السبت  11 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث" | نابلس مقبرة الصيادلة!

2016-10-06 11:33:10 AM
متابعة
صورة تعبيرية

 

الحدث- ريم ابو لبن

 

"5 سنوات أكاديمية يقابلها 1200 شيقل فقط"، وبالنظر لقسيمة الراتب فهو أقل من الحد الأدنى للأجور في فلسطين الذي لا يتجاوز 1450 شيقل، وبهذا فإن الصيدلي العامل في الصيدليات الخاصة هو الخاسر الأكبر في سوق تتناقس فيه كبرى الصيدليات وشركات الأدوية، وقد يحصل على أقل الرواتب مقارنة بالتخصصات الأخرى.

 

"الراتب لا يكفي لشراء بكيت دخان"، "أنا كيف بدي أتزوج ب 1200 شيقل شهري"، "نحن الإناث بنقبل في أقل الرواتب"، "الراتب لا يليق بتعبنا، ولا حتى بدارستنا"، "ليش نشتغل 8 ساعات ب 1200 شيقل".

 

أحاديث قد يجدها البعض حالة متكررة ومسموعة في كل قطاعات العمل في فلسطين، ولكن حال الصيدلي مختلف، فهو يعمل 8 ساعات مقابل 1200 شيقل فقط، وقد يختلف الراتب من محافظة لأخرى. ووفق ما ذكر نقيب الصيادلة أيمن خماش فهو يحصل على أقل الرواتب، لا سيما وأنَّ البعض قد يزاول عمله في الصيدلية وبساعات إضافية تفوق ما هو معتمد قانونياً والمحددة ب 7 ساعات ونصف في اليوم الواحد، ومنهم من يتبع نظام الساعة والدوام الجزئي كما في مدينة رام الله.

 

الراتب شيك مفتوح

 

"في الواقع لا يوجد راتب محدد للصيدلي" هذا ما تحدث عنه خماش لـ "الحدث"، حيث أكد على اختلاف راتب الصيدلي من محافظة لأخرى، مضيفاً: "قد نجد أعلى الرواتب في رام الله، والقدس، وبيت لحم، أما باقي المحافظات فينخفض فيها راتب الصيدلي، بفعل الواقع الاقتصادي الذي تعيشه كل منطقة، والروح التنافسية التي تخدم مصالح أصحاب الصيدليات وشركات الأدوية، وبذلك فإنَّ الصيدلي هو من يضيع حقه في هذا الجو التنافسي، ويحصل على أقل الرواتب".

 

وتابع خماش: "الصيدلي الذي يعمل في مؤسسات حكومة بعيداً عن الصيدليات الخاصة يحصل على راتب مرتفع، وقد يصل منذ بداية تعيينه إلى 4200 شيقل، وقد يعمل في المؤسسات الأجنبية كمندوب ويحصل على هذا المبلغ، ومنهم من يعمل في المجال الدعائي ويحصل في البداية على ما يقارب 2500 شيقل ثم يرتفع المبلغ بعد فترة معينة ليصل إلى 3500 شيقل".

 

 رام الله أعلى الرواتب

 

"راتب الصيدلي في رام الله هو الأفضل مقارنة بالمحافظات الأخرى"، وقد يعود ذلك إلى الحركة النشطة التي تدور في شوارع مدينة رام الله، حيث تتواجد كبرى الصيدليات في المدينة، خاصة وأنها تحتضن مختلف القطاعات والوزارات. "معظم أصحاب كبرى الصيدليات في رام الله يمتلكون رؤوس الأموال وهم يستثمرون بالخارج، وبالتالي هم يقدمون للصيادلة أفضل الرواتب"، هذا ما أشار إليه نقيب الصيادلة أيمن خماش.

 

وأوضح خماش: "الصيدلي في رام الله لا يقبل ب 1200 شيقل، وفي المقابل هو يعمل ضمن نظام الساعات، وقد يدفع له في الساعة الواحدة 15 شيقل، على عكس المحافظات الأخرى، وقد يحصل في بداية عمله على راتب يتراوح ما بين 1800 إلى 2000 شيقل".

 

ورغم أن الحد الأدنى لأجر الصيدلي لا يتجاوز 350 دينار، إلا أن أرباب العمل يمنحون الصيادلة أقل من ذلك. "نقابة الصيادلة، ووزارة الصحة، لم تبذلا مجهوداً لتحسين راتب الصيدلي" هكذا عبر الصيدلي محمد عن استيائه من الراتب الذي يتقاضاه.

 

أما الصيدلانية أسيل التي تخرجت من جامعة النجاح في عام 2007 وتملك من الخبرة 7 سنوات، فتبحث الآن عن عمل في إحدى صيدليات مدينة رام الله وتقول لـ "الحدث": "كنت أستمع كثيراً إلى ما يقال عن أن رواتب الصيادلة في رام الله مرتفعة، ولكن تفاجأت حين انتقلت من سلفيت للعمل في رام الله، وهنا أيضاً الرواتب ليست جيدة، وبالمقابل فأنت تعمل مدة 8 ساعات وتحصل فقط على 1500 شيقل، وفي معظم الأوقات يكون الدوام في الفترة المسائية".

 

أما الصيدلانية سوسن، فهي تعمل الآن في المستشفى الاستشاري العربي في مدينة رام الله وتحصل على راتب لا يتجاوز 3000 شيقل، وتعمل على مدار 7 ساعات يومياً.

 

ومن اللافت حسب ما ذكر العاملون في مهنة الصيدلة، فإن الإناث اللاتي يزاولن المهنة يقبلن بأقل الرواتب، وهذا ما بينته الصيدلانية سوسن: "من الخطأ أن تقبل الإناث بأقل الرواتب، ومنهن من تحصل على 500 شيقل ولمدة 9 ساعات، وهذا قد يضر بأصحاب المهنة من الذكور، ومن السهل الحصول على أنثى أخرى تقبل العمل براتب قليل".

 

ويذكر أن 80% هي نسبة الإناث اللواتي التحقن بموكب مهنة الصيدلة، وبالتالي قد يشكل هذا عبئاً على أصحاب الصيدليات الفلسطينية، في ظل تزايد عدد الخريجات والخريجين من ذات التخصص.

 

"نابلس مقبرة الصيادلة"

 

"أبو زيد خاله اللي ببلش راتبه ب 1200 شيقل"، هكذا وصف الصيدلي عدنان حال رواتب الصيادلة في مدينة نابلس والمحافظات الشمالية، وقد تكون مدينة جنين هي أفضل حالاً من غيرها. وقال عدنان الذي يعمل في إحدى صيدليات نابلس: "أنا أتناول الطعام والشراب، وأمارس طقوس الاستحمام في الصيدلية، لأنني أعمل يومياً ما يقارب 16 ساعة ولا مجال للهروب من العمل أو حتى أخذ الاجازات وبالمقابل أحصل على راتب 1200 شيقل شهري".

 

أما سمير الذي تخرج من جامعة النجاح الوطنية بتخصص دكتور صيدلي Pharm D))، أشار إلى أنَّ: "رواتب الموظفين أيضاً في مدنية طوباس هي الأسوء"، وقد علل سبب اختلاف رواتب الصيادلة بين محافظة وأخرى إلى "وجود تضارب في المصالح ما بين أصحاب الصيدليات، والتنافس على بيع الدواء بسعر أقل، غير أنه في نابلس تتواجد صيدلتين تبيعان الدواء بفارق شيقل أو اثنين، وبسبب شهرتهما فقد تجذبان يومياً ما يقارب 200 زبون، وبالتالي قد تحصد يومياً 800 شيقل، على عكس الصيدليات غير المعروفة والصغيرة، حيث تسعى الأخيرة إلى الدخول في عالم المنافسة وفي مواجهة مع الصيدليات الكبيرة، مما يترتب عليها تراكم الديون المالية".

 

وفي ظل هذا التنافس تضيع أبسط حقوق الصيدلي بالحصول على راتب يعادل سنوات خبرته العملية، وكذلك التعليمية. "دفعت ما يقارب 10 آلاف دينار لأنهي تعليمي الجامعي، والآن أحصل على 1200 شيقل، هل يعقل هذا؟".

 

غزة لا تدفع أكثر

 

"رب العمل لا يستطيع دفع أكثر من 1000 شيقل للصيدلي" هذا ما أكده مدير عام الإدارة العامة للصيدلة في قطاع غزة منير البرش، حيث أعزى ذلك إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه القطاع، لاسيما وأن النقابة تسعى دائماً لتحديد راتب الصيدلي في الصيدليات الخاصة، إذ يتراوح راتب الصيدلي في الصيدليات الخاصة ما بين 1000 إلى 1500 شيقل، بينما يتضاعف المبلغ في الدوائر الحكومية ليصل إلى 3000 شيقل، وحسب نظام الخدمة المدنية".

 

دكتور صيدلي بلا عمل

 

"إنسى إنك دكتور صيدلي.. المهم تبيع"، هذا كان رد صاحب الصيدلية على الصيدلي سمير بعد أن رفض أن يعمل كمندوب للمبيعات في الصيدلية، وقال سمير: "أنا لا أستطيع تحمل هذا الوضع، فقد درست تخصصاً نادراً، وكنت أتوقع الحصول على عمل في تخصصي، ولكن للأسف السوق الفلسطيني لم يستوعب أهمية هذا التخصص، ولم تتوفر فرص عمل لنا".

 

"الطبيب الصيدلي تخصص معترف به لدى وزارة الصحة كما يدعون، ولكن لم تتوفر لهم بعد فرص العمل وفرصتهم قليلة جداً، وهذا التخصص يدرس فقط في كل من جامعة النجاح الوطنية، وجامعة بيرزيت"، وفقاً لما قاله نقيب الصيادلة أيمن خماش لـ "الحدث".

 

وأضاف: "هذا التخصص من أهم التخصصات الطبية، لأنه يساعد في تقليل نسبة الأخطاء الطبية التي تحدث بسبب تناول بعض الأدوية، ويذكر أن 8% هي نسبة الوفيات التي حدثت نتيجة خطأ في الدواء المتناول".

 

قد نحتفظ بالمسميات فقط، ولكن ربما ننسى مفعولها، وهنا تضيع أبسط الحقوق، كما ضاع حق العامل في الصيدلية، وقد حصد أقل الرواتب في فلسطين، وهو في الدول النامية والمتقدمة يحصل على رواتب أعلى من ذلك بكثير.