمية فيها، لهذا السبب خلقت فجوات تنموية جغرافية، وفجوات طبقية بين الناس وفئات المجتمع، من هنا فالقضية مركبة جراء عدم العدالة، فشرائح اجتماعية تفاوتت في دخولها ورفاهيتها وثروتها، ومناطق جغرافية تفاوتت في الفرص المتاحة فيها من حيث الخدمات والمرافق العامة، وبالتالي هذا دلل على أنه لم يكن هناك خارطة مدروسة تنموية تم تطويرها والاستهداء بها وفيها تتسم الكثير من ردات الفعل الارتجالية وليس وفق رؤية تنموية مدروسة".

 

المحافظون يرفضون وصم محافظاتهم بالفشل في احداث التنمية

 

ويرفض المحافظون، وصم محافظاتهم بالفشل في إحداث التنمية، لكنهم يدعمون مشروع الأقاليم على أمل قدرتها في تجميع الجهود والأموال لإحداث تلك التنمية الموعودة منذ نشأة السلطة الفلسطينية.

 

وبينما يرى المحافظ الفتياني، أنه لا أحد يستطيع القول أن المحافظات فشلت، ولكن المعيقات بالتأكيد كثيرة جدا وخاصة في محافظة أريحا والأغوار وغيرها. ويقول: "أي نظام سياسي يريد أن يحكم ويحافظ على مجتمعه، ويريد لهذا المجتمع المزيد من التقدم والبناء المؤسسي، فإنه يتوجب عليه أن يضع خططا قريبة المدى لتطبيقها، ومجالس الأقاليم المقترحة هي إحدى خطط مجلس الوزراء الذي توقع جاهزية التنفيذ مع مطلع عام 2018".

 

مستدركا بتأكيده نجاح خطط التنمية في بعض المجالات والقطاعات، فإن المحافظ حميد، يعتبر استبدال المحافظات بالأقاليم قرارا تنمويا بامتياز، ومبرره في ذلك أن كل المعايير لإنجاح واستدامة أي عملية تنموية، تحتاج إلى جغرافيا وديموغرافيا، ولعدد سكان كبير وتوزيع خدمات، وإلى جهد وخطط حكومية.

 

ولأن التفاوت كبير كما يراه حميد بين المحافظات الحالية في عدد السكان والجغرافيا وتوزيع الخدمات والعراقيل الإسرائيلية والطرق الالتفافية، فإن اللجوء إلى أقاليم من أجل إعادة توزيع الخدمات لتكون أكثر عدالة على خمسة أقاليم بدلا من 16 محافظة في الضفة وغزة، من شأنه أن يوفر جهدا حكوميا، وتمكين من التخطيط بقدرة أكبر.

 

ويعتقد حميد، أن عملية الدمج في أقاليم ستكون حلا سحريا للتغلب على المعوقات التنموية الموجودة، لذلك فإنه يراها عملية تنموية "كما وصفها" بامتياز، وقدرة على التحكم والتخطيط والاستفادة من المقومات المتوفرة، وترشيد الكثير من المصروفات والنفقات الموزعة اليوم على عدد أكبر من الموظفين والإدارات والمحافظات.

 

ويقول حميد: "كلما ذهبنا باتجاه الدمج والتخطيط التنموي الشامل، فإننا نسير بالاتجاه الصحيح، أما كيفية الوصول إلى المجالس الإقليمية انتخاب، أو تعيين، أو دمج بين الانتخاب والتعيين، أو دمج الهيئات الموجودة، أو دمج التقسيمات الإدارية الحالية ضمن تقسيمات تنموية قادمة، فإن كل هذه خيارات متاحة، ولن نغلب،  لكن عجلة التغيير يجب ان تبدأ".

 

ويرى حميد، أن الجميع يؤيد الفكرة، ويدعم عملية الذهاب باتجاه الأقاليم، مستدركا أن البعض تحفظ على الفكرة لأسباب سياسية في السابق، ولكن المسألة تتعلق بالتنمية بامتياز وبحاجتها لمواجهة المخططات السياسية الإسرائيلية، بمركزة العمل والجهود في الأقاليم.