الحدث- روان سماره
قد تبدو محافظة سلفيت بتجمعاتها التسعة عشر النموذج الأمثل لما يعنيه الاحتلال، وما يعانيه المحتلة أراضيهم من ساكني هذه المناطق، فمن مصاردة للأراضي، لجدار فصل عنصري، لطرق التفافية، لاثنتين وعشرين مستوطنة تمتد من شمال المحافظة لجنوبها ومن شرقها لغربها.
المحافظة التي تُعرف بمحافظة الزيتون، باتت عاجزة عن قطف ثمار الزيتون، فالاحتلال بكافة اشكاله يقف عائقا أمام وصول المزارعين لأراضيهم، وإن وصلوا فهم محكومون بوقت حدده تنسيق أمني مسبق.
يقول عبد الرحيم بو زية سكرتير مجلس كفل حارس لـ"الحدث": "يصل مزارعو البلدة لأراضيهم الواقعة بالقرب من مستوطنة آرائيل بواسطة تنسيق أمني بين الارتباط العسكري الفلسطيني والإسرائيلي، وهو تنسيق مشروط بالطبع، بداية بوقت الوصول الذي غالبا ما يكون الساعة السابعة صباحا، ووقت الانصراف وهو الثالثة والنصف عصرا، ثم يشترط عدد الداخلين والخارجين، فأي شخص من أبناء القرية لا يمتلك أرضا زراعية في هذه المنطقة يُمنع من الدخول لها".
طريق "عابر السامرة" الذي مر من أراضي كفل حارس قد جزء البلدة لجزئين، وهو ما زاد من معاناة مزارعي البلدة، يقول أبو زية: "يبلغ حجم أراضي كفل حارس التي تقع خلف الشارع 45% من مجموع أراضي البلدة، وهو ما يعني محصولا سنويا من زيت الزيتون قد يصل لـ40% من إنتاجنا السنوي".
رزق أبو ناصر من حملة مناهضة الجدار في بلدة دديرستيا يقول لـ"الحدث": "هناك 3 أنواع من الأراضي في ديرستيا، أراض مغلقة بشكل كامل، والسبب أن مستوطنات "نوفين، وياكير، وحفات يائير"، تقع بين منازل البلدة وهذه الاراضي، مما يعني حرمانا كاملا للفلسطنيين من الدخول لها، وقد جربنا الوصول لها مشيا على الأقدام مع بعض المتضامنين الأجانب، فاستغرقت الطريق خمس ساعات بالذهاب، وخمس ساعات في العودة".
تبلغ مساحة هذه الأراضي كما يقول أبو ناصر 6500 دونم زراعي، كان يستثمرها اهالي البلدة في زراعة الحبوب وأشجار الزيتون، يكمل لـ"الحدث": "القسم الثاني من الأراضي هو الواقع بمحاذاة المستوطنات، ومجمل مساحته لا يقل عن ألف دونم، وثمار الزيتون لا يمكن قطفها في هذه المنطقة دون تنسيق أمني، يحدد تاريخ القطف، وهو ما يعني إجحافا بحق المزارع، فهو وحده القادر على تحديد موعد قطف ثمار الزيتون الخاصة به، تبعا للحرارة، وأشعة الشمس، ومعرفته بنوعية التربة، فنرى بعض الثمار تقطف باكرا، والبعض الآخر يقطف بعد أوانه ما يعني خسارة للمزارع، الذي لا تكفيه المدة المحددة لقطاف ثمار أشجاره عادة، فيترك جزءا كبيرا منها على الاشجار".
الجزء الثالث من اراضي ديرستيا الذي يعاني مزارعوه من قطف ثمارهم هو الجزء الواقع غرب بلدة ديرستيا، حيث قام الاحتلال بحجة توسيع طريق 504 والممتد من بلدة حارس وحتى جنصفوط بإغلاق 7 طرق زراعية كان يستخدمها أهالي البلدة، وأبقى على طريق زراعي واحد، يقع على منحدر خطر جدا ووعر، مما يعني عدم القدرة على استخدام السيارات أو الحيوانات فيه".
طلال الخفش نائب رئيس بلدية مردا، أشار إلى أن مزارعي بلدته يعانون من ضغط مضاعف سببه الجدار القائم على أراضي البلدة إضافة إلى مستوطنة "آرائيل" الجاثمة على أراضيها، فقد استقطع الاحتلال مئات الدونمات التابعة للبلدة، يقول لـ"الحدث": "أن تدخل بتنسيق أمني لأرضك، فهذا يعني أن لا تتأخر ثانية في الدخول أو الخروج، فإن تأخرت في الدخول في الساعة السابعة فأنت ستحرم منه، وإن تأخرت في الخروج فأنت ستحتجز لساعتين أو ثلاثة، إضافة إلى أنك تعمل في هذه المناطق نصف نهار فقط ما يعني أنك تسابق الزمن حتى تتمكن من جمع أكبر قد من المحصول الذي تجبر على ترك جزء منه على الأشجار".
وأكد الخفش على أن إنتاج الزيت من الأراضي الواقعة بالقرب من المستوطنات كان يصل في السابق لـ25% من إنتاج البلدة، لكن وبعد صعوبة الوصول لها فقد انخفض إنتاجها لـ10%، والسبب هو استحالة وصول المزارعين لهذه الأراضي للاعتناء بها وبأشجارهم، فهم لا يستطيعون إدخال الحيوانات لحرث هذه الأراضي، إضافة إلى أن الدخول لتقليهما يحتاج للكثير من الوقت والجهد.
يعاني المزارعون من صعوبة في إدخال المعدات وإخراج الثمار، هذا ما أشار إليه عبد الرحيم أبو زية، الذي قال لـ"الحدث": "يتعرض مالكو الأراضي للمناطق المحاذية للمستوطنات للعديد من الضغوطات من المستوطنين وجيش الاحتلال، فمن تهديدات بالقتل، لحرق الأشجار، إضافة لمرافقة الدوريات العسكرية للمزارعين اثناء قطف ثمارهم والهدف كما يدعون حماية المزارعين من اعتداءات المستوطنين".
جمال الأحمد مدير قسم العلاقات العامة والإعلام ورئيس لجنة مناهضة مصادرة الأراضي في محافظة سلفيت، قال في اتصال هاتفي مع "الحدث" أن كل بلدات المحافظة دون استثناء يتعرض مزارعوها للانتهاكات الإسرائيلية، وأشار إلى أن هذه الانتهاكات تتنوع بين مصادرة الأراضي، واعتداءات المستوطنين على المزارعين وأشجار الزيتون، وحصر المزارعين في أوقات معينة لقطاف ثمار الزيتون والعناية بأراضيهم وفقا للتنسيق الأمني.
وحول الاعتداءات التي تطال أشجار الزيتون قال الأحمد لـ"الحدث": "تتنوع هذه الانتهاكات من تقطيع الأشجار، لاقتلاعها، وتكسيرها، بل وتصل الاعتداءات لحد سرقة ثمار الزيتون التي يقضي المزارعون أياما في جمعها، ولا يتمكنون من إخراجها من المناطق التي يسيطر عليها المستوطنون بسبب عدم تمكنهم من إدخال سيارات وشاحنات لنقلها لكل يوم، ما يجبرهم على جمعها ونقلها مرة واحدة".
وأشار الأحمد إلى أن تسليط المياه العادمة للمستوطنات على الأراضي الزراعية هو أخطر أشكال الانتهاكات الإسرائيلية، حيث تعيق وصول الفلاحين لأراضيهم أولا، وتؤدي هذه المياه لحرق الأشجار ثانيا.
وذكر الأحمد لـ"الحدث" ان وصول المزارعين لأراضيهم يجب أن يكون من خلال تقديم طلب للبلديات الي تتواصل مع الهيئة العامة للشؤون المدنية، والتي تقوم بدورها بالتنسيق بواسطة الارتباط الفلسطيني مع الارتباط الإسرائيلي للحصول على التصاريح، التي تعطى لأيام محددة، وتعتبر لاغية في حال تصادفها مع الأعياد اليهودية، حيث يحرم المزارعون من الوصول لأراضيهم بحجة أن تاريخ التصاريح تصادف مع عيد يهودي ما.
وأضاف الأحمد ان التنسيق الأمني لا يعني دخول وخروج المزارعين بسهولة، فالمزارعون يدخلون من سبع بوابات في مناطق مختلفة، في ساعة محددة، ويخرجون أيضا في وقت محدد، ولا يجوز لهم إدخال معداتهم أو الخروج بالثمار في الوقت الذي يريدون حتى لو كان هناك أمر طارئ كوقوع حادث صحي مثلا.