الأربعاء  07 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العدد 72 | فوضى زراعة التبغ تعصف بخزينة الدولة و(المستعربون) يهربون فلاتر السجائر وماكينات التعبئة الميكانيكية

2016-10-25 06:46:55 AM
العدد 72 | فوضى زراعة التبغ تعصف بخزينة الدولة و(المستعربون) يهربون فلاتر السجائر وماكينات التعبئة الميكانيكية
مراحل تصنيع التبغ من الشتلة الخضراء إلى التجفيف إلى تحوله إلى تبغ (تصوير الحدث)

 

رئيس نيابة الجرائم الاقتصادية: يجب ألا نشرعن الجريمة تحت أي ضغط كان والنصوص القانونية واضحة

             400 ـ 600 مليون شيكل سنويا حصيلة ما تفقده الجمارك من سجائر (اللف) والسجائر المهربة عبر جسر الملك حسين

             ارتفاع قيمة الجمارك والمكوس على السجائر أحدثت فجوة كبيرة في الأسعار بين السجائر القانونية وسجائر اللف

           600  ألف مدخن يستهلكون 162 مليون علبة سجائر ويحرقون 2 مليار شيكل في السنة

   وحدات من جيش الاحتلال (المستعربين) يهربون فلاتر السجائر وماكينات التعبئة الميكانيكية

 

 

رام الله - العدد 72 من صحيفة الحدث

 

يصف مسؤولون، فوضى زراعة التبغ وإنتاجه بتسونامي كارثي يعصف بخزينة الدولة، ويفقدها نحو مليار شيكل سنويا، في الوقت الذي تكشف فيه الضابطة الجمركية عن تعرضها للتهديد بالسلاح والاعتقال عندما كانت تلاحق سيارات لتهريب فلتر سجائر؛ لاستخدامها في إنتاج سجائر اللف او في تزوير العلامة التجارية لسجائر عالمية تبين أن من يقوم ويشرف عليها هم ضباط وجنود ووحدات المستعربين في جيش الاحتلال، في الوقت الذي ينشغل فيه المسؤولون في تبادل الاتهامات وتحميل المسؤولية لاتساع مساحات الأراضي المزروعة، وفوضى إنتاج التبغ على حساب الأمن الغذائي، وانتشار ظاهرة التهريب وسجائر اللف.

 

ويوضح المسؤولون أن تهريب السجائر، يتم عبر حركة المسافرين على معبر الكرامة، إذ يتم شراء السجائر من السوق الحرة بسعر منافس للسجائر التي تباع بشكل رسمي في السوق المحلي. ويقدرون حصيلتها الضائعة بحوالي 200 مليون شيكل، ومثله قيمة التهرب والتهريب نتيجة زراعة التبغ المحلي، حيث يتم تهريب هذا النوع من التبغ أو سجائر "اللف" داخل الأراضي الفلسطينية.

 

وحدات جيش الاحتلال(المستعربين) يهربون فلاتر السجائر وماكينات التعبئة الميكانيكية

 

وتكشف الضابطة الجمركية، أنها تمكنت خلال الثلاث سنوات الأخيرة من ضبط ما يقارب من 9 ملايين علبة سجائر وبالتحديد (8 ملايين و900 ألف و864 علبة سجائر)، إضافة إلى 18 ألف كيلوغرام معسل 85% من عملية الضبط محلي الصنع.

 

وتبين الضابطة الجمركية، عبر ممثليها أن التعبئة اليدوية لسجائر اللف، لا تشكل خطرا كبيرا على خزينة الدولة، مقارنة مع إنتاج سجائر اللف عن طريق الماكينات الميكانيكية.

 

وأكدت أن عمليات الإنتاج هذه أخذت طابع التزوير في العلامة التجارية لسجائر عالمية ويقوم المهربون بواسطتها من تصنيع وإنتاج العلب لعلامات تجارية مسجلة قانونيا. ووصفت المشكلة بتسونامي، وهجوم شرس على الخزينة.

 

وأكدت الضابطة الجمركية، أن دورياتها في مناطق طولكرم ويعبد تعرضت للتهديد بالسلاح والاعتقال أثناء مطاردتها في ساعات الفجر مركبة كانت تحمل شحنة من فلتر السجائر تحاول تهريبه إلى السوق الفلسطيني، وفي أعقاب ملاحقتها توقفت وترجل منها أشخاص مشهرين أسلحتهم باتجاه أفراد الضابطة، معلنين عن أنفسهم أنهم من جنود جيش الاحتلال- وحدات المستعربين.

 

خسائر في الإيرادات

 

وفي موضوع التبغ المزروع محاليا والسجائر المهربة من الجانب الأردني يقول مساعد المدير العام لشؤون الجمارك والمكوس في وزارة المالية محمد ربيع: "لدينا باب مفتوح على مصراعيه، وهذا الموضوع يوازي أيضا السجائر اللف، أو البلدي، أو المصنعة محليا".

 

ويقدر ربيع، قيمة الخسائر في الإيرادات الناجمة عن عمليات التهريب بأنها تتراوح ما بين 400 إلى 600 مليون شيكل سنويا، وتقسم مناصفة ما بين المصنع محليا (اللف)، وما بين السجائر المهربة عبر الجسر، وقال: "جهاز الضابطة الجمركية والجمارك لا يمكن لهما السيطرة على هذا الوضع بمفردهما لأن الموضوع كبير جدا".

 

ويشير ربيع، إلى أن السوق الفلسطيني في الضفة الغربية فقط يستهلك ما قيمته 2 مليار شيكل من السجائر بما فيه المستورد، منها 300 مليون شيكل قيمة الاستهلاك من الإنتاج المحلي. وذلك على الرغم من تشديد الرقابة من قبل وزارة المالية وزيادة الإيرادات من التبغ بمعدل مليون دولار يوميا.

 

ويرجع المسؤولون، سبب ظاهرة التهريب بشكل خاص داخل المدن الفلسطينية إلى اختلاف الأسعار ما بين المنتج الرسمي (المستورد والمنتج محليا)، وما يتم تسويقه على شكل "دخان عربي" سواء كان مصنع "ملفوف بسجائر" أو غير مصنع بشكل نهائي "نفل". ويتراوح الفارق في الأسعار ما بين 13-16 شيكل لكل علبة سجائر مكونة من 20 سيجارة.

 

ويؤكد عمر العلمي نائب مدير عام شركة سجائر القدس، أن وجود جمارك ومكوس مرتفعة على السجائر أدى إلى وجود فجوة كبيرة في الأسعار (حوالي 13 شيقل فارق في كل علبة سجائر) ما بين التبغ المحلي وخاصة "اللف"، والسجائر المنتجة محليا والمستوردة. وهذا بدوره أوجد منافسة حادة جدا، أدت إلى تقليل المبيعات لهذه الشركات وفي مرحلة ما أعلنت شركة سجائر القدس عن خسارة بسبب هذه الظاهرة.

 

بينما يرد ربيع، بقوله: "إنه على مر أكثر من 2005 ونحن ماضون في حلقة مفرغة في هذا الموضوع، حيث أصبحت دائرة الجمارك بين فكي كماشة المستوردين والشركات المصنعة محليا والمزارعين". ويرى أنه منذ 2005 أصبحت وتيرة الإتجار بالكميات من هذا الصنف من السجائر المهربة أو المصنعة محليا بازدياد دائم، ويرجع الموضوع إلى الوضع الاقتصادي صحيح، ولكن ليس بالضرورة أن يكون هناك تشريع أيضا لهذا الموضوع".

 

وقال: "تبلغ إيرادات الجمارك والمكوس السنوية من السجائر والتبغ حوالي 1500 مليون شيكل منها 250 مليون شيكل إيرادات من الشركات المحلية والباقي من الاستيراد. بينما تقدر خسائر الخزينة بحوالي 400 مليون شيكل سنويا، منها 200 مليون شيكل تهريب، و200 مليون شيكل نتيجة تهريب سجائر مستوردة مع المسافرين عبر معبر الكرامة أساسا".

 

ويشير إلى أن 71% من التبغ والسجائر المستهلكة تأتي من الاستيراد، وأن قيمة هذا الاستيراد يصل إلى 450 مليون دولار، بينما قيمة الاستهلاك تصل إلى 550 مليون دولار، الأمر الذي يعني أنه يوجد حوالي 100 مليون دولار لا يتم تسجيلها في الإحصاءات وهذا تقريبا هو حجم التهريب. ولو أمكن تحصيل كافة الضرائب المترتبة على هذا الاستهلاك لكان عجز الموازنة أقل بكثير مما هو عليه الآن.

 

ويؤكد ربيع، أن حوالي 25% من الإيرادات المحلية تتحصل من مكوس السجائر المستوردة والمنتجة محليا، و(كلما زادت ظاهرة التهريب تم التوجه نحو الاستهلاك المحلي من التبغ العربي، كلما كان ذلك على حساب المكوس والضرائب). مشيرا إلى أن أكثر من 30% من هذه السلعة تستهلك (بشكل مهرب) دون أن يتم تحصيل ضرائب عليها، ويصل حجمها إلى ما نسبته 85% من قيمتها السوقية.

 

وهنا يؤكد العلمي، أن المستهلك الفلسطيني هو أكبر دافع ضريبة على التدخين بالعالم مقارنة مع دخله، وتشكل هذه النقطة عبءا رهيبا، ويرى أن هذا هو الخلل الأصلي، وأن أفضل طريقة للحد من التدخين هو رفع السعر باعتباره هو الذي يحدد مدى الاستهلاك إذا كان السوق مضبوطا، وبالتالي فإن هذه السياسة يجب تبنيها من الكل، في محاولة للحد من استهلاك التدخين. مبينا أن نسبة التدخين في المجتمع تقريبا 22% من عدد السكان، وتعادل حوالي 600 ألف مدخن، ما يعني استهلاك 450 علبة سجائر يوميا أي ما مجموعه 13.5 مليون علبة سجائر في الشهر، و 162 مليون علبة سجائر في السنة.

 

الجهات المسؤولة لا تستجيب لدعوات تنظيم زراعة وبيع التبغ

 

وكان توفيق عطاطرة رئيس جمعية تسويق منتجات التبغ، يتطلع إلى ترتيب عملية زراعة التبغ بإصدار رخص وتحديد المناطق التي يزرع فيها التبغ، وقال: "كتبنا مرارا كتبا لرئيس الوزراء ولجهات الاختصاص، نحتفظ بنسخا منها، وأعددنا برنامجا يشرع عملية الترخيص والتزام المزارع والإشراف من الزراعة ووزارة الاقتصاد الوطني، ومتابعة إنتاج المزارع، ومتى تستلم الشركات من المزارع إنتاجه من التبغ".

 

ويقول: "لو تمت هذه العملية، لتمكنا من حصر عملية البيع غير المنظم، ولكن لغاية الآن لم يتم أي ترتيب ولا أي عمل بهذا الخصوص، آمل من الجهات المختصة رعاية الموضوع، ونحن مع تنظيم العملية الزراعية ومع استصدار رخص وتحديد المناطق التي تتم فيها الزراعة. سيما أن هناك جهات أخرى تحدث الفوضى وليس المزارع، ولو قامت الحكومة بشراء منتج المزارع أولا بأول، لتمكنا من إنهاء ما نسبته 70% من عملية البيع غير منظم".

 

ولكن ربيع يرى، أن محاولات إنتاج صنف مخفض وشراء التبغ من قبل الحكومة، وإصدار تعرفة مخفضة، لا يعالج المشكلة، لأن المساحات المزروعة في تزايد، والضرر الأول يقع في هذه القضية على الخزينة، الأمر الذي ينعكس بالضرورة على الخدمات والنفقات.

 

غياب التنظيم والرقابة على المساحات المزروعة بالتبغ

 

ويقدر عبد الله لحلوح وكيل وزارة الزراعة قيمة ما تخسره الخزينة سنويا بمليار شيكل، مؤكدا على غياب التنظيم والرقابة على قطاع التبغ  وزراعته وإنتاجه، حيث شهدت هذه الزراعة تطورا ملحوظا، ففي 2005 كان متوسط المساحة المزروعة بالتبغ أقل من 5 آلاف دونم، ارتفعت في العام الماضي إلى 15 ألف دونم، ولكنها انخفضت في السنة الحالية إلى 12 ألف دونم. ونتيجة لزيادة الطلب على الأراضي لاستخدامها في زراعة التبغ ارتفع سعر إيجار الدونم الواحد من 60 دينار إلى 120 دينار في الأراضي المروية.

 

ويبين، أن زراعة التبغ توسعت بشكل ملحوظ بعد عام 2011، إذ وصلت المساحات المزروعة إلى 19 الف دونم، وبعض الأرقام تشير إلى  30 ألف دونم، بعد أن كانت بمعدل ما بين 7000-8000 دونم.

 

 هذا التوسع كان على حساب المحاصيل الزراعية الأخرى، وتنامت هذه الظاهرة بشكل مضطرد بعد عام 2012 بالتحديد، حيث ارتفعت المساحات المزروعة من معدل 8000 دونم إلى 19000 دونم، ووصلت إلى 30000 دونم في عام 2014، ولكنها تراجعت إلى حوالي 20000 دونم عام 2016 بسبب تكدس الإنتاج وانخفاض الأسعار.

 

ونتيجة لتنامي ظاهرة زيادة الإتجار بالتبغ وزيادة المساحات المزروعة دون ضبط ورقابة، والتهرب الضريبي، قال مدير البحوث في معهد(ماس) د. رجا الخالدي، الذي ترأس مؤخرا جلسة طاولة مستديرة نظمها المعهد لنقاش الموضوع: "أدى إلى تحرك من قبل السلطة الفلسطينية نحو ضرورة تنظيم عمل هذا القطاع والرقابة عليه؛ لذلك أصدر مجلس الوزراء قرار رقم 82 الداعي لتنظيم قطاع زراعة التبغ وتشكيل لجنة فنية تهدف إلى وضع الحلول والتوصيات لمواجهة هذه المعضلة، وفي النهاية تم تنفيذ التوصية القاضية بالموافقة على دعم صنف سجائر لكل شركة منتجة محليا من خلال تخفيض المكوس على هذا الصنف بالتحديد (البيع بعشرة شيكل تقريبا) وذلك بشرط أن تقوم هذه الشركات بشراء التبغ المزروع محليا بسعر 30 شيكل لكل كغم".

 

ويشمل قرار مجلس الوزراء تحديد المساحات المزروعة بالتبغ وفقا لاحتياجات الشركات المنتجة، وعدم السماح بالزراعة غير المرخصة. ولكن لم تنجح هذه الآلية في تنظيم هذا القطاع، وتم رفع الدعم عن المنتج المحلي، وتوقفت الشركات المحلية عن العمل وفقا لهذه الشروط.

 

إقرار وتحميل مسؤولية للآخرين وتبادل للاتهامات

 

ويقر لحلول، بتقصير وزارة الزراعة في وضع السياسات ومراعاة الجوانب الفنية المتعلقة بزراعة التبغ، لكنه حمل الوزارات الأخرى كالمالية والاقتصاد الوطني المسؤولية عن وجود هذه الفوضى في مضاعفة المساحات المزروعة بالتبغ، ويرى لحلوح، أن أوجه الخلل، تظهر في ارتفاع الجدوى الاقتصادية لمحصول التبغ، مما يؤثر على الدورة الزراعية والمحاصيل ذات العلاقة بالأمن الغذائي، والتوسع العشوائي المضطرب في زراعة التبغ، وهنا يبرز غياب الجهات الرقابية ذات الصلة ويقول: "وزارة الزراعة آخر جهة مسؤولة عن هذا القطاع، فدورنا في الإرشادات والزراعة، وتحديد الكميات، ولكن كل ما تبقى يعود لوزارة المالية بشكل رئيسي ضريبة الجمارك والمكوس". كل هذا أدى إلى أثر كبير وسلبي على تركيبة وبنية المحصول للقطاع الزراعي في محافظة جنين من جهة، وألحق خسائر كبيرة في خزينة الدولة .

 

وفي حين حاول لحلوح، التقليل من مسؤولية وزارة الزراعة وحصر دورها بشيء بسيط يتمثل بكشف المزارعين المرخصين، وتقدير الإنتاج وكشف حصره مع مأمور المكوس، إلى أنه عظم دور ومسؤولية وزارة المالية ودائرة الجمارك والمكوس. وقال: "تقديم الطلب للزراعة يتم تحت إشراف مأمور المكوس في المحافظة، وإصدار رخصة زراعة التبغ تنفذ بأمر مأمور المكوس".

 

إضافة إلى الظروف الاقتصادية الناجمة عن الاحتلال، وعدم توفر فرص عمل وزيادة الفقر، والارتفاع الباهظ في أسعار التبغ نتيجة ضريبة البندرول، كل ذلك أثر على الأمن الغذائي وعلى خزينة الدولة، وإضافة لكل ما يتعلق بالسياسات المالية والاقتصادية والإنتاجية.

 

ويرد ربيع على لحلوح بقوله: "أكثر من محاولة جرت لتحميل المسؤولية لوزارة المالية وعندما نتحدث عن زراعة التبغ ورواجها بهذا الشكل الفظيع والهائل جدا، والذي أدى إلى نزيف حاد جدا في خزينة الدولة، ففي عملية تنظيم زراعة التبغ على وزارة الزراعة أن تقوم بحصر المساحات المزروعة من التبغ، وعلى عاتق وزارة الاقتصاد أن تقوم بتحديد هذه المساحات وحصرها في قوائم ليتم فيما بعد منح التراخيص اللازمة من قبل الجمارك".

 

ولكنه أضاف: "لا توجد أراضي مزروعة تم حصرها، ولا قوائم تم إعدادها، وبالتالي نحن في الجمارك لن نقدر على الترخيص".

 

قيمة الإنتاجية مجدية ولكن على حساب الأمن الغذائي

 

ويبين لحلوح، أنه في حال كان الموسم جيدا فإن المتوسط الحسابي لإنتاجية الدونم الواحد 100 كيلوغرام، وسعر الكيلو الواحد منه بـ 45 شيكل، ما يعني 4500 شيكل، وقياسا بالمحاصيل الصيفية أو الشتوية الأخرى فهو طبعا مربح أكثر.

 

ويقدر لحلوح، إنتاج التبغ المحلي بالمتوسط 1200 طن سنويا، ويساوي مليون و200 الف كيلو، وينتج الكيلو الواحد 50 علبة سجائر، ويساوي 65 مليون علبة سجائر، وضريبة البندرول عليها تساوي مليار شيكل، وفي النهاية فإن سحب الإنتاج من السوق سيؤدي بكل المدخنين للتركيز على السجائر المجمركة، مما سيزيد العائد على خزينة الدولة.

 

لكن عطاطرة، أكد أنه في عام 2005 تم التوافق بين الحكومة والشركات بشراء التبغ، وتمت المساعدة ما بين الحكومة والشركات لدعم المزارع كما تم تنظيم العملية لمدة سنتين تقريبا، (وفي 2011 تم تشكيل لجنة تنظيم زراعة التبغ وباشرنا بالعمل إلا أنه طيلة هذه الفترة الزمنية لم تكن هناك أي رعاية أو ترتيب وبقيت الأمور عائمة). بينما يشدد العلمي، على ضرورة وجود إرادة سياسية من الجهات الحكومية التي يمكنها اتخاذ قرار للمضي بهذا الاتجاه.

 

ويرى العلمي، أنه على الرغم من عرض العديد من العروض بشراء المنتج المحلي بكامله إلا أن ذلك لم ينجح مع المزارعين والتجار. ويعزى السبب في ذلك إلى أن سعر البيع في السوق أعلى من العروض المقدمة من قبل الشركات. يقول: "كان العرض بسعر 30 شيكل لكل كيلو، بينما المزارعين يبيعون بمعدل 45 شيكل لكل كيلو غير ملفوف، وفي حالة تحويله إلى سجائر يصبح الربح أعلى أيضا". مع ملاحظة أن شركة سجائر القدس لم تقم بشراء أي كمية من يعبد من مدة خمس سنوات.

 

سياسات وحلول

 

ويقترح لحلوح، ثلاث سياسات، الأولى: سياسة تدرج في العمل لتحديد مساحات الزراعة حسب القانون السائد، أو أن يتم إصدار تشريع فلسطيني حول هذا الموضوع بالسرعة الممكنة.

 

الثانية: اعتماد برنامج توعوي تشجع المزارعين على الترخيص، كما يمكن تشجيع المزارعين على الزراعة البديلة للتبغ لمحاصيل لا تقل ربحية عن التبغ كالزعتر مثلا.

 

 والثالثة: سياسة تحسين جودة التبغ الوطني وزيادة تنافسيته بإدخال أصناف جديدة، ودفع سعر أعلى على المنتج الجيد، ومنع العشوائية بما يعود بالفائدة على المزارع وخزينة الدولة، وإصدار خارطة طريق مكاني حسب مخططات وزارة الحكم المحلي بزراعة التبغ المكاني في الأرض المنخفضة ومتوسطة الخصوبة؛ للمحافظة على الأمن الغذائي.

 

كما اقترح لحلوح أن تقوم الحكومة بشراء محاصيل التبغ من المزارعين والتي تقدر بـ1000 طن سنويا بسعر 40 شيقل للكيلو بإجمالي 40 مليون شيقل سنويا وإتلافها، وبهذا يتم القضاء على ظاهرة سجائر اللف وجلب عوائد كبيرة لخزينة الدولة من وراء استهلاك السجائر القانونية.

 

نيابة الجرائم الاقتصادية  والحلول المقترحة

 

وبينما يرى لحلوح، أن أوجه الخلل تؤثر على مجمل الوضع الاقتصادي عبر طرح كميات كبيرة من السجائر يدوية الصنع بشكل غير منظم، وغير خاضع لإجراءات الجباية الضريبية، وذلك في ظل غياب تطبيق قانون التبغ 32 لعام 1952 وتعديلاته في 65 .

 

فإن ربيع، يؤكد أن كل من يتم ضبطه بكميات هائلة من السجائر المهربة، فعلى محكمة الجرائم الاقتصادية، أن لا تكتفي فقط بتغريمه أو حجز ومصادرة هذه الكميات، وإنما عليها إنفاذ القانون على كل من يمارس هذا التهريب بكافة أنواعه من السجائر لأنه أصبح يضر بالمجتمع والخزينة والاقتصاد وبكل مكونات المجتمع.

 

وبهذا الصدد ترد رئيس نيابة مكافحة الجرائم الاقتصادية نجاة بريكي، وتقول: "إلى حد ما لن نكون جلادين، فهذا الموضوع يتداخل فيه الضرر الصحي والمالي على الخزينة ،والتزوير والغش بالنسبة للمستهلك. ويجب أن لا نتساهل في مجموعة المعضلات التي تأذت منها خزينة الدولة كثيرا، ونحن في أمس الحاجة لأي قرش يدخل للخزينة".

 

وقالت: "يجب أن لا نشرعن الجريمة تحت أي ضغط كان والنصوص القانونية واضحة، صحيح القانون قديم جدا ويعود للخمسينيات ولكن المشرع طالب في المادة 4 من القانون بمعاملة زراعة التبغ بدون تصريح معاملة المهرب، لذا يجب إنفاذ القانون واحترام سيادته وإحالة المخالفين إلى النيابة العامة".

 

وقالت: "يجب أن لا نتساهل، وطالبت بالردع التدريجي"، وقالت: "ونحن في النيابة العامة نشدد على ضرورة إحالة هؤلاء إلى النيابة، صحيح أن الغرامات قليلة جدا 50 دينار رقم غريب في الوقت الحالي، وإنما يجب أن يعرف المواطن أن هناك سيادة للقانون، وأن هناك جهات تراقب، وقضاء متخصصا يجب أن يصدر كلمته الفصل".

 

ومن الجدير بالذكر أن وزارة الصحة لم تشترك بهذا النقاش، مع العلم أن وزارة الصحة تعتبر من أهم الجهات التي يجب أن يكون لها رأي مسموع بقضية زراعة التبغ وخاصة أنها من أهم الداعين لمقاطعته.